لم يجد رجل الاعمال الامريكي مستر هادي خيارا غير ان يزور الخرطوم هذه الايام..صديقنا هذا الذي فتح الله عليه من اصول سودانية ..رأى ان من واجبه ان ينفق بعض من أمواله في مشاريع استثمارية بالسودان ..اول الغيث عمارة صغيرة في الخرطوم بحري تمثل نموذجا لفندق في المستقبل..انتهى رجل الاعمال من (التشطيبات) النهائية التي جاءت لتضيف بعدا جديدا للعمران في السودان ..قبيل عامين أراد افتتاح المشروع ..وزارة الكهرباء طالبته بربع مليار جنيه لإكمال التوصيلات الكهربائية ..كلما يتأخر المستثمر في السداد يتم أخباره ان المبلغ سيزيد وفقا لتراجع الجنيه السوداني ..الان قرر مستر هادي ان يزور الخرطوم تحت شعار (يا غرق يا جيت حازمة)..اغلب الظن لن يجد الرجل حلا وسيقوم بتجميد المشروع. الامجد مصنع حديد محترم يمثل نموذجا لنجاح الاستثمار العربي في السودان ..هذا المصنع اضطر لشراء محطة توليد كهربائية..بعد استخدام الآلة الحاسبة رأى هؤلاء المستثمرون ان الافضل لهم صناعة كهرباء خاصة بهم بدلا من شراء ذات الخدمة من الحكومة..بالطبع ليس بإمكان كل المستثمرين ابتداع حلول ذكية ومسيئة للبيئة..بعض رجال الاعمال العرب غادروا السودان *بعد اربعة وعشرين ساعة لأنهم لم يجدوا فندقا في نهر النيل ليقضوا ليلتهم..اخرين من اقصى الغرب تمتنع السفارات السودانية من منحهم سمة الدخول خوفا من ان يكونوا في مهام استخباراتية كما يتراى لبعض صناع القرار في الخرطوم . في الاسبوع الماضي اعترف وزير الاستثمار الدكتور مصطفى عثمان ان عدم تيسر الإمداد الكهربائي أعاق اقامة نحو (723) مشروع استثماري في السودان ..فيما يرى رجل الاعمال علي ابرسي ان المشاريع الهاربة ضعف ذاك الرقم ..هذه الصعوبات وأخري أدت لهروب مليار دولار الى الشقيقة اثيوبيا..هذا المليار ليس استثمارا أجنبيا حط رحله بالخرطوم ثم طار يبحث عن آفاق آمنة ..المبلغ المذكور راس مال سوداني مائة بالمائة ضاقت عليه السياسات الاقتصادية فهرب الى الجار الجنب..المال الهارب الى الخليج اضطرت السلطات السودانية ان تتعامل معه بخشونة يوم منعت إعلانات في الصحف تسوق لشقق تمليك في دبي..من يستطيع شراء هذه المنازل هم رجال اعمال بداوا رحلة الهروب الجماعي او يرسمون الخطة (ب) للخروج من بلد الكارثة فيه لا تمثل مفاجأة غير سعيدة للحكام. في تقديري ان الاستثمار الأجنبي نافذة من نوافذ الأمل التي يمكن ان تضخ أكسجين الحياة في الاقتصاد السوداني..للأسف هذا الاتجاه محفوف بعدد من المخاطر ..فشلنا حتى هذه اللحظة في توفير بيئة جاذبة للاستثمار الأجنبي..بالامس نواب في البرلمان كانوا يحتجون على ما اسموه بالاستثمارات الهايفة المتمثلة في المطاعم العربية..هؤلاء النواب نسوا ان الاقتصاد في كل الدنيا تحركه الاعمال الصغيرة..مثل هذه المنشئات تكبر ان وجدت ظروف مواتية..بل ان بعضها يمكن يتوسع فيما يسمى في الاقتصاد بالترابط الأمامي والخلفي ..مثلا ينشئ صاحب مطعم ناجح مزرعة للدواجن او يلحق بمطعمه الرائع فندقا فخما..النظرة الخاطئة *للاستثمار واستصغار اجتهادات الافراد تجعل هؤلاء وأولئك يفكرون في الهروب بعد اعادة تصدير أموالهم الى بلاد تحترم (البسنزس). بصراحة ما يهدد الاستثمار الاجنبي هو الرؤية السياسية الكلية للحكومة..في هذه اللحظة بنك (بي ان بي ) الفرنسي يتفاوض مع الحكومة الامريكية لدفع غرامة مليارية.. البنك الفرنسي عرضا مليار دولار وواشنطن تطالب بستة عشر مليار..كلما اغترفه البنك من اخطاء انه تعامل ماليا مع الحكومة السودانية ..منذ سنوات طويلة فقدنا السوق الغربي الذي وضعنا في قائمة الدول سيئة السمعة.. الان بسبب سياسات خرقاء بدا الخليج العربي يغلق ابواب التعامل اقتصاديا مع السودان..لم يتبقى لنا سوى الصين التي تمارس دور المحتكر في فرض شروطها الاقتصادية المجحفة. بصراحة ان لم تراجع الحكومة كل سياساتها الخارجية فسنعيش في عزلة قاسية عن العالم وضربة البداية ستكون اقتصادية . التيار. [email protected]