في مؤتمر القمة الحكومية للحكومات الذي انعقد مؤخرا بامارة دبي سئل سمو الشيخ محمد بن راشد رئيس مجلس الوزراء وحاكم إمارة دبي عن ماهي أهم الانجازات التي يفخر بها سموه ؟ وكانت إجابة سموه مفخرة بحق للانسان العربي والخليجي والافريقي، بل مفخرة للحضارة الانسانية العربية باكملها ، حينما أجاب ببساطة متناهية أهم أنجازاتنا هي صناعة الانسان وبناء القادة – بناء الشخصية الفذة التي تؤمن بالتحدي والانطلاق والانعتاق وتقدس الوطن وترابه ومصالحه العليا وتؤمن فقط بمصالح وطنها مع الحرص التام على مكتسباته ومقدراته وحق ابنائه في الرفاهية ورغد العيش الكريم صناعة الانسان ويالها من إجابة راقية مذهلة معبرة لاتصدر الا من نفس علية سامية بالفعل –عبارة ينبغي ان تخلد في قواميس الزعماء والرؤساء الذين سطروا اسمائهم بمداد من ذهب على صفحات تاريخ وطنهم المجيدة – صناعة القادة عبارة تستصحب في دلالتها ومعانيها وفحواها ومقتضاها الحياة باكملها وتختزلها في اهمية القادة والقيادة الرشيدة للاوطان قيادة تؤمن فقط بحق الوطن وحق ابنائه في التطور والارتقاء والتنمية المستدامة- قيادة ترفض قهر الانسان واذلاله - تعشق الشفافية والصدق والوضوح التام – ترفض الفساد والرشاوي – وهاتان المفردتان هما بالتأكيد مما يصلح للتدريس لأجيالنا القادمة في مدارسهم المختلفة ، وهما جديرتان كذلك بان تكون محلا للبحوث والدراسات العليا في جامعاتنا ومعاهدنا العليا المتخصصة وجامعات ومعالم العالم المختلفة إثراء للحضارة الانسانية، واستعادة لامجاد أمتنا الاسلامية الزاهرة ، وعودة الى عهد دولة الرسالة المحمدية وسيدي اشرف الخلق والمرسلين محمد صلى الله عليه وسلم واصحابه الميامين رضي الله عنهم . سمو الشيخ محمد بن راشد نموذج محترم لسمو النفس وعظمة القيم ورسوخ المبدأ والتربية القويمة ، ومالهذه المعايير الرفيعة من دور كبير متعاظم في بناء الشخصية وصناعتها منذ نعومة اظفارها ومراحل صباها الباكر، وليت حكامنا ومن في محيطنا العربي والافريقي والاسلامي يقتدون بهذا النموذج المتفرد في دنيا العزيمة والصدق وقوة الايمان بالمبدأ وتحقيق الهدف. لقد تمكن سمو الشيخ محمد بن راشد وإخوانه الكرام من جعل دولة الامارات العربية المتحدة دولة قائدة ورائدة ورقما لايستهان به حين يتطرق الحديث للدول والشعوب التي تمكنت بالفعل من النهوض وتحديد مقاييس ومعايير معينة لمستقبلها واقتصادها – لقد جعل سمو الشيخ محمد بن راشد من إمارة دبي قبلة للسياحة العالممية وهوليود العرب الثانية بلا منازع ، وقبلة لكل العالم ، بفضل سهولة الاجراءات، وكثرة الاستثمارات وتنوعها وتعددها ، وتوفير المناخ والبيئة الجاذبة لذلك – هناك في دبي حيث تجد وزارة السعادة التي يندر ان تجد مثيلا لها في العالم المتحضر الراقي – ووزارة الشباب وتسخير كافة الامكانيات نظرا للاهمية الفائقة للشباب في بناء المستقبل وانهم قادته بلا منازع ، ونظرا لما يمتلكه الشباب من فكر جديد –انها نظرة ثاقبة تستشرف ملامح المستقبل البعيد لافكر ضيق لايرى ابعد من المكان الذي يتواجد فيه . ويستطرد الشيخ محمد بن راشد حين سؤاله عن الفساد في بعض الانظمة العربية قائلا ( الفساد والرشاوي والمحسوبية والواسطة هي سبب فساد كثير من الانظمة والحكومات – والفساد يعني اهدار وتعطيل التنمية – ويعني قهر البشر وعذابهم والحد من تطلعاتهم المشروعة ، ونحن نصارع الفساد ونقاومه ، ولانسمح به اطلاقا في منظومتنا السياسية والاقتصادية والفكرية والمجتمعية . انه واحد من صنف القادة الذين لايقيمون وزنا لغير مصلحة بلادهم وحق شعبهم في الحياة الكريمة ورغد العيش، ولذا عشقه ابناء وطنه وجعلوه مثلهم الاعلى – قائد يؤمن بالتطور والريادة والجدارة وعشقها فقط –واحترام وتقديس مصالح وطنه العليا قائد ملهم يستيقظ مع البكور متلمسا احتياجات ابناء وطنه مستمعا لهمومهم ومعاناتهم ومشاكلهم - يداهم الوزراء والمسئولين بغتة في مقر اعمالهم - ويستجلي ماخفي عليه من عامة الشعب- ولايحيط نفسه بمن يكذبون وينافقون ويصورون له الامور بخلاف الواقع – انه نموذج قيادة واعية ابوابها مشرعة للجميع نقدا وفكرا وتطورا واصلاحا - وليت حكامنا ومسئولينا وعلية القوم في بلادنا يقتدون بهذا النموذج المشرف الباهر في القيادة وكيفية صناعة النجاح وبناء الانسان والوطن , يسترسل القائد نحن تعلمنا ودرسنا واكتسبنا خبرات متنوعة متعددة وتجاربنا حية وحقيقية ، وعلى استعداد لتقديمها لمن يطلبها هكذا بكل تواضع وعلو نفس – يقول لدينا صفات القيادة والادارة الجيدة الواعية والرؤية المستقبلية والرؤية لوحدها لاتكفي بل لابد من التخطيط والترتيب السليم وتوقع المشاكل والاستعداد لها مبكرا – وان كثيرا من القادة لديهم خطط لكن لابد ان يكون القائد ملهما حتى يتمكن من صناعة النجاح والوصول للهدف، وان النجاح اي انجاح اساسه الفكر ومضاء العزيمة والارادة وليس كفاية الموارد او النفط ، وان العالم قد تغير ، ولابد ان نساير هذا التغير، ونبني علاقتنا مع غيرنا من الشعوب والاوطان المحبة للحق والخير بطريقة منهجية مؤسسة على اساس الدول والحكومات وليس بمعايير الافراد والعلاقات الشخصية بين الرؤساء ، وان الدول المتخلفة عن مسايرة ركب الحضارة والتنمية هي تلك الدول التي سمحت باستشراء الفساد فيها ، وسكتت عنه ، والفساد معناه الرشاوي وغياب القانون وهيبة الدولة ، وهذا لامكان له في بلادنا ، وانا وأخواني لانقبل بذلك ابدا ، بهذه الكلمات البسيطة المعبرة يضرب سموه نموذجا فذا للقادة وكيفية صناعتهم، ويرسم خط واضح للتطور والتنمية ، ويمضي قائلا نحن مسئولين امام الله وامام شعبنا ، ونراجع انفسنا باستمرار، ونقيم مواقفنا، واذا تأكد لنا بأننا أو أي واحد من قادتنا بلغ المرحلة التي لم يعد مهتما فيها باحد ، أو أن لا أحد يهمه ، فإننا نعفي انفسنا ، ونقيل قادتنا بعد تكريمهم التكريم اللائق بمقدار عطائهم للوطن وللشعب – أنها حقا كلمات مشرقية زاهية تشير الى قمة التواضع وعلو النفس، وتؤكد أن لا كبير على الوطن والامة مهما علا شأنه وطال مقامه. سمو الشيخ محمد بن راشد قائد مهمته الوحيدة صناعة النجاح وصناعة الانسان واعادة صياغته وتأهيله كما ذكرت سابقا ونحن نحتاج بالفعل الى قائد ملهم مثل هذا في بلادنا ، هو قائد يعتمد على التخطيط والتدريب والتطوير والتعليم كما ذكر ، ويؤمن بالشباب وفكره الخلاق، والمرأة عنده تمثل نصف المجتمع ، ولابد من وضعها في المكان اللائق بها ، وانه سياتي اليوم الذي يكون فيه 50% من قادة بلاده من النساء . أنه من نوع القادة الذين يؤمنون بالتحدي والمستقبل وان اليوم الذي يمضي لايعود مرة أخرى (ويضرب مثلا لذلك بالاناء الموضوع على النار والماء تغلي بداخله وانه ان لم تمسكه طار) على حد تعبير سموه الكريم مع ضرورة ان يتعلم الانسان في كل يوم شيئا جديدا اثراء لتجاربه وخبراته اتمنى أن ترتقي القيادة في بلادنا لمستوى سمو الشيخ محمد بن راشد في ادبه وتواضعه وحبه واخلاصه لوطنه وشعبه وان ترتقي لمثل طموحه وتطلعاته الهادرة وان تستلهم من تجربته في بلاده الدروس والعظات والعبر ، وقديما سبق لمؤسس دولة الامارات العربية اللمتحدة الراحل المقيم سمو الشيخ زايد بن نهيان رحمه الله ان طلب من بعض مهندسينا السودانيين جعل ابوظبي مثل الخرطوم ومااشبه الليلة البارحة ، واين الخرطوم من ابوظبي أو دبي حاليا ؟؟؟ [email protected]