السودان..اعتقالات جديدة بأمر الخلية الأمنية    باريس يسقط بثلاثية في ليلة وداع مبابي وحفل التتويج    جماهير الريال تحتفل باللقب ال 36    جواو موتا يزور الاولمبي يحاضر اللاعبين ويباشر مهامه الثلاثاء    المريخ يكثف تحضيراته بالاسماعيلية ويجري مرانين    مصر تدعم دعوى جنوب أفريقيا ضد إسرائيل أمام العدل الدولية    قرار مثير لمدرب منتخب السودان    الروابط ليست بنك جباية وتمكين يا مجلس!!    شاهد بالصور.. (بشريات العودة) لاعبو المريخ يؤدون صلاة الجمعة بمسجد النادي بحي العرضة بأم درمان    شاهد بالصورة والفيديو.. شاب مصري يقدم فواصل من الرقص الهستيري على أنغام أغنية الظار السودانية (البخور طلقو لي لولا) وساخرون: (تم تهكير الشعب المصري بنجاح)    ضربات جوية مُوجعة في 5 مناطق بدارفور    شاهد بالصورة والفيديو.. سائق حافلة "صيني" يثير ضحكات جمهور مواقع التواصل بالسودان وهو يهتف داخل سيارته: (يلا يلا راجعين خرطوم وبل بس)    نائب رئيس مجلس السيادة يلتقي وفد مبادرة أبناء البجا بالخدمة المدنية    شاهد بالصورة والفيديو.. حسناء سودانية ترقص وتتمايل داخل سيارتها على أنغام الفنان الراحل ود الأمين: (وداعاً يا ظلام الهم على أبوابنا ما تعتب)    سعر الدولار مقابل الجنيه السوداني في بنك الخرطوم ليوم الأحد    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني من بنك الخرطوم ليوم الأحد    سعر الدرهم الإماراتي مقابل الجنيه السوداني ليوم الأحد    عضو مجلس السيادة نائب القائد العام الفريق أول ركن شمس الدين كباشي يصل الفاو    شاهد بالفيديو.. الناشط السوداني "الشكري" يهاجم الفنانة نانسي عجاج بعد انتقادها للمؤسسة العسكرية: (انتي تبع "دقلو" ومفروض يسموك "السمبرية" وأنا مشكلتي في "الطير" المعاك ديل)    شاهد بالصورة والفيديو.. بطريقة "حريفة" ومدهشة نالت اعجاب الحاضرين.. سائق سوداني ينقذ شاحنته المحملة بالبضائع ويقودها للانقلاب بعد أن تعرضت لحريق هائل    نتنياهو مستمر فى رفح .. إلا إذا...!    عراقي يصطحب أسداً في شوارع بغداد ويُغضب رواد منصات التواصل    السيسي: لدينا خطة كبيرة لتطوير مساجد آل البيت    ترامب شبه المهاجرين بثعبان    "المايونيز" وراء التسمم الجماعي بأحد مطاعم الرياض    الهلال يحسم لقب الدوري السعودي    محمد وداعة يكتب: ميثاق السودان ..الاقتصاد و معاش الناس    تأهب في السعودية بسبب مرض خطير    باحث مصري: قصة موسى والبحر خاطئة والنبي إدريس هو أوزوريس    عاصفة شمسية "شديدة" تضرب الأرض    هل ينقل "الميثاق الوطني" قوى السودان من الخصومة إلى الاتفاق؟    الفيلم السوداني وداعا جوليا يفتتح مهرجان مالمو للسينما في السويد    أصحاب هواتف آيفون يواجهون مشاكل مع حساب آبل    بنقرة واحدة صار بإمكانك تحويل أي نص إلى فيديو.. تعرف إلى Vidu    كيف يُسهم الشخير في فقدان الأسنان؟    روضة الحاج: فأنا أحبكَ سيَّدي مذ لم أكُنْ حُبَّاً تخلَّلَ فيَّ كلَّ خليةٍ مذ كنتُ حتى ساعتي يتخلَّلُ!    هنيدي ومحمد رمضان ويوسف الشريف في عزاء والدة كريم عبد العزيز    مسؤول بالغرفة التجارية يطالب رجال الأعمال بالتوقف عن طلب الدولار    أسترازينيكا تبدأ سحب لقاح كوفيد-19 عالمياً    النموذج الصيني    غير صالح للاستهلاك الآدمي : زيوت طعام معاد استخدامها في مصر.. والداخلية توضح    القبض على الخادمة السودانية التي تعدت على الصغيرة أثناء صراخها بالتجمع    الصحة العالمية: نصف مستشفيات السودان خارج الخدمة    تنكُر يوقع هارباً في قبضة الشرطة بفلوريدا – صورة    معتصم اقرع: حرمة الموت وحقوق الجسد الحي    يس علي يس يكتب: السودان في قلب الإمارات..!!    يسرقان مجوهرات امرأة في وضح النهار بالتنويم المغناطيسي    وزير الداخلية المكلف يقف ميدانياً على إنجازات دائرة مكافحة التهريب بعطبرة بضبطها أسلحة وأدوية ومواد غذائية متنوعة ومخلفات تعدين    (لا تُلوّح للمسافر .. المسافر راح)    دراسة تكشف ما كان يأكله المغاربة قبل 15 ألف عام    بعد عام من تهجير السكان.. كيف تبدو الخرطوم؟!    العقاد والمسيح والحب    راشد عبد الرحيم: يا عابد الحرمين    بيان جديد لشركة كهرباء السودان    أمس حبيت راسك!    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بإدارة ملف نفطي مشترك عقب طلاق الخرطوم جوبا..هل تنجح براجماتية الصين حيث فشل السودان؟.. الإنتاج الصيني للنفط السوداني .. نكسات وتحول أصعب
نشر في الراكوبة يوم 26 - 01 - 2011

مع اقتراب دورة الألعاب الأولمبية في 2008، تلقت الصين دورة مكثفة في سياسة الاستثمارات الأجنبية، عندما اتهمت جماعات حقوق الإنسان بكين باستضافة ألعاب ل '' الإبادة الجماعية'' بالأحرى، باعتبار أن استثماراتها النفطية في السودان، تدعم مزاعم حملة الأرض المحروقة في دارفور. ولكن بالنسبة للزعامة الصينية فإن متاعبها السودانية، قد بدأت للتو.
في بكين، كما في الخرطوم وفي أي مكان آخر في شرق إفريقيا، يجري بقلق انتظار نتيجة الاستفتاء الأخير في جنوب السودان، حول الانفصال عن بقية البلد، فإذا أكد الاستفتاء تأييد الانفصال، يمكن أن يصبح الجنوب أحدث دولة في العالم بحلول تموز (يوليو).
وحتى بعد الكلمات الاسترضائية نسبياً التي صدرت عن الخرطوم، هناك عدم ثقة عميق بالنظام في الجنوب. ويخشى البعض من أن يؤدي الانفصال إلى نشوب جولة جديدة في حرب أهلية، أودت في الماضي بحياة مليوني شخص. وبالنسبة للصين يعتبر الانفصال المحتمل واحداً من أصعب الاختبارات الدبلوماسية حتى الآن، لاندفاع بكين الطموح نحو الموارد الطبيعية الخارجية. ذلك أن 80 في المائة من النفط السوداني موجود في الجنوب، لكن الميناء المستخدم لشحنه إلى الخارج موجود في الشمال، عبر خط للأنابيب. وباعتبار الصين أكبر مستثمر أجنبي في السودان، فإنها تجد نفسها عالقة وسط الانقسام الداخلي العميق الذي يعانيه البلد.
تفاخر بكين باتباع سياسة خارجية أساسها عدم التدخل في شؤون البلدان الأخرى، وتتعهد بالعمل مع أية حكومة تتولى السلطة في أي بلد، دون أن تنجر إلى القضايا السياسية المحلية، لكن انقسام السودان الوشيك يمكن أن يدفع بالصين للعب دور غير مألوف، كوسيط الطاقة في أرض بعيدة.
يقول جين كانرونج وهو أستاذ للعلاقات الدولية في جامعة رنمين في بكين: يمكن أن يكون هذا أول اختبار حقيقي لاستراتيجيتنا القائمة على عدم التدخل.
وحسب دانيال لارج، وهو خبير في علاقات الصين في إفريقيا في كلية الدراسات الشرقية والإفريقية في لندن، فإن الصين قد تجد نفسها عالقة ''بين جيشين زاحفين'' إذا تردى الوضع.
وعلى الرغم من نشاز الاستفتاء الذي جرى في السودان، فإنه يعتبر مثالاً لما ستواجهه الصين مع توسع استثماراتها الخارجية – الأعباء الدبلوماسية المترتبة على كونها قوة عظمى طامحة. ويصر الخبراء الاستراتيجيون الصينيون على أن بلدهم لن ينجر بإغراءات الإمبراطورية، وليس لديه الرغبة في أن يصبح قوة خارجية ذات نفوذ في السياسة الإفريقية. لكن الذين ينظرون إلى الأمور بواقعية يمكن أن يقولوا إن المصالح وليست الأفكار، هي ما يشكل السياسة الخارجية للقوى العظمى. ويمكن لتوسع الصين في مجالات الطاقة، والموارد والبنية التحتية عبر المعمورة أن يأخذها إلى تعقيدات جديدة، يصبح فيها من الصعب دعم الحياد لأن بكين ستكون مجبرة على الانحياز والتأثير في الأحداث.
لاحظ تشارلز فريمان، وهو خبير في الشأن الصيني ودبلوماسي أمريكي سابق، أن البيانات الصينية في العام الماضي كشفت عن تواضع طموحاتها الدولية، في ترديد لصدى المواقف الانعزالية التي كانت شائعة في الولايات المتحدة قبل قرن.
وقال في هذا الصدد: الولايات المتحدة لم تسع في ذلك الوقت للهيمنة أو السيطرة على النظام الدولي، ولم تسع لفرض حلول عسكرية بعيداً عن سواحلها. لكن مع مرور الوقت واستجابةً للأحداث، أصبحت أمريكا تمارس الأمرين.
كانت الصين براجماتيّة ''ذرائعية'' في بناء صناعة النفط في السودان، ففي 1996 حصلت شركة النفط الوطنية الصينية، وهي الشركة الأم لشركة النفط الصينية، على حصة 40 في المائة في الامتياز النفطي الأكثر إدراراً للربح في البلد. ساعدت الصين أيضاً في بناء مصفاة لتكرير النفط ومرافق للتصدير، كما بنت خط الأنابيب الذي ينقل جزءاً كبيراً من نفط البلد إلى بور تسودان على الساحل الشمالي الشرقي. وتسيطر الشركات الصينية حالياً على نحو 40 في المائة من قطاع النفط السوداني. ويتم بيع نحو 60 في المائة من نفط البلد لعملاء صينيين، مما يجعل السودان واحداً من أكبر ستة بلدان تزودها بالنفط.
وعندما أبرمت اتفاقية السلام في 2005 التي وضعت حداً لحرب أهلية استمرت بشكل متقطع لخمسة عقود، أمِلت الصين أن يكون ذلك مقدمة لتكامل اقتصادي وسياسي أكبر بين المنطقتين. وازدادت وتيرة الاستثمار الصيني. لكن الاتفاقية دعت أيضاً لاجراء استفتاء (على تقرير المصير)، وأصبح من الواضح بشكل متزايد أن الجنوب، الذي تهيمن عليه المعتقدات المسيحية والتقليدية، يتّجه نحو الاقتراع لصالح الانفصال عن الشمال ذي الغالبية المسلمة.
تعارض الصين عادة وبقوة حدوث انفصال في البلدان المتعددة الأعراق، خشية أن يشجع ذلك المطالب المشابهة لجماعات عرقية كثيرة موجودة فيها، لا سيما في هضبة التبت والسكان المسلمين من طائفة الإيغور في منطقة كسيجيانج ''تركستان الشرقية''، أو يشجع الدفع نحو الاستقلال من جانب تايوان.
على سبيل المثال، رفضت الصين أن تعترف بكسوفو التي أعلنت استقلالها عن صربيا في 2007.
ولكن مع ظهور المؤشرات على احتمال انفصال الجنوب السوداني، أصبحت بكين تدرك أنها تواجه العداء من حكومة مستقلة في الجنوب، ترى في الصين داعماً رئيساً لعدوها. وينظر الكثيرون في جنوب السودان إلى استثمارات بكين في تسعينيات القرن الماضي، التي كانت تدور فيها الحرب الأهلية، كتدخل ضمني غير معلن إلى جانب الخرطوم.
في العام الماضي قال نائب رئيس حركة التحرير الشعبي في السودان، وهي المجموعة السياسية الرئيسة في الجنوب: إذا أرادوا حماية موجوداتهم، فإن السبيل الوحيد هو تطوير علاقة قوية جداً مع حكومة جنوب السودان، واحترام نتيجة الاستفتاء، وعندها سوف نعمل معهم.
من أجل الدفاع عن مصالحها والمحافظة على تدفق النفط، تبنت الصين دوراً أكثر دقة، فقد دعمت نشر قوات حفظ السلام الأممية في وجه معاداة الخرطوم لهذه العملية، وفتحت قنصلية لها في مدينة جوبا، العاصمة المفترضة للجنوب المستقل. كما شهد العامان الماضيان سلسلة من زيارات مسؤولين صينيين لمدينة جوبا، وزعماء من جنوب السودان لبكين منهم سلفا كير، رئيس الحركة الشعبية لتحرير السودان الذي زار العاصمة الصينية مرتين. شركة النفط الصينية تبني بدورها مختبرا للحاسوب في جامعة جوبا، سيحمل اسم الشركة.
تدخلت الصين أيضاً عندما ظهرت تقارير تفيد بأن حكومة الخرطوم قد تؤجل الاستفتاء. دعا ليو جوجين، المبعوث الصيني الخاص لإفريقيا، إلى أن يمضي التصويت قدماً وإجرائه في الموعد المحدد، ولمساعدة دولية للتأكد من مصداقية العملية.
في الغرب، ينظر أحياناً لسياسة عدم التدخل كذريعة لدعم بكين الأنظمة البغيضة. لكن بالنسبة للصين، فإن هذه السياسة مهمة للادعاء بأنها تعمل في إفريقيا على نحو يختلف عن القوى العظمى الأخرى، وعلى نحو بعيد عن الاستغلال.
هذه نقطة دعاية قوية لدى الحكومات وتوفر قيداً مفيداً على الفئات الأكثر ميلاً للمغامرة في دولة الحزب الصيني.
يقول أحد العلماء العاملين في مركز للفكر في بكين: إننا نعلم أنه لا يمكن تنفيذ هذه السياسة في كل حالة، لكنها مفيدة جداً لدرجة أن الصين لن تتخلى عنها علانية لوقت طويل.
لكن السودان ليس بأية حال البلد الوحيد الذي أصبحت فيه الصين مضطرة للتورط في السياسة المحلية، فعلى المستوى الظاهري، تعتبر علاقات الصين مع بورما مثالاً تقليدياً على سياستها الخارجية على أساس مبدأ العمل أولاً: حصلت الشركات الصينية على أفضلية الوصول إلى أجزاء من موارد ذلك البلد الوفيرة، مقابل إرجاء تنفيذ العقوبات الدولية عليها. إحدى الشركات الصينية تبني سداً لتوليد الكهرباء من الطاقة المائية في شمال بورما، بينما بدأ العمل أخيراً في مد خط للأنابيب بطول 1200 ميل وبتكلفة قدرها 2.5 مليار دولار، لنقل النفط إلى الصين من ميناء يقع على خليج البنغال.
أما تحت السطح فيجرى جر الصين أكثر فأكثر للتدخل في شؤون بورما الداخلية، لا سيما في الصراع الدائر بين الحكومة في إقليم نايبيداو، والجماعات العرقية التي تشكل نسبة 40 في المائة من السكان. في العام الماضي، اجتاز نحو 30 ألف لاجئ الحدود إلى الصين عندما اندلع القتال بين الجيش والمليشيا في منطقة كوكانغ الحدودية، الواقعة في شمال شرق بورما،
سيمر خط الأنابيب بعدة مناطق تسيطر عليها الجماعات العرقية، ما يعرضه لخطر التخريب. ويقع مشروع سد ميتسون في ولاية كاشين، وهي واحدة من المناطق التي تعتبر فيها سلطة الحكومة المركزية الأضعف، فيما يظل مستوى التوترات العرقية فيها الأعلى. وفي آذار (مارس) الماضي انفجرت عدة قنابل حول المشروع، وأفادت تقارير أن عدة أشخاص قتلوا في التفجيرات، من بينهم عمال صينيون.
وفي ضوء العلاقات القوية بين الجماعات العرقية على جانبي حدود الصين مع بورما، لعب المسؤولون المحليون في تلك المنطقة التابعة للصين دوراً في التوسط في الصراع في الماضي. لكن حالة عدم الاستقرار الأخيرة والاستثمارات الجديدة، زادت انخراط الصين المباشر في القضايا العرقية لبورما.
يقول دبلوماسيون في بكين إن قادة منظمة استقلال كاشين، زاروا العاصمة الصينية عدة مرات في العام الماضي. وحسب تقرير حديث صادر عن مجموعة الأزمات الدولية التي أجرت مقابلات واسعة على جانبي الحدود، علق أحد قادة كاشين قائلاً: ينبغي أن تكون الصين جزءاً من الحل لمشكلة ميانمار العرقية، إذا أرادت أن تضمن سلامة خط الأنابيب. وتضيف مجموعة الأزمات الدولية أن بكين ''وظّفت إثر ذلك الكثير من الموارد الدبلوماسية، لتسهيل المفاوضات بين الحكومة العسكرية والجماعات العرقية.''
أعطت باكستان، التي تحظى فيها الصين باستثمارات كبيرة أيضاً، إشارات على أن بكين بدأت تخفف من دعمها القوي للحكومة. حدثت عدة عمليات خطف لصينيين في باكستان، منها اختطاف مجموعة من النساء الصينيات في 2007، مما أدى إلى حصار المسجد الأحمر في مدينة لاهور.
يقول أندرو سمول، وهو خبير في الشأن الصيني في صندوق مارشال الألماني: يبدو أن الصين أصبحت أقل ثقة بقدرة الحكومة المدنية على حماية المصالح الصينية في البلد، ونتيجة لذلك بدأت بعملية للاتصال بالجماعات الدينية في المجتمع الباكستاني. وخلال الأعوام الثلاثة الماضية، زار زعماء الأحزاب السياسية الدينية بكين. وفي العام الماضي، وقع الحزب الشيوعي الصيني اللاديني مذكرة تفاهم مع الجماعة الإسلامية، التي تعتبر أقدم حزب ديني في باكستان.
ويقول: إن الصينيين يتعاملون مع مجموعات كانوا لا يرتاحون للتعامل معها في الماضي. لكن هناك شعوراً بأن هذه الأحزاب لديها اتصال أفضل مع المجموعات المتطرفة مما لدى الحكومة.
لكن السودان هو البلد الذي يواجه فيه الصين أقسى الاختبارات الدبلوماسية. إن القبول السلمي بنتيجة الاستفتاء المتوقع ظهورها الشهر المقبل، هو الخطوة الأولى فحسب. يمكن أن يعني التصويت بنعم أن الجانبين سيواجهان مفاوضات صعبة، ليس على موضوع الحدود فحسب، بل وكذلك على تقاسم الإيرادات النفطية وعلى الديون وكلها يمكن أن تمس الصين بشكل أو بآخر.
ومع ضعف البنية التحتيّة التي يمكن الحديث عنها في الجنوب، ستكون الحكومة الجديدة في حاجة أيضاً إلى المساعدة في عملية بناء البلد.
ستواجه بكين أيضاً الموضوع الحساس المتمثل في خط الأنابيب، الذي يمتد من حقول النفط إلى الساحل الكيني الذي يدفع لإنشائه بعض المسؤولين في الجنوب وفي كينيا. ولا تريد الصين أن تستثنى من هذا المشروع إذا أصبحت خطط إنشائه أكثر جدوى أو قابليّةًً. لكن من المحتمل أن يتم إذكاء الاستياء في الشمال الذي يخشى أن يُحرم من الثروة النفطية.
من الناحية النظرية، يمكن أن يوفر الاستفتاء فرصة للولايات المتحدة والصين لكي تتعاونا من أجل منع تجدد الحرب الأهلية، أو خلق دولة ضعيفة في نهاية المطاف في الجنوب. لقد توسطت واشنطن من أجل التوصل إلى اتفاقية السلام، ولديها علاقات قوية مع الحركة الشعبية لتحرير السودان. وبالعمل سويا مع الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي، فإن لديهما القدرة على المساعدة في التأثير لتحقيق انفصال سلمي وعملي.
ولكن إذا تردى الوضع، يمكن أن يكون السودان سبباً في حدوث توترات جديدة بين الصين والولايات المتحدة. ويحذر النشطاء الأمريكيون من أنه إذا خلقت الحكومة في الشمال مشكلات في أعقاب الاستفتاء، ينبغي على الولايات المتحدة أن تمنع تصدير النفط من بورتسودان عقاباً للخرطوم مع العلم بأن شحنات النفط من المرجح أن تذهب إلى الصين. وبطريقة أو بأخرى، فإن تداعيات التصويت الذي جرى في الشهر، ستمتد إلى ما وراء السودان.
الإنتاج الصيني للنفط السوداني .. نكسات وتحول أصعب
كاترينا مانسون
إذا استطاع كبار المسؤولين في جنوب السودان أن تمضي الأمور كما يريدون، فإن تحول الصين من منتج للنفط في السودان إلى منتج للنفط في دولة الجنوب الجديدة، يحتمل أن يكون أمراً صعباً.
يقول حاكم ولاية الوحدة المنتجة للنفط، بالقرب من الحدود بين الشمال والجنوب، إنه يريد أن يفتح ثلاث مساحات أخرى أمام العروض الجديدة للتنقيب عن النفط. ولدى شركة النفط الصينية الوطنية المملوكة للدولة 40 في المائة من المساحات المخصصة للتنقيب عن النفط، بالقرب من الحدود من خلال تجمع شركة النيل العظمى للعمليات النفطية، حيث لدى شركة كارجيالي البحرية التابعة لشركة بتروناس الماليزية، ولشركة النفط الهندية فيديش ONGC Videsh، حصص في هذه المناطق.
يقول حاكم الولاية تعبان دينج، إن الصينيين لم يطوروا الامتياز بشكل فعّال. ويضيف أن معظم النفط يضيع هناك، وكان يتحدث وهو يجلس في ظل شجرة مانجو خارج بيته في عاصمة الولاية. لا أعتقد أننا سنحتفظ بهذه العملية. ويقول كذلك إن الصينيين لوثوا المنطقة، وفشلوا في توظيف السكان المحليين.
هنالك ما يراوح بين 93 – 125 بئراً عاملة في حقل النيل الأعظم، حيث تضخ نحو 31 ألف برميل من النفط يومياً. وهم يلومون النكسات التقنية في ضآلة الإنتاج. الهواء مشبع بالدخان، وروائح كثيفة تنبعث من بحيرة نفط سوداء اللون. وينادي المؤذن المصلين لأداء الصلاة، حيث إن معظمهم من شمال السودان المسلم. ومنذ استقالة العدد القليل من ذوي المهارات خلال الفترة الأخيرة، يخلو المعسكر من عمال المنطقة الجنوبية التي تهيمن عليها شبكات مسيحية قوية. ويقول الأمين الطاهر، مراقب هذا الحقل النفطي: قد يعتقدون أن المكان غير آمن لهم.
تقتضي اتفاقية السلام التي أنهت عقوداً من الحرب الأهلية في 2005، أن يتم تقاسم عوائد نفط الجنوب مع الشمال غير أن إنتاج ونقل النفط مترابط للغاية، بحيث يصبح من غير الواضح معرفة مصدره.
يقول ياسر صيام، مدير عمليات حقل الوحدة: سيحتاجون إلى تغيير كل طرق القياس لمعرفة الكمية التي تُنتج في الجنوب.
أما في جوبا، العاصمة المقترحة لدولة الجنوب المستقلة، فإن الصينيين يعتقدون أنهم الوحيدون الذين يملكون معرفة إنتاج النفط هناك. يقول زهانج جون، القنصل الصيني للشؤون الاقتصادية في هذه المدينة: إن تعبان صديق لنا، وربما كان يشكو من بعض الأمور.
ويقول المسؤولون الصينيون، إنه في أية حال، فإن من غير الواضح مدى تأثير مسؤولي الولايات، مقارنة بمسؤولي الحكومة المنتظرة.
إن الصين نفسها غير سعيدة بظروف عمليات الإنتاج، حيث تعرض عمالها إلى الخطف، كما لم يتم دفع مستحقات اثنين من المتعهدين على الأقل، ويضاف إلى ذلك أنه تم إلقاء القبض على ثلاثة من المواطنين الصينيين في جوبا هذا الأسبوع. وقال زهانج إن مواطنينا يخاطرون بحياتهم، حيث إن هذا مجتمع بعيد عن أن تسير أموره وفقاً للقوانين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.