٭ كان الشاعر الكبير عزمي أحمد خليل (رد الله غربته)، يحفظ معظم ما أكتبه من قصائد غنائية عن ظهر قلب، كما أنه كان دائماً ما يدخل في حالة من الخصومة مع أي ناقد فني يتعرض لواحدة من أغنياتي ولو بمجرد كلمة، أما إذا تعرضت أنا إلى صداع عابر وجدته يتمنى أن يتقاسمه معي، سافر عزمي إلى أمريكا وسافرت أنا إلى دولة الإمارات، ذات مساء تفاجأت بهذا الشاعر العملاق مطلاً عليّ من إحدى القنوات الفضائية وهو يقرأ مقاطع من أغنيتي (صفق العنب)، كانت على عينيه بقايا من دموع. ٭ كلما نظرت إلى المقعد الذي كان يجلس عليه الفنان الراحل محمد وردي خالياً، هناك في ركن قصي في دار اتحاد الفنانين، أخذتني أمواج من الذكريات إلى أيامنا معاً، تذكرت أول يوم تسلم فيه مني نص أغنية (عصافير الخريف)، ثم تابعته وهو يغزل لها الأجنحة من نور عينيه، وحينما اطمأن قلبه إلى أنها أصبحت قادرة على التحليق، سمح لها بذلك، فحلقت ذات مساء من خريف 1970، نام هذا العملاق نومته الأخيرة إلا أن عصافيره لم تزل تغرد لنا حتى هذه اللحظة. ٭ قال الرسام السريالي المعروف بيكاسو إن الخطوط المتناثرة على جلود الحيوانات من الفهود تمثل لوحة إلهية خالدة، وأضاف أن جميع فناني العالم لو اجتمعوا في قلب واحد لما تمكنوا من رسم مجرد خط من خطوطها، وقال إن الذي أذهله تماماً هو الرقصة التي تلعبها هذه الخطوط المتعارضة دون أن تتعرض إلى صدام فيما بينها، هكذا قال لها الخالق العظيم كوني فكانت لوحة تسر الناظرين. * تبين لي أن الواحد منا قد يلتقي بإنسان لم يره في حياته قط، فيشعر أنه يعرفه منذ أعوام طويلة، وفي نفس الوقت قد يلتقي بإنسان أمضى نصف حياته يجلس أمام ناظريه فيشعر أنه لم يعرفه يوماً، قال بعض العلماء إن هالة نورية غير مرئية تحيط بالإنسان، هي التي تخطط لهذه الحالة الغامضة من المشاعر، فتشعر أن من عرفته منذ دقائق فقط، تحول إلى قطعة من أنفاسك، أما الذي تعرفه قبل سنوات من العمر، فإنك تشعر أنه لم يعبر بحياتك يوماً. ٭ من عجائب الصدف أن ثلاثة من عمالقة التاريخ ولدوا في سنة واحدة من عام 1889م.. أولهم كان عباس محمود العقاد الذي نشأ عصامياً ولم يرتد جامعة قط، حيث تمكن من صنع مجده الأدبي بنفسه، لدرجة أن أساتذة الجامعات كانوا يزورونه في منزله لحضور منتدى الأربعاء ليجلسوا بين يديه طلاباً.. وثانيهم طه حسين، هذا العملاق الذي عاش كفيفاً كان يرى بنور بصيرته ما لا يراه المبصرون.. وثالثهم هتلر الذي كاد أن يضع العالم تحت جنازير دباباته، كان كل منهم عظيماً في عبقريته باستثناء هتلر الذي كان سفاحاً. هدية البستان كلمني قول ليا فاكر ليالي القاش لما الحنين عاودني لي عطفك الجياش جافيت حبيب ما خانك من نور بسيمتك عاش وأنا تاني ما بتلقاني يوم في طريقك ماش اخر لحظة