ظل السودان لنحو ربع قرن (25 سنة) علي قائمة الدول الأكثر انتهاكا لحقوق الانسان والاسوأ سمعة وصيتا بين الدول في هذا المجال، ثم تارة أخرى الأقل سوء خلال العشرية الأخيرة، هكذا بقي السودان مدرجا تحت البند العاشر من لائحة الانتهاكات وعلي رأس القائمة السوداء مستحقا "للصدقات" وللمساعدة والعون الفني حتى يستوفي شروط ومطلوبات العتق والترفيع! وهي شروط لو تعلمون حبيبة علي الأنفس: انفس المجتمع المدني : السلام والتحول الديمقراطي والحريات ومكافحة الفساد والمحاسبة وسيادة حكم القانون . ظللت أعجب ان كبار ساستنا وديبلوماسيينا الرساليين وبعض إعلاميينا يهنئون أنفسهم عاما بعد عام بانتصارات ونجاحات متوهمة مصنوعة يحققها السودان في جنيف لمجرد إبقاء اسمه في قائمة الانتهاكات تحت المراقبة والتجديد المتواتر للرقيب والخبير الدولي المستقل- أو ما يسمى بالبند العاشر . إنهم يعتبرون ذلك إنجازا وفتحا تستحق عليه بعثتنا الديبلوماسية في سويسرا ووزير عدلنا وحاشيته من المرافقين الرسميين والشعبيين في "حجهم" نصف السنوي لجنيف التهنئة والتبجيل !! وما برح بعض ساستنا وديبلوماسيينا الرساليين يصنعون من الفسيخ شربات....! يلوون عنق الحقيقة بتصوير الإدانة السياسية إنجازا والفشل الديبلوماسي نجاحا وذلك ربما علي طريقة أهون الشرين .. فالشر الأقوى عندهم هو "الشيطان الأكبر" أمريكا الذي ألحقت به ديبلوماسيتنا الهزيمة والخسران بإسقاط مشروعه الهادف لإعادة السودان للبند الرابع في اللائحة-البند الأكثر سوءاً من السيء !! وخداع النفس الديبلوماسية هذا لم يقف عند سنواتنا العجاف في جنيف بل له سابقات في علاقاتنا الأفريقية أخرها التباهي الأجوف أن أفريقيا أجمعت واختارت السودان رمزا للعزة والكرامة الافريقية -وليس جنوب أفريقيا ونلسون مانديلا الذي نصبت له التماثيل في ميادين افريقيا وفي ساحات وعواصم أوربا - رمزاً حقيقيا لسيادة وعزة وكرامة أفريقيا وهو من أكرمه العالم كله بمنحه جائزة نوبل للسلام. وإن أحسنا الظن بديبلوماسيتنا الراهنة وبديبلوماسيينا الرساليين فيحمد لها ولهم الجد والاجتهاد لتجميل وجه السودان بالمساحيق والكريمات لإخفاء البثور والقشور والنتوءات إلا إن هذا يزول ويمحي في الاصباح .....وعند كل صباح . و ختاماً أخشى أن ينطبق علينا قول الشاعر : يقضى على المرء في أيام محنته ** حتى يرى حسناً ما ليس بالحسن ++++++ د. حسن عابدين -سفير سابق [email protected]