صعبة هى الاوطان بكل المقاييس حين يستلب منها نعمة الامان ، او حين تصبح القيادات جالبة للبلاء ماحقة للحياة مدمرة للبناء ، همها جيبها وهدفها الاول والاخير مصلحتها وكراسى الحكم وماجاورها من منافع وزيادة وامتلاء..... الثمن الغالى الذى دفعه اهل الجنوب بعد الانفصال كان ومايزال باهظا جدا وماكانت المجازر الدموية التى شهدتها مدن الجنوب وقراه الا نتيجة حتمية لعفن السياسيين وفشل ادارتهم فى احتواء المواطن والحفاظ على الوطن... ماجرى من تداعيات أمنية وهجوم واغتصابات فى معسكر اللاجئيين الجنوبيين فى خور الورل هو مجرد بداية فقط لانفجار كبير قادم نحو الشمال بكل زخمه وتداعياته .... لن تتمكن السلطات السودانية من الوقوف والحؤول دون تدفق النازحيين من جنوب السودان الى الداخل ، فنكون نحن من ابتلع طعم نتائج الانفصال الذى ما كان لنا فيه ناقة ولا جمل وتسمىينا به ونحن ابرياء منه كبراءة يوسف ولكننا ايضا من يدفع ثمن تلك الجريرة التى ساقتنا اليها الانقاذ سوقا ومازلنا نتجرع كؤوس مرارة علاقمها ... حتما اكاشا والى النيل الابيض لن يستطيع من حسم قضية ملفها بحجم دولة وقد بدأت نذر الهجرة الى الشمال تظهر بوادرها بشكل خطير فى معظم المدن السودانية ، فالجنوبيين اصبحوا فى وضع ليس لهم خيار غير النزوح الى بلادنا التى كانوا فيها بالامس القريب مواطنين مكرميين يعرفون ازقتها ودهاليزها.... نحن اليوم نعانى من أزمة اقتصادية مخيفة مع ازدياد مخيف فى أعداد العاطلين عن العمل، مع شح الموارد المالية وارتفاع جنونى فى اسعار السلع الضرورية فكيف يصبح الحال حين يتبع ذلك نزوح كبير من جنوب السودان يهدد الامن المزعزع ويضيف لنا عبئا جديدا نحن كنا فى غنى عنه ..... ان النظرة العاطفية المشوهة المعالم التى نظرت بها الدولة ازاء النازحيين الجنوبيين اليوم كان الاجدر بها أن تنظر بها حين قرر اساطينها فصل الجنوب عن الشمال وحين حسموا أمرا كان الاجدى بهم ان يتأنوا فيه ويتفكروا فى عواقبه ونتائجه التاريخية التى ينطق بها لسان الحال اليوم .... فالله المستعان منتصر نابلسي