والعنوان أعلاه يعود للأغنية الجديدة التي تصدح بها الفنانة المبدعة (ندى القلعة) في إطار مشروعها الغنائي الاجتماعي الذي يجعل من الأغنية رسالة توجيهية كاملة الدسم تقتحم القلب بسلاسة، وتخاطب العقل والوجدان بما يخدم القيم والأعراف السودانية الخالصة. و(ندى) التي عُرفت بقدرتها الفائقة على تحريك الدم في العروق وشحذ النفوس بالحماس الكبير من خلال أغنياتها ذات المضامين النبيلة واللغة الرفيعة المختارة بعناية، تواصل المضي قدماً في تميزها عبر هذا النص الشفاف والواقعي الذي كتبه ووضع ألحانه المقتدر (هيثم عباس)، المعروف ببساطة المفردة والمباشرة في الطرح، الذي تناول خلال هذه الأغنية ظاهرة اجتماعية صادمة، وهو يتحدث عن المسكوت عنه في ما يلي الارتفاع الملحوظ في معدلات الانحراف الأخلاقي والمجاهرة بالمعصية، التي باتت تخرج علينا كل صباح عبر الوسائط الإلكترونية على هيئة صور وأفلام لبعض الشباب السودانيين الذين ابتلاهم الله بانعدام الرجولة، فلم يستتروا، وراحوا يجاهرون بها بمختلف الوسائل والأوضاع حتى ذاع صيتهم، وبلغت أنباؤهم العربان داخل وخارج السودان، بينما معظمنا يدفنون رؤوسهم في الرمال ويتبجحون بادعاءاتهم الزائفة بدلاً عن مواجهة الأمر، والبحث جدياً في حلول ناجعة قبل أن يخسف بنا الله تعالى الأرض. وعندما تصدح الإمبراطورة (بت البلد) مرددة: "خبر الشوم وخبر الروم فاح واتبادلو الحروم يا جنا.. الدبارة نان كيفن؟).. تدرك تماماً فداحة الأمر الذي نغض عنه الطرف ونخادع أنفسنا بينما تتمرغ سمعة البلاد والعباد في الوحل! وحتى تكتمل الصورة الذهنية والوجدانية لديكم ليس أمامكم سوى الحرص على الاستماع لهذا النص الموضوعي الصادم الذي يواجهنا صراحةً بما آل إليه وضع بعض شبابنا الذين انحسرت رجولتهم وانعدم حياؤهم، وختم الله على قلوبهم بالوقاحة والفسوق والعياذ بالله حتى بلغ الأمر حداً مخزياً و"الدبارة يا دراج.. شيتاً جاب لو عقد وزواج ياجنا.. الدبارة نان كيفن؟!". وبينما نتحسر على ممارسات بعض الفتيات الخارجة، تباغتنا مهازل الدهر بصرعات بعض هؤلاء بينما تكتفي بعض الجهات المعنية بالفرجة، ويشارك البعض الآخر في اتساع دائرة هذا الانحراف، أو كما قال هيثم عباس: "السفارة شغلك ني.. أشرتيلو كايرو دبي!!". وأمام هذا الألم لا يمكننا إلا أن نحسر الرؤوس التي كثيراً ما تطاولت بأقاصيص رجالنا الأفذاذ أصحاب الكرم والشهامة حفظهم الله، ولكننا بالمقابل يجب أن نعترف بمظاهر الأزمة، ونبدأ في التفكير جدياً في تضافر الجهود كافة من أجل وضع حد حاسم لها يحفظ ما تبقى من أخلاقنا وماء وجهنا. وشكراً حميماً للجميلة (ندى القلعة) التي تقدم لنا دروساً قيمة في قالب من الامتاع، وتعيد للفن مهامه الرسالية، وتقدم نموذجاً للفنانة المثابرة التي تحرص على التجويد وتقديم الجديد وتجتهد لإرضاء جمهورها العريض، وتظل رغم الرهق البدني والنفسي وما تتعرض له من مناوشات، محتفظة بابتسامتها الودودة وبشاشتها الخالصة مع الجميع. تلويح: ولا تزال تدهشني قدرة هذه الفنانة على شحذنا بالهمّة وإشعال جذوة القلب بالشجاعة والإقدام، حتى فكرت جدياً في مناشدة وزارة الدفاع لاستيعابها ضمن إدارة التوجيه المعنوي اليوم التالي