رحمة الله علي فقيدنا العزيز..رفيق الدرب وعلى من سبقنا الى دار الخلود من زملائنا فى مؤسسات التعليم الاربع الاولية والوسطى والثانوية والجامعيه.وان تقدمته بعام واحد فى ثلاثتها الاولى الآ ان جامعة الخرطوم اتاحت لى فرصة لزمالته اللصيقه والتعرف عليه عن كثب ..وكيف لى ان انسى زمالتنا فى داخلية النيل الابيض ( اليوم كلية للقانون فى جامعة الخرطوم) بين رفاق كرام لأكثر من ثلاثة اعوام مضت كانها سويعات تفرقنا بعدها فى دهاليز الخدمة العامة..رحم الله من راح مبكيا على شبابه ومد فى ايام من لا يزال ينتظر.. ليجمع الزمان بيننا مرة اخرى فى ديار الغربة والشتات نجتر كل حين ذكريات ماضى سنين كنا نمنّى النفس بقضائها بين الاصدقاء فى السودان ولكنها كانت ارادة الله الغالبه ان ينتقل صديق العمرالى رحاب ربه فى ديارغربة وجدنا انفسنا فيها وفى النفوس حسره وفى القلوب لوعة وفى الاذهان ذكرى تبقى . ولكن واحرّها من ذكرى .. رحل رفيق الدرب وجاء يوم شكره وان كنا نعلم انه لا بد من ميقاته المحتوم على كل بنى البشر. فلن تبقى الارض او تدوم السماء ولكنا جميعا.. افراد اسرته المكلومين وكل من عرفه والتقاه ظللنا فى اشفاق متصل لما ظل يعانيه من علة انشبت اظفارها فى جسده ولم تلن قناته مقاوما لها بكل ما عرفناه عنه من قوّة و ارادة لا تلين ورباطة جأش منقطع النظيرفى ايمان كامل بسنة الحياة وارادة الله الغالبه وقضائه وقدره.. كلما حادثته على الهاتف كانت كلماته تنم عن اقدامه وشجاعته منذ ايام صباه الباكر.و يقينى ان فقيدنا العزيز الراح لو عادت به الايام الى دنيا البشرلكان هو الطاهرالنفس القوى ارادة و المحب للناس اجمعين. صال فقيدنا فى مجالات العمل الدبلوماسى الخارجى فى مختلف بلاد الدنيا الواسعة بخطى راسخة وثابته. يحقق كل حين المزيد من النجاحات فى كل موقع انتقل اليه.بفضل ما عرفناه فيه من الصرامة والحزم والجد وسرعة البديهة وثاقب الفكر الممزوج بالوفير قليل من الهزل والظرف حسب مقتضيات الاحوال فى غير تفريط اوتساهل فى واجب ..هكذا عرفنا الفقيد الراحل وهكذا سنظل نذكره الى ان نلقاه مع من سبقونا فى دار الخلود والقرار . واصل الفقيد عمله يكتسب للسودان واهله صداقات الشعوب ورؤساء بلدانهم على اختلاف انظمة الحكم فيها ويرفع من قدرالسودان ما يزيد عن كل معروف ومالوف. فهو الدبلوماسى طريقا فى حياته وتعاملا مع الآخرين.. نذر حياته لخدمة وزارة الخارجيه فابلى فيها بلاء منقطع النظيرفكسب رضا رؤسائه قاطبة فاجلسوه باكراعلى قمة وظائفها سفيرا للسودان فى كبريات دول العالم .. فى موسكو. وفى الجزائر وايطاليا بعدما جذب انظار العاملين فى دهاليز الاممالمتحدة بنشاطه الدافق وسعة افقه فى سنوات عمله الدبلوماسي الاولى فى نيويورك.. كان فتى المواقف والمبادىء .. لم يتخلّ عنها او يساوم عليها.. وظلت آثاره باقية فى كل تلك البلدان التى سعدت سفاراتها بعمله فيه متوليا قيادة العمل الدبلوماسى فيه..تقف بجانبه وتشد من ازره رفيقة دربه السيدة الفضلى ..قدريه..من شاركته الحياة بكل تقلباتها.. يفردان اجنحتهما الرفرافه فوق صغارهما الى ان استوى عودهم وشقوا طريقهم فى الحياة وهاهم اليومجميعا يحيطون به طوال فترة معاناته التى امتدت حينا من الزمن ويذرفون الموع على رحيله مع كل اهله ومعارفه (فى مدينة ودمدنى التى كان يرجو ان يتوسد ثراها) ومع من بقى من رفاق دراسته ومن سعدوا بالعمل معه .. جميعهم يرفعون الاكف الى الله ان يتقبله القبول الحسن فى الفردوس الاعلى.. رحمة الله عليه ما لاح البدر او نادى المنادى بالاذان. مهما ذرف الناس عليه من دموع مدرارة وتحدثوا عن مآثره لن يوفوه القليل مما هو مستحق له..وليتغمّده الله مع من سبقونا الى رحاب رب غفور كريم بواسع من رحمته وينزل عليهم جميعا من شآبيبها بردا وسلاما.. وانّا لله وانّا اليه راجعون. [email protected]