وأشكال الهوية لدى السودانيين ليس وليد اليوم فهي قضيه شائكة ظلت تأرقهم منذ أمد بعيد متأرجحة مابين العروبة والزنجية ، ولم يصلوا الى مصطلح محدد ياُّطر معالم هويتهم أو يجمع أغلبهم تحت مظله موحدة لها تعريف يتسم برضاء كل المجموعات العرقية والاثنيه فى السودان والتى ترتكز عليها ألشخصيه السودانية ، وحتى الانتلجستا الذين ذهبوا بافتراض عروبة السودان تضاربت رؤاهم بالأثر الثقافي لدى كثير من السودانيين فولد ذلك ازمه جديدة فى ظهور تيارات أخرى لها انعكاساتها الفعلية على ارض الواقع فى شكل ردة فعل تدعو لافرقنه السودان . فالشاهد أن هنالك أزمة هوية شاخصة وكبيرة لدى السودانيين أن كان على مستوى الأفراد او على المستوى الجمعي ، ان الهوية السودانية يكتنفها كثير من الغموض فهنالك بون شاسع فى ألطريقه التى يعرف بها السودانيون أنفسهم على أساس العرق والجنس والنوع والدين والثقافة ، والمفهوم الذى يعرفهم به الآخرون . وقد يرتفع حاجب الدهشة لدى الكثيرين عندما يعلمون أن لدى السودانيين اقدم واعرق حضارة على وجه الأرض حضارة تمتد فى التاريخ الانسانى ل30 قرن من الزمان منذ العصر الحجري فالحضارة النوبية مملكه كوش 2500 قبل الميلاد الى 1500 قبل ميلاد المسيح عليه السلام ازدهرت فى شمال السودان الحالي على ضفة النيل و انسابت شمالاً مع مجرى النيل العظيم . والحقيقة التاريخية لدى كثير من علماء الانثرولوجيا هى أن أصل الحضارة الفرعونيه هم النوبة وكلمه نوبة فى اللغة الفرعونية القديمة تعنى الذهب .وتعتبر الحضارة الفرعونية المصرية امتداد طبيعي للحضارة النوبية. أذن فقد توحد السودانيين يوماً ما تحت مظله واحدة وحول حقيقه انتماء مشترك يعبر عن هويتهم ويستوعب تنوعهم الاثنى والعرقي كّون السودانيين أقوى حضارة عرفها التاريخ الانسانى فى كوش ( كرمه ) وامتد نفوذ مملكه كوش الى أقصى شمال وأدى النيل مع حدود البحر الأبيض وفلسطين يقف التاريخ شاهدا على حقيقة الحضارة النوبية والتي سبقت الحضارة الفرعونية المصريه بحوالي ثلاثة ألف عام وأن عدد الأهرامات فى السودان يبلغ 243 هرما وهو ضعف عدد الأهرامات ألمصريه ، وهنالك اعتقاد قديم لدى الفراعنة مصر بان جبل البر كل وهو جبل يقع شمال السودان هو المقر الرئيسي للإله أمون مانح السلطة . نقول هذا وفى البال ما أصاب السودانيون اليوم من ضبابيه حول مشروع هويتهم نخط ذلك السرد التاريخي وشعب السودان يكتنف الغموض سر شخصيته . تلك الشخصية والكاريزما التي وضع معالمها بعانخى أقوى ملوك الفراعنة النوبيون والذي حكم مملكه كوش كأعظم قائد عرفته الامبراطوريه النوييه بحدودها المذكورة سابقا . أن للسودانيين تاريخ عانى وظل يعانى من الإهمال لسنوات طويلة من قبل شعب السودان وحكوماته المتعاقبة لذلك كانت متاهة السودانيين وغموض طرحهم فى تعريفهم لأنفسهم فتاريخهم الانسانى ينسب إلى غيرهم وهم مهمومون بتركيب نسب تلحقهم بشجرة الإشراف والعروبة وضريح بعانخى وترهاقا وكانتشا يشهد نكران الأحفاد لثقافتهم ، الكرو ، ونورى ، ميرويه وغيرها من الأهرامات المنتصبة شموخاً فى صحراء السودان الشمالي تحكى تاريخ حضارة إنسانيه ونكران أجيال مشوهه ثقافياً ارتمت فى أحضان ثقافات أخرى تُنكر فى الأساس وجودهم أو تقبلهم على مضض . فاذا كانت الهوية هى الإحساس بالانتماء الي تلكم المنظومة الراسخة من القيم التى تكون الاتجاه العقلي والاخلاقى للإنسان وتعطى الأفراد خصائصهم المتفردة بحيث تمكن الفرد من تحقيق حياته بصورة مثلى فيمكن ان نقول بان الحضارة النوبية من كوش كرمه ( 2500 ق.م الى 1500 ق. م )الى مروى (900 ق.م الى 350 م ) كانت قد رسمت هذا الإحساس بالانتماء وغرزته بعمق فى إنسان تلك الحقبه فعمل النوبيون على جعل صفه المواطنة هى ألسمه السائدة لحضارتهم فلم يكن لون البشرة مثار خلاف اجتماعي أو سياسي وبنفس تلك الآداب والمعاملة حكم النوبيون مصر وفلسطين . يصف المؤرخ الاغريقى هيرودث الفراعنة فى مصر القديمة بأنهم كانوا سود البشرة أشداء طوال القامة ، وعلم الآثار كان هو الفيصل فى تحديد الحضارة الفرعونية القديمة ونسبها الى النوبيين حتى لو كانت المغالطة التاريخية فى نسب كل الحضارة الفرعونية الى المصرين وسط تجاهل غريب من قبل السودانيين ألا ان التماثيل التى فى مصر تبرهن من سوادها الى الجهة التى يجب أن تنسب إليها وحتى فى الترميم المتعمد على انف ابو الهول وانف حتشبسوت لبرهان قوى على نوبيه الحضارة المصريه القديمه ، و الشاهد ان النوبيين هم أصحاب الحضارة الفرعونية القديمه وان الأسرة الخامسة والعشرون التى حكمت مصر لردح من الزمان أسست لحضارة كبيرة يستلهم منها العالم اليوم تجاربه الانسانيه فى التعايش والمواطنه وحقوق الاقليات ويقول عالم الآثار السويسري شارلي يونيه انه عندما كانت مملكه النوبة فى أوج مجدها لم تخرج مصر الى الوجود فكانت مملكه كوش وعاصمتها كرمه حيث بنيت قصور كرمه وقلاعها من طين الجالوص ووصل ارتفاعها الى عشرون متر. لدى السودانيون تاريخ انسانى كبير يمتد منذ العصر الحجري ومملكه كوش ( 2500 الى 1500 قبل الميلاد ) ومملكه مروى ( 900 قبل الميلاد الى 350 ميلادية ) ومن ثم تأتى الممالك المسيحية مملكه نبته والمعرة وعلوه ، وفى القرن السابع الميلادي دخل الإسلام والعرب السودان وكانت الممالك الاسلاميه السلطنة الزرقاء والمسبعات ...... أن للسودانيين تاريخ انسانى حافل هم الأولى به ولإشكال الهوية أن يحسم اذ تم قراءة التاريخ السوداني القديم بصورة جيدة فقد توحد الجنس السوداني من قبل تحت مسمى وانتماء يعبر عن الشخصية السودانية استوعب كل التنوع الاثنى وتبلورت الإرث الثقافي ليعبر عن الجميع فى نظام سياسي واجتماعي موحد قائم على تنظيم علاقاته الاجتماعية بصورة متوازنة فكانت اقوى حضارة عرفتها البشرية وعرفها التاريخ الانسانى منذ القدم مملكه كوش كرمه ومروى . [email protected]