يتحدث (18) ألف كلمة في اليوم، مرتبه الشهري أكثر من مليون دولار، حاور خلال مسيرته التي امتدت مع ال(سي ان ان) لأكثر من عشرين عاماً (40) ألف شخصية.. يبث برنامج في (200) بلد حول العالم، ويشاهده (150) مليون مشاهد.. يذهب من بيته إلى التلفزيون بطائرة خاصة..! انه كما يسمى (سيد المايكروفون)، المذيع العبقري (لاري كينج) والذي يبلغ من العمر (72) عاماً ومكث مع المايكروفون خمسين عاماً، يدير حواراته مع الرؤساء وألمع الشخصيات بالعالم.. نعم.. يفعل كل ذلك وهو داخل الاستديو يرتدي «قميص وبنطلون بحمالات».. إنه كما يقول خبراء الإعلام، «الشخصية الفوتوجينيك الإعلامية الأولى في العالم». ..... الفوتوجينيك..! التبرير الأول عندما لا يرضى أحدهم عن ملامحه الفوتوغرافية، يقول: ان وجهي ليس فوتوجينيك، أي ان وجهه ليس ممتلئاً بالتجربة.. بحيوية «الملمح» وخفة الوقع على المشاهد.. والطلة المريحة.. جاء مصطلح «فوتوجينيك» من الانجليزي «وليم هنري فوكس» الذي بدأ حياته الفنية مصوراً فوتوغرافياً، أنفق خلالها أموالاً كثيرة في بحوثه الفوتوغرافية، وفي احدى هذه البحوث العلمية المتقدمة على استخدامات الكاميرا، وجد (وليم) ان صورة المادة المطبوعة على الورقة، أجمل من المادة نفسها، كأنها مرسومة.. ومن هنا جاء مصطلح فوتوجينيك ليعني ظهور بعض الأجسام في الصور أجمل وأكثر جاذبية من الأجسام ذاتها في الحقيقة.. وعلى ضوء هذه المعلومة، هل هناك مقومات أساسية لأي مذيع لابد من توافرها في ثقافة «الطلة» على المشاهدين..؟.. دعونا نسوق هذا الافتراض على اطلالة المذيعين السودانيين، ونستمع لبعض هذه الافادات من داخل البيت السوداني.. ذوق شخصي الصحافية منى أبو زيد قالت: ما الذي يحدث لأداء المذيع السوداني المحلي عندما يتحول إلى العمل كمراسل أو مذيع أو مقدم لبرامج في قناة فضائية خارجية..؟ فقد ظلت اطلالة المذيع السوداني مرهونة «بذوقه» الشخصي، وهذا يعد خطأً فادحاً.. فالخبرة بمجال الأزياء ليست ضمن «مواصفات» المذيع التلفزيوني الجيد، لأن «لها ناسها».. ونرى أنه قد اختفت «العمة والجلابية» من نشرات الأخبار، وحلت محلها الاطلالة «بالبدلة» على نحو لا بأس به حيناً، و«مشاتر» أو «مأساوي» في أحايين أخرى.. ولنضف نموذجاً آخر، وهو قول د. عوض ابراهيم عوض: «مذيع الأمس كانت تميزه حاسية امتلاك اللغة وتجويد الأداء، أما مذيع اليوم فيفتقر إلى هذه الحاسة.. ان ملامح النجومية غائبة، وبالتالي صار المتلقي يبحث عن المذيع النجم، أو المذيع المفضل «حسُن الطلة». واليكم نموذجاً جديداً.. المذيع لقمان حسن همام الذي انتقل من السودان لقطر، يذكر أن نجومية مذيع اليوم أصبحت لا تتعدى الدقيقة الواحدة في ظل التكاثف الفضائي، وكثرة المذيعين. ولنختتم بالأستاذ عمر الجزلي الذي يقول ان مذيع الأمس يمتاز بثقافة ومعرفة واسعة، ولغة جيدة، وكذلك حضور واطلالة مميزة». ثقافة الطلة..!! وضمن هذه الأسباب التي أشار إليها كبار الاعلاميين السودانيين هنا، نسوق سؤالاً يطرح الآن بشدة: هل حجبت قناة فضائية سودانية وجوه بعض المذيعين الذين لا يجيدون «ثقافة الطلة»..؟ المذيعة نازك ابنعوف تؤكد أن الثقافة شيء مكتسب، ليس كالشكل -شكل المذيع-، والشاطر هو الذي يعرف كيف يطور نفسه، لانه إذا اعتمد على «الشكل» فقط، فان للمشاهد ذكاء يستطيع أن يعرف به ما يمتلكه هذا المذيع أو ذاك.. إلا أن المذيعة رشا الرشيد لها رأي حول الشكل يتمثل في أن المظهر الجميل بما يليق بالقناة تقول انه «يعد واجباً».. هذه السجالات دفعت قطاع التلفزيون «ادارة أوجه العرض والهوية» لإقامة ورشة «جماليات الشاشة» تحت شعار «الصورة أولاً، وذلك في ديسمبر الماضي.. تنافس وتحدي أشارت من قبل احدى الورش التي عُقدت للتفاكر حول (جماليات الشاشة) إلى أن تحديات الراهن في صناعة الاعلام، تتطلب منا الارتقاء كماً ونوعاً في تكنولوجيا الانتاج التلفزيوني تمشياً مع التطور المطرد الذي تشهده الساحة، وتنامي عدد الفضائيات بكافة تخصصاتها المختلفة، الأمر الذي يضعنا في محك صعب من التنافس والتحدي. ولهذا هدفت الورشة إلى خلق نسق فني متكامل لإكساء الشاشة وفق المعايير المهنية للتلفزيون، والتوعية والتعريف بتقنيات الصوت والصورة المختلفة، ونظم العرض الجيدة، اضافة إلى اشراك العاملين في عملية التطوير والتجديد، ولهذا ركزت الورشة على «تكنولوجيا الصورة وعرض المحتوى»، و»الديكور التلفزيوني المثالي»، و«ثقافة اللون»، وتقانة «تحريك الصورة»، وغيرها من المحاور التي تهتم بشكل العرض. إذن.. فان الاطلالة في القنوات السودانية، قد وضعت خطتها العملية والعلمية للتطور والمواكبة، وجاء هذا مناسباً لما خرجت به ورشة «الاعلاميين الديمقراطيين في الوطن العربي» مطلع هذا العام، في توصيتها «ان هيئات التلفزة في الدولة العربية، بحاجة إلى مراجعة حساباتها فيما يتعلق بالأخذ بالأفكار الجديدة، والبحث عن معدين ومقدمين يلائمون المرحلة الحالية في الإعلام».. ونتمنى أن نرى الشاشات السودانية تنطق بمفردات الهوية السودانية، والتي نعتقد جازمين أن جميع مذيعينا يحملونها معهم أين ما حلوا..! ولنسع سوياً في تطبيق منظومة القيم الإعلامية الشاملة في كل قنواتنا.. ونجدد معاً.. ثقافة الطلة..!!