فر المدنيون من مدينة بور المضطربة في جنوب السودان، فيما حذر الجيش من هجوم وشيك لميليشيات «الجيش الأبيض» وذلك بعد أسبوعين من بدء الاقتتال العرقي في أحدث دولة في العالم، في وقت هدد زعماء دول الجوار بإلحاق الهزيمة بقوات مشار إن لم يستجب لوقف النار. وقال الناطق باسم جيش جنوب السودان فيليب اقوير بالهاتف من جوبا على بعد 190 كيلومترا جنوبي بور إن مقاتلي ميليشيات الجيش الأبيض «ليسوا بعيدين عن بور لذا فإن الهجوم وشيك». فرار جماعي وقال وزير الإعلام مايكل ماكوي لوكالة «رويترز» إن المدنيين فروا من البلدة وعبروا النيل الأبيض في طريقهم إلى منطقة المستنقعات. وكانت ميليشيات من النوير قد ارتكبت مذابح ضد الدنكا في بور خلال موجة من الاقتتال العرقي عام 1991. ووصل وزير خارجية إثيوبيا تادروس ادهانوم ورئيس أوغندا يوويري موسيفيني إلى جوبا أمس لمواصلة الضغط. وقال موسيفيني إن دول شرق إفريقيا ستضطر لدحر مشار إذا رفض عرض حكومة جوبا بوقف إطلاق النار، مؤكداً للصحافيين في جوبا: «أمهلنا (دول المنطقة) ريك مشار أربعة أيام للرد وإذا لم يرد فسنضطر إلى أن نذهب إليه جميعا هذا هو ما اتفقنا عليه في نيروبي». ولدى سؤاله عما يعنيه هذا أجاب موسيفيني «لننزل به الهزيمة». وقال رئيس بلدية بور نيال ماجاك نيال إنه يحض المدنيين على الفرار من بور عاصمة ولاية جونقلي التي تقع إلى الشمال من جوبا مع اقتراب ميليشيات الجيش الأبيض، موضحاً أن الميليشيات هاجمت «قرية ماثيانج وقتلوا المدنيين وأحرقوا منازل المدنيين. إنهم يذبحون المدنيين». وتقع ماثيانج على بعد 29 كيلومترا من بور. وأفادت تقارير بزحف الميليشيات عبر طوابير في مناطق نائية يتعذر دخولها على الصحافيين ويصعب التحقق من الأعداد أو التحركات من مصدر مستقل. وقال اقوير إن وحدة استطلاع صغيرة من جيش جنوب السودان اشتبكت مع ميليشيات «الجيش الأبيض» الليلة قبل الماضية. وحاول زعماء قبليون مطلع الأسبوع إقناع الكثير من شباب النوير بالتراجع لكن مسؤولين قالوا إن نحو خمسة آلاف رفضوا العودة. وقال ماكوي لرويترز «الناس في بور خائفون» وأضاف «بعضهم اتجهوا إلى المستنقعات وتعبر الزوارق المزودة بالمحركات إلى الضفة الأخرى من النهر (النيل الأبيض) بمعدلات كبيرة». وأودى القتال بحياة ألف شخص على الأقل منذ اندلاع الاشتباكات في العاصمة جوبا في 15 ديسمبر التي امتدت إلى مناطق منتجة للنفط مما أثر على أسواقه وأثار أيضا المخاوف من اندلاع حرب أهلية شاملة بين أكبر قبيلتين هما الدنكا والنوير. وكانت ميليشيات «الجيش الأبيض» وتتألف من شبان من قبيلة النوير قد انحازت في ما مضى لريك مشار نائب رئيس جنوب السودان السابق المنتمي لنفس القبيلة وتتهمه الحكومة بإشعال فتيل الصراع. ويعرف الجيش الأبيض بهذا الاسم نسبة إلى الرماد الناتج عن حرق روث الأبقار والذي يغطي به الشبان أجسادهم لحمايتها من الحشرات ويتسلحون بالبنادق والمناجل والعصي. ميليشيات منفلتة نفى ناطق باسم حكومة ولاية الوحدة في جنوب السودان، وتسيطر عليها الآن القوات الموالية لمشار، سيطرة نائب الرئيس السابق على مقاتلي الجيش الأبيض مما يزيد احتمال أن يمتد العنف خارج نطاق سيطرة الزعماء العرقيين المعروفين على مستوى العالم. رويترز