بسم الله الرحمن الرحيم بين السياسة والطحنية في أوائل الالفية ، روج الإعلام الحكومي لكلمة للرئيس تحتوي على (بشريات). وتوقع الناس تخفيضات مهمة. لكن الخطاب حوى فقط تخفيضاً طفيفاً للرسوم على بعض مستلزمات الأطفال ،وذكر من بينها البسكويت والطحنية !! في اليوم التالي للخطاب ، وفي مناسبة إجتماعية في إحدى قري حلفا ، سأل أحدهم عن شخص قد سمع الخطاب ليعرف (البشريات). فأجابه أحدهم ( رخَّص الطحنية !). ، فعلق آخر ساخراً، (إن شاء الله ما نساش الجنزبيل معاه !). في إشارة إلى ما وقر في أذهان العامة عن أثر اجتماع تناولهما ( الفياغري). وأردف الآخر، ( عايزنا نخلف علشان يموتهم في الجنوب !؟). كنت أعتقد أن علاقة السياسة بالطحنية لدى النظام قد انتهت في ذلك الأوان، حتى برزت مشكلة استقالات طلاب دارفور من جامعة بخت الرضا ، احتجاجاً على فصل طلاب من الاقليم على خلفية احتجاجات سياسية. فالطيب مصطفى تناول منتقداً من ذهبوا إلى قرية الياقوت بكراتين الطحنية. ليخرج علينا كاشا بسيرة الطحنية مرة أخرى ! وهكذا تتم تنحية مسببات الأزمة الحقيقية ، ويتم التركيز على العنصرية والطحنية ! ولا أدري هل مرت بخاطرة أحدهم تلك الخصلة الحكومية السيئة ، بتحويل ما هو سياسي ومطلبي ، إلى جنائي للالتفاف على القضية الأساسية في كل الأحوال. حيث أن كل ذو موقف سياسي معارض.يُتربص له بالقانون الجنائي . فليس هنالك صحفي استدعته السلطات الأمنية ،إلا وأشهرت في وجهه القانون الجنائي . ليصرح النظام عندما يكون الحديث عن سجناء الرأي والضمير ، بأن السجون خالية تماماً منهم. وإنما يقبع داخلها محكومون بالقانون! وبالعودة إلى الطحنية ، هل كان على المتعاطفين مع الطلاب ، أن يحملوا معهم طبيخاً أو قدوراً من الفول حتى يرضى عنهم الموالون للنظام ؟ أم أنه كان أمراً طبيعياً يتناسب مع الوضع ، حمل أطعمة مقاومة للتلف وصالحة للتناول دون حاجة لتدابير حفظ وقائية في زمن الكوليرا ؟ أتركوا الطحنية جانباً وركزوا على المشكل السياسي .خاصة إدارة الجامعة.فأسهل شئ هو التطبيق الحرفي للقانون . أما الأصعب ، الذي يتطلب مستوىً من التأهيل الأخلاقي ، فهو تكييف الحالة نفسها. معمر حسن محمد نور