لا ندّعي فهما أكثر من غيرنا ولسنا في موقف اسداء النصح لشباب هذا الوطن العظيم إذ نعي أمراً بديهياً قاله السابقون : ( فالنصيحة لا تلزم ، إذ لا يحتاجها العقلاء ولا يعمل بها الأغبياء ) ! .. فنحمد المولى على نعمة العقل التي حباها الشباب ، فابتدعوا مساراً للنضال فأبدعوا .. ما نسوقه مجرد أفكار أو ما يسمى عصف ذهني نأمل أن نعظّم به أثر العصيان القادم وقد يكشف ما يعِد له النظام من أساليب لإفشاله أو التقليل من أثره وقد تعلم من تجربة 27 نوفمبر عدم فاعلية اسلحته التقليدية ( مليشيات واحتياطي مركزي ) في قمع التحرك واجهاض العصيان ، فذلك فضاءٌ آخر لا تطاله اسلحتهم .. فظلت قواته ترابط في الشوارع الفارغة تراقبها في قنوط .. ! أقول ... بعد الصدمة التي تلقاها النظام بنجاح عصيان 27 نوفمبر ، تخلى عن إستخفافه بالقدرات الكامنة لدى الشباب واللامبالاة التي كان يبديها تجاه السخط العام ، فبدأ يعمل – لا لمعالجة المسببات – ولكن لإفشال التحدي المقبل ، وفي يقينه أن فشله سيقود الى حالة احباط عام وسط الشباب وقد يعود الحال الى سابقه من السكون والإستكانة .. أحاول فيما يلي أن استقرئ ما قد يكون قد أعده النظام لمقارعة العصيان القادم ، وذلك في تقديرنا المتواضع : ارسال تحذير للمدارس الخاصة بعدم تعطيل الدراسة وتوجيهها بمعاقبة المعلمين والطلاب المتخلفين . ارسال تحذيرات مشابهة للشركات الكبيرة والتي يلفت تعطيلها الانتباه العام . الموظفون الحكوميون قد تطالهم عقوبات . الزام الحافلات ووسائل المواصلات الأخرى بتسيير رحلات منتظمة –حتى وإن كانت فارغة – لإعطاء انطباع بازدحام الشارع .. حظر التصوير . محاولة التشويش على الشبكة الالكترونية ووسائط التواصل الاجتماعي .. قد يكون بتعطيلها لفترات متقطعة أو اغراقها بالرسائل لتقليل سرعتها . رصد بعض النشطاء واعتقالهم في اللحظات الأخيرة وقبل انطلاق العصيان لشل القيادات الميدانية في الأحياء أو غيرها . في مواجهة ما سبق أرى من أهم الأمور شحن أهلنا في الأحياء وأماكن السكن بروح التحدي والاستعداد للتضحية ، وفي ذلك لا تكفي رسائل الوسائط الاجتماعية وبيانات الصحف الالكترونية ، فأغلبية الشعب لا تطلع عليها .. علينا بوسيلة الاتصالات الشخصية ومقابلة الناس في بيوتهم بالأحياء والمقاهي وأماكن الترفيه وأينما كانوا ، وشرح ماهية التحدي القادم ، أهدافه ودور الفرد في انجاحه وما نأمل في تحقيقه بعد زوال النظام .. وذلك دور لجان المقاومة التي تكونت في الأحياء ، وفي حال عدم وجودها أن تتوافق أي مجموعة من إثنين أو ثلاثة لأداء هذا الدور ، ويستطيعون التحرك بحرية وسط جيرانهم ومعارفهم في الحي دون الإحتكاك بعملاء الأمن والمؤتمر الوطني والمرتزقة .. ورغم ايماننا بأن الغالبية الساحقة من هذا الشعب تعارض النظام وتشكل رصيدا هائلاً للمعارضة إلا أنه ظل قوة كامنة بلا تأثير على واقعنا المتردي .. وبطبيعة الحال يشكّل المترددون جزاً كبيراً من تلك القوة ولن ينخرطوا في فعل معارض إلا إذا اطمأنوا لمشاركة كبيرة من غيرهم .. علينا استقطابهم لصفوفنا بالتواصل الشخصي وتوعيتهم بدور الفرد في نجاح الجماعة ، ورفع الحمية الوطنية في وجدانهم .. بالاضافة الى ذلك إقناع أهلنا ومعارفنا بعدم ارسال أبنائهم الى المدارس بدأً من يوم 19 ديسمبر .. وأن نغير التكتيك في حال نجح النظام في اجبار الطلاب على الحضور وذلك بتحويل ذلك الحضور الى طوابير صامتة داخل أسوار المدارس أو خارجها .. أرى من الضرورة طباعة أوراق صغيرة ( بحجم ثُمن صفحة ) تفيد ما يلي في ثلاث جمل مختصرة وتوزيعها على أكبر نطاق : بداية العصيان المدني ومدته .. مناسبة اختيار هذا اليوم " إعلان استقلال السودان من داخل البرلمان 19/12/1955 " .. هدف العصيان . الحافلات ووسائل المواصلات الأخرى قد لا تستجيب لطلب تسيير رحلات خالية من الركاب .. إذن علينا أن نحجم عن الحركة وستبقى في مواقفها بلا حراك .. الخروج الى الشوارع والتجول فيها بغرض الإطلاع على مسار العصيان والإطمئنان على النجاح قد يؤدي لازدحام الشوارع ويعطي انطباعاً مصادماً للحقيقة .. علينا الإقلاع عن ذلك والبقاء بمنازلنا إلا للضرورة القصوى .. وإلا هزمنا الفكرة الأساسية للعصيان .. هذا بعض ما عنّ لي من أفكار علها تضيف ولو القليل لجهد الشباب .. مصطفى محمد علي [email protected]