مقدمة : بدأت دكتاتورية 30يونيو 89م بشعار ( نأكل مما نزرع ) و إنتهت بالجوع العام ، فالنهضة الزراعية عند الطفيليات الحاكمة ، تعني نهب المليارات المخصصة للزراعة ، وتعني قبل هذا وبعده نهب الاراضي الزراعية مباشرة او عبر المستثمرين الاجانب فلم يعد من مستقبل امام المزارعين وابناء المزارعين ، و عامة المواطنين ، الا مستقبل التحول الى أجراء زراعيين ، في مشاريع و مزارع الإقطاعيين الجدد الطريق الى الثورة الزراعية : 1/ إسترجاع عشرات ملايين الافدنة في مناطق الزراعة المطرية .. التي اعطيت للتجار و موظفي الدولة من مدنيين وعسكريين .. ترد فورا الى سكان المنطقة .. ليستثمروها فرديا او جماعيا في شكل تعاون انتاجي كبير ، وهذا هو المطلوب .. فملكية الطفيليين هؤلاء هى سبب انتشار الفقر في مناطق الانتاج المطري .. وهى ايضا كانت احد عوامل اندلاع الحرب مثلا في جبال النوبة 2/ استرجاع جميع ما نهبه لصوص الحكومة ومن في حكمهم من ( المستثمرين ) من الاراضي المروية من النيل او الآبار .. 3/ التجميع الطوعي للمشاريع الزراعية الصغيرة في تعاون انتاجي كبير .. فهذا يقلل من كلفة الانتاج ويؤدي الى التسويق الجيد والعادل 4/ ان تكون سياسة الدولة المالية والضريبية والمصرفية .. متوافقة مع حاجة القطاع الزراعي والانتاجي عامة .. وليس كما اليوم مجرد ( قُرادة ) 5/ تجميع الملكيات الزراعية الصغيرة في تعاون إنتاجي كبير .. من العام الاول يمكن ان يرفع دخل المزارع حوالي 300% .. قابلة للزيادة السريعة مثلا الصمغ العربي الآن .. حوالي 20% تذهب للمنتجين .. و 80% كانت لشركة الصمغ العربي .. في حين ، انه في حال اتحد منتجي الصمغ العربي في تعاون انتاجي واحد ، سينقلب الوضع ، 20% تذهب للحكومة ( الشرعية ) و 80% الى المزارعين أنفسهم .. هكذا ومنذ العام الاول يمكن ان يرتفع دخلهم 400% .. ففي حال انعدام التهريب واحسان الحصاد ، يمكن ان يكون لدى منتجي الصمغ العربي ، صادر يصل لقرابة المليار دولار .. و من ثم بإمكانهم استجلاب طاقم موظفين ثابت للادارة والمحاسبة والتخطيط والتسويق الخ وايضا استجلاب زراعيين من مختلف التخصصات .. هؤلاء لن يكلفوا الا اقل من 5% هذا الاصلاح لو تم فإنه فورا و كما اوضحنا سابقا ، ومن الموسم الاول يمكنه ان يرفع دخل المزارع حوالي 400% قابلة للزيادة السريعة في غضون بضع سنوات .. زيادة الدخل ستؤدي الى توسيع وتنويع الانتاج مثلا بأضافة الدواجن وتربية حيوان اللبن واللحم والصناعات الخفيفة المرتبطة بذلك .. وبداهة ان زيادة الدخل ستؤدي ايضا الى زيادة قدرة المزارع على الطلب على منتجات غيره .. هذه التطورات ستؤدي حتما الى انعاش قطاعات الاقتصاد الاخرى 6/ هذه الزيادة في الدخل ليست خيالية .. فالانتاج لا يزيد والعائد منه لا يزيد بمجرد ضخ المليارات في الزراعة .. فالنقود لا تأتي بالفاعلية المطلوبة الا في حال وجود علاقات عمل عادلة .. فالآن مهما أنفق على الزراعة ، لن تكون هناك نهضة زراعية تفيض بالخير والرفاهية على عموم المزارعين .. ومهزلة النهضة الكيزانية خير دليل .. والسبب في ذلك هو سيادة علاقات الانتاج الظالمة لصالح التجار والبنوك .. عليه تغيير علاقات العمل هو مفتاح الحل في نهضة الزراعة ، وهذا ما ظل يتجاهله الجميع تقريبا .. هناك ملايين الافدنة كانت مراعي او بلدات .. نهبت .. وترك اهل المنطقة يواجهون البؤس والشقاء ... هذا يجب ان يزول ، فأهل المنطقة أولى بأرضهم المزارعين بحكم تشتتهم .. عمليا هم تحت رحمة التجار والبنوك الطفيلية .. فالمزارع مثلا يربح في الاردب 10% في حين ان التاجر يخزنه ثم يبيعه بربح 50% الى 100% .. لا يعقل ان يكون الوسيط او قل الطفيلي يربح حوالي خمسة او عشرة اضعاف المنتج ، ايضا هذا يجب ان يزول وفورا ، وهذا الافلات حتما غير ممكن الا بالتعاون الكبير 7/ ذات الشيئ يمكن ان يقوم به الرعاة (مربي الثروة الحيوانية ) فالربح هو الآن للتجار .. وذات الشيئ يمكن ان تقوم به جميع فئات الحرفيين 8/ التجمع الطوعي في تعاونيات انتاجية كبيرة .. هو طريق اصحاب الملكية الصغيرة نحو زيادة الانتاج مع عدالة التوزيع .. اى هو طريقهم نحو توسيع وتنويع وتجويد انتاجهم هذا هو طريق وداع الفقر والقهر .. طريق الرفاهية والحرية والكرامة .. لهذه الفئة التي تمثل حوالي 80% من الشعب السوداني 9/ هذا التحول في علاقات العمل ( الانتاج ) ، بما يعنيه من تغير في صفة الملاك ، ومن تغير في توزيع العائد من الانتاج ، بالضرورة لا يمكن ان يتحقق من دون صراع و نضال ، فالمتضررين منه اي أرزقية السلطة ومن معهم ، سوف يتصدون له مستعينين (بمال وسطوة واعلام و رجال دين ) الدولة ، وهم سواء عبر إستخدام عنف السلطة المباشر ، او عبر الضرائب والجمارك او عبر تحريض البنوك على عدم التعامل الايجابي ، قادرين على منع قيام هذا التحول في ظل وجود سلطتهم فالتغيير الاقتصادي الجذري يتطلب تغيير سياسي جذري ، حتى تصبح سياسة الدولة المالية و الضريبية والمصرفية ، داعمة ومساندة للنظام الاقتصادي الجديد .. فالطريق الى تحقيق البرنامج الاقتصادي الثوري ، يمر اولا عبر بوابة خوض الصراع السياسي ضد دكتاتورية المؤتمرالوطني وصولا الى الاطاحة بها 10/ الريف بالرغم من ما وقع ويقع عليه من مظالم ، ورغما عن ما يعانية من فقر و بؤس ، إلا أنّه عادة ما يكون منعزل عن النشاط السياسي المدني ومنعزل عن حركة الثورة المدنية ضد الدكتاتورية .. في نظري ان مثل هذا البرنامج الزراعي بما يحمله من رؤية ثورية لطريق الاصلاح و للمستقبل المشرق و السعيد .. يمكن ان يكون عامل اساسي في جذب الجماهير الريفية الى السياسة .. لصالح انفسهم و وطنهم بشكل واعي و مباشر فمشاركة جميع فئات الشعب العامل في الثورة هى الضمانة الحقيقة لنجاحها في الاطاحة بالدكتاتورية وفي بناء الجديد .. فسبب تطاول عهد الدكتاتورية وسبب ضعف تجاربنا الديمقراطية هو ان الاكثرية العظمى من الجماهير وجدت في الحلبة ، وهى مفتقدة للمشروع الخاص بها ، مفتقدة للرؤية الخاصة بها .. فمن سلبية وعزوف الجماهير أتى العجز السياسي وأتت الانقلابات العسكرية 11/ القوى الفكرية والسياسية الحديثة عجزت عن التحول الى قوى جماهيرية .. بسبب عدم وجود مشروع او رؤية للتنوير الفكري .. وايضا لعدم وجود مشروع اورؤية اقتصادية .. ملهمة يرى فيها عامة الشعب ، ما ينشده من مستقبل خالي من الفقر .. تسوده الرفاهية والكرامة لذلك انا على قناعة تامة ان العمل على انجاز رؤية اقتصادية شعبية .. هو امر ضروري ضرورة حياة او موت بالنسبة لانجاز مرحلتي الاطاحة بالدكتاتورية وبناء الحياة الجديدة جيلي أنا .. جيل العطاء لعزمنا حتما يذل المستحيل وننتصر وسنبدع الدنيا الجديدة وفق ما نهوى ونحمل عبء أن نبني الحياة ونبتكر [email protected]