قال مساعد الأمين العام لحزب المؤتمر الشعبي إبراهيم السنوسي إن حزبه قبل بمبدأ الحوار مبدئياً، وحتى الآن لم يدخلوا فيه فعلاً. وقال السنوسي في تصريحات نقلتها عنه صحيفة (الانتباهة) الصادرة اليوم الثلاثاء أن حزبه وافق على الحوار دون شروط بغية الجلوس حول طاولة مفاوضات، ومن ثم يتم طرح الشروط. وقال السنوسي: "نريد أن نوجه شروطنا التي تتعلق بالحوار للسلطة بصورة مباشرة"، وأضاف قائلاً : "إن تم الاتفاق سيستمر الحوار وإن لم يتم سنرفع شعار إسقاط النظام". وافادت مصادر (الراكوبة) ان ابراهيم السنوسي يقوداً تياراً داخل المؤتمر الشعبي منذ سنين يدعو للتقارب مع المؤتمر الوطني، وكان قبل موافقة حزبه رسمياً علي الخطوة علي وشك الالتحاق بحزب المؤتمر الوطني مع عدد آخر من قيادات الحزب في شهر سبتمبر الماضي قبل إندلاع التظاهرات بايام والتي اضطر بعد اندلاعها لتجميد الخطوة. ويحتفظ السنوسي بعلاقة وثيقة مع الرئيس البشير لم تنقطع طوال سنوات الخلاف بين الوطني والشعبي وتربطه معاملات تجارية بمؤسسات الدولة وحزب المؤتمر الوطني بينما ظل في نفس الوقت الساعد الايمن للترابي واحد اشد مناصريه. وكان أمين المنظمات بالمؤتمر الشعبي، ابو بكر الرازق ، يعني ابراهيم السنوسي ومجموعته بتصريحه (بتاريخ 26 اغسطس 2013م في صحيفة اليوم التالي وحريات الالكترونية بتاريخ 27 اغسطس) بأن هناك "قلة من قيادات داخل المؤتمر الشعبي لديها حنين تجاه الوحدة مع الوطني طلباً للسلامة وايثاراً للمال والسلطة والجاه"، حتي وان لم يذكر السنوسي بالاسم حيث كانت الملابسات حينها معروفة لاعضاء الحزب. ونفى حينها أبو بكر – اي قبل اقل من ستة اشهر - وجود اي مشاورات اواتصالات رسمية بين أجهزة الحزبين ، متهماً أشخاصاً داخل المؤتمر الوطني بالترويج لمسألة التقارب لصرف النظرعن أشياء كثيرة وقضايا اخرى. إلا ان تطورات الاحداث بعدها مضت بحزب المؤتمر الشعبي بأكمله للمضي في طريق التقارب مع المؤتمر الوطني وليس السنوسي ومجموعته لوحدهم. ويري مراقبون ان التغير في مواقف حزب المؤتمر الشعبي تجاه المعارضة الديمقراطية والعلمانية بدات بالتدرج منذ اكثر من عام ونصف بعد صعود الحركات الاسلامية لسدة السلطة ومحاولة الترابي الاقتراب منها وبدا هذا جلياً في ورقة الترابي امام ندوة ( الاسلاميون والثورات العربية – تحديات الانتقال الديمقراطي واعادة بناء الدولة) التي نظمتها قناة الجزيرة في ديسمبر 2012م بقطر وجمعت خلالها قادة الحركات الاسلامية والاخوان المسلمين. وظل الترابي علي غير عادته يتغيب لفترات طويلة عن الظهور في الاعلام طوال العام الماضي وغابت تصريحاته العنيفة ضد المؤتمر الوطني. ومما يشكك في دقة تصريحات السنوسي التي اطلقها بالامس لصحيفة (الانتباهة) الصادرة اليوم ان يوم امس الاثنين شهد زيارة تاريخية للدكتور حسن الترابي لمقر المجلس الوطني بعد 15 عاما من الغياب عن المجلس الذي تقلد رئاسته. ووفقاً لمصادر اعلامية فقد بدا الارتياح علي وجه الترابي عند دخوله للقاعة بعد ان منع بواسطة الدبابات من دخولها في أعقاب الانشقاق بينه وبين الرئيس عمر البشير في العام 1999. وجاء رئيس حزب الموتمر الشعبي الي مقر البرلمان تلبية لدعوة من رئيسه الفاتح عز الدين للمشاركة في ورشة عمل حول العنف القبلي في دارفور. وكان لافتا غياب رئيس حزب الأمة القومي الصادق المهدي في ذات المحفل بالرغم من تقديم الدعوة له وشارك ابنه عبد الرحمن بالإنابة عنه. واستقبل نواب البرلمان الذي يسيطر عليه حزب الموتمر الوطني الحاكم الترابي بالتهليل والتكبير والاندهاش. وقال أحد النواب في غمرة فرحته " ان هذا اليوم يوم عيد". وعلي غير العادة تحاشي الترابي الإجابة علي الأسئلة الحرجة من الصحافيين الذين احاطوا به بعد نهاية الورشة. ورفض الإجابة علي سؤال حول موعد لقاءه بالرئيس عمر البشير قائلا "ان هذا المنبر ليس للإجابة علي مثل هذا السؤال". وتعتبر مشاركة الترابي في اعمال البرلمان هي الثانية له بعد حضوره لخطاب الرئيس السوداني قبل أسابيع في قاعة الصداقة. والمفارقة ان، الأمين السياسي للحزب، كمال عمر، شن هجوماً عنيفاً على رئيس المجلس الوطني قبل شهرين من الآن (بتاريخ 8 و 9 يناير)، وقال إنه جاء بتعيين من المكتب القيادي للحزب الحاكم و "انتخابات غير مستوفية للمعايير الدولية ومشكوك في نزاهتها". ودعا عمر، رئيس المجلس، لمتابعة دوره الرقابي للحكومة والتصدي "للقرارات التي من شأنها وقف حدة الفقر والمسغبة التي أثقلت كاهل الشعب السوداني وجعلته يرزح تحت وطأة البؤس". وأضاف : "علاقتنا بالمؤتمر الوطني واضحة وموقفنا أوضح بأنه لا حوار مع الحزب الحاكم إلا في حالة تنحيه وقبوله بترتيبات إنتقالية كاملة". وشدد عمر، علي ان حزبه لن يحاور المؤتمر الوطني إلا في ظل "وضع انتقالي كامل". واضاف ساخراً : ان نظام البشير بات لديه "غرام اسمه الحوار مع الشعبي". والتزم كمال عمر بعدها الصمت ومن غير المعروف من الذي يسخر من صاحبه الآن كمال عمر ام نظام البشير؟ ام ان كليهما يسخران من الشعب وذاكرته الممتلئية والتي لاتسعه لتذكر احداث موثقة وجرت قبل اسابيع فقط؟. في الاجابة علي الاسئلة السابقة يزعم بعض منسوبي المؤتمر الشعبي ان د.الترابي وحزبهم لن يصلوا لاي اتفاق مع المؤتمر الوطني وان الترابي يهدف من تقاربه لشق المؤتمر الوطني وانه شجع البشير بتقاربه علي اقصاء قيادات تعتمد عليها السلطة مثل علي عثمان ونافع وعوض الجاز. فيما يري آخرون ان القلق بات ينتاب الاسلاميين من تجربة مصر وتكتل العلمانيين ضد حركة الاخوان المسلمين وإمكانية تكرار ذلك في حال الاطاحة بالبشير. في الاتجاه الآخر يقول احد قيادات المعارضة ان كل تلك التحليلات والمواقف لاتعنيهم في شئ وان الآلاعيب الوطني والشعبي وإتجاههما للتقارب يتم التعامل معه بجدية بإعتباره خروجاً علي الهدف المعلن للمعارضة وهو (إسقاط النظام) وان اي تراجع عن هذا الهدف يتم بعد مشاورات مطولة بين اطراف المعارضة واي حوار لابد ان تسبقه اجراءات لبناء الثقة. وقال القيادي انهم فوجئوا بتحول كبير وجذري في مواقف المؤتمر الشعبي دون مبررات ومقدمات مقنعة واضاف "سيكون الحزب الخاسر الاكبر من اي تسوية منفردة وسيضيع سنينه التي قضاها مع المعارضة وكاد بسببها ان يكفر عن اشتراكه في جرائم ومذابح التسعينيات - التي يتحملها الترابي وحزبه بالكامل مع جناحه الآخر". وليس بعيداً عن ذلك، يقول رئيس تحرير صحيفة (اجراس الحرية) السابق والكاتب الصحفي المعارض فايز السليك انه لايعتقد ان "هناك ثمة خلاف بين شخصيتي الترابي والبشير وحزبيهما وان الخلاف في الاساس علي السلطة وليس المشروع ولايوجد تباعد بينهما لانهما ابناء ذات الفكرة والمشروع وان المؤتمر الوطني مظلة اخري من مظلات الجبهة الاسلامية التي كان يرأسها الترابي". واضاف : "للربيع العربي وازاحة الاسلاميين من السلطة دورٌ ايضاً في تقاربهما". ويري السليك ان الترابي ظل يحمل مرارات شخصية تجاه تلامذته خاصة علي عثمان ونافع وبالتالي عندما ازاحهم البشير مد يده للبشير لملء الفراغ ، اما البشير فيهدف من تقاربه مع الترابي كسب القاعدة الاسلامية وارسال رسالة انه لم يختلف مع الاسلاميين بازاحته لقياداتهم بدليل ان الترابي معه. والخلاصة عند السليك انهم "يلعبان علي بعضهما". وحول إنعكاسات التقارب بين الوطني والشعبي يعتقد السليك ان ذلك قد يكون من مصلحة المعارضة والقوي الديمقراطية : "لان السودان يحتاج لبناء كتل واضحة وتمييز المشاريع عن بعضها والصحيح ان يتحالف الديمقراطيون مع قوي الهامش خاصة ان المشروع الاسلامي ثبت انه ليس لديه مايقدمه سوي البندقية والحروب".