لم أتمالك نفسي من الضحك عندما قرأت آخر سخريات السودانيين بعد يومين من هطول أول مطرة قبل العيد بأيام في أحد نوافذ الأصدقاء بالفيس بوك حيث حكت أحدي الصديقات قصة مسطول جابو ليهو فاتورة المويه بمليون جنيه فعلق قائلا يا ربي ديل أضافو لي مطرة أم بارح دي علي حسابي و لا شنو ،،، و عندما تبادلت الأسافير صور المآسي الكارثية التي يعيشها شعبنا و هو مقبل علي أعياد الفطر المبارك أيقنت تماما أن الحكمة في سوداننا اليوم لا تؤخذ إلا من أفواه المساطيل ،،، فقبل عدة سنوات سألت أحد الأقارب (و هو من زمرة المساطيل و بكل فخر) عن أخبار شقيقه الأكبر و قد أبعدتنا عنه سنوات الغربة الطويلة (صاحبنا عندو شنو من الأولاد؟) ،،، فأجابني بسخرية يحسد عليها (والله صاحبك لو صبت مطرة في الليل يَدخِّل لحدي الصباح) ،،، و عندما ذكَّرتو بالقصة بعد مرور يومين من كارثة الأمطار الأخيرة في محادثة هاتفية و سألتو عن صديقنا أبو العيال أجابني بسخرية أبلغ من سابقتها (و الله صاحبك ارتاح من الدِخيل و المرة دي المطرة قامت بالواجب و لقي نفسو هو و عيالو و العناقريب و الجيران و الحلة كلها نائمين في الزلط) ،،، ليس القصد هنا السخرية من الكارثة التي المَّت بشعبنا و هي في الحقيقة تثير الحزن و الغضب في آن واحد فهي احدي نتاج ربع قرن من سنين عجاف ضاعت من عمر شعبنا و هو يحصد ثمارها اليوم بمزيد من البؤس و الشقاء ،،، لكنها السّخرية علي عادتها تُباغت الفهم دون أن تطرق بابه أو تستأذنه ،،، و تصل إلي وجدانه دون عناء ،،، تستفز مشاعره الإنسانية و تستدعي فيه كل الحواس دفعةً واحدة و تفضح وعيه العفوي البسيط بتعقيدات الواقع الذي يعيشه و ملابساته و تجعله دون أن يكون بمقدوره تمالك نفسه بالفرح في مقامات الحزن و الحزن في مقامات الفرح ،،، فالسخرية بكل بساطة هي الحالة التي يعبِّر عنها أهلنا الطيبين في فلكلورهم الشعبي بحكمتهم البالغة (شر البليِّة ما يضحك) ،،، و قد أعجبني كثيرا قول أحد الكُتَّاب المبدعين بأن (السّخرية صفة يغار منها الوقار, و يقف واجمًا أمام انتصارها في حلبات الشموخ الروحي الواثق) ،،، فهي و إن كانت لا تثير الضحك دائما لكنها تدفع بخليط من أحاسيس الناس و عفويتهم و إدراكهم و معاناتهم إلي الاستمتاع بالألم (دون أن يكونوا مصابين بداء التلذذ و التمتع بتعذيب النفس أو ما يطلق عليه في مصطلحات الكاتب الروائي النمساوي مازوخ و في علم النفس بالماسوشية) فالدنيا عند أهلنا الطيبين بلغة الراندوك "فرندقس دردقي بشيش" و دائما مضروبة بالبرطوش) فهي (أي السخرية عند شعبنا) تعبِّر عن جلدهم و صبرهم في الملمات ،،، فالسّخرية غالبا ما تولد من رحم الضيق و الوجع ،،، و علي الرغم من أنها قد تولد من خلال واقع مترف، لكنها لتكون ممتعة و نابضة بالحياة و الارتباط الوثيق بواقع الناس، لا يشترط أن تولد دائما في هذا الواقع المترف ،،، فطالما تمكن عمالقة الأدب الساخر أمثال فولتير و موليير من انتزاع البسمة من فوهة الألم و الظلم و القهر و المعاناة و لذلك فقد كانت كتاباتهم الساخرة أحد الجماليات الواقعية التي داعبت مشاعر الناس و راكمت طاقاتهم و كانت أحد أهم أسباب اندلاع الثورة الفرنسية التي فتحت أمام الشعوب الأوروبية قاطبة أبواب التقدم و التطور و الازدهار و استشراف آفاق الحرية و الديمقراطية ،،، فحرية الشعوب لحد كبير تقاس بقدرتها علي التعبير عن فطرتها السليمة و فهمها المتقد و وعيها التلقائي بسخرية متألقة محيرة و مثيرة للدهشة خاصة عندما يكون واقع الأحوال التي تبعث على السّخرية نفسها أكثر من أن تُحصى أو تعد خارجة عن السيطرة و تغني عن السؤآل ،،، فالصمود البطولي الذي يواجه به شعبنا محنة فضيحة الأمطار و السيول و الفيضانات التي كشفت عورة النظام الفاسد بصبر و وعي و قدرة فائقة علي اعتصار الألم و المعاناة و تعاون و تكاتف ممزوج بسخرية مبدعة و إيثار يدهش العالم أجمع و يجعل الولدان شيبا دون أن يكون لهم وجيع أو صريخ من طغمة الإنقاذ الفاسدة عديمة النخوة و المروءة و هي بعيدة كل البعد عن الناس و عاجزة تماما عن فعل شئ ،،، ففاقد الشئ ،،، كما تقول الحكمة ،،، لا يعطي ،،، و لم يكتفي كبار عرَّابي السلطة الفاسدة و ولاتها و هم في غيَّهم و موائدهم الماجنة و قصورهم العاجية يعمهون لا تهتز لهم قصبة ،،، أحاسيسهم مُبلَّدة و متخمة بأكل أموال الناس بالباطل و المتاجرة بمآسيهم لا يشعرون بمعاناة الناس أو يبالون بها عاجزين تماما عن تقديم العون للمتضررين. بل قد واجهوا حملات النفير التي ابتدرتها جماهير شعبنا في الحضر و الضهاري و المنافي البعيدة و القريبة بالاستنكار و العنف و البطش و الاعتقال ،،، فهم كما يقولون (لا يرحمون و لا يتركون رحمة الله تتنزل علي عباده) سعيا منهم لستر عوراتهم الآسنة التي تُفِيحُ برائحة الظلم و القتل و الإبادة و الفشل و البخل و الأنانية و الفساد و الإفك و كل الخصال و الأفعال التي لم تستأنسها أو تتصالح معها فطرة البشر و حرَّمتها جميع الأديان السماوية ،،، وصل حد الخيابة و العيابة بسعادة والي الخرطوم الخضر (و أصل الاسم بالطبع سالم من كل عيب) أن أعلن في أول تصريح له بعد الأزمة دون حياء (أن الأمطار بهذا المستوي كانت مفاجئة و فاقت كل التوقعات و لكننا الآن قد اعتبرنا أن الخريف قد بدأ) يعني سعادته كان نائم طوال الفترة السابقة منتظر فاكسات و إنذارات مسبقة تتنزل عليه من السماء حتي يتحرك ،،، و يبدو أن توبة البشير غير النصوحة و نبوءته الكذوبة بأن الأمطار تأخرت بسبب المظالم التي ارتكبها هو و طغمته الفاسدة في حق شعبنا قد انطلت عليه و صدَّقها فطالما ظل الظلم و القمع و تكميم الأفواه و القتل و البطش واقعا علي شعبنا و طالما كانت مستودعات أجهزته البوليسية مكتظة بأحدث ما أنتجته الصين و إيران من أدوات القمع و البطش فلن تكون هنالك أمطار و لا داعي إذن لأي استعدادات و من الأجدي توفير أي مبالغ تصرف في الإعداد لموسم الأمطار و استثمارها في تعزيز ترسانة القمع و الظلم) و لذلك فقد تناولت مجالس الناس خلال الأزمة بأن الإنقاذيين عن بكرة أبيهم و خاصة القائمين علي أمور البلاد من كبار المسئولين بما فيهم الوالي فوجئوا بالأمطار (و هذا أمر طبيعي فبينما تجمعهم دائما المفاسد و اقتسام الغنائم تفرقهم و تفاجئهم الكوارث و الملمات) فقد تناولت الحكاوي الساخرة بأن الناس قاموا باحتجاجات تلقائية و مظاهرات في أم بدة و غيرها و اصبح الصباح في اليوم الثاني و الأمطار مستمرة و كل الناس تسب و تلعن في الحكومة لعدم استعدادها لمواجهة الكارثة و عجزها و غيابها ساعة وقوعها ،،، أن غالبية المسئولين في الولاية وجدوا أنفسهم و هم في قصورهم العشوائية ما عارفين يصلوا مكاتبهم كيف من السيول التي باغتتهم و لم يحسبوا لها حساب ،،، و يحكي أن واحدا من كبار المسئولين إياهم بولاية الخرطوم صحي الصباح و لقي الدنيا بايظة و البلد حالها شلش سأل أم العيال و هو خائف علي سيارته الفارهة من الطين و العطن و البلل (يا مرة اسع الواحد يصل المكتب كيف) فأجابته بتلقائية و هي قايمة من النوم و كانت أمبارح مساهرة مع دعايات قناة النيل الأزرق ،،، بسيطة ،،، (أضغط نجمة و شيل النغمة) ،،، واحد آخر من الجماعة قالوا قام الصباح من النوم و شاف الحالة و البيوت المجاورة لقصره العشوائي و قد تحولت لمطمورة من الطين و الشوارع بقت عفن و خيران جارية فأصيب بحالة من الذهول ،،، المرة جابت ليهو الشاي أحمر قال ليها يا مرة اللبن وينو ،،، قالت ليهو سيد اللبن ما جاء ،،، قال ليها سيد اللبن ما جاء مالو ،،، قالت ليهو المطرة ،،، قال ليها المطرة مالها ،،، قالت ليهو المطرة صبَّت ،،، قال ليها المطرة صبَّت مالها ،،، قالت ليهو غرَّقَت الدنيا ،،، قال ليها غرقت الدنيا مالها ،،، ،،، قالت ليهو دي إرادة ربنا ،،، قال ليها إرادة ربنا مالها ،،، زهجت منو و قامت ماشة لاقاها الولد الكبير مارق الشارع و ما جايب خبر المطرة ،،، قالت ليهو يا ولد جاري وين ،،، قال ليها لاحق أشوف ماسورة الحوش البرة دي أظنها كابة ساهي ،،، قالت ليهو خليها الماسورة الحق أبوك أظنه اتحلج ،،، استدعي وعي الناس و سخريتهم اعتراف المشير الزائف بكل برود و لا ندم بالظلم و الجرم الذي ارتكبه هو و زمرته الفاسدة في حق أهلنا بدارفور في اللقاء الذي جمعه ببعض رموز أهالي الإقليم قبل أسابيع و أن الظلم حسب قوله هو سبب تأخر المطر ،،، واحد من المساطيل لقي نفسو الصباح في الزلط بجوار واحد مسطول قاعد ليهو في كرسي و مولِّع سجارتو الحمراء و خالف رجله نص الزلط قال ليهو أسَّع المصيبة دي جاتنا من وين ،،، قال ليهو المشير تاب من الظلم و جرّ السبحة و ذوَّد الدعاء حبتين ،،، قال ليهو يعني لو تاب من الكشف و الرقيص كان قيامتنا قامت من زمان ،،، صرَّح الرشيد فقيري وزير التخطيط العمراني بولاية الخرطوم بمسرحية الطاهر التوم في قناة النيل الأزرق لتكريس الإفك و تزييف الحقائق الأسبوع الماضي و كان أبطالها دكتور عمَّار حامد سليمان معتمد شرق النيل و عدد من المسئولين بولاية الخرطوم من بينهم معتمد العاصمة الخرطوم و واليها أن كمية الأمطار المرة دي وصلت 250 إلي 260 ملمتر و هي تعادل مرة و نصف أمطار عام 1988م البالغة آنذاك 88 ملمتر ،،، سألوا أحد المساطيل عن السبب ،،، قال خلي بالك المرة دي عوض الجاز نام و خلي البلف مفتوح ،،، و في تناقض واضح مع كلام الباش مهندس و الذي أكد عليه أيضا سعادة الوالي في نفس المسرحية المهزلة (بعد أن اضطر مقدم البرنامج الطاهر التوم الاتصال بصديق) أفاد محمد شريف محمد زين خبير الارصاد و الذي تم الاتصال به من داخل المسرح بأنهم في الارصاد قد سبق و أن عقدوا مؤتمرا صحفيا بحضور وزير البيئة و الغابات و التنمية العمرانية و بعض الصحفيين ملَّك فيه المعلومات كاملة لأجهزة الإعلام و المسئولين بأن الأمطار المتوقعة هذا العام في المعدل و فوق المعدل. و علي الرغم من أنهم لم يذاكروا كويس و توقعاتهم كلها (جلَّت من الامتحان) كما يقولون إلا أن الحكومة كان من المفترض أن تتحسب للتوقعات فوق المعدل التي أعلنت في المؤتمر الصحفي المزعوم و لكنها كعادتها لم تفعل فهم يديرون شئون البلاد بمنطق رزق اليوم باليوم و الرزق تلاقيط و ما فاضين من السرقة و النهب و استغلال المناصب و التسابق وراء مراكمة الثروات ،،، و صدق ما قاله أحد ظرفاء العاصمة الخرطوم الناغمين عن السلطة في تعليقه قبل عدة سنوات علي زحمة شوارع الخرطوم و اكتظاظها بالعربات الفارهة بعد الساعة التاسعة صباحا بأن المسئولين من جماعة المؤتمر الوطني يُطِلُّون علي مكاتبهم في الصباح لمدة نصف ساعة لشرب قهوة الصباح ثم ينتشروا بعد داك و يمشوا يشوفوا أكل عيشهم فأي واحد منهم بنوم بالليل و هو يفكر من أين يأكل من كتف الحكومة في صباح اليوم الثاني ،،، و لم يسلم السيد الخبير (أي السيد محمد شريف) من زلة اللسان (زي الكذَّاب الذي ينسي كذبته من كثرة الكلام و الكذب) قائلا في نفس اللقاء المسرحية أنهم خلال موسم الأمطار عادة ما يقومون بعمل توقعات في يونيو و يوليو و أغسطس و سبتمبر من كل عام و أنه حسب تقرير يوليو فقد كانت التوقعات 24 ملمتر لكن ما نزل منها بالفعل كان في حدود 13.9 ملمتر أمَّا في أغسطس فلم يقوموا بحساب المعدل العشري حتي تاريخ اليوم ،،، يعني كانوا راجين الري كما يقولون ،،، ما هذه المهازل و هذا العبث في التعامل مع مصالح الناس و إدارة شئونهم ،،، فالحقيقة المُرة أن القائمون علي أمور بلادنا هم حفنة من اللصوص من جهال القوم عديمي الكفاءة و الخبرة الذين يتم تعيينهم بناءا علي الولاءات الحزبية فقط دون النظر للخبرة و التخصص. و وجود دكتور عمَّار حامد سليمان و هو طبيب بشري ليس له أدني معرفة أو دراية بمتطلبات الوظيفة التي يشغلها كمعتمد لشرق النيل و لم نسمع بأنه كان أحد الضباط الإداريين في أي فترة من الفترات السابقة لهو أكبر دليل علي تلك المهازل ،،، و لذلك فقد سقط الخبير الإحصائي السيد محمد شريف في الامتحان مرة أخري عندما أجاب علي سؤآل مقدم البرنامج عن توقعاتهم للأمطار في الأيام المقبلة بأنها ستتراوح ما بين 5 ملمتر إلي 10 ملمتر فقط لتأتي مطيرة الأمس التي نشرت خبرها وكالة (سونا) و التي لقي فيها 10 أشخاص مصرعهم بمحلية ام بدة من بينهم 8 من اسرة واحدة , بالإضافة الي طفلة عمرها 9 سنوات في الحارة 27 جنوب دار السلام وطفل بقرية الشيخ ود الصائم مات غرقا و انهيار 428 منزل كلياً و2400 جزئياً و أوضح (حسب الخبر) الأستاذ احمد عثمان حمزة المدير التنفيذي لمحلية ام بدة (لسونا) أن الأمطار التي هطلت بالمحلية أدت إلي خسائر في الأرواح و انهيار عدد من المنازل مضيفا أن السيول أتت من ولاية شمال كردفان بالإضافة للأمطار التي استمرت لساعات طويلة ،،، فإذا كانت هذه هي نتائج توقعاتهم قبل يومين فقط من مطيرة الأمس المعنية بالخبر فمعني ذلك أن توقعات شهر أغسطس (تحت الطبخ و العواسة) التي لم تنتهي بعد أكيد حا تحرق في الصاج. أما سعادة الوالي بطل المسرحية و زعيمها الأكبر الذي لا يفتي في حضرته و قد خصَّه مقدم البرنامج بالجلوس علي يمينه في كرسي وثير متحرك و طاولة لوحده مقابل بقية الأبطال علي يساره فقد أفتي دون خجل أو حياء بأن أراضي السودان مسطحة أسوة بتقليعة الباش مهندس حسن عبد الله فضل المولى وزير البنية التحتية بولاية الخرطوم آنذاك ابان كوارث أمطار 2009م التي اجتاحت الخرطوم و خلَّفت مآسي لا تقل كثيرا عن مأساة اليوم في تصريحه الشهير في تقرير صحفي من إعداد الطاهر المرضي لتلفزيون الجزيرة بأن الخرطوم عاصمة مسطحة يعني بالدارجي الفصيح هم بقولوا للناس ما تسمعوا كلام جاليلو و من والاه من علماء الفلك فالأرض لا كروية و لا بيضاوية و لا يحزنون ،،، طيب إذا كانت أراضينا مسطحة حسب قول السيد الوالي فكيف وصلت مياه البطانة للخرطوم و الشمالية و شرق النيل؟ و لماذا وصلت أمطار شمال كردفان إلي أم بدة و مناطق واسعة من أمدرمان؟ حسب الخبر الذي نشرته وكالة سونا. إنه مجرد تلفيق و تركيب كلام في مسرحية هزلية لتزييف الحقائق و التعتيم علي الحقائق الكارثية في أرض الواقع مخرجها هو الطاهر التوم و شارك فيها من خارج الأستوديو بعض نواب الدوائر المتأثرة و الخبير الإحصائي محمد شريف و الصحفي عبد الباقي الظافر بأسئلته المستأنسة التي تساعد علي تبييض وجه الحكومة بصورة أو بأخري (و إن زيلت بلباس الصدق و برز الثعلب يوما بلباس الواعظين) فالطاهر التوم و عبد الباقي الظافر و ما شاكلهم من رواد صحافة السلطة الذين توظفهم أجهزتها الإعلامية التي تشرف عليها أجهزة القمع و الاستخبارات بحرفية متقنة لتزيف الحقائق و تزييف وعي الناس فهم و من سبقهم في هذه المدرسة (و هم كثيرون معروفون و موسومون بسحنات مميزة لا تخفي عن بصيرة شعبنا) فقد ظلوا كما يقولون بلغة جمهور كرة القدم يُقَشِّرُون الباصات و يَلعَبَوُن ون تو مع رموز الأنظمة الديكتاتورية من زمن عبود مقابل ثمن زهيد و حفنة من العطايا و المنح و الامتيازات غير المتاحة لرموز الصحافة الوطنية الذين عرفتهم السجون و المعتقلات و لا يزالون يعانوا من الملاحقة و التشريد و الحظر من الكتابة و النشر ،،، و كدليل آخر علي أن اللقاء كان عبارة عن مسرحية هزلية كلها تناقضات صرَّح السيد الوالي بما يناقض فتواه التي أطلقها في نفس اللقاء بأن الأرض مسطحة (و قد نسيها تماما هذه المرة كأن لم تكن) بأن هنالك منطقة في البطانة تعرف بخط تقسيم المياه تشبه بحر التور و نصف المياه التي تمر بها تصل الخرطوم عبر أودية معروفة و معلومة. فالواضح أن الوالي غير ملم تماما بجغرافية السودان و جغرافية ولايته و طبيعة الأرض و حقائق الأمور علي أرض الواقع و يستقي معلوماته المتناقضة التي يبثها دون حياء عبر أجهزة الإعلام من بطانة من الموظفين غير المؤهلين و الذين لا يعرفون طبيعة عملهم و يقولون ما لا يعلمون و هم في الأصل لا تهمهم حياة الناس (الذين تحمل السيول جثثهم و يشاهد صورها عبر الأسافير العالم أجمع) و لا تعني لهم شيئا ،،، إنها الإنقاذ و عهدها الظلامي الفاسد الذي لم تشهد بلادنا له مثيلا ،،، و إنه شعبنا الطيب الذي لا يستحق ما جري له خلال هذه الحقبة الظلامية التي أعادت بلادنا إلي عصر القرون الوسطي و الإنسان البدائي و هو يناضل و يكافح بصبر من أجل اكتساب أسباب بقائه و توفير أبسط متطلبات الحياة آمناً في سربه ، معافى في جسده ، مالكا لقوت يومه ،،، و لا مجال لذلك إلا بإزالة هذه الطغمة الفاسدة و الرمي بها في مزابل التاريخ و الانطلاق نحو آفاق الكرامة و التقدم و الحرية و الديمقراطية و العيش الكريم ،،، [email protected]