من بين العناصر التي يتهاملها التحليل السياسي العنصر السيكولوجي , وكان السياسة هي مجرد آليات سلطه ,لا دخل للعنصر النفسي فيها في حين أن هذا البعد يلعب في السياسة دورا كبيرا في العديد من الحالات .يتجلى البعد السيكولوجي في السياسة كأقوى مايكون في حالات التوتر الاجتماعي والعلم الذي أولا هذا البعد أهميه قصوى هو التحليل النفسي وقد تجلى ذلك بوضوح لافقط في تحليل فرويد لشخصية الرئيس ولسون , بل أيضا في تحليل أسس وأسباب أي نظام سياسي وكذ لك في تفسير الثورة والتمرد والاستبداد , ودكتاتورية الفرد وسر ولاء الجماهير للزعيم وتعلقها باهدابه وفي تفسي التراكم ونشات الرأسمالية الى غير ذلك القضايا التي تمس السياسة من بعيد او قريب.تفسر التحليل النفسي كل اشكال التمرد ضد السلطه بانها تمر ضد سلطة الاب , وتفجير لرغبة دفينة في قتل الاب باعتباره ليس فقط رمز الحماية والامن والحدب بل باعتباره رمزا للقمع والكبت المنع والحرمان وكل اشكال ال ( لا ) .والنموذج المعروف عن ذلك هو فرضية فرويد الانثروبولوجية التفسيريه حول قتل الاب في العشيرة البدائيه , كان الاب رمزا للسلطة القوية المتشددة حيث احتكر لنفسه كل الخيرات والذات وخاصة الخيرات الانثويه فاجتمع المحرومون ذات مساء وقرروا الثورة على ابيهم وانتزاع سلطته , ثم قاموا بالتهام لحمه في وجبة افتراسية فريدة , الا ان الخلاف ما لبثت ان دب بين الابناء حول اقتسام الخيرات والذات وعمت الفوضى , وشعر هؤلاء بعقدة الذنب وتولدت لديهم رغبة من جديد في اقرار السلم والامن بينهم واقامة سلطة رادعة قوية .ويعتبر فرويد ان هذا الشعور بالذنب المتوارث جيلا بعد جيل هو السر في استقرار ورسوخ مختلف المؤسسات والسلطة في المجتمع البشري . ينظر التحليل النفسي اذا الا الثورة على انها مجرد محاولة لقتل الاب من حيث هو رمز السلطة واستبدال سيد بسيد . الربيع العربي نموذجا ..حيث قدموها كثورة ضد الاب وكرغبة في قتله باعتبار انه يرمز للمنع والكبت والحرمان وسقوط نظام صدام حسين 2003. والاستمرار في تمجيد الطغاة .. اما الاستبداد الفردي فيكسره التحليل النفسي بانه الاشعاع الفكري والسياسي للشخص ينصب نفسه على انه مثال وان اعلى مشخص (بفتح الخاء المشدد او خفضها ) للجماعة كلها . والاستبداد او الدكتاتورية يصعدان من تحت اكثر مما يأتيان من اعلى . الدكتاتورية السياسية الفرديه تلبيها حاجة الناس الى اب ( سياسي ) قوي , يشعرهم عبر قوته وهيبته بانه حامي الجماعه ومصدر املها وفي مثل هذه الحالات تكون الجماهير بدورها قد عادة لا شعوريا الى المرحلة الطفولية أي الى حالة التبعية المطلقه الموفر للأمن والسلام والطمأنينة . وهكذا نجد ان العديد من العلماء النفس التحليلي فسروا النازية بانها تعبير عن رغبة الجماهير في الخضوع والامتثال وكذا عن البعد النرجسي للجماعة . فالعلاقة بين الحشود والزعيم ليست علاقة مبنية على العقل او على التعاقد او على الوعي الكامل بالحقوق والواجبات او على علاقة المواطنة بقدر ماهي علاقة وجدانية بين افراد هم بمثابة اطفال وزعيم هو بمثابة اب قوي . هكذا يرجع التحليل النفسي الاستقرار السياسي لا الى توافر الامن والقوة ولا الى الوعي بالتعاقد الاجتماعي الذي يتنازل فيه الفرد طواعي وبوعي عن جزء من حريته مقابل قيام الامن والنظام بل الى تلك العلاقة الوجدانيه الاواعية القائمة بين الفرد واستيهاماته حول الرئيس كاب او الجماعة كأم . ويسهم التحليل النفسي في تفسير نشات الرأسمالية بارجاع ظاهرة تراكم راس المال لا الى اديولوجيا دينية بروتستانية تدعو الى التراكم والتوفير والى العمل باعتبارهما واجبات دينية كما يذهب الى ذلك المفكر الاجتماعي الالماني ماكس فيبر بل يبرز الجوانب السيكولوجية الفردية المتمثلة في ترسخ عادات احتفاظية لدى الاطفال في المراحل الخمس الاولى من تكون الحياة الجنسية . وبالتالي فان التوفير والإنتاج والاستهلاك والتبذير كلها سلوكيات تضرب بجذورها في البنية النفسية للشخص في مراحل حياته الاولى والمتمثلة في تكون عادات وميول احتفاظية او تفرغيه خلال هذه الفترة . السياسة على العموم من منظور تحليل – نفسي , لاتعكس فقط وعيا سياسيا كما يعتقد ممارسها بل هي الى حد ما مرتبطة بنوع من اللاوعي السياسي والى حدما بلا وعي الفاعل السياسي ذاته . والجديد كل الجدة في هذا التناول التحليلي بالفعل السياسي هو موقف الحذر والتشكك تجاه الشعارات البراقة الجذابة التي يرفعها العديد من الممارسين السياسيين والدفع الى التساؤل عما اذا كانت الشعارات والمبادئ التي يرفعها الانصار والممارسون والمتحمسون السياسيون هي شعارات صادقة ومقصودة لذاتها ام انها مجرد مصائد لإيقاع الموهومين في حبائلها واصطياد ( او بالغة الحزبية استقطاب ) لصالح الشخص " المروج " لهذه الشعارات .يعلمنا التحليل النفسي شيئا واحد على الاقل في الميدان السياسي هو الحذر والريبه تجاه ضاره الممارسات والدعوات السياسية وعدم تصديقها والدعوه في الآليات السيكولوجية الواعية واللاواعية التي أنتجتها وعدم اعتبا رها – بالتالي – تعبيرا عن وعي سياسي بل من نوع من اللاوعي الساسي فالقيم والشعارات السياسية والايديولوجية هي شعارات يتباهى بها حاملوها في زهو بينما الامر لايخلو من استثمار سيكولوجي او حتى مالي لها . الاستثمار النفسي هو إيهام الذاتي بانها ظاهرة ومثالية وميالة لفعل الخير تجاه الاخرين وان صاحبها يستحق كل تبجيل وتكريم وكيف لا وهو حامل هذا المشاعر النبيلة والشعرات البراقة . اما الاستثمار الخارجي فهو السعي الااستجلاب اعجاب الناس وتصديقهم بهذه الصورة الذاتية المجملة مما يمهد الطريق الى استثمارات فعلية تحقق مكاسب سلطوية او مالية معلومة كما هي الناصرية وعبدالناصر 1952-1971 لقد اصبح الانتباه الى هذا البعد السيكولوجي للاوعي لكل ممارسة سياسية ضرورة يفرضها الفهم الشمولي للظاهرة السياسية وهذا الانتباه يقلب في أذهاننا المثالية المزعومة للوعي السياسي الايديولوجي والتقدير المفرط والمجاني لحملته ودعاته كما يبرز لنا توظيف الذات والاستثمارات الواعية و غير الواعية للقيم وللمثل السامية في العملية السياسية التي هي في العمق شيئا مختلفا عن هذه المظاهر البراقة التي تقدم نفسها فيها ...ودليل تهافت الكثيرين حول نظام الون ما شو القائم في السودان واللادولة واللامؤسسات من نخب يفترض ان تكون واعية ومحترمة ومتعلمة ولكن فصل المتعاطي السياسي"الاننهازي " من البئية الاجتماعية المتدنية التي انتجت السياسي غير صحيح وهذه تدخلنا نطاق جديد علم النفس الاجتماعي السياسي وانظر بنفسك للاقليات الاجتماعية التي تهافتت على المشاريع الصهيومصرية في السودان والاثار المترتبة عليها الان وعبر ستون عاما من الاستقلال .. وقادت الى م دخول السودان في جحر ضب خرب واضحى كل شيء فيه للبيع وبي ابخس ثمن ... وتلك على الأقل إحدى مزايا استثمار التحليل النفسي في المجال السياسي ...لمعرفة ادوات المستعمر والسري واهل الخواء المزخرف المختلين الوعي والشعور..الذين تلفظهم الشعوب بفطرتها الطيبة ويفرضون عنوة بالقمع الدولي والاقليمي كما هي عاصفة الحزم ايضا في اليمن ..يجب على الشخص الواعي ان يمجد القيم المعاصرة الديمقراطية والفدرالية والاشتراكية والمحكمة الدستورية العليا والسكة الحديد وينظر الى نماذج الدول الناجحة في العالم دول بريكس وليس الاشخاص والايدولجيات الميتة سريريا ومنتهية الصلاحية ..والله من وراء القصد.. عادل الامين