من الملاحظ أن كل مؤتمرات الحركة الإسلامية الأخيرة ولعل آخرها تجمع السوريبة في ولاية الجزيرة .. أنها بدأت تجنح الى إعادة إنتاج شعارات العاطفة الدينية بدءا من الهجرة الى الله و حض الأعضاء على التمسك بدينهم وعباداتهم وتقوى الله .. وكأنها تقر بأنها كانت قد إنحرفت عن كل تلك القيم أو أنها إنشغلت عنها بموالاة نظام الإنقاذ ..! وهذا ما يعكس جلياً مأزق هذه الحركة التي راهنت بكل مالديها لتكون الرافعة لهذا النظام وولغت معه في الكثير من الدم والمال الحرام .. وآزرته في سياسة التميكن التي أضرت بالكثير من الآبرياء الذين فقدوا وظائفهم لا لذنب جنوه إلا أنهم لا يمتون للحركة والنظام بصلة الإنتماء أو التأييد ! الان هذه الحركة بدأت تشعر بورطتها مع هذا النظام الذي بدأ مزنوقا في زاوية أزماته الخانقة سياسيا و اقتصاديا وأمنيا.. ولعلها بمحاولة دغدغة العاطفة الدينية كخطاب موجه للرأي العام ..فانها تحاول أن تلتمس طريقا وسطيا يمكنها من ترقب مصير هذا النظام .. فإن عبر من أوحال معضلاته ..مدت له يدها بالمزيد من المناصرة السياسية .. وإن غاص الى نهايته المحتومة تبرأت منه ..فتعود لتطرح نفسها كحركة دعوية .. ظنا منها أن ذلك سينفض عن ساعدها دقيق جراب الإنقاذ القذر وهي التي ساندتها في كل مراحل تجنيها على هذا الوطن ! ولعلها في هذا الصدد تكون مخطئة لو ظنت أنها يمكن أن تسلك نهج حركة النهضة التونسية ليكون مخرجا لها في حالة سقوط الإنقاذ .. لان الأخيرة لم تتلوث في فترة حكمها القصيرة بذات القدر الذي لطخ تاريخ الحركة الإسلامية السودانية .. بل أن النهضة كانت لها دون شك مواقف مثالية في عدم تشبثها إنفرادا بالحكم أو إتباع طريقة أخوان مصر المتعجلة .. بغض النظر عن تقييم الكثيرين من المشككين في براجميتها التي أوصلتها الى عقلانية مبدأ الفصل بين السياسة والدعوة . و الآن بعد كل ما أرتكبته الحركة الإسلامية السودانية من أخطاء فادحة و تجاوزات مفضوحة ..هل ستنجيها تلك السكة الثالثة الحساب العسير وهي التي تبدو كمن ينشد التوبة عند سكرات الموت ! لان ساعتها سيكون الحساب ولد متى ما سقط ثور الإنقاذ وحينها ستكثر سكاكينه التي لن تقف عنده في حد ذاته وإنما ستطال كل من أعلفه أو سقاه حتى خرفه السياسي وارذل عمره الإقتصادي رغم كراهية المجتمع له وهو النظام الذي اصبح عبئا ثقيلا حتى على بعض ممن حملوه طويلا على الأكتاف ! [email protected]