بسم الله الرحمن الرحيم لا لقطع الأشجار بمدني ب/ نبيل جامد حسن بشير رئيس جمعية حماية البيئة – مدني كتبنا في الأسابيع القليلة الماضية عن (ضعف الوعي البيئي) لدى السودانيين بصفة عامة، بما في ذلك المسؤولين. كما تقدمنا من قبل بعدة مقترحات عن التخضير وعن زراعة الأشجار الظلية والمثمرة بالمدن لتحسين مناخها الجاف والحد من الهبايب والأتربة والغبار ، وتعويض ما فقد من غابات نتيجة القطع الجائر وانفصال الجنوب، وكما لا ننسى دور الأشجار في الجماليات مما يسر العين ويريح النفس. هنالك من الأشجار ما له مكانة خاصة بنفوس مواطني بعض المدن، وهنالك أشجار تاريخية وغيرها مرتبطة ببعض المهن. بمدني كمثال هنالك شجرة يتجمع تحتها الصحفيون بالمدينة يوميا، وأخرى للحلاقين، ثالثة يحتمي بها الاسكافيين، عدد كبير منها يجمع بائعي البصل والفاكهة والميكانيكيين . كما أن هنالك أشجار توجد أمام المتاجر والمطاعم و دكاكين بيع بطاريات السيارات ودكاكين الحدادة واللحام ودكاكين قطع الغيار وورش النجارة والسيارات ..الخ. هذه الأشجار زرعها المواطنون، و بعض هذه الأشجار زرعت أثناء الحكم البريطاني ومنها أشجار المهوجني والزونيا والجميز والفيكس والنيم، وسمك ساق الشجرة منها يبلغ عدة أمتار. بعض من هذه الأشجار يوجد داخل المنازل الحكومية أو بأسوارها والبعض الآخر بالشوارع الرئيسية وبعض الأحياء، وأهمها ما يوجد بشارع النيل. كل هذه الأشجار لديها سجلات بغابات الولاية. كما يوجد منشور قومي يمنع قطع الأشجار الا بإذن من الغابات. عندما نقول منشور نفهم من ناحية قانونية أن الأمر ينطبق على الجميع ، أي المواطنين والمسؤولين مهما كان موقعهم. عدم الالتزام يعرض المعتدي لعقوبات وغرامات ومصادرة. الولاياتالمتحدة دولة بحجم قارة، وحجم الغابات بها يعد من أعلى المعدلات العالمية. عندما يقوم مواطن بشراء قطعة أرض لأي غرض من الأغراض ويوجد بها اشجار، حتى وان كانت من أنواع الصبار كما هو الحال بأريزونا ونيوميكسيكو وتكساس، لابد وأن يحتفظ بها ، وان كان لا يرغب فيها يتحمل تكاليف نقلها الي مكان تحدده الجهات الرسمية، وتوجد شاحنات متخصصة في نقل هذه الأشجار. ينطبق ذات الشيء بالجارة السابقة كينيا التي تغطي الغابات مساحات ضخمة منها، خاصة داخل العاصمة نيروبي. نحن من الدول التي سيمر بها الحزام الافريقي الشجري وبطول 1520 كم، وبعرض 25 كم ومنه جزء كبير سيكون بولاية الجزيرة بتمويل من برنامج الأممالمتحدة للبيئة والمرفق العالمي للبيئة على ما أعتقد، وقمنا كجمعية حماية البيئة بالمشاركة مع المرحومة وزارة البيئة بالولاية و ادارة الغابات الولائية، وهيئة البحوث الزراعية بوضع برنامج واضح ومتكامل العام السابق وروجع في بدايات العام الحالي تحت اشراف المجلس الأعلى للبيئة ، والمرحومة وزارة البيئة والترقية الحضرية بولاية الجزيرة، والوزارة المركزية للبيئة بقيادة الأخ/ حسن عبدالقادر هلال. والي الجزيرة الحالي هو أحد الوزراء السابقين لولاية البيئة المركزية، ونحسب أنه على فهم بيئي مناسب نتيجة توليه لتلك الوزارة قبل عدة سنوات، وبالتالي نتوقع أن يكون له درجة من الحب والولاء الخاص للبيئة ومفاهيمها أعلى من المواطن العادي، ونأمل أن يكون أي قرار متخذ من جانبه مبني على فهم بيئي واضح وعميق. ما دعانا للكتابة في هذا الأمر أن من أتى بهم السيد الوالي من خارج الولاية لمساعدته في تنفيذ برامجه، ومن أهمها تجميل المدينة الأقبح بإفريقيا (مدني)، حيث طالبناه عند تسلمه لهذا الأمر الشاق كوالي للولاية أن يبدأ برصف الطرق، خاصة بالسوقين الكبير والصغير ، ثم المنطقة الصناعية، يليها الطرق الرئيسية المتهالكة مثل شارع النيل، شارع المحطة، سنكات جبرونا، مع ضرورة اضافة طرق طولية جديدة من الشرق الي الغرب، و منطقة الدرجة ودردق و أركويت وشندي فوق والمنيرة والأندلس. كما يجب أن تجد حنتوب حظها من هذا العمل الضخم. من أتى بهم سيادته قاموا بقطع الأشجار دون استئذان من الغابات وبطريقة عشوائية ، بعضها من جذوره، وبعضها أزيلت كل أفرعها مما يعرضها للأمراض أو الموت المباشر، وهذا أمر لا يعرفه الا من هو زراعي أو غاباتي فقط!!! أزال بعضها بغرض توسعة الشوارع كما قال، وأزال أخريات حتى تبدو اللافتة الحكومية ظاهرة للعيان!!! أما كان من الأجدر تغيير وضع اللافتة بدلا من قطع أشجار عمرها أكثر من 60 عاما. والآن يتحدث سكان المدينة بأن هذه المجموعة تخطط لقطع أشجار شارع النيل حتى تستطيع انارة الشارع!!! نقول أن الشارع (النيل) مضاء حاليا دون الحوجة لقطع الأشجار. ثانيا، ان كانت الاضاءة الحالية غير كافية، فان مدينتا تزخر بالمهندسين والمعماريين ومخططي المدن بكل من جامعتي الجزيرة والأهلية ، اضافة الي الأشغال والري وغيرهم بالقطاع الخاص، والحلول متوفرة لديهم. فلنبقي على أشجارنا، ونستغل علمنا في تنفيذ ما نريد من أمور هندسية. كما أطالب ادارة الغابات ووزارة الزراعة التدخل بقوة وتفعيل المنشور القومي وحماية الأشجار بمدينتنا التي نجاهد منذ القرن الماضي في تجميل كل شوارعا بالأشجار والحدائق والمشاتل. عندما تقطع شجرة أو يتم أهمالها أو تعطيشها أشعر بألم شديد يشبه الألم عندما أعلم بأن شخص قد قتل شخص آخر. يا سادة، الأشجار كائنات حية وفوائدها لا تحصى ولا تعد. فكما هنالك جمعيات للرفق بالحيوان، نحن كجمعية حماية البيئة نطالب بالرفق بالأشجار. يا أهل مدني، كلكم يعرف الطرفة المشهورة (ده ما هوا دباغة)!!! أرحموا أشجارنا، وقد قال صلى الله عليه وسلم من كانت بيده فسيله عند قيام الساعة فليزرعها، أو كما قال. اللهم نسألك اللطف (آمين).