محلية أم درمان ومثلها بقية المحليات يبدو منظرها وهي نائمة في الصباح الباكر، وقبل أن تبدأ حركة المواطنين، وكأنها مدينة مهجورة غادرها السكان بعد كارثة ألمت بها، تعمها الفوضى وتغطي أرضها النفايات والمياه الراكدة، وتتحرك فيها أشباح المشردين والمتسوّلين والحيوانات الضالة ومناظر أخرى كثيرة مؤلمة لا توصف، هذا المنظر يختفي أو يضيع حين تشرق الشمس وتزدحم الشوارع، ولكن الحقيقة أننا نعيش في عاصمة لا تشبه العواصم في أي شيء، بل ولا حتى المدن، وأن دل الأمر إنما يدل على الإهمال والفشل الرسمي الذي تواجهه الخرطوم عموماً. هذا المنظر يمكن أن يكون مختلفاً تماماً، إذا كان هناك اهتمام بالمحليات ومسؤولون يقومون بواجباتهم ولا يتركون شاردة ولا ورادة، إلا وقد انتبهوا إليها. محلية أم درمان يمكن أن تكون خير مثال يعمم على بقية المحليات، فهي تعاني من إهمال لا يوصف وليس هناك تفسير له سواء أنه تقصير من المعتمد، بل يثبت تماماً أنه (ما شغال عديل كده)، فحسب اعتقادنا مهمة المعتمد يفترض أنها تنفيذية وهو ينوب عن الوالي الذي لا يستطيع متابعة كل شيء بنفسه، وعليه هو مسؤول عن تقديم كل الخدمات اللازمة للمواطنين ومراقبة الأخطاء وإصلاحها بالتنسق مع الجهات ذات الصلة والعمل على التغيير في المجتمع عبر وسائل متعددة، وغيرها من واجبات نراها في كل العالم يقوم بها من هم في نفس الوظيفة، ونحن نعلم أن تحت إمرة المعتمد أرتال من الضباط الإداريين والموظفين واللجان الشعبية، وكل هؤلاء أن كانوا يقومون بواجباتهم على أكمل وجه لما اضطررنا لأن نكتب كل يوم عن مشاكل المحليات وننبّه المعتمدين وهم (ولا عليهم). نقول لمعتمد أم درمان: اخرج وتمشي في الأحياء القريبة من مكتبك الفخيم، فكل شوارعها أصبحت مفروشة بالنفايات وخاصة الداخلية منها، بعض المناطق أصبحت مكبات رسمية للنفايات، وكثير من الشوارع محفّرة ومظلمة وتحتاج سفلتة، والمياه الراكدة تغمر الكثير من المناطق جزء منها مواسير مكسورة وجزء آخر صرف صحي، فعلى سبيل المثال إستاد المريخ محاط بالمياه من الجهة الشمالية منذ أكثر من شهرين لا أعرف مصدرها، ولكنها أصبحت عائق أمام المارة والمواصلات، هذا غير منظرها ورائحتها طبعاً، شارع العرضة أصبح خطراً على المارة، بسبب الشجر الكثيف الذي يفصل بين جانبي الشارع من أمام المحلية وحتى مستشفى الوالدين، وهو أمر غريب ومحيّر أن يفصل جانبي الشارع، بهذا النوع من الشجر السريع النمو ويترك بدون اهتمام، وكذلك خور أبوعنجة كذبة المشروع السياحي، أصبح مكباً للنفايات ومصرفاً لمياه الصرف الصحي، أما سوق أم درمان فهو مأساة من نوع آخر، وغيرها الكثير من المناظر الفوضوية التي لا يسعنا أن نذكرها لك، ولكنك تمر بها في اليوم مرات ومرات لتصل إلى مكتبك الفخيم النظيف أو حين تغادره. السيد معتمد أم درمان ندعوك أن تمشي قليلاً في هذه المنطقة لتشاهد هذه المناظر، ربما تحرك فيك ساكناً وتدفعك للعمل والاهتمام بالمحلية أو الاستقالة، وأن لم تفعل فننصحك بمراجعة إنسانيتك وضميرك. التيار