* الصورة أحياناً مخادعة؛ والإنجراف نحوها بالتسليم على أنها الحقيقة المطلقة فيه تسفيه كبير لعقولنا.. فما علينا عند مواقيت الإلتباس سوى ترجيح الإحتمالات المتعددة؛ شريطة التأكيد الدائم بأن السلطة في السودان بغير فسادها إما سفيهة وإما راقصة على أقل الفروض..! * وتنتشر في أيامنا هذه ظاهرة الرقص وسط قطاعات نظامية ملأت فضاء الانترنت بخلاعاتها وزغاريدها وهز أردافها.. مظهر يوحي بأنه مقصود؛ وقطعاً لا حُمرة خجل تَعقُب "إهتزاز" الزعيم.. فأي جندي نظامي أو مليشيوي سيفعلها وهو يرى الفاصل الشهير ل(المشير الراقص)، ويمكن لذات الجندي رفع أنفه أمام أية جهة ترغب في تأديبه بالقول: (هي بِقت علينا نِحن)..! * قبل الاستطراد تعالوا نضع بعض الاحتمالات والتعليقات: 1 لا غبار على حرفية الشرطية (الماكنة..!) التي فضحها مقطع فيديو وهي تلعب بمؤخرتها متحدِية (الراقصة دينا)؛ لا غبار عليها لولا اللبس الذي ترتديه، وهو شئنا أم أبينا يرمز لوطنٍ ما زال يحدونا رجاء لإصلاحه بعد زوال الغمّة.. لكنه زمن البشير؛ نحتمل شذوذه مكرهين.. وكفى..! 2 داخل غرفتهم الخاصة وليس الشارع؛ رأينا عبر "اليوتيوب" أفراد شرطة استبانت إمكاناتهم في الرقص الشاذ بالزي الرسمي؛ ربما كانوا يمرحون عفوياً.. لكن نشر المقطع على الانترنت بالأسلوب المرئي يقلل من العفوية ويجعل المشهد مائلاً نحو أغراض مدروسة للسلطة منزوعة الحياء؛ (هذا معلوم بالضرورة) بدليل إنهم شغلونا الآن، كما شغلونا أمس بمسرحيات الإمام الصادق؛ أولاد الوالي الحرامي؛ أراضي وكيل العدل؛ شحنة المخدرات.. الخ.. ولا عجب فنحن نعيش مع سلطان جائر غير مبالٍ بشيء سوى مصيره الخاص جداً..! 3 في حظيرة "آل بشير" ليس كل من لبس هندام البوليس شرطي..! فربما كان الراقصون (جنجويد) أي من الكتائب التي أضافوها مؤخراً لكتائب الفقر..! وربما أفراد يتبعون (للتنظيم) فمليشيات الجهل تفعل ما تريد وتصلّي أمام قادتها..! والقارئ ليس بحاجة إلى تعليلات وشروح في هذه الجزئية..! لكن من المفيد معرفة أن الفيديوهات المثيرة تخرج من مراكز تخص السلطة؛ ولها في ذلك عرَق وسهَر..! 4 أيّاً كان الزغرادون المتلاعبون بمؤخراتهم وصدورهم؛ فهم يمثلون نظاماً إسلاموياً منحطاً فشل في "زغردَة" أحوال الناس بالتي هي أحسن؛ فاستعاض بأصلاب السفهاء التي تُعتبر أفضل عنوان لعصابة الخرطوم..! والأخيرة لن يضيرها كثيراً قلة حياء بضعة أفراد رسميين؛ بل ينفعونها؛ وقد يتم تحفيزهم على (نجاح الفيلم)..!! * السؤال: كيف يطيق بعض المحترمين في الشرطة إنتماء أولئك (المهتزّون) إليهم..؟ وسابقاً شاهدنا كشف حال السجن الراقص؛ ولما نشرنا الفيديو على صفحة (فيس بوك) إتصل بي أحدهم يرجو أزالته.. قلت له: أزيلوا النظام (الوسِخ) أولاً..! خروج: * قبل عامين طرق بابي شخص.. عرفت لاحقاً ميلهِ إلى "الضحك" بعفوية يحسد عليها.. لم استطع التعاطف معه بداية؛ فهو لدى الغالبية نموذج يعكس وجه سلطة تهين النساء.. عرّفني بنفسه (قدو قدو).. ومع مرور الأيام أيقنت بأن مهنتنا تستوجب الاستماع للآخر بإمعان.. ليس من العدل أن ندعي الشفافية ونرفض الاستجابة لنداء أحد الأفراد جُرِّد من وظيفته..! أخبرني بفصله من الشرطة بعد ظهوره ضاحكاً بعمق في الفيديو الشهير الذي حوى مشهد سيدة سودانية تم جلدها بقسوة.. قال الشرطي السابق وهو يضحك: (والله أنا جلدتها 3 سيطان "باردات" وكان غصباً عني أجلدها بعد أن تعب زميلي من جلدها)..! * مرافق ضيفي كال المدح حتى قلت له رويدك؛ حكى لي بأن "قدو قدو" محبوب؛ ليس عدوانياً؛ كل من عرفه لمس فيه خصال بعيدة عن الشر.. وهو شرطي منضبط لولا طبعه الضاحك..! * أضاف قدو قدو والابتسامة العريضة في مكانها: (بعد أن شاهدوني في الإنترنت؛ الناس رسموا عني صورة "بطّالة" وتم فصلي من الخدمة؛ يعني خسارتين.. وطبعاً مافي زول جاب سيرة القاضي الذي حكم على السيدة بالجلد في ذلك المكان المكشوف.. لكن أنا دفعت تمن التلاتة سيطان والضحكة الظّهَرَتْ في الفيديو.. وهسّه جاييك مخصوص لما كلموني إنك بتكتب عن المظلومين.. وداير منك نداء للمدير عشان ينصفني)..! * لم أكتب النداء للمدير في الصحيفة، فقط احتفظت بالوثيقة.. لكن حتى لا أغش زائري اتصلت على مضض بضابط أعرفه جيداً، رويت له قصة "القدو قدو" وكيف حضر لدارنا متأثراً من قرار الفصل معتبراً ذلك منتهى الظُلم وكان يمكن تخفيف العقوبة حسب اعتقاده.. سردتُ للضابط قصة ضيفي بشفافية وحياد دون الخوض في تفاصيل إرجاعه للخدمة من عدمه.. طلب الضابط حضور الجندي عزالدين اسحق الشهير ب(قدو قدو) لمكتبهِ؛ ولم أعرف بعدها ماذا حدث له..! ما أعرفه أن الشرطة منذ سنوات طويلة مأمورة بالصلاة خلف رب البيت الذي يضرب الدفوف ويتثنى فوق جثث وجراح الملايين (مواطنين وجنود متعبين).. وهي أي الشرطة مؤسسة تتأثر بالطقس العام للنظام الأمني القائم على "الفتِل" والفوضى وحب الشهوات (بما فيها شهوة الانتقام)؛ لا نلومهم إذا "تحَتْحَتوا" راقصين فوق خوائهم قبل لوم القيادات.. ألم يروا رأس الصنم الراقص؟ (فالبادي أظلم..!) الشرطة مثل غيرها من مؤسسات "بني كوز" بحاجة إلى إغاثة (أخلاقية).. ولن تكون إذا لم يتغير عهد مسيلمة؛ أو الضابط (أبو دِقن)..! أعوذ بالله