عالم فلك يفجّر مفاجأة عن الكائنات الفضائية    فيتش تعدل نظرتها المستقبلية لمصر    السيد القائد العام … أبا محمد    اتصال حميدتي (الافتراضى) بالوزير السعودي أثبت لي مجددا وفاته أو (عجزه التام الغامض)    تمندل المليشيا بطلبة العلم    الربيع الامريكى .. الشعب العربى وين؟    الإتحاد السوداني لكرة القدم يشاطر رئيس مجلس السيادة القائد العام للقوات المسلحة الأحزان برحيل نجله محمد    ((كل تأخيرة فيها خير))    هيفاء وهبي تثير الجدل بسبب إطلالتها الجريئة في حفل البحرين    قطر.. تنظيم دخول وخروج الوافدين وإقامتهم الصادرة    وصف ب"الخطير"..معارضة في السودان للقرار المثير    والى الخرطوم ينعى نجل رئيس مجلس السيادة    قبل قمة الأحد.. كلوب يتحدث عن تطورات مشكلته مع صلاح    دراسة تكشف ما كان يأكله المغاربة قبل 15 ألف عام    مستشار سلفاكير يكشف تفاصيل بشأن زيارة" كباشي"    وفاة محمد عبدالفتاح البرهان نجل القائد العام للجيش السوداني    شاهد بالصورة والفيديو.. فنانة سودانية تحيي حفل غنائي ساهر ب(البجامة) وتعرض نفسها لسخرية الجمهور: (النوعية دي ثقتهم في نفسهم عالية جداً.. ياربي يكونوا هم الصاح ونحنا الغلط؟)    شاهد بالصور والفيديو.. حسناء سودانية تسخر من الشباب الذين يتعاطون "التمباك" وأصحاب "الكيف" يردون عليها بسخرية أقوى بقطع صورتها وهي تحاول تقليدهم في طريقة وضع "السفة"    نانسي فكرت في المكسب المادي وإختارت تحقق أرباحها ولا يهمها الشعب السوداني    قائد السلام    واصل تحضيراته في الطائف..منتخبنا يؤدي حصة تدريبية مسائية ويرتاح اليوم    بعد عام من تهجير السكان.. كيف تبدو الخرطوم؟!    دعم القوات المسلحة عبر المقاومة الشعبية وزيادة معسكرات تدريب المستنفرين.. البرهان يلتقى والى سنار المكلف    شاهد.. حسناء السوشيال ميديا أمنية شهلي تنشر صورة حديثة تعلن بها تفويضها للجيش في إدارة شؤون البلاد: (سوف أسخر كل طاقتي وإمكانياتي وكل ما أملك في خدمة القوات المسلحة)    الأمن يُداهم أوكار تجار المخدرات في العصافرة بالإسكندرية    موعد مباراة الهلال والنصر في نهائي كأس الملك !    سعر الدولار مقابل الجنيه السوداني في بنك الخرطوم ليوم الخميس    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني من بنك الخرطوم ليوم الخميس    سعر الدرهم الإماراتي مقابل الجنيه السوداني ليوم الخميس    العقاد والمسيح والحب    شاهد بالفيديو.. حسناء السوشيال ميديا السودانية "لوشي" تغني أغنية الفنان محمد حماقي و "اللوايشة" يتغزلون فيها ويشبهونها بالممثلة المصرية ياسمين عبد العزيز    «الذكاء الاصطناعي» بصياغة أمريكية إماراتية!    مؤسس باينانس.. الملياردير «سي زي» يدخل التاريخ من بوابة السجن الأمريكي    الموارد المعدنية وحكومة سنار تبحثان استخراج المعادن بالولاية    فينيسيوس يقود ريال مدريد لتعادل ثمين أمام البايرن    الحراك الطلابي الأمريكي    تعويضاً لرجل سبّته امرأة.. 2000 درهم    أنشيلوتي: لا للانتقام.. وهذا رأيي في توخيل    بعد فضيحة وفيات لقاح أسترازينيكا الصادمة..الصحة المصرية تدخل على الخط بتصريحات رسمية    راشد عبد الرحيم: يا عابد الحرمين    تعلية خزان الرصيرص 2013م وإسقاط الإنقاذ 2019م وإخلاء وتهجير شعب الجزيرة 2024م    بيان جديد لشركة كهرباء السودان    أمس حبيت راسك!    دخول أول مركز لغسيل الكلي للخدمة بمحلية دلقو    شركة توزيع الكهرباء في السودان تصدر بيانا    تصريحات جديدة لمسؤول سوداني بشأن النفط    دخول الجنّة: بالعمل أم برحمة الله؟    الملك سلمان يغادر المستشفى    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الصحافة الإلكترونية .. الواقع والمأمول .. بقلم: عمر غازي
نشر في سودانيل يوم 10 - 12 - 2009

دخل مفهوم الصحافة الإلكترونية مؤخراً نتيجة التطور الهائل الذي لحق بوسائل الاتصال وتكنولوجيا المعلومات، واكتسب هذا النوع الجديد من الصحافة أهمية بالغة منذ ظهوره أوائل التسعينات من القرن الماضي، وتزايدت أهمية الصحافة الإلكترونية مع توالي الأعوام وانتشار الإنترنت وتضاعف أعداد مستخدميه فأصبحت غالب المؤسسات الصحفية على الصعيدين العالمي والعربي تمتلك مواقع إلكترونية لمطبوعاتها الورقية، لكن الجديد هو ظهور نوع جديد من الصحف غير التقليدية وهو ما عرف ب " الصحف الإلكترونية " والتي يقتصر إصدارها على النسخة الإلكترونية دون المطبوعة.
ويعود صدور أول نسخة إلكترونية في العالم إلى عام 1993م حيث أطلقت صحيفة سان جوزيه ميركوري الأمريكية نسختها الإلكترونية، تلاها تدشين صحيفتا ديلي تليجراف والتايمز البريطانيتين لنسختهما الإلكترونية عام 1994م، وعربياً أصدرت أول صحيفة عربية نسختها الإلكترونية منذ أكثر من ثلاثة عشر سنة وهي صحيفة الشرق الأوسط الصادرة من لندن ،تزامن معها إصدار النسخة الإلكترونية لصحيفة النهار اللبنانية .
وتعد صحيفة إيلاف التي صدرت في لندن عام 2001م أول صحيفة إلكترونية عربية ، أما اليوم وبعد مضي ما يقارب من الثماني سنوات على هذه التجربة، لا أكون مبالغا حين أقول أن بإمكان متصفح الإنترنت العربي العثور يومياً على المزيد من الصحف الإلكترونية العربية الوليدة لم تتعدى أعمارها الأيام أو الأشهر.
فعلى الرغم من انخفاض نسبة قراءة الصحف بشكل عام وفقاً للدراسات في هذا المجال إلا أن عدد قراء الصحف الإلكترونية -كما تشير الدراسات نفسها - في ازدياد مستمر من 9 في المائة عام 2006 إلى 14 في المائة عام 2008.
وقد أعلنت رابطة الصحف الأميركية Newspaper Association of America أن نسبة النمو في متصفحي مواقع الصحف نما بين عامي 2007 و 2008 بنسبة 12.1 في المائة بينما وصلت نسبة النمو إلى 60 في المائة في الأعوام الثلاثة الأخيرة. وفي الربع الأخير من العام 2008 زار مواقع الصحف الالكترونية ما نسبته 41 في المائة من مجمل مستخدمي الإنترنت. وأصبح قراء الصحف الإلكترونية يمثلون أكثر من ثلث قراء الصحف بعد أن كانوا أقل من الربع عام ‏2006، أما في البلدان العربية فيقدّر عدد مستخدمي الإنترنت المتكلمين باللغة العربية بحسب إحصاءات عام 2007 بنحو 28.5 مليون، أي نحو 2.5 في المائة من تعداد المستخدمين في العالم. إلا أن عدد مستخدمي الإنترنت الذين يستخدمون اللغة العربية شهد أكبر وتيرة نموّ في تاريخه بين عامي 2000 و 2007. وبلغت نسبة النمو 931.8 في المائة، مما يدل على مستقبل جيد في عالم الصحافة الالكترونية في هذه المنطقة .
و يوضح تقرير صدر عن مركز بيو للأبحاث مؤخراً تناول تحديات الصحافة الورقية والإلكترونية ومستقبلها أن مزيدا من الأميركيين يتجهون إلى الإنترنت لمعرفة الأخبار، في مقابل انخفاض قراء الصحف المطبوعة أو الورقية. ويضيف التقرير أن 39 في المائة من الذين شملهم البحث يقرؤون صحيفة يومية سواء كانت ورقية أو إلكترونية في مقابل 43 في المائة عام 2006 بينما انخفضت نسبة قراء النسخة الورقية من الصحيفة من 34 في المائة إلى 25 في المائة خلال هذين العامين. وحسب تقرير للمركز عام 2006 فإن نحو 50 مليون أميركي يتابعون الأخبار على شبكة الإنترنت [1].
ويقول الأستاذ فهد عامر الأحمدي في مقال بعنوان ( النسخة الورقية هل تعيش آخر أيامها ) بجريدة الرياض السعودية :" وإذا أردنا معرفة مستقبل صحافتنا الورقية فما علينا سوى النظر لما يحدث للصحف الغربية هذه الأيام. فعدد الزائرين للمواقع الإلكترونية (لأكبر عشر صحف أمريكية) يفوق الآن مبيعاتها الورقية. وفي عام 2006حققت النسخة الإلكترونية من الصندي تايمز عوائد مالية فاقت (لأول مرة) عوائد النسخ الورقية. وقبل فترة بسيطة أعلنت صحيفة "كريستيان ساينس مونيتور" عن إيقاف نسختها الورقية نهائياً (بعد انخفاضها إلى 200ألف نسخة) والاكتفاء بنسختها الإلكترونية (التي يتجاوز زوارها المليون قارئ) أما صحيفة اللوموند الفرنسية فوصلت إلى حافة الافلاس (حيث وصلت ديونها الى 150مليون يورو العام الماضي) في حين تحقق نسختها الإلكترونية نجاحات متواصلة بين الشعوب الناطقة بالفرنسية.. وفي الحقيقة؛ لولا دخل الإعلانات المرتفع في هذه الصحيفة "الرياض" لتوقفت بدورها كونها توزع 260ألف نسخة ورقية مقابل 1.200.000زائر يومي لنسختها الإلكترونية!! " [2]
و هذا الازدياد المتطرد في الاعتماد على الصحافة الإلكترونية واتساع قاعدتها الجماهيرية، أدى بدوره إلى تنوع أشكالها ووسائلها وظهور الكثير من المؤشرات الإيجابية الدالة على تنامي قوتها وتأثيرها مستقبلاً، حتى باتت الصحافة الإلكترونية إحدى القنوات الفعالة في حياتنا اليومية التي لا يمكن الاستغناء عنها لدى البعض، مما دفع الكثير من المعنيين والمتخصصين والقراء على حد سواء إلى القول بزوال الصحافة الورقية التقليدية إلى غير رجعة. وذهبت الكثير من الأقلام والآراء إلى التكهن بانقراض الصحافة الورقية وربما اختفاءها نهائياً بعد أعوام قليلة تباينت التقديرات في تحديدها على وجه الدقة.
وقد يكون من المنطقي جداً تغلب الصحافة الإلكترونية والإعلام الإلكتروني بشكل عام في وقت قريب تماشيا مع واقع العصر الذي نعيشه، ومستقبل الأجيال القادمة التي ستكون بالطبع أكثر استيعابا واعتماد وتأهيلا لذلك، غير أن القول بضرورة اختفاء الطباعة الورقية أو الجزم باندثارها تماما ليس له ما يبرره فالمذياع رغم انتشار الفضائيات والحد من تأثيره واستخدامه ما يزال عنصرا ووسيلة هامة من وسائل الاتصال والإعلام .
وبرغم المؤشرات الإيجابية الكثيرة التي تصب في صالح الصحافة الإلكترونية فإن كثيراً من الصعوبات والتحديات والسلبيات ما تزال تشكل حجر عثرة في طريق تفوقها، مما يتوجب على المهتمين بهذه الصناعة العمل على تلافيها في المستقبل إذا ما أرادوا النهوض بها وتتلخص في الآتي:
أ.تعاني أغلب الصحف الإلكترونية من صعوبات مالية تتعلق بالتمويل.
ب. غياب التخطيط وعدم وضوح الرؤية المتعلقة بمستقبل هذا النوع من الإعلام.
ج. عدم وجود عائد مادي لدى أغلب هذه الصحف كما هو الحال في الصحف الورقية عن طريق الإعلان ، إذ أن المعلن ما يزال يشعر بعدم الثقة في الصحافة الإلكترونية [3].
د. عدم خضوعها للرقابة في ظل غياب الأنظمة واللوائح والقوانين التي تنظمها، فلا يوجد تشريعات تحكم عمل الصحافة الإلكترونية، ولا يوجد تراخيص ممنوحة لهذه الصحف حتى يمكن السيطرة عليها ومحاسبتها في حالة تجاوزها ، فنلاحظ أن الكثير من هذه الصحف بات مصدراً للشائعات والأخبار المثيرة العارية من الصحة بهدف جذب اكبر عدد ممكن من القراء.
ه. غياب الإطار القانوني والمهني الذي ينظم عمل الصحفيين في المجال الإلكتروني ويحفظ حقوقهم فلا توجد نقابات مهنية لهم كم لا يسمح بانضمامهم لنقابات الصحفيين.
و. عند استقراء أغلب هذه الصحف الإلكترونية اتضح الكثير منها يقوم على سياسة الاستنساخ من الصحف المحلية والعالمية ووكالات الأنباء حتى ومن بعضها البعض فأصبحت هذه الصحف تعتمد غالباً على النسخ واللصق يصل أحياناً إلى حد السرقة الصريحة واستبدال أسماء المحررين والكتاب بأسماء أخرى ويرجع ذلك غالباً نتيجة ضعف الإمكانيات المادية و قلة عدد المحررين مع غياب المحاسبة والرقابة في المقام الأول.
وبرغم هذه الصعوبات والعوائق التي تواجه الصحافة الإلكترونية والسلبيات التي تعترض طريقها إلا أننا في المقابل نستطيع أن نلمس بوضوح الكثير من الإيجابيات والمميزات التي ينفرد بها هذا النوع الوليد وينبئ بمستقبل مبشر ويمكن تلخيصها فيما يلي:
أ‌. قلة التكلفة المالية التي يتحملها الجمهور مقارنة بالصحافة التقليدية فعن طريق الاشتراك في خدمة الانترنت تستطيع تصفح كافة الصحف والمجلات التي تمتلك مواقعها إلكترونية في حين أنه من الصعوبة بمكان أن تشترك في كافة هذه المطبوعات أو تقتنيها.
ب.ومما يميز الصحافة الإلكترونية عامل الوقت فالصحف الإلكترونية بتحديثها مستمر على مدار الساعة، في حين أن الصحافة المطبوعة ومواقعها الإلكترونية يتم تحديثها كل أربعة وعشرين ساعة الأمر الذي يجعل الصحافة الإلكترونية تحرق الأخبار كما يقال أو تجعلها عديمة الفائدة في الجرائد المطبوعة فتصبح عبارة عن أحرف تملأ بها المساحات فإذا كانت الصحيفة تطبع في تمام الساعة الثانية عشر صباحا مثلا ووقعت حادثة في ساعات الصباح الأولى فحتى تنشره الجريدة يحتاج ليوم كامل الأمر الذي يكون معه الخبر مستهلكا وقديماً في ظل وجود الصحافة الإلكترونية التي تستطيع تغطية الحادث خلال دقائق من وقوعه.
ج‌. سهولة تعديل المعلومات وتصحيحها وتحديثها بعد النشر.
د‌. سهولة نقل المعلومة وتداولها وحفظها واسترجاعها وسرعة انتشارها في أسرع وقت ممكن.
ه‌. تتمتع الصحافة الإلكترونية بهامش أكبر من الحرية بعيدا عن مقص الرقيب ، والحرية الموجودة في هذه الصحف الإلكترونية أكبر من نظيرتها المطبوعة والتي تواجه قيوداً كثيرة لم تقتصر على المادة التحريرية فحسب، فحتى تعليقات القراء على الموقع الإلكتروني تخضع غالباً لمعايير شديدة الرقابة تتنافى مع حرية الإنترنت التي يريدها الجمهور ، في حين نجد أن أغلب الصحف الإلكترونية تعطي هامشا كبيرا من الحرية في التعليقات تصل لحد التصادم والسباب " عند البعض " لزيادة التفاعل والإقبال الجماهيري عليها.
و. إمكانية تضمين الخبر مقاطع صوتية أو لقطات مصورة بالفيديو مما يجعل التغطية أكثر ثراءً وجذباً للقارئ وتعايشا مع الحدث.
ز‌. من أهم ما يميز الصحافة الإلكترونية كونها صحافة تفاعلية فبإمكان القارئ التعليق على الخبر فور قراءته، والتواصل مع جمهور القراء ومناقشة الآراء والأفكار، وكذلك بإمكانه إرسال مشاركاته من الأخبار والمقالات ونشرها باسمه الصريح أو المستعار أو عن طريق عمل معرف خاص به يتمكن من خلاله من إضافة تعليقاته ومشاركاته.
ح‌. توفير أرشيف صحفي ضخم يتيح الحصول على المعلومات بسهولة ويسر من خلال محركات البحث .
ط‌. عدم حاجة المؤسسات الصحفية إلى مقر واحد ثابت يحتوي كل الكوادر العاملة، فالصحف الإلكترونية اليوم يعمل أغلبها عن طريق المراسلة الإلكترونية .
هذه المعطيات السابقة وغيرها دفعت الخبير الأمريكي في الصحافة الاستقصائية سيمور هيرش للصحافة الإلكترونية إلى تشبيه الصحافة الإلكترونية بالخيول التي انطلقت من زمامها ولا يمكن توقيفها [4].وهو ما حدا رئيسة منظمة الصحافة العالمية مارثا ستون إلى التأكيد على تغيير الصحافة الإلكترونية لمعايير الأداء والتقييم العالمية بقولها: "لن يخضع تقييم أي مطبوعة في المستقبل لمستوى جودتها الطباعية بل لغنى وتطور المحتوى مقارنة بالمحتوى الإلكتروني، كما سيأخذ بعين الاعتبار أسلوب إدارة تكلفة العملية الطباعية " [5].
غير أنه من المبكر جدا الحكم على هذه التجربة كونها ما تزال تخطو خطواتها الأولى، سيما أن الصحافة الورقية ما زالت تحتل الريادة رغم دخول الأشكال الصحفية الجديدة في دائرة المنافسة كونها ما تزال تمتاز بامتلاك كبار الكتاب والمفكرين وصناع الرأي التي يحرص القراء على معرفة آراءهم وتوجهاتهم وتحليلهم للأحداث الجارية ، كما أن العلاقة بين الصحافة الإلكترونية ونظيرتها المطبوعة لا يجب أن ينظر لها على أنها علاقة إقصاء أو إلغاء بل هي علاقة تكاملية تنافسية تصب في النهاية لصالح القارئ والرأي العام شأنها شأن جميع الوسائل الإعلامية الأخرى، ويمكننا تلخيص المقترحات والمتطلبات اللازمة لرقي الصحافة الإلكترونية في الدول العربية وتطورها فيما يلي :
أ. إجراء تعديلات على القوانين الخاصة بالنشر والمطبوعات تضمن حماية حرية الرأي والتعبير وحرية النشر والحصول على المعلومات وحرية مناقشة أمور وقضايا حكومية ورسمية ، وكذلك إضافة تعديلات تضمن حقوق الملكية والنشر الإلكتروني وإضافة القواعد واللوائح التي تنظمها.
ب. إنشاء اتحادات ونقابات رسمية للعاملين في مجال الصحافة والإعلام الإلكتروني لضمان حقوق العاملين.
ج. الاعتراف بالصحفيين العاملين في الصحافة الإلكترونية وحصولهم على عضويات نقابية في نقابة الصحفيين في بلدانهم وكذلك السماح بانضمامهم لاتحاد الصحفيين العرب.
د.الانفتاح على الانترنت يجب ألا يقتصر دوره وتأثيره على الصحافة المكتوبة بل من المهم جداً أن يتشمل كل مكونات الإعلام السمعي البصري لتصبح القنوات الإخبارية والمحطات التلفزيونية والإذاعية أكثر تنافساً على تصدير خدماتها عن طريق الشبكة العنكبوتية ،وقد لاحظنا في السنوات الأخيرة كيف أن بعض القنوات خلقت لها أقساما أخرى, مختصة فقط بخلق وتسيير مواقع إلكترونية ضخمة تابعة لها, كذلك من المهم جداً الاهتمام بالفئات من ذوي الاحتياجات الخاصة وتخصيص صحف إلكترونية للمكفوفين أو نسخاً من الصحف الحالية.
ه. إنشاء مؤسسات صحفية أو شركات مساهمة إعلامية تتولى إدارة هذه الصحف الإلكترونية وتنمية مواردها للتغلب على المشكلات المالية والتمويلية التي توجهها وذلك عن طريق طرح فرص استثمارية تجارية والترويج لثقافة الإعلان الالكتروني وعرض مزاياه المختلفة وتعريف المنتجين به وبمزاياه فضلا عن البحث الدائم عن مصادر دعم من بعض المتبرعين المتعاطفين بالتوازي أو الرعاة الرسميين الذين يتماشون مع توجهات الصحيفة وطبيعة الجمهور المستهدف وسياقاتها الثقافية والاجتماعية.
و. الاعتماد على قوة ورصانة المحتويات الفكرية والعلمية واستخدام المنهجية المتعارف عليها في دنيا الصحافة والاعتماد على القوالب الصحفية المعروفة كالخبر والتحقيق والتحليل ومقال الرأي والاستفادة القصوى من تقنية النص والصوت والصورة التي تفتقر إلى وجودها مجتمعة الصحافة التقليدية بنسختها الورقية في استحداث تغطيات جديدة تواكب الحدث لحظة بلحظة.
ز. ضرورة تفرغ العاملين في هذا السلك بصورة كاملة لانجاز أعمالهم من اجل صناعة صحافة متميزة تكسبهم الاحترام والتقدير من قبل جمهور المتلقين وتنأى بهم عن الاتهامات التي تضعهم في خانة الهواة أو الطارئين أو المتطفلين على المهنة.
ح. لابد من الاستفادة الكاملة من فضاء الحرية الذي يمنحه الجو الالكتروني خصوصا في التعامل مع القضايا السياسية والاجتماعية التي يعد ظهورها على ورق الجرائد العادية من قبيل المحرمات, ومزاوجة هذه الحرية بالمسؤولية التي من شانها إن تطبع الأطروحات الجريئة بخصائص الاتزان والموضوعية وقبول الرأي الأخر وتبتعد بها عن حالات التردي والهبوط الى قيعان الإسفاف والابتذال
ط.من المهم جداً توخي المعايير المهنية العالمية من أجل صحافة الكترونية أكثر تأثيرا ومن تلك المعايير حداثة الخبر و تحديثه على مدار الساعة وسهولة تعاطي الزائر مع الصحيفة الالكترونية عبر شبكة الانترنت ويمكن حساب درجة التفاعلية بين الوسيلة والجمهور بسهولة ومرونة أكثر من نظيرتها المطبوعة وذبك عن طريق متابعة عدد الزوار من خلال المواقع التي تعنى بهذا الغرض مثل موقع elexa العالمي فضلا عن إجراء الاستبيانات والاستطلاعات التي تفيد في تقييم وتقويم موقع الصحيفة من حيث مستوى الإقبال ووجود الخدمات الضرورية المتعلقة بالبحث والأرشفة وتنوع النوافذ وما إلى ذلك من المقاييس التي تحكم على مستوى الالكترونية من حيث التراجع أو الثبات أو التقدم على أشكال بيانية أو متواليات عددية أو هندسية، كذلك يتوجب العناية الفائقة بجودة التصميم وتجديده بين الحين والآخر إذا تطلب الأمر. [6].


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.