نعم العنوان صحيح كما قرأته : فأنا أخاطب الباحثين عن الثورة وليس الثروة ، فالاخيرين اصبحوا معروفين لدى القاصى والدانى وأخبار تحويلاتهم البنكية ، والمليونية بالعملات الاجنبية واخبار قصورهم ذات الاحواض السباحية ، والمطلة على البحر مباشرة ، تملأ الآفاق ولاتحتاج لمزيد من التعريف . أما الباحثون عن الثورة فهم اصناف شتى وذوو توجهات شتى ، ولذلك وجب التعريف بهم . النوع الاول : هو الذى يتمناها اليوم وليس غدا ، وبالطبع له اسبابه الوجيهة . فالامر قد طال حتى تجاوز ربع القرن ، بينما كان أصحاب الشأن ينبسطون ويحتفلون بمرور شهر بالتمام والكمال على ميلاد انقلابهم . ومن ناحية أخرى فهو يستعجل خطى الثورة ليأخذ بثأره من من قتل أخاه ، أو سرق ماله ، أو فصله من عمله ، أو أدخله بيوت الاشباح وقام بتعذيبه ، أو ... أو مماتعلمون ولا تعلمون . النوع الثانى : هو من تمكن فى السلطة أو فى الاعمال أو فى دهاليز الحركة الاسلامية ، وهذا لايراها لأنه بحكم موقعه لايرى الا أمثاله الذين يظنون ان كل شئ على مايرام ، وهو فى الحقيقة كذلك بالنسبة لهم . السكن جميل والاكل حلو والسيارات اشكال وألوان والعيال فى المدارس الاجنبية المحلية والخارجية ، والدنيا ربيع والجو بديع . ينسى هؤلاء ان نميرى كان يظن انه لا احد سيخرج الى الشارع ضده مماجعله يسافر مطمئنا ولايسمع لنصائع ناصحيه بعدم السفر أو العودة السريعة ، حتى وقع الفأس فى الرأس ! وكذلك بن على لم يفهم الافى اللحظات بعد الاخيرة ، وأيضا حسنى مبارك ظل ثمانية عشر يوما لايصدق ! النوع الثالث : هو من قلبه مع على وسيفه مع معاوية ، وهؤلاء يمسكون العصا من منتصفها أو ثلاثة ارباعها . يقولون ان الحكومة والمعارضة مثل بعضهما ، وان من يضيع هو الشعب المسكين . هذا موقف يظنون انه لايجعلهم فى خانة المعارضة ولا الحكومة ، وبالتالى فهو موقف منج اذا كسب اى من الطرفين . وربما يكون هذا الموقف مناسبا فى المرات السابقة ، أما الآن فقد أصبح الحلال بين والحرام بين وليس بينهما أمور متشابهات . اذ كيف يكون موقف الذى يحارب وهو معرض للموت فى كل لحظة ، أو الذى يخرج للتظاهر وقد رأى ماحدث لغيره فى سبتمبر وفى بورتسودان والجنينة ، أو الذى أضطر للعيش خارج وطنه بعيدا عن اهله وكل مااعتاده لعشرات السنين ، أو ذلك الذى فقد جزء من جسده خلال التعذيب ، أو ذلك الذى قتل ابنه لمجرد انه يمتلك شيئا من العملات الاجنبية ،كيف يكون موقفهم مثل موقف الذى يماثل بين الحكومة والمعارضة ؟! النوع الرابع : هو النوع الذى كتب المقال من أجله ، وهو الذى يكون مع الثورة قلبا وقالبا ، بل ويساهم فى دفع مسبباتها الى الامام ولكنه ينتظر ان يحدث ماحدث فى اكتوبر أو ابريل وقع الحافر على الحافر ، ذلك لانه لايرى ان الثورة موجودة ومستمرة فى اعتقادى منذ اليوم الاول لشهريوليو من سنة 1989 . أفلا تذكرون اضراب الاطباء الذى حوكم قادته بالاعدام والسجن فصمدوا حتى أجبر النظام على الغاء احكامه مجبرا امام الضغط الخارجى والداخلى ، ثم تكوين التجمع المعارض من داخل سجن كوبر ، ثم ماقام به فى الخارج مما الجم كثيرا من مخططات النظام ، ودور الحركات المسلحة ، بل وحتى دور الشباب فى الحفلات الغنائية .. الخ . واذا كانت رؤيا تلك الاشياء غائمة أو غير واضحة ، الايرون مايحدث الآن فى معسكرات النازحين من مظاهرات ومعارضات لمايسمى بالعودة الطوعية ؟ وحديثهم بوجود اجهزة الامن عما يحدث لهم من تعذيب واغتصاب ..الخ ؟، ألايرون مايقوم به السودانيون فى الشتات من مظاهرات وتلسيم عرائض الاحتجاج للمنظمات الدولية وحكومات اجنبية ؟ الايرون اضراب الاطباء واصرارهم على تنفيذ الاتفاق الذى حدث مع السلطة المراوغة ؟ الايرون موقف اهالى الجريف ودحرهم اعصابات الامن ؟ ان لم تكن هذه الاحداث وغيرها عشرات فى اصقاع السودان المترامية من قتل واغتصاب وتعذيب هى الثورة ، فماهى ؟ لهذا النوع الرابع ، والذى عليه الامل ، أقول دعونا نأخذ بالمثل الصينى الاصيل ، اشعل شمعة بدلا من لعن الظلام . ان أقل ماتستطيع القيام به هو توعية من حولك بمايحدث ، ففى هذا اعداد لتكملة مابدأناه منذ اليوم الثانى للانقلاب .