دخل الجنجويد في صراعات دامية منذ بداية الحرب التي اشتعلت قبل عشرة أعوام باقليم دارفور و التي راح ضحيتها اكثر من ثلاثمائة الف قتيل واثنين مليون نسمة شُرِدوا و هُجروا من مناطقهم وفق إحصائيات الامم التحدة التي وصفتها باكبر كارثة انسانية شهدها العالم في العصر الحديث و بل هنالك تقارير موثقة تدين النظام بان مليشيات الجنجويد مدعومة بالقوات المسلحة و مليشيات جهاز الامن الاثنية ارتكبت جرائم ضد الانسانية وهي جرائم حرب و إبادة جماعية و تطهير عرقي من خلال استهداف قرى مجموعات عرقية معينة و حرقها و نهب ممتلكات اهاليها و اغتصاب ما شاء لهم من الفتيات القصر مما أجبر محكمة الجنائيات الدولية تقديم تهم لرأس الدولة و آخرين من معاونيه في حملات التصفية العرقية التي شهدها اقليم دارفور في ظل هذه الظروف و الاضطرابات التي مر بها الاقليم صعد الي قيادة دفة الدولة مجموعة من الانتهازيين و ضعيفي القدرات السياسية و الادارية لا يمتلكون من مؤهلات الرجل السياسي ولا قيد أُنملة إلا الولاء القبلي في ظل عمليات الخيار و الفقُوس التي يستعملها المركز في عمليات الإقصاء و الاستقطاب الممنهج تجاه قبائل دارفور و لطبيعة الايدولوجية الرسمية للدولة بدأ الاستقطاب من اقرب المجموعات العرقية من المركز حسب الخريطة الثقافية للمجموعات القاطنة في اقليم دارفور عبر تصدير إشاعات وهمية ليصدقها ضعاف العقول و المصابين بداء العنصرية النتنة مثل وهمة دولة الزغاوة الكبري و مملكة الفور الخالية من العرب لكي تشكل هذه الاشاعات محور تماسك نفسي للمقاتلين بالوكالة عن المركز في معارك حرق الهامش السوداني عبر سياسة الارض المحروقة و ضرب العبد بالعبد لينعم الجلابا بنعيم السلطة و الثروة في غفلة من العبيد في دارفور هكذا كان الجنجويد و المدهش كان و لا زال المركز ينْظُر لكل من الجنجويد وغيرهم من أهل دارفور بأنهم "نُوّابْ" (جمع نوبة و هي كلمة ذات دلالة احتقارية للمجموعات السوداء في دارفور) بانهم جميعهم مواطنين من الدرجة الثالثة من حيث التراتبية الاجتماعية في السودان الآن بعد مرور اكثر من عشرة سنين من التسليح العرقي في الاقليم بدا يتشكل للجنجويد وعي مختلف و طموح مختلف عن ما كان عليه الحال في بداية الصراع بعضهم اصابه الندم مما ارتكبوه من جرم تجاه مواطنين ابرياء عزل سكنوا معهم لسنين عددا مما يعني خسروا اجتماعياً وامنياً و اقتصادياً و سياسيا و ادخلوا فلذات اكبادهم في اتون حرب وهمية عبر سياسة التجييش العرقي بدلا من ادخال ابنائهم المدارس و الجامعات لكي يكونوا رُسل النهضة الاجتماعية هكذا ظلوا ينفذون سياسية التجييش عبر خطة تجهيل و تغييب الاجيال التي تخدم مشروع النخبة السلطوية التجارية مؤسسة الجلابا و تحكيم سيطرتها علي الوضع و الاستفادة من المصالح المادية و المعنوية في ظل غفلة الجنجويد في ظل هذه الظروف و اصرار حكومة الجلابا للتعامل مع مشكلة السودان في اقليم دارفور عبر الاستقطابات العرقية و حملات التسليح العشوائي اصبح للجنجويد قوة عسكرية ضاربة يمكنها ان تتمرد علي الحكومة وقت ما وجدوا ظروف ملائمة لذلك و أصبحوا بإمتلاكهم للسلاح و جهلهم يهددون اجندة النظام و يدخلون معه في صراعات مباشرة (احداث نيالا مع جهاز الامن نموذجا) و لأن نظام الجلابا مُنذ الوهلة الاولى في قراءاته للاوضاع في دارفور عبر ذهنية فرق تسد لذلك فكر مبكرا بتفكيك قوة المجموعات العربية في دارفور و بدا بجنوب دارفور باعتبار مركز ثقل المجموعات العربية حينما كان المدعو عطا المنان واليا لجنوب دارفور عمل لزرع الفتن بين هذه المجموعات مما ادخلها في حروبات عرقية اكثر ضراوة مما بدأ الصراع في اقليم دارفور ( حروبات الابالة و الترجم نموذجاً) و هي كانت بين مجموعات مسلحة من داخل مدينة نيالا و لكل مجموعة عتاد عسكري ما يكفي لتحرير حلايب عسكريا و استمر نزيف الدم بين المجموعات العربية في جنوب دارفور برموت كنترول من جهاز الامن عبر عَبَدَة المال و ماسِحِي الزيت علي دلوكة الجلابا لذلك نري بين الفينة و الاخري نموذج الدوري الممتاز بين المجموعات العربية مستمرة في جنوب دارفور (سلامات تعايشة نموذجاً) هكذا نفذ الجلابا مشروعهم العنصري البغيض في ظل غفلة من ابناء دارفور عبر تقسيم مواطني الاقليم الي زُرقة و عرب و لاحقاً قسم الزرقة و العرب الي قبائل و خشيمات بيوت و ابناء اعمام و اعتقد جازما لا احد في دارفور يحتاج لدرس عصر او حصص خصوصية لمعرفة ذلك و المؤسف جدا ان مثقفي دارفور يقفون موقف الحياد مع العلم لا حياد في المواقف الايدولوجية . خلاصة القول علي الجنجويد و كل الذين قاتلوا في سنوات ماضية في صفوف النظام ضد الابرياء العزل بمنطق الاستعلاء العرقي و وهمة التفوق الاثني انتم ضحايا جهلكم و تخلفكم الحضاري و غياب روح الضمير الانساني بدواخلكم و حكومة الجلابا استغلت ذلك من خلال ترميز بعض الانتهازيين من ابنائكم في مناصب وهمية من ثم طَرق أوتار حساسة بدواخلكم لكي يمثل محور تماسك نفسي لكم و تكون وهمة النقاء العرقي عقيدة قتالية لكم ، الآن بعد مرور كل هذا الزمن وضح لكم جليا انتم تسبحون عكس تيار الثورة السودانية و بل الاخطر من ذلك انتم خسرتم سنوات عمركم تخدمون مشروع الجلابة الذي يعمل علي ابادتكم انتم ايضاً و الآن بدأوا كما تعلمون عبر سياسة التفكيك العرقي و بهذا خسرتم مجتمعكم و حلفائكم الجدد لذلك عليكم ان تعيدوا قراءة التاريخ جيدا و تتحسسوا مواقفكم و تكفروا عن سيئات اعمالكم العنصرية عبر ترك سفاسف الأمور و عقدة التفوق العرقي و يجب أن تقدموا اعتزار للشعب السوداني و تدعموا الثورة السودانية المنشودة، و الاهم من ذلك ان نساهم جميعنا ابناء و بنات السودان في بناء وطن متسامح عبر الاستفادة من دروس التاريخ لدولتنا العظيمة [email protected]