كثيرين هم من أعتقلوا و أختطفوا و تعرضوا للضرب و كافة اصناف التعذيب و فقدوا أرواحهم داخل بيوت الأشباح و اصبح خبر إعتقال أو إختطاف أو تعذيب أو حادثة فساد كخبر هطول أمطار خفيفة في منطقة من المناطق توافينا بها أخبار النشرة الجوية و لكن لماذا تلقي صحفيي النظام قضية المهندس أحمد أبو القاسم بلهفة و لقيت القضية كل هذه الضجة الإعلامية ؟!! هذا ما سنحاول إلقاء الضوء عليه . آثار التعذيب و الضرب المبرح في الصور التي تناقلتها مواقع الإنترنت لم تكن غريبة بالنسبة لي و لغيري لأن المشهد صار مألوفاً و لم يصدم أحد و لكن عندما تناقل الناشطين هذه القضية لأبعادها ليس إلا ، فالناشطين و المعنيين بحقوق الإنسان و غيرهم من أصحاب الضمائر الحية عندما كتبوا عن القضية مجرد أنهم قاموا بدورهم كالعادة لكشف دموية النظام و ليسودوا صفحاته المسودة امام المنظمات الحقوقية الإقليمية و الدولية و ليس طمعاً في عدالة أو إنصاف لضحية فهم اهل العلم الذي لا يفتي احد بعدهم في مؤسسية دولة الفساد و الفاسدين . المعلومات المتوافرة عن المجني عليه أحمد أبو القاسم حتي اللحظة أنه لم يكن ناشط سياسي و لم يكن عضواً في واحدة من الحركات المسلحة و لكن نُقل أن المهندس أحمد أبو القاسم يحمل الجنسية البريطانية و أن السفارة البريطانية علمت بذلك هذه المعلومات الأكيده التي حصل الجميع عليها . إذن الضحية هذه المرة بريطاني الجنسية و لم يكن سوداني فحسب و يبقي للقضية أبعادها و تبعاتها و قضية الطالب الأيطالي جوليو ريجني الذي قتلته الأجهزة المصرية ليست ببعيدة تلك القضية التي أحدثت تخبط في كافة الدوائر السياسية و الأمنية و الإعلامية المصرية ، توالت التصريحات المصرية و الإيطالية على مستوي وزراء الخارجية و أرسلت إيطاليا فريق من المحققين ليحققوا في القضية و كانت إيطاليا تهدد على طول الوقت أن في حال عدم تعاون مصر سوف تتخذ كافة الإجراءات التصعيدية و قد كان . اَطلع وزير الخارجية المصري نظيره الأمريكي جون كيري تعاون الحكومة المصرية في آخر زيارة لكير إلي مصر طالبين تعاون الإدارة الأمريكية في القضية و لم يغلق ملف القضية بعد ، و لم تكتفي إيطاليا بتعليق مساعداتها العسكرية و الذهاب بالقضية للمفوضية الأوربية لحقوق الإنسان و ما زالات تبعات القضية حتي كتابة هذه السطور . تلقي صحفيي النظام القضية بلهفة منقطعة النظير و كأنها أول حادثة تعذيب أو إختطاف تحدث و كتبوا عنها و كأننا لم نسمع أو نري من قبل جرائم الإختطاف و التعذيب و الغريب في الأمر أنهم يكتبوا عن الإجراءات القانونية و كأن الدولة دولة مؤسسات و دولة قانون ، لم ينتهوا بذلك فتحوا قضية ضد حزب المؤتمر السوداني و توعدوه و هاهو عبدالباقي الظافر أشار في آخر مقالة له بخصوص القضية في أن موقف حزب المؤتمر السوداني سيتم التطرق إليه لاحقاً . التحية لحزب المؤتمر السوداني فقد أثبت للجميع أنه حزب واعد بقياداته و كوادره المصادمة التي لا تخشي في قول الحق لومة لائم و يبقي السؤال أين المعارضة و أين قيادات المعارضة ؟ غياب المعارضة لم يكن في الحراك أو في دائرة الفعل السياسي و إنما في قراءة الراهن السياسي ، يعلمون أكثر عن غيرهم أن النظام منذ مدة ليست بالقصيرة قد إتجه غرباً يلهث لإلغاء الديون و رفع العقوبات و هاهو " يبوس " على أحذية القيادات الإسرائيلية ليتوسطوا له أمام القادة الأوربيين و الأمريكان ، و بالفعل طالبت إسرائيل الإتحاد الأوربي و الولاياتالمتحدةالأمريكية ليكافؤا النظام إلا أن النظام و حين غفله و عن طريق احد " أنابيش " القصر قد كافئ الإتحاد الأوربي و لم تكافؤنا أنتم بكتابة سطر واحد للسفارة البريطانية أو للمسئولين البريطانيين مفاده " أنكم تأسفوا للحادثة و أن دعمكم للنظام سوف يعزز من إنتهاكات حقوق الإنسان كما اوضحنا لكم مراراً و تكراراً " يتسائل صحفيي النظام عن ما اذا كان أحمد أبو القاسم قد ترافع بدعوي قضائية أم لا ! أن هذا التساؤل ما كان مفاده إلا دعوة المجني عليه ليترافع بدعوي قضائية أمام القضاء السوداني بل طالبوا وزير العدل أن يزور الضحية كما زار غريمهم محمد خاتم عدلان و ما كان ذلك إلا للخوف الذي تملكهم حول تبعات القضية و ما تلحق به من ضرر جسيم حول التفاهمات التي تمت بينهم و الإتحاد الأوربي و التي كانت باينة للعيان في موقف الإتحاد الأوربي أثناء مفاوضات أديس أبابا التي علقت لأجل غير مسمي ليحسم النظام المعركة أو ينال مكاسب تفاوضية في الجولات القادمة . [email protected]