توقع عدد من الخبراء السياسيين والأكاديميين السودانيين، انقسام دولة الجنوب إلى دويلات صغيرة، وفقًا للقوة العسكرية والنفوذ السياسي والقبلي، خاصة المناطق التي تمتلك قدرًا كبيرًا من الموارد الطبيعية. وأكدوا أن الطابع القبلي هو المسيطر على الأحداث في الوقت الراهن، وشددوا على أهمية أن يكون الخطاب الإعلامي والسياسي الرسمي للسودان "فطنًا" في التعامل مع الأحداث الجارية بدولة الجنوب. وأجمع الخبراء السودانيون، خلال الندوة التي نظمها المركز العالمي للدراسات الأفريقية بالخرطوم حول "تطورات الأحداث في دولة الجنوب وأثرها على السودان" اليوم، على أن التطورات الحادثة في دولة الجنوب سيكون لها تأثيرات كبيرة على الأوضاع بالسودان في المجالات الأمنية والسياسية والاقتصادية، مما يتطلب من الدولة التعامل معها بحكمة وتؤدة تحفظ المصالح القومية للبلاد. ودعا المشاركون في الندوة، حكومة الخرطوم للاستعداد لحرب أهلية طويلة الأمد بدولة الجنوب ستكون مسرحًا كبيرًا ومناسبًا للمنظمات الأجنبية التي تقف من ورائها دول غربية لها مصالح خاصة وأهداف، قد يكون زعزعة الأمن والاستقرار بالبلاد عنصرًا أساسيًّا فيها. وذكر اللواء محجوب حسن محجوب، أن الوضع السياسي الراهن والرأي العام في دولة الجنوب يقوم على عدم الثقة بين كافة الأطراف، مشيرًا إلى أن الصراع لن ينتهي إلا بانتصار ساحق لطرف على الآخر، مشيرًا إلى أن العقلية القتالية للجانبين ورثوها من الجيش الشعبي، وتقوم على الضربات الخاطفة والنهب عبر العصابات المسلحة. وأشار محجوب إلى أن التدخل الإسرائيلي في دولة الجنوب بعد الانفصال كان حذرًا وركز على الجوانب الاقتصادية عبر عدد من المشاريع الاستثمارية دون دعم عسكري خشية أن ينحرف الجنوب عن المسار الذي تريده إسرائيل. وحذر اللواء ركن عبد الحليم عركي، من تذرع مواطني دولة الجنوب بالحرب في بلادهم والعودة مرة أخرى إلى مناطقهم القديمة بالشمال وتسلل عناصر مخربة تحت هذا الستار واستهداف مشروعات ومناطق حيوية بالبلاد، خاصة أن الجنوب سيشهد تدفقًا كبيرًا للأسلحة يجعلها متاحة للجميع. وأوضح عركي أن جيش دولة الجنوب "هش" وتكوينه قبلي، ويصعب التكهن بسلوكياته والسيطرة عليه، مشيرًا إلى أن الأحداث ستمثل تحديًا كبيرًا للقوات المسلحة السودانية التي يجب عليها حماية حدودها الطويلة الممتدة مع الجنوب. وتوقع أن تكون قضية منطقة "آبيي" في هذه المرحلة "هادئة"، وستعود إلى السطح بقوة مرة أخرى في حالة انتصار طرف على آخر. وأكد الخبير الاقتصادي الدكتور محمد الناير، أن الأحداث بدولة الجنوب سيكون لها أثر سلبي على الاقتصاد، خاصة سعر الصرف الذي يعود أثره بصورة مباشرة على حياة المواطن، مشيرًا إلى أن سعر الصرف ظل مرتبطًا ببترول الجنوب صعودًا وهبوطًا منذ فترة طويلة. ودعا الناير، إلى مراجعة الموازنة الجديدة وإعادة صياغتها بما يتماشى مع تطورات الأحداث بدولة الجنوب، متوقعًا أن يؤدي تدفق اللاجئين من دولة الجنوب إلى السودان إلى زيادة الصرف خاصة على الخدمات. وطرح الناير عددًا من الحلول الاقتصادية تمثلت في التنسيق مع دولة الجنوب لحماية الآبار وضمان تدفق النفط ودعم ميزان المدفوعات ببعض القروض لخلق التوازن في سعر الصرف، بجانب تفعيل قرار سداد رسوم وتحويلات المغتربين السودانيين بالعملات الحرة وتعزيز الاقتصاد القائم على المعرفة. ووصف المحلل السياسي عبد اللطيف البوني، ما يحدث في الجنوب بأنه صراع على السلطة تغذيه نخب قبلية، وحذر من انحدار الصراع إلى المستوى الذي وصل إليه الصراع في رواندا سابقًا، مشيرًا إلى أن تداعيات الصراع الأساسية على السودان ستكون أكبر من آثار انفصال الجنوب.