هنا او هناك لكم ايها الاحباء اجمل التهانى بمقدم الشهر الكريم ،هذا الضيف الرحيم القادم من بين الشهور ينتظرنا او ننتظره بنفحاته الطيبة العطرة ، وخيره العميم واجره العظيم رمضان شهرذاكرة ايامه غضة طرية مميزة لا يصيبها الزهايمر ولايعرفها النسيان فلا احد ينسى تفاصيل هذا الشهر العظيم منذ طفولته. يعيد لنا كثير من حلاوة (اللمة) ،وسماحة الروح السودانية لمسة منه تأخذنا الى كل زمن جميل الى تلك الحيشان الواسعة ، والشوارع المفروشة بالكرم الاصيل وبليلة (المباشرة) ، وبروش الخير (المليانة) باليقين وسترة الحال والايثار رمضان التكافل بين بساطة ( القعدة) بين اهلنا الرحماء، وحفاوة التلاقى بدون تكلف. اشواق الغبش سلامة الصدور رغم ظروف الحياة وقسوتها ،وتجاوزاتها لانسانيتنا بفعل الغلاء الطاحن ، ولكن رمضان بعبقه وروحانياته يذهب عن النفوس الكثير من شجون الدنيا وارقها وحساباتها المتداخلة ، ويعيد لها بعض من توازن ايمانى ، سلبته التقلبات الحياتية ، لتتحرر الارواح المتعبة من استعباد النفس ( المعصورة ) بالدنويات الفانية. رمضان فى ارض الغبش نسمة بر حميمة ،ودفقة محبة تملا القلوب قبل ( المواعين) ،لاتعرف الطيبة بينهم المسافة هكذا تكون مواثيق العلاقات ( السمحة) ،لاتتقيد بالقوانين والاتجاهات الاجبارية، تجدها بدون احتكار ،متوفرة تدخل البيوت مثلما تطوف رائحة (الحلو مر) الحيشان وصحن ( العصيدة) وملاحات ( التقلية) بين الانفاس تغمرك بينهم روعة الالفة قبل انواع الاكل واصنافه فهم البساطة الجميلة الغنية بالمعروف ،و مثلما تمتد (الكبابى) لك مليانة بعصير التبلدى والعرديب والكركدى، تتناول معهم فاكهة الطيبة وحسن الطوية وسلامة الصدر، لتطوف عليك انية من الترحيب فى (فناجين) القهوة الممزوجة بنكهة (جنزبيل) المحبة. . لا انسى ونحن فى سفر الى مدينة سنار، فى شهر رمضان ، لما حانت ساعة الافطار لاحت امام سيارتنا عمامة سودانية بيضاء، لم تكن على رأس احدهم ولكنها كانت ممتدة امامنا بعرض الطريق ، كانها تستأذننا للتوقف لنتناول وجبة الافطار معهم وبينهم ، كرم سودانى حاتمى لا يعرف الحدود ، حفظ الله الوطن من التشتت والتشرزم والضياع ، وحفظكم جميعا، ورمضان كريم.