بسم الله الرحمن الرحيم تقول الحكمة الشعبية القديمة( لا تأكل بعينيك ولا تتسوّق وأنت جائع) ..... يوم أمس غابت تلك الحكمة تماماً عن أسواق الخرطوم ، وكان اليوم استثنائياً في كل شوارع الولاية، زحام وصياح واختناقات مرورية فشَلت كل مُحاولات شرطة المرور في التخفيف من حدّتها. المُواطنون في حالة هلع وفزع لشراء احتياجات الشهر الكريم والأسواق تستنشق مواطنين وتزفر مواطنين وما بين الشهيق والزفير المزيد من الأكياس والكراتين ومُخَلّفات الشراء. أنّها معركة وليس احتفاءً بمقدم شهر كريم، التسوُّق وشراء الكثير من الأغراض بفكرة العطش والجوع يُكرِّس لمفهوم إنّه شهر للأكل والشرب وتعبئة مائدة الإفطار والمعدة وتخزين العصائر وليس شهر تقوى ومحبة وتقرب إلى الله ووصل للأرحام. حدثني أحدهم أنّ زوجته اشترت لفّة (الآبري الأحمر) أو الحلو مر بعشرة جنيهات، وإن (الجردل) سيكلفه مائتي جنيه؛ فسألته لماذا لا تجرِّب مع الحلومر عصائر أخرى من كركدى وتبلدي وعرديب وغيرها من العصائر السودانية..؟ طبعاً لم أقل له قريب فروت وفراولة ومانجو وغيرها من الفواكه التي يعتبر الحصول عليها تعجيزياً في ظل ارتفاع الأسعار الحالية. ليس بالضرورة أن تمتلئ مائدة الإفطار بكل أنواع المُثلّجات والمشويات والحلوى، ولكن الجميل أن تكون لمّة أسرية حول تميرات وعصيدة ، أو قراصة، ليس المُهم مُحتوى المائدة وإنّما المُهم اجتماعنا ولمّتنا بحب حولها في البيت الكبير أو الشارع العام أو عند الأسر الصغيرة. لا تحزموا معدتكم بالطعام ولكن املأوا قلوبكم بالمَحَبّة والصدقة والتسامح ونبذ الخلاف لنحاول أن نجعل شهر رمضان هذا العام شهراً مليئاً بالروحانيات والذكر، لنبتعد عن مفهوم (الجرسة) ودخل العضُم ولنصطحب معنا القليل فقط من اليقين في حياتنا. خارج السور: لنتذكّر فقط أنّ غالبية الشعب السوداني مفهوم (دخل العضُم) ينطبق عليهم من غير رمضان ...... دعونا نتفقدهم. *نقلا عن التيار