عندما خطب زياد ابيه في اهل البصرة قام رجل بمدحه بالقول : لقد أُوتيت الحكمة وفصل البيان ، فرد عليه زياد : لقد كذبت ، ذلك هو نبي الله داوود ، الشرك بالله بدأ بالغلو في تقديس البشر ، أحدهم كتب ذلك عن الوزيرة الجديدة سعاد ابو كشوة ، حيث زعم بإنها إمرأة أكبر من المنصب ، وأنها بلغة الأوزان تساوي ثلاثة رجال ، لذلك حق على القدماء بأن يعبدوا وداً وسواغا ويعوق ونسرا ، فلقد بدأ هذا الصحفي الإنقاذي من حيث إنتهى المشركين القدماء ، هذا التقليد بدأه الصحفي محمد طه محمد أحمد الذي كان يصف علي عثمان بأنه ( روماريو ) الدبلوماسية السودانية ، و الدكتور علي الحاج محمد بأنه أول من أذن بالصلاة في مسجد الجامعة ، وحسين خوجلي بالرجل الذي يشع قلبه وجسمه نوراً وعلماً ، كان بروفيسور التجاني حسن الأمين يصف نفسه بأنه عالم الصيدلة الوحيد شمال خط الإستواء ، وعندما تم تعيينه محافظاً على منطقة جبل الطينة خاطبهم بالقول : أشكروا الله على نعمة بأن يكون عليكم محافظ بروفيسور . هكذا صنعت صحافة الإنقاذ من رموزها آلهة ، عندما تحدث الجنرال قوش عن تقطيع رؤوس المعارضين ، كتب الصحفي ضياء الدين بلال عن أسطورة قوش وبأنه القائد الذي يعرف ما يدور وراء البحار ، كان خطاب الدكتور نافعاً ومتعجرفاً ، لم يكن خطاباً سياسياً ، بل كان دعوةً للإستعداء وإشعال الفتن ، لكن ، هل كانت صحافة الإنقاذ تنتقد ذلك الخطاب الفاحش ؟؟ بالطبع لا ، فمهنة الصحافة احترفها المتسولون وبائعو الضمير ، فهم يفردون الصفحات الأولى لزوجة الوزير بلال ( الشابة – نادية قلب ) لتدافع عن زوجها ولكنهم يتجاهلون بيوت العزاء التي أُقيمت للذين قُتلوا على أيدي قوات الخطة ( ب ) التي كوّنها الرئيس البشير على أساس جهوي لحماية حكمه . وحتى هذه اللحظة يدافعون عن التشكيل الوزاري الجديد وهو لم يرى النور بعد ، إذاً ماذا تبقى من الحركة الإسلامية بعد الترابي وغازي وعلي عثمان ونافع ؟؟ فمن يحكمنا الآن ؟؟ من يحكمنا هم تحالف ثلاثي يشمل العسكر ورجال الأعمال والقبائل ، والبشير بعد فصل الجنوب أيقن بأنه غير محتاج للحركة الإسلامية التي قاتلت معه ببسالة وفقدت العديد من الدماء الشبابة ، بل أن الحركة الإسلامية أصبحت عبئاً عليه وخشى بأن تعمد إلى تنحيته عن الحكم ، فتغيير الحكم يحتاج لكبش الفداء لكسب رضا المجتمع الدولي ، احلام طه ونافع ربما تدفعها للتخلص من البشير عن طريق تسليمه للجنائية الدولية ، بذلك يستطيعان التطبيع مع الغرب مع كسب رضا الدول العربية مثل السعودية ومصر ، فوضع الرئيس البشير خارج السلطة في غاية التعقيد ، والبديل المطروح أمامه هو التخلص من هذه التركة الثقيلة والتغدي بهما قبل أن يتعشيا به ، لبشير يحتاج لموسى هلال لقيادة الحرب في دارفور ، ويحتاج لأحمد هارون في جنوب كردفان ، فهذين الشخصين من الجنود المخلصين بلا أفق سياسي او طموحات في الحكم ، فقد صنعت الجبهة الإسلامية القومية صنماً أعجزها تكسيره ، وما يقوله الدكتور غازي صلاح الدين قاله الترابي بعد المفاصلة عام 99 ، ففي المرحلة القادمة سوف نشهد عمليات كيدية مثل نشر كشوف الحسابات والرشاوي والفساد لكل الذين خرجوا عن حرم الإنقاذ وإنشقوا عنها ، والمستهدف سوف يكون الثلاثي الشرس غازي وعلي عثمان وطه ، وقد تمت ممارسة هذه الوسيلة مع الدكتور علي الحاج محمد ..أحدهم مازحني بالقول : لماذا يبكي رجال الإنقاذ على السلطة الزائلة أكثر من بكائهم على عبيد الخنم ؟؟؟ فقلت له رحم الله الدكتور محمود شريف ..ورحم الله الدكتور محمد أحمد عمر ...كانا في الوزارة ، ورحلا عن الدنيا ورأسهما مرفوعاً ، بل أنني أريد أن أجازف بالقول كما كتب صاحبنا : بأنهما أكبر من المنصب. سارة عيسى [email protected]