في حوار أجرى مؤخراً مع الفنان الكبير كمال ترباس عن سر ارتفاع تعاقداته المالية لاحياء حفل غنائي، أجاب: (أنا انسان احترم نفسي، واحترم غنائي، وأحترم جمهوري جداً، ومسألة ارتفاع أجري المالي مرهونة بالمكانة الجماهيرية التي وصلت اليها على المستوى الفني، والذين يتعاقدون معي لاحياء حفل يدركون هذا الأمر، ويوافقون عليه، بناء على أن من يحيي حفلهم هو كمال ترباس).. النص الفائت، ليس (عجرفة) من كمال ترباس، بل يمكن قراءته ضمن مضامين الساحة الغنائية حالياً، فطالما أنه فنان مرغوب جماهيرياً، فعلى من يودان يكون في قامته تقديم الاعمال التي يحترمها هذا الجمهور. ---- هو ونانسي؟ فنان كبير ليس جماهيرياً -بمقياس اليوم- على الأقل ضمن خارطة الحفلات الجماهيرية، طلبت منه مؤسسة رسمية احياء حفل غنائي لمناسبة تخص المؤسسة، فطلب منها مبلغاً مالياً مهولاً، فقال أحد أفراد المؤسسة: (لو طلبنا نانسي عجرم لطلبت نصف ما طلبه)..!! إلا أن الفنان أشار إلى ارتفاع المبلغ بناء على مكانته الفنية، وتم إلغاء التعاقد معه واستبداله بفنان شاب له جماهيريته في الصالات المغلقة.. ذاك البريق خارطة البرامج الترفيهية والغنائية التي عرضت ضمن برامج عيد الأضحى المبارك بالفضائيات السودانية، أكدت أن بريق الحفلات الجماهيرية لبعض الفنانين الشباب، ليست هي كل الحكاية، فبعض المطربين المخضرمين كانت لهم الأولوية ببرام العيد، ونالت فقراتهم الغنائية مشاهدة عالية حُسبت ضمن بريقهم (القديم الجديد). إذا فما سر اقبال الجمهور على الحفلات الجماهيرية للشباب طالما أن المخضرمين ينالون ذات الاستحسان في الفضائيات..؟ الاجابة كانت عند الفنان صلاح بن البادية حين قال: بعض الفنانين الكبار اليوم زهدوا في الساحة بمسافة كبيرة تفصلهم عن (الجوطة) الحالية، واحتفظوا لأنفسهم بذكريات جميلة في نفوس مستمعيهم، ولهم الحق في الاحتفاظ بذات المكانة طالما أن الجو الغنائي اليوم خانق بهؤلاء الفنانين الذين يسرقون غناء غيرهم دون مراعاة للحقوق الأدبية لمن سبقوهم.. كسل شديد الحفل الكبير الذي نقلته الفضائية السودانية في عيد الأضحى المبارك الذي شارك فيه الفنان الكبير أبو عركي البخيت وجد صدى طيباً إلى الآن، باعتبار أن (الكبير.. كبير)، حتى وان غابت عنه فلاشات (البورصة) المالية التي يأتزر (يافطتها) متعهدو الحفلات الجماهيرية، فأبو عركي وبعد غياب دام لأكثر من تسعة عشر عاماً عن التلفزيون، وجدان جماهيريته، هي ذات الحشود الأولى التي تستمع له، مما أكد أن مسألة الحفلات الجماهيرية -التي يعتبر أبو عركي أحد ابطالها رغم أنه مُقل فيها- أن ذات الخارطة يمكن أن تحدث لكبار مطربينا فقط لو نزعوا عن انفسهم (الكسل ) ، وان مسألة الابتعاد عن مسرح الجمهور تحت إلحاح سيطرة (الشباب) على منصات المسارح، غير مجد لأن حفلة أبو عركي غيرن من مفهومهم السائد تجاه (الجماهيرية) بمعنى أن البعيد عن القلب ليس بالضرورة بعيد عن العين، هذا بافتراض أن ابو عركي قريب من القلب والعين.. فرصة سانحة وجود أشكال غير مسؤولة من الغناء حالياً، يعتبره البعض نقلة في احتياجات المجتمع نحو التغيير، حتى وان كان نسبياً (لمعني التغيير فقط)، حتى وان أتى بعضها اجتراراً لتجارب سابقة. نعم هناك تحولات على مستوى الذائقة الغنائية التي بشر بها د. الفاتح حسين والموسيقار حافظ عبد الرحمن، وليس من الضروري معها أن أية أغنية لم تنتشر في المجتمع هي أغنية غير مرغوب فيها، أبداً ففي برامج العيد تم عرض نماذج لسير ذاتية لفنانين ماتوا منذ زمن ولكن (طعمهم) مازال مستتراً في نصوصنا وأغنياتنا، كانت سهرة (الكاشف) و(صلاح محمد عيسى)، و(احمد الطيب) أمثلة لذلك، حيث أفصحت هذه السهرات عن استمرار بريق بصلاح وعبقري الالحان الكاشف حتى بعد وفاتهما.