هناك أحداث معينة منها ماهو خارج المحيط الجامعي ومنها ما هو داخله كانت نقاط تغيير مهمة في تُطور مؤتمر الطلاب المستقلين وفي الصراع المستميت مع طلاب الإتجاه الإسلامي. علي سبيل المثال أن احداث العنف التى حدثت في بدايات عام 1983 ساعدت مؤتمر المستقلين في إكتساح إنتخابات رابطة طلاب العلوم والتكنولوجيا وإختاروا لرئاستها خريج مدرسة الكمبوني مجدي بهيج. ولأن مبادئ مؤتمر الطلاب المستقلين هي دوما سودان يسع الجميع لم يكن يعنينهم في شيء أن مجدي بهيج كان مسيحياً قبطياً. سودانى آخر هو الراحل وانِي تومبي لاكُو والذي نزل مرشحاً عن الجبهة الديمقراطية لإنتخابات إتحاد الطلاب. نَال تومبي ثِقة قاعدةٍ طلابيةٍ عريضة ونجح في أن يكون ضمن أعضاء المجلس العشريني للإتحاد. في إجتماع إختيار أعضاء اللجنة التنفيذية للإتحاد دفع المستقلون بتومبي ليكون ضمن لجنتهم التنفيذية مما دعي طلاب الاتجاه الإسلامي بوصف المستقلين بالشيوعيين..لم ينج من هذه التسمية لاحقاً حتى علي يُوسف الشاعر والذي كان طلاب الاتجاه الإسلامي يعتبرونه عُدوِهمُ الأول. في بدايات الإنقاذ إُلقِي القبضُ علي علي الشاعر من ضمن مجموعةٍ من الطلاب ثم أُقتيد الي ميدان (سبق الخيل) في أطراف حي الدرجة وهناك جُلد وحُلق شعر رأسهِ بصُورة مُشوهة عِقاباً لهُ. لم نُلملم أنفاسنا من (المشكلة الأكاديمية) والتى كلفت طلاب جامعة الجزيرة ستة أشهر من الإضراب عن الدراسة و أسبوعا كاملا من الإضراب عن الطعام لِنُواجه بأخري وهي (مشكلة التكنولوجيا) والتى ضحي الطلاب من أجلِها بإضراب ستة أشهرٍ أخري من أجل الإعتراف بخريجها. حل مشكلة التكنولوجيا كانت تتطلب تعاونا سياسيا تاماً بين الإتحاد والرابطة. كان حل مشكلة خريج كلية العلوم والتكنولوجيا بنجاح يعنى إستمرار هيمنة مؤتمر الطلاب المستقلين. ولمحاولة فهم مشكلة خريج التكنولوجيا أعيد مقولة الأستاذ الدكتور سليمان الدبيلو عندما خاطب طلاب الكلية قائلا: "You are not scientists you are not engineers you are somethings in between" وأكيد أن المشكلة كانت أكبر مما لخصها أستاذنا الدبيلو عضو نقابة اساتذة جامعة الجزيرة تعلمنا منه الكثير ايام العمل السري الذي سبق ثورة أبريل.. يقول الوليد حاج الزاكي، رئيس رابطة العلوم والتكنولوجيا إبان المشكلة والذي سقط شعر رأسه من تعقيداتها: "لقد نشأت كلية العلوم والتكنولوجيا بجامعة الجزيرة لتخدم فكرة تحديث المنهج وربطه بمتطلبات التنمية وبرامجها المستهدفة في ذلك الزمن (اواخر السبعينات) . وكان منهجا عمليا وعلميا أثبت الخريجون بعد أن وجدوا فرصاً للعمل أنه المنهج الصحيح في الزمن الصحيح. أصل المشكلة أن مجتمع الصناعة لم يكن على دراية بماهية هذا الخريج وأن الجهة الأقرب لفهمه كانت هي المجلس الهندسي والذي تنكر لهذه الكلية علما بانه اي المجلس الهندسي كان يحتج على الآخرين في معهد الكليات التكنولوجية بأن جامعة الجزيرة بصدد تخريج مهندسين تكنولوجيين وعلى ذلك رفض التصديق لهم بالإعتراف. لم نطالب في مرحلة المشكلة الأولى بأن يُعترف بنا كمهندسين لاننا كنا على قناعة أن منهجنا أقرب الى الواقع وأعمق في الفهم الصناعي واحدث من المناهج الهندسية العتيقة. ولكن القانون حكم علينا أن نتوجه قبلة المجلس الهندسي لأن ممارسة المهنة في مجال الصناعة محكومة قانونا بمظلة المجلس الهندسي" يواصل الوليد حديثه قائلا: "وعليه فقد خُضنا صراعاً علمياً داخل الكلية لوجود إعتراض من بعض الاساتذة وخضنا صراعا خارجياً وعلمياً أيضا مع المجلس الهندسي والتعليم العالي حتى وصلنا الى صيغة (المهندس التكنولوجي) وإدخال بعض المواد الهندسية النظرية إلى المنهج. لقد طُفنا بمشكلتنا تلك في كل مكان وخاطبنا الجماهير وطلاب الجامعات الاخري وعقدنا الندوات والمؤتمرات الصحفية وشرحنا مشكلتنا من خلال الاذاعة والتلفزيون ووصلنا بها الي القصر الجمهوري. كانت رابطة الكلية وإتحاد الجامعة لُحمة واحدة إبان تلك المشكلة وقد تطورت مراحلها حتى وصلت الى الإضراب الشهير باضراب التكنولوجيا." يقول الوليد: "لقد تدرجنا في حل تلك المشكلة تدرجا علميا مدروسا ومارسنا تكتيكات كانت اكبر من عمرنا وخبرتنا في الحياة وخلقنا وحدة طلابية فريدة وإجماعا منقطع النظير. وبحثنا ونقبنا في أمهات المراجع المنهجية والتجارب المختلفة حتى وصلنا الي حلول مرضية." لقد انتهت مشكلة خريج العلوم والتكنولوجيا بإصدار مجلس أساتذة جامعة الجزيرة القرار التالي "It is the intention of this board to graduate an engineering technologist within the policy of the university and the frame work of the Sudanese engineering council". حل مشكلة خريج العلوم والتكنولوجيا عززت من قبضة مؤتمر الطلاب المستقلين علي الغالبية العظمي من الروابط الأكاديمية والإقليمية لسنوات عديدة. نذكر من عضوية اللجنة التنفيذية للرابطة علي عبد الرحمن عجوب السكرتير العام، عبدالله المغربي، حافظ الشيخ، وليد حسن الشيخ، خالد مصطفي وعلي الشاعر..بالإضافة لطلاب لهم اتجاهات سياسية اخري أو لا علاقة لهم بالسياسة وهم محمد أحمد علي، أمجد عبده ومسيب يوسف. نختم هذا الجزء بإقتباس من خطاب (شخصي) مع خطاب آخر (رسمي) بعث به الراحل البروفسير محمد العبيد المبارك مدير الجامعة إلي البروفسير سعد عبادي مدير المركز القومي للبحوث حينها. فتح البرفسور عبادي الخطاب الشخصي وقرأه ثم ابتسم. سألنا هل تريدون معرفة ما جاء في خطاب ود العبيد؟ لم ينتظر إجابة منا ودفع بالخطاب لأحد أعضاء وفد الاتحاد. عندما قرأناه جاء فيه " ياخوي يا ود احمد بشير العبادي ديل أولادنا المستقلين وهم على قيادة الإتحاد . لازم تساعدهم في هذه القضية العادلة وإلا سوف يسقط إتحادهم ويجوا الاخوان المسلمين وانت تتحمل المسؤولية". سيف اليزل سعد عمر [email protected]