البرلمان كل يوم يناقش قضية من قضايا السودان ويقترح لها الحلول من خلال أوراق يسميها علمية تقدمها لجانه الكثيرة ويقدم للحكومة ما يتوصل إليه من حلول ثم يوصيها ويحذرها و ينتظر، وعندما يجدها ضربت بكلامه عرض الحائط يعود مرة أخرى ويعيد مناقشة نفس القضايا ثم يقدم الحلول والتوصيات وينتظر وهكذا، لم يسبق لبرلماننا الموقر أن نجح في إجبار الحكومة على صواب أو نهاها عن خطأ ، 27 سنة وهي لا تتفوق إلا في الفشل والبرلمان ينحني لها . قبل أسبوع ناقش البرلمان قضية معاش المواطن السوداني ،الوضع الراهن ورؤى المستقبل وظلت جلساته منعقدة لمدة ثلاثة أيام بحضور مكثف من الخبراء وأساتذة الجامعات والإعلاميين، من أجل الوصول لحلول تفضي إلى حل قضية معاش المواطن وتحسين حياته ، اللجنة البرلمانية المكلفة قامت بإعداد ورقة حول الأوضاع المعيشية للمواطنين دعت من خلالها الحكومة إلى إيقاف شراء السيارات الحكومية ، وتخفيض التمثيل الدبلوماسي في الخارج، وكذلك الطاقم الدبلوماسي، وتخفيف المشاركات في المؤتمرات والأنشطة الخارجية، وقالت أن أكبر مهدد للاقتصاد هي المشتريات الحكومية والصرف على الحكومة غير المرشد . مساعد محافظ بنك السودان المركزي محمد أحمد بشرى قال أن موضوع معاش الناس مهم ومتشابك، لافتاً إلى ضرورة الإسراع في إدراج خلاصة الدراسات في هذه الحزمة، لتشكيل إطار لموازنة 2017، لأن وزارة المالية تعكف على إعداد موازنة العام القادم، رئيس اللجنة الزراعية بالبرلمان عبد الله علي مسار قال إن 90% من إيرادات البلاد يتم تحصيلها من الضرائب والجمارك وأن هناك خمسة ملايين مواطن منتج انتقلوا إلى العاصمة خلال السنوات الأخيرة . وزير المالية السابق علي محمود رهن تحقيق الإصلاح الاقتصادي بالصرف على التنمية والبنيات التحتية، وحذر من أن زيادة الأجور من موارد غير حقيقية تؤدي للتضخم وانخفاض القوى الشرائية للرواتب، رغم انه كان يوماً جزءاً من المشكلة ولم يرَ الحلول إلا عندما غادر كرسي الوزارة . رئيس لجنة الشؤون المالية الاقتصادية بالبرلمان أحمد المجذوب تحدث عن اتساع الفجوة بين كلفة المعيشة وأجور العاملين، وأوصى بضرورة إصلاح السياسات الاقتصادية، كلام كثير قيل تحت قبة البرلمان لم يترك للقضية شاردة ولا وارة إلا وقتلت نقاشاً ولكن كل ذلك ظل مكتوماً داخل البرلمان . هذه ليست المرة الأولى التي يقدم فيها البرلمان حلوله لمشكلة معاش المواطن، فقد سبق وأن قدمها عشرات المرات ولم تجد آذاناً صاغية ، ولكن السؤال الذي يفرض نفسه ثم ماذا بعد ؟ هل يتوقف دور البرلمان عند هذا الدور السلبي ؟ للأسف الإجابة نعم برلماننا اكتفى طيلة السنوات الماضية أن يناقش قضايا المواطن ويقدم التوصيات ويقوم بتمرير ما تطلبه الحكومة ثم يقف متفرجاً، وعليه يعتبر البرلمان واحداً من أهم أسباب فشل الحكومة وفسادها . أي برلمان في الدنيا مهمته مراقبة الحكومة ومحاسبتها ، وهو عندما يقوم بدوره هذا كاملاً فهو بذلك يقدم خدمة جليلة للحكومة قبل الشعب فيحميها من نفسها ويقودها إلى درب الرشاد ثم النجاح، ولكن البرلمان السوداني فعل العكس تخلى عن وظيفته تماماً وهو بذلك سهل للحكومة طريق الفساد وساعدها في أن تهمل قضايا الشعب التيار