نهاية اليوم ... جمعت اوراقي وحشرتهم في حقيبتي الكبيرة وغادرت المكان ... مدينة صغيرة قرب مكان سكني ... توجهت الي محطة القطار اعتزم العودة لبيتي ...ورمضان (دخل الحشا وسكن الضلوع).... جلست علي احد الكراسي انتظر ان يهل القطار فأجد لي موقعا قرب نافذة فأنام هذا كان غاية احلامي ساعتها ...وخاصة انا ممن لديهم فروقات نوم...فروقات جسدي مستعد لتسديدها علي داير النومة غير عابيء لابمحل ولا جوطة أتي القطار من جوف الظلمة فنحن نجلس تحت الأرض وفوقنا حيوات واناس ودنيا .. توقف زحفت مع الجماهير وركبت جلست فرب النافذة كما تمنيت ...قصادي مقعد خال وكذلك المقعد الذي يجاورني... تحرك بنا القطار .... خضرة إمتدت علي مد البصر.... وبيوت ضخمات تناثرت هنا وهناك ... صوت طفل يناغي خلفي.. ويجذب خصل بلون الحنطة لام ذات وجه ملائكي مبتسم ... أغمضت عيني ... سري صوت حالم عبر سماعات الآيبود خاصتي ... واستمعت بتلذُّذ لمطرب يردد: حبك عشتو من اول ومن زمن بعيد طول مابقدر اسيب حبك ... اغيب عنك بعيد وارحل .... أقول انساك وعارف اني مابقدر ... ومهما قساك علي يطول ... يزيد شوقي في هواك يكتر ... ???????????????????????????????????????????????????????? وغفوت .... لا أدري كم لبثت فتحت عيني ....لأري قبالتي شابة لها عينين كعرايش ياسمين ...عقصت شعرها خلف راسها فتبدت نعومة ملامحها ونمنمة تقاطيعها .... كانت تنظر بوله وعشق عجيبين لشخص يجلس بجانبي ...شخص لا استطيع ان أراه...فركت عيني من جديد وحدثت نفسي قد يكون هذا من الصيام او تأثير النوم ... نظرت مرة أخري ..... فصافح عيني الفراغ ليؤكد لي صحة ما أري .... ورجعت أنظر للفتاة ...وهي تمد يدا علي إستحياء لهذا الشخص وعلي وجهها تعبيرا جعلني انتفض وآخذ حقيبتي مفسحة لهما المجال .... ولما لم يكن هناك مقعد خال اخر ...دعوتها للجلوس بجوار هذا (الزول)... وانتقل انا للجلوس في مقعدها كبديل .. نظرت الي قائلة..... انت لطيفة ياسيدتي ...حتي انك لم تحاولي ان تبدي دهشة مما رأيتِ الان ...وانا اعلم انه يثير عجب الكثيرين ولكن انا لابهمني ويكفي انني اراه حتي ولو حاول الكون كله اقناعي بالنقيض ....انا اعيش علي هذا ولولا وجوده معي لماتحملت الم فراقه .... هذا حبيبي الذي راح ضحية حادث مروري من أعوام خلون ...كدت اموت حزنا عليه واذا به يظهر في عوالمي ...فينير عتمتها ...يؤنس وحشتها ويملا وحدتها حياة وحبا ومرح كما تعود ان يفعل .... ونقلت عينيها النجلاوين للمقعد جواري وغمزت له وضحكت أكوانها ...فاضاء وجهها السمح احسست بشلالات من قوس قزح حوالي ..... ومالدنيا باجمعها حبيب واحد زخر اذا ضاءت مطالعه ... فكل سماءنا بدر .... خذوا دنياكم هذي ... فدنياواتنا كثر .... هذة خلقت دنياها بنفسها لتطبب جرحها ولتقوي علي الوقوف وعلي العيش ....قد تصنف حالتها في اضابير الطب النفسي بالجنون فهذا نوع من الهلوسة السمعية والبصرية ولكن صاحبتها سعيدة بها استعاضت بها عن عوالمنا هذة .... حالها كحال الشاعر ... سري ليلا خيال من سليمي فارقني واصحابي هجود .... ومااكثر سراة الليل في عوالم العشاق والمناجاة التي تطول وتقصر ..... تركتها تناجيه .... وتذكرت قصة أخري حدثت لي في بلد ما وانا جالسه في عيادة لمتابعة احوال المرضي اتي داخل احدهم اعرفه جيدا فهو مريض بالفصام لاعوام واعوام مهندم مبتسم وحيي ... حييته وكنت حريصة ان اضع كرسي اضافي قبالتي لاني اعلم بانه ياتي مع صديقه (الذي لا يمكنني رؤيته) فهو يلازمه منذ اعوام واعوام ويعيش معه في بيته كمان .... دخلا ولم يجلس حتي تاكد ان صاحبه قد (توهط) في مقعده. ..فشكرتهما علي المجيء ...فهز راسه لصديقه وابتسم ...تحدثنا عن كل شيء منذ اخر مرة رايته فيها ...حدثني بكل هدوء ولم يشتك من شيء وكان يقطع حديثه هذا بعبارة ... مش كده بالله !! وينظر لصديقه ويبتسم بمحبة وهو يبحث عن دعمه .... وعند مناقشة الدواء ومواعيده وتاثيراته الجانبية عاود النظر لصديقه وقال لي لابد لي من شكره فانا كنت احس بالنعاس ولا اتمكن من اداء عملي المكتبي (موظف هو بوظيفة مرموقة) فنصحني ان اخذ الدواء بالمساء بدل الصباح حتي لا احس بالنعاس .... وكان علي حسب الخطة العلاجية يجب ان تزيد جرعة الدواء وسالته الموافقة علي ذلك ...فنظر لصديقه وتناقش معه ...وانتظرت انا حتي انتهيا من(المشاورة) وعاد لي مبتسما ليقول اتفقنا علي زيادة الجرعة وقد كان ..... وبعد فترة ... دخل نفس الشخص ....وقف امامي ورفض حتي الجلوس واخبرني انه سيعود لجرعته السابقة لانه اصبح لايستطيع رؤية صاحبه وحرم من رفقته وانسه وهذا الرفيق هو كل ماله في هذا العالم (التعيس)... وقد فعل ... أجل هذا حال بعضنا .... يمشون بيننا ... رفضوا عالمنا هذا وتشبثوا بعوالم اخري لم يسبر غورها بعد ....منهم من صنعها من رفضه للصدمات ومنهم من اتته لخلل في دماغه ولكنه وجد منها متعة وبديل لحياتنا بناسها وشخوصها من لحم ودم وابي حتي الرجوع للواقع وفضل العيش هناك .....ومنا من يصنع عوالمه ويجلس بالساعات يجتر في ذكريات ويستدعي وجوها حبيبات فيتمثلهن علهن يرددن بعض رحمن الذات ...وجوه قانتات بالمحبة مليئات بالضياء ... تماضر الحسن طبيبة - بريطانيا