تعتبر هبة سبتمبر الجماهيرية الشعبية، احتجاجا على زيادة اسعار الوقود و ارتفاع الاسعار، مرحلة مهمة في تاريخ الحركة الجماهيرية السياسية في البلاد يصعب تجاوزها، عقب انفصال الجنوب، عندما خرج الآلاف إلى الشوارع في تظاهرات سليمة ضد زيادة اسعار المحروقات، حيث واجهتهم الاجهزة الامنية بالرصاص و القتل و الاعتقال، ما أدى إلى سقوط أكثر من 200 شهيدا حسب منظمات مدنية، فيما اعترفت الحكومة باغتيال 80 متظاهرا فقط. و بعد أكثر من ثلاثة أشهر من زلزال سبتمبر الذي هز أركان السلطة، فشعرت الحكومة بالخطر فسارعت إلى اعلان الحوار مع القوى السياسية و حاملي السلاح، و إجراء الاصلاح السياسي، هرباً من مصير محتمل من انهيار الدولة خاصة مع تدهور الاوضاع الاقتصادية و اتساع دائرة الحرب إضافة إلى تصدع النظام من الداخل، بعد انشقاق الاصلاحيين، وتضيق الخناق على المحيط الإقليمي و العربي و الدولي. إلا أن دماء شهداء سبتمبر ستظل تطارد السلطة و معاونيها، كما ان جرائم القتل و التعذيب لا تسقط بالتقادم، لذا فان قضية الحوار حتى لو أدى لتفكيك السلطة لا تمثل طوق نجاة للنظام من الجرائم التي ارتكبها طيلة سنين حكمة، و على الرغم من قرارات الرئيس بإطلاق سراح المعتقلين و اتاحة الحريات، مازالت محاكمة متظاهري هبة سبتمبر من الخوجلاب ببحري و أمدرمان مستمرة، في الوقت الذي ينتظر المئات من الجرحى و المصابين العلاج، ومازالت اسر الشهداء تطرق أبواب العدالة التي أوصدت في وجههم بحثاً عن القصاص، إلا انهم مازالوا صامدين. مطالب بتدخل افريقي لتحقيق العدالة من جهة اخرى طالبت منظمة هيومن رايتس ووتش المعنية بدفاع عن حقوق الانسان في العالم المجتمع الدولي واللجنة الافريقية لحقوق الانسان لتولى التحقيق في قضايا الاغتيالات والتعذيب والاعتقالات التي قامت بها القوات الحكومية ابان المظاهرات التي شهدها السودان في سبتمبر من العام الماضي وقالت المنظمة في تقرير حديث صدر الاثنين الماضي عن أوضاع حقوق الانسان في السودان، " إن السلطات السودانية أخفقت في توفير العدالة بالنسبة للعديد من المدنيين الذين قُتلوا في الاحتجاجات المعارضة للحكومة في سبتمبر 2013م،وتابعت: يجب على السلطات السودانية الإفراج عن جميع المعتقلين السياسيين المتبقين في السجون والتحقيق في مزاعم الانتهاكات والتعذيب بحق المحتجزين وقال دانييل بيكيل مدير قسم أفريقيا في المنظمة : (على السودان النظر في الأدلة على قيام قواته بقتل الكثيرين أثناء الاحتجاجات، واعتقالها المحتجزين تعسفاً وتعذيبهم، بدلاً من التحقيق في هذه الجرائم، تستخدم الحكومة السودانية القسوة والعنف في إسكات من تتصور أنهم خصوم لها) ورصد تقرير المنظمة المعنون "وقفنا... وفتحوا علينا النار: أعمال القتل والاعتقالات التي ارتكبتها قوات الأمن السودانية أثناء احتجاجات سبتمبر" الصادر في 32 صفحة، أعمال القتل غير القانوني والاحتجاز التعسفي والمعاملة السيئة والتعذيب للمعتقلين، وغير ذلك من الانتهاكات الجسيمة التي ارتكبتها قوات الأمن الحكومية ،وقال شهود ل(هيومن رايتس ووتش)، إن السلطات منعت أيضاً الأهالي من السعي لإحقاق العدالة، وأن مسؤولو المستشفيات رفضوا إمداد الأهالي بالأدلة الطبية، ورفضت الشرطة والنيابة فتح التحقيقات. ومن بين أكثر من (50) شكوى تم تقديمها من قبل الأهالي، وصلت شكوى واحدة فقط إلى المحكمة ،وقال المحامون المشاركون في تلك القضية بحسب التقرير إن هوية الجناة معروفة وقد أمكن لعائلة الضحية توفير أدلة. لكن في الأغلبية العظمى من القضايا لم تتحرك السلطات، ووضعت عبء الإثبات على كاهل عائلات الضحايا، من حيث التعرف على هوية الجناة وتوفير أدلة عليها، وهو ما لا يمكن لأغلب الأهالي الاضطلاع به وقالت هيومن رايتس ووتش إنه نظراً لإخفاق السودان في التحقيق وتوفير العدالة، فإن على اللجنة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب أن تتدخل لفحص أعمال القتل والانتهاكات الأخرى، من المقرر أن تجتمع اللجنة في لواندا أواخر أبريل الجاري. وقبيل الاحتجاجات، قام عناصر من جهاز الأمن والمخابرات الوطني باعتقال شخصيات من أحزاب المعارضة ونشطاء حقوقيين، وبالإضافة إلى الشرطة وأجهزة الأمن الأخرى، استمروا في اعتقال الأفراد أثناء الاحتجاجات لمدة أسبوع تقريباً وقال التقرير ان الشرطة وجهاز الأمن والمخابرات الوطني احتجزت أكثر من (800) شخص في مواقع مختلفة، طبقاً لجماعات سودانية ترصد الأحداث وقال دانييل بيكيل: (على قادة السودان احترام الحقوق المدنية والسياسية الأساسية، لا سيما فيما يتعلق بالمعارضة أثناء هذه الفترة الانتقالية) وتابع: "عليهم البدء في توفير العدالة لضحايا حملة قمع سبتمبر والإفراج عن المعتقلين تهديدات بنقل الملف إلى المحكمة الجنائية الدولية لوحت لجنة التضامن مع أسر الشهداء والجرحى والمعتقلين بتصعيد قضية شهداء ومصابي مظاهرات سبتمبر الي المحكمة الجنائية الدولية، عقب استكمال الملف داخل البلاد وقال رئيس اللجنة القانونية باللجنة المحامي معتصم الحاج إن اللجنة لديها نحو (84) بلاغا سوف يدفعون بها ضد السلطات الامنية. استمرار محاكمة المتظاهرين فيما إستمعت محكمة جنايات بحري أمس الاول الي أخر شهود الاتهام والبالغ عددهم (أثنين) في قضية معتقلي الخوجلاب الذين تم توقيفهم عقب تظاهرات سبتمبر الماضي،وقالت عضو هيئة الدفاع عن المتهمين المحامية أمال الزين في تصريح صحفي امس الاول ان المحكمة في جلستها الثلائاء استمعت الي أخر اثنين من شهود الاتهام وهم :عوض علي احمد البدوي مساعد شرطة وهو شاهد الاتهام رقم (10) الي جانب شاهد الاتهام رقم (11) حسين عثمان عبد الحميد (جندي) وأوضحت ان شاهدي الاتهام تمت مناقشتهم بواسطة محامو المجموعة الاولي من هيئة الدفاع ونبهت الي ان بقية هيئة الدفاع ستواصل سماع شاهدي الاتهام في جلسة الثلاثاء المقبل ومن ثم (قفل) قضية الاتهام .وتوقعت اطلاق سراح اعداد كبيرة من المتهمين البالغ عددهم حوالي(33) متهم عقب إستجوابهم مباشرة لعدم وجود بينة مبدئية تبرر مواصلة اتهامهم.ورددت(القضية تمضي بشكل جيد)، من جانبه توقع الحاج ممثل الاتهام في قضية الشهيدة الطبيبة سارة عبد الباقي التي قتلت بالرصاص في مظاهرات سبتمبر الماضي، توقع إصدار الحكم النهائي من قبل المحكمة الشهر القادم وقال انه سلم مرافعة الاتهام أمس وفي ذات الوقت أعلن إستلامه لمرافعة الدفاع. وأوضح الحاج انه دفع بقضية اتهام متماسكة وواضحة.وفي ظل إستمرار الشد و الجذب، بين المعارضة و الحكومة حول قضايا الحوار، و متطلباته ونتائجه، سيظل مطلب إطلاق سراح معتقلي المظاهرات و تحقيق العدالة و محاسبة قتلي مظاهرات سبتمر، يتردد في كل قاعات الحوار و التفاوض. الميدان