ينات، اعتدت ومنذ كنت صغيرة وخلال سنوات طويلة عشتها بين أربع حيطان في صحراء الخليح الحارقة، بأن أصوم وأفطر على طاعة الله وحفظ القرآن ومشاهدة البرامج الرمضانية الهادفة التي تدعونا للاستفادة من الشهر الكريم ومحاولة محو ذنوبنا والتفكير في غيرنا من الفقراء الجائعين. ولم تكن المحطات، رغم تعددها تتجرأ وتقدم ما تتجرأ في تقديمه المحطات الحالية من خلاعة وابتذال و«قلة أدب». كنت أذكر أن مجرد أن تُرَكِب «دِش» ستلايت في المناطق النائية كمنطقتنا يعتبر «عرسا» وفرحة لا توصف. واليوم وبعد ثلاثة عشر سنة في الغربة بين «الكفار» و«العلمانيين» الفرنسيين أعود لأعيش أجواء رمضان من جديد وأُعَرِف أولادي على ثقافتنا العربية والإسلامية. ولكنني ربما أخطأت بمجيئي فرمضان اليوم لم يعد كرمضان زمان، رمضان اليوم أصبح مجرد «عيد ميلاد مجيد» يحتفل فيه الاوروبيون ليجتمعوا سويا «مرة في السنة» ليس لأهداف دينية بل ل»عمل الواجب». ولم يعد التلفاز رغم تعدد محطاته وكثرتها إلا وسيلة دمار لعاداتنا وتقاليدنا القديمة. أصبحت المحطات تنتقي ما لا يناسب المواطن العربي وتبث سمومها ال»لا شرقية ولا غربية» لتدمر أجيالا عربية وتقدم لهم ما لا يشبه واقعهم أبدا، ليعانوا بسببها «إحباطات» و«خيبات» بين ما تقدمه المحطة من «خيال» و«فانتازم» وما يفرضه الواقع الذي لم ولن يتغير. أصبح التلفاز في رمضان مجرد نوستالجيا وذكريات حزينة أتأكد من خلالها أن ال»فات مات» ولن يعود أبدا. هيفا وهبي «بيبة» اللهم إني صائم! شاهدتُ كظهور ال»سكسي ليدي» لأول مرة في عمل درامي تلفزيوني، وأيقظت كافة حواسي لأتمتع بمشاهد ال»هيفا» المثيرة حتى وهي محبوسة ومظلومة ومهانة ومشحبرة من «الماسكرا» بسبب دموعها المسكوبة. لم تتخل هيفاء عن أناقتها وعدساتها ال»لينسيز» الملونة وحذاء «شوز» ال»كونفيرس» الأبيض ليليق بالجينز والقميص الأحمر «الكاروهات» حتى وهي سجينة. وأنا متأكدة بأن هيفاء أشعلت غرائز الملايين من الصائمين «الجوعانين» بحمرة شعرها الناري وماكياجها «الفُل ميك أب» وقيامها بدور الفتاة المسكينة عاشقة ال»ضيعة» وماكينة الخياطة «كلشيهات مقرفة ومملة». تقوم هيفاء وهبي بدور الفتاة المسكينة واليتيمة «كليشيه تعودنا عليه أيضا وزهقناه» وتضحك عليها صديقتها لتقنعها بأن «بيروت» العاصمة تخبئ لها مستقبلا باهرا، حيث هناك «الناس بتلعب بالمصاري لعب» لتقع هيفا «بيبة لقبها في المسلسل» ضحية لشبكة دعارة وتتهم بجريمة قتل تحدث لاحقا في لبنان. هيفاء تتحدث اللهجتين «المصرية واللبنانية» في آن واحد وتؤدي دور «فتاة الجنس» المغلوب على أمرها ببراعة. كلام على ورق.. «زهقنا كليشيهات»! المسلسل «كلام على ورق» من تأليف محمد أمين راضي وإخراج محمد سامي ويعرض على قناة ال»إم.بي. سي» صُمِمَ «حسب رأيي» على «مقاسات» هيفاء وذوقها وحركاتها ولباسها. ويظهر هذا من خلال تركيز الكاميرا وملاحقتها لهيفاء من «نَفَس السيجارة» ونظرات العيون وتأوهاتها وصراخها ومشيتها وقعدتها «رِجل عا رِجل» والكاميرا المسلطة على حركات الشفاه الممتلئة إن تحدثت أم لم تتحدث! المسلسل رديء، ركيك وضعيف من ناحية الإخراج والأداء التمثيلي والديكورات ولا يضيف شيئاً لتاريخ هيفاء في التمثيل، ففي كل مرة تحاول فيها هيفاء أن تؤدي دور «الفتاة المسكينة» القادمة من ال»ضيعة» أو «الصعيد» والتي يغلب على أمرها وتقع في كل مرة «ضحية» للرجل بسبب «جمالها» و«جاذبيتها»، سواء كان ذلك في مسلسل أو فيلم «دكان شحاتة» و«حلاوة روح». كما وفي كل مرة تستخدم هيفاء ويستخدمها المخرج لعرض تفاصيل «جسدها» والتدقيق على «مفاتنها» المثيرة فلا يتذكر المشاهد من الفيلم أو المسلسل شيئا غير «هيفا» وظهورها ولا يحلم في مخيلته سوى بال»النوم مع هيفا» وتحريرها من الظلم الواقع في حقها. ولم يبق لي إلا أن أشير إلى معدتي الخاوية كالمشاهدين العرب من ال»ذكور» وأصرخ عاليا أمام إغواء وإثارة هيفا «اللهم إني صائم»!! من «بوسو الواوا» ل»بوسو كعب صرمايتي» هيفا الفنانة الإستعراضية والممثلة التي لا تخفي حقيقة إيمانها وتواظب على قراءة القرآن يوميا وخصوصا «آية الكرسي» وال»معوذتين» لتحفظها من كل «سوء» وتشعرها ب»الراحة النفسية». تؤكد هيفاء «دلوعة الشاشة» والتي لا تتحدث إلا «غنجا» بأن شهر رمضان يقربها من الله. هيفاء الإنسانة المتواضعة التي لا تظهر فرقا بينها وبين الناس البسطاء وتتبرع بصمت لمساعدة الفقراء وتذهب متخفية لتعيش أجواء رمضان في الحسين. هيفاء القريبة من الناس لبساطتها وتعبيرها عن إيمانها ولصدقها فهي لا «تفعل» ما يغضب الله. هيفاء الإنسانة التي تهاجم بشراسة من قبل الإخوان في عهد مرسي ومن وسائل الإعلام المصرية والتي هاجمت فيلمها وطالبت بطردها من مصر! هيفاء وهبي استطاعت بنجاح ورغما عن كافة الانتقادات الموجهة لها بأن تنجح وتستمر في نجاحها، رغم كل الحملات الموجهة ضدها. هيفاء الحذرة التي لا ترد على سخرية الفنانات منها بهجوم بل بعبارة «الله يسامحهم»، لتستمر في أعمالها بين الغناء والتمثيل والرقص الاستعراضي. استطاعت هيفاء وبفترة قصيرة ورغم كل الانتقادات من فضح نفاق المجتمع العربي «المكبوت جنسيا» والذي يتهمها بال»خلاعة» وال»الابتذال» وفي الوقت نفسه يركض لاهثا ليحقق أعلى الأرقام لمشاهدة فيديو يوتوب «اغتصاب هيفاء وهبي في فيلم حلاوة روح»! وليس هذا فحسب بل أشار محرك البحث «جوجل» بأن أكثر ما يبحث عنه المواطن العربي هو اسم هيفاء وهبي، فلماذا هذا النفاق «يا رب»!! «أم. بي. سي» تهدم التقاليد الخليجية وتروج ل»زنا المحارم»! أثار «برومو« المسلسل الخليجي «أمس أحبك وباجر وبعده» من تأليف هبة حمادة، وإخراج محمد القفاص ضجة إعلامية كبيرة بسبب جملة من مشهد لا يتعدى الثواني المعدودة تقول فيه الممثلة إلهام الفضالة لزوجها «يلي ما تخاف الله أنت جامع بين أختين»! المسلسل تأجل عرضه عبر قناة «أم.بي.سي» خلال شهر رمضان أقام الدنيا وخاصة «الإسلاميين منهم» و«مجلس الأمة» الذي رفض عرضه بعض أعضائه، وأكدوا تنافيه مع الدين الإسلامي وقيم ومبادئ المجتمع الخليجي لسبب و«حسب قولهم» تشجيعه وترويجه ل»زنا المحارم». وأثار البرومو موجة كبيرة من السخط لدى المشاهدين الخليجيين الذين طالبوا بمنع عرضه ومقاطعته ل»خدشه الحياء العام» وبسبب هذا السخط، اضطر المنتج والفنان باسم عبد الأمير للتأكيد عبر «تويتر» على أن المسلسل لا يسيء إلى المجتمع الخليجي بأي شكل من الأشكال، وأضاف بأن الحوار الذي دار بين الممثلة وزوجها تم تفسيره «بشكل خاطىء» و«بخصوص البرومو الذي نزل على «أم.بي.سي»، للعلم، الممثل تزوج صديقة إلهام، وليس أختها، وأنا دائما لا أتطرق لأي شيء يضر المجتمع» ! كما استغربت الفنانة إلهام الفاضلة وعبرت عن استغرابها بتغريدة «كيف يحكم شخص على عمل درامي كامل من مشهد مجتزأ الهدف منه الدعاية؟ لماذا لم تصبروا لمشاهدة المسلسل كاملاً «! «أم.بي.سي»: «دبور يزن على خراب عشه» هل سيتقبل المشاهد الخليجي الغاضب تصريحات المتحدث الرسمي بإسم «أم.بي.سي» المدافع عن ما أحدثه المسلسل الخليجي من ضجة «بأن القناة تعمدت في عرض الإعلان بهذا الشكل لجذب المشاهدين ولفت الأنظار»؟! وهل سيصدق المشاهد بيان المجموعة التي أصدرته حول القضية، والذي أكدت فيه أن المسلسل عمل درامي متميز، يلائم العائلة العربية بجميع أفرادها، سواء في رمضان أو غيره من أشهر السنة؟! وما يثير فضولي هو إصرار المجموعة على عرض المسلسل وعدم احترامها للمشاهد الخليجي قبل العربي «نظرا لأنها ممولة خليجيا»!! ولا يتوقف حديثي عن مسلسل بعينه دون آخر بل عن البرامج المتعددة المقرونة بمسلسلات تضلل المشاهد الخليجي والعربي وتخدعه وتجعله في تناقض تام مع واقعه! واتساءل ما إذا كانت القناة ممولة لهدم التقاليد العربية والثقافة الإسلامية التي ينتمي إليها المشاهد الصائم خلال شهر رمضان أم غيره من أشهر السنة!! دعونا لا نتسرع في حكمنا أعزائي القراء والصائمين ودعونا ننتظر ونفتح عيوننا جيدا لنشاهد ما سيصير عليه حالنا في رمضان المقبل، ودعوني أن أهنئكم رغما عن أنف «أم.بي.سي» وقلة احترامها لعقولنا وعاداتنا وتقاليدنا ودعوني أقدم لكم التهاني الخالصة بحلول «الشهر الكريم»! كاتبة فلسطينية أسمى العطاونة القدس العربي