تساءل الكثيرون عن برنامج الحكومة الجديدة (كليا !) .. ولعل التعليق الاكثر تلخيصا وحكمة قد جاء من الصحفية النابهة شمائل فى شكل سؤال مشروع : ماذا كان برنامج الحكومة السابقة ؟! واضيف وقبل السايقة وقبل قبل السابقة ..الخ الاجابة فى رأيى واضحة لمن يريد ان يرى : البرنامج هو اكتشاف وتطبيق الوسائل التى تمنحها البقاء فحسب . وكى لا اكون كمن يلقى القول على عواهنه ، اليكم الادلة التى اتذكرها ، ولاشك ان لديكم الكثير من الاضافات . بدأت بشعار تطبيق الشريعة الذى خدع الملايين من الذين كانوا ينتظرون عدالة العمرين الذين لاثالث لهما . وانتهى الامر بالعدالة لآل البيت ومن تبعهم بغير احسان حتى النهاية ! ولم نر من الشريعة الا فقه الضرورة والتحلل والزواج مثنى وثلاث ورباع ..الخ مماتعلمون. مباشرة بعد استلام السلطة بالانقلاب حل جميع التنظيمات السياسية ، التى بناها الشعب السودانى طوال فترة مابعد الاستقلال بالدم والدموع والسجن ، ثم فصل للالآف من ابناء الشعب ليحل مكانهم المتمكنون ، وحتى لايكون هناك مجال لتكرار اكتوبر وابريل . ثم المؤتمرات التى اجتمع لها المخدوعون والقابضون لحل مشكلة الجنوب والمشاكل الاقتصادية ، وفى الحالتين بمعاونة الجن (!) ، بينما الهدف الرئيس كسب الوقت وخداع المزيد من البشر السودانى . وانتم تعلمون ماانتهى اليه حل القضيتين ! ثم اعدامات رمضان ، التى كان الهدف منها ان يكون انقلاب يونيو هو آخر انقلاب ينجو فاعلوه . ثم بيوت الاشباح والتعذيب وذلك لقفل الباب مرة والى الابد لامكانية التغيير على طريقة اكتوبر وابريل . ثم عندما أدى كل ذلك الى استتباب الامر لمن ذهب الى القصر ومن ذهب الى السجن ، بدأ الخلاف يدب على من يكون له الامر فى الفساد والافساد ، وانتهى الى ماسمى بالمفاصلة , واشتعلت الحرابة بين الجانبين الا انهما كانا من الحكمة بحيث تفاديا درجة الخصام التى تؤدى الى انكشاف المسروق : خلوها مستورة ، أو كما قال! هذا قليل ممافعل بالسياسة الداخلية تنفيذا لبرنامج الاستمرار فى الحكم فحسب . فماذا عما فعل بالسياسة الخارجية ؟ الاتجاه الى الصين ( الشيوعية ) ليس فقط للعلاقات التجارية والاقتصادية او حتى السياسية وانما حتى العلاقات الايديولوجية : تبادل الخبرات بين الحزبين ! وكأن الحزب اليشيوعى الصينى قد اعلن اسلامه ، أو العكس . ثم الانقلاب الذى حدث بعد ساعات من اجتماع السيد الرئيس بولى ولى العهد السعودى ، من ايران الى الجبهة العربية . هذا يمكن ان يبرر سياسيا ، ولكن ان يقال ان ايران كانت تسعى الى شيعنة السودان ، وانها كانت تعمل من خلاله لتتغلل فى افريقيا ، وكأن السيد الرئيس لم يكتشف هذا الا بعد ذلك الاجتماع القصير، فهو امر غير قابل للهضم . ثم امريكا التى دنا عذابها ، ثم تحولها الى قبلة يحج اليها الرسميون وغير الرسميين حتى ترضى ، وبرضائها ينفتح الباب ليس للاستثمارات الامريكية فحسب ، ولكن ايضا للاستخبارات، لاللعمل فى حدود السودان ، وانما افتتح لها اكبر فرع فى افريقيا! ولابد من عودة أخرى الى سياسات الداخل الاخيرة المثيرة ، التى بدأت قبل ثلاث سنوات بحوار الوثبة ، لتنتهى بتقاسم الكيكة الصغيرة فى شكل وزارات ومقاعد برلمانية مركزية وولائية ، ومقاعد سياراتية جيادية لمن لم يحصلوا على المقاعد الثابتة ! وبعد ، فهذا هو البرنامج الكائن والذى كان والذى سيكون مادامت الانقاذ ، ولاعزاء لمنتظرى مبادرات المجتمع الدولى والاقليمى وخرائط الطريق التى توضع خرائط طريق لتنفيذها