تصعيد الشعور الوجودي هو أن نعيش في الفكر وفي الشعور: تقول الثيوصوفيا بأنه يجب أن يكون كل إنسان سالك وساعي لتحقيق مستوى أعلى من الوعي الوجودي كهدف اول في الحياة. نحن هنا نتحدث عن حالة تختلف عن الحالة التي يمكن أن نصفها بحواسنا الجسدية. انها محاولة مستمرة للقفز بالشعور من مستوى الجسد لمستوى اعلى او اعمق او الطف. يقول الوجوديون بأن المسألة ليست في معرفة الوجود وإنما في عيشه، أي كأن معرفته هي ان تعيشه في حالة وجودية متطورة. وهي حالة كان الزهاد والعباد من المتصوفة والرهبان في جميع الملل يصلون اليها عبر مجاهدة الجسد وعادات الجسد وعادات العقل وميول النفس والقلب وبذلك يخرجون الى دائرة ارحب يجدون فيها سكينة القلب وطمأنينة النفس. هنالك دائماً الكائن ومجال عمله وحركته. وهذا المجال بالنسبة للعناصر البسيطة (الجسيمات) مثل الفوتون يسمى مجال العنصر وقد يكون مجال طاقة أو مجال مغناطيسي او كهروطيسي. وبالطبع مجال المادة هو الزمان والمكان. ومجال العقل هو الخيال الذي يعمل في الزمان والمكان ويتخطى الزمان والمكان ومجال القلب هو النفس وهو اعمق من كل ذلك. فالخيال مساحة وعي يضيئُها نوع آخر من الضوء. والخيال لصيق الصلة بحالة الوعي. ان العالمية التي نتحدث عنها تقوم على الربط بين كل هذه المستويات الوجودية برفع وتوسيع وتعميق مستوى الوعي الوجودي عن قصد ودراسة ومنهجية وتخطيط وتكرار كجزء من العملية التربوية التعليمية. وبذلك نمهد الطريق لتوحيد الذات (الروح والجسد). وللرياضة بمختلف انواعها الروحية والذهنية والجسدية والفنون بمختلف انواعها دور في ذلك التحقيق (خصوصا في مرحلة الطفولة والشباب). تعريف الوعي من أصعب التعريفات. يمكننا القول بأن الوعي هو المحتوى المعرفي السلوكي الذي عبره يتصرف الكائن وهو كالوتر المشدود بين العلل والغايات. "بنية العقل هي النسق او النواة التوليدية للوعي التي تحدد فكرة الإنسان عن نفسه ومنحى استجابته وتفاعله مع العالم". الوعي يشبه التيار الوجودي المتدفق عبر الدماغ وله صلة بالقلب. تيار حي وعاقل يشع عبر الذات إلى الموضوع بصورة تلقائية. كذلك يمكننا القول بأن الوعي يتشكل من اللاشعور والشعور، أي من البنية العميقة الذاتية، ومن الحس القادم من الخارج، والخارج خارجان: خارج حسي طبيعي وخارج هو ما وراء الطبيعة. لقد اثبتت التجربة أن اللاشعور يؤثر في العقل وفي الجسد، وأن العقل كذلك يستطيع أن يبدل ويغير في محتويات اللاشعور وكذلك يؤثر حتى في البنية البيولوجية. وهذا يفسر لنا قدرة علم التحليل النفسي على معالجة النفس عبر معرفة الحقيقة وقديماً جاء في الأثر "الحقيقة تجعلك حراً". إن البنية الكلية للوعي يساهم في تشكيلها المجتمع والنفس والتجربة المعرفية والموروث. لقد جاء الدين ليكشف عن الحقيقة الوجودية الكبرى والآن جاء دور العلم ليتمم هذا الكشف بصورة ملموسة وموضوعية ما امكن ذلك عبر تجسير الهوة بين موضو عية العلم وذاتية الايمان. [email protected]