قرأت باندهاش شديد نبأ استقالة الاستاذ كمال عمر من الامانة السياسية للشعبى وكذلك من قائمة الشعبى للبرلمان . واظنها دهشة مبررة قياسا على الموقف المتحمس للاستاذ من الحوار ومخرجاته ..الخ وكنت والكثيرون نظن انها مجرد تهويش طلبا لمزيد من المناصب للشعبى ، ولكن اتضح ان موقف الاستاذ من مسالة الحريات كان موقفا مبدئيا . وهنا ياتى سؤالى لجماعة نداء السودان : اذا كان الاستاذ الذى يمثل الضلع الآخر من جماعة الانقاذ ، والذى حارب وحورب حروبا شعواء دفاعا عن الحوار ومخترع الحوار ، وعبر عن ثقته فى ان الرئيس سيحسم الامر لصالح مخرجات الحوار ، قد توصل اخيرا الى ان اخوانه من الذين لاعهد لهم ، كما وضح من قبل مرارا وتكرارا لمن يريد ان يرى او يسمع اوحتى يلمس (!) ، اذا كان ذلك كذلك فماذا ينتظر جماعة نداء السودان من هؤلاء القوم ، أفلا يشعرون ؟ افلا يبصرون ؟ أفلا يسمعون ؟ أم على قلوب ...؟ تحدثت فى مقالى السابق عن المجتمع الدولى معلقا على قرار السيد ترامب برفع العقوبات نتيجة لما لم يره احد من تحسن فى موقف الحكومة من الاشياء التى اشترطها اوباما ذرا للرماد فى عيون المعارضين الذين يثقون فى ان امريكا تسعى بالفعل لحل القضية السودانية من خلال الضغط بقضايا حقوق الانسان وماشابه ذلك من ( الكلام الساكت !) . وهى بالفعل تفعل ان ارادت ان تضغط كما فى حالة نيفاشا وفى حالة الثورة المصرية وكثير من الحالات الاخرى . لكنها لاتريد للاسباب المذكورة فى مقالى السابق . فى نفس اتجاه الذين لايزالون يثقون فى تحركات المجتمع الدولى والاقليمى والرئيس البشير، قرات ملخصا لتقرير منظمة ( كفاية ) الامريكية ، التى قدمت تحليلا ممتازا لحالة حكم الانقاذ ولكنها انتهت الى توصيات من يثق فى دور امريكا والمجتمعين الدولى والاقليمى. وصفت النظام على النحو التالى :( ان أفضل وصف لنظام الحكم الذى يتبعه نظام البشير ، هو انه نظام فساد محمى بالعنف ، حيث ان أهدافه الاساسية هى اثراء الذات والحفاظ على السلطة الى أجل غير غير مسمى . ولتحقيق هذه الاهداف ، يعتمد النظام على مجموعة متنوعة من التكتيكات ، بمافى ذلك المحاباة والمحسوبية والتهديدات واستخدام العنف السياسى ، والقمع المفرط لاستقطاب المعارضين أو تحييدهم وكبت المعارضة ). ثم تواصل كفاية الوصف : (ان شراسة النظام فى سنينه الاولى ، المتمثلة فى مهاجمة وتعذيب وقتل اعضاء المجموعات المهنية والطبقات العاملة ، وتطهير الخدمة المدنية المتميزة عندها بالمهنية والكفاءة التقنية، التى كان من شانها ان تؤمن مهام الحكومة وتحد من قوة النظام ، تعتبر حجر الزاوية فى تشكيل سابقة الافلات الذى يتمتعون به من العقاب والذى لايزال مستمرا ) ثم تأتى المنظمة الى بيت القصيد من وجهة نظرى ، حيث تقول : ( لقد نجح النافذون الفاسدون فى النظام فى تخطى والتذاكى على كل الجهود المبذولة لتحقيق السلام فى السودان لانهم لايشعرون بأى ضغط للعمل بشكل مختلف نظرا للافلات من العقاب الذى يتمتعون به منذ عقود ) . ثم تأتى المنظمة للجزء الذى ذكرته ، وهو الذى يعبر عن ثقتها فى المجتمعين الدولى والاقليمى وفى استجابة حكومة الانقاذ ، التى لم تستجب حتى لتوأمها الشعبى فى أمر ليس بقتامة ماتطلبه المنظمة / حيث تقول فى مجال الحلول للقضية السودانية ( انه ، ولدعم السلام وحقوق الانسان والحكم الرشيد بفعالية أكثر ، يجب على صناع السياسات ان يتبنوا نهجا جديدا من السياسات ، يقوم فى النهاية بمواجهة وتفكيك نظام دولة الفساد العنيفة فى السودان ). وهناك عدة اسئلة تثيرها هذه الفقرة : * هل ما يحدث الآن من المجتمع الدولى " لدعم السلام وحقوق الانسان والحكم الرشيد فى السودان " يحدث بفعالية حتى نطلب با تكون هذه الفعالية أكثر ؟ * من هم صناع السياسات المعنيين ، هل هم السيد ترامب الذى قال شيئا وفعل عكسه تماما ، حفاظا على مصلحة امريكا امام الهجمة الصينية ؟ أم وزير الخارجية الروسى الذى اعترف فى مؤتمر صحفى بحضور وزير الخارجية الامريكي ، انهم نقلوا رسالة الحكومة الامريكية الى البشير بتمرير انفصال السودان مقابل اعفائه من مواجهة المحكمة الدولية ؟أم هى حكومة جنوب افريقيا التى هربت البشير بدلا عن تسليمه للمحكمة ؟ أم هو رئيس الوساطة رفيعة المستوى ورئيسها رئيس سابق لنفس الدولة المشار اليها ؟ * وفى النهاية : هل ننتظر من من ذكرنا اعلاه – من صانعى السياسات – ان يقوموا "بمواجهة وتفكيك نظام دولة الفساد العنيفة فى السودان " ؟! ولاتقف المنظمة عند هذا ، وانما تقدم توصيات بحلول معينة ترى ان يقوم بها صانعو السياسات اياهم ، فتقول ب : " عملية سلام جامعة وأكثر شمولا ومؤتمرا دستوريا " تصور ان الجماعة الذين رفعوا العقوبات وارسلوا الاعانات واشركوا رعاة الارهاب فى مؤتمر محاربة الارهاب عسكريا، هم انفسهم الذين يراد منهم تنفيذ المقترح اعلاه . بل وأكثر ، ذلك لانه ، على رأى المنظمة " ... يمكن ان يؤدى عقد مؤتمر دستورى ذى مصداقية ، وعملية سلام مدعومة دوليا الى سلام دائم فى السودان " ولا يسعنى الا ان أقول : ياسلاااااام ! هذه الاسئلة وتعليقى عليها بكلمة واحدة مرفوعة الى نداء السودان ، ولكن العبد الفقير لله لايتوقع ردا من أحد ، ولكنه يتمنى ان تفكر جماعة نداء السودان فى هذا الطرح المتواضع .