بسم الله الرحمن الرحيم للدكتور حيدر إبراهيم ضمن مجهوداته المقدرة في البحث والتحليل والتنوير .. قول مصوب نحو حركات الإسلام السياسي يخلص إلى أنها تسوق نفسها بوصفها ظاهرة خارج التاريخ..لارتباط فكرها بالدين والغيبيات بنظرهم..لكنها في الواقع في أحسن صورها إحدى صور الصراع ضد الاستعمار ..بحكم ظروف النشأة والتكوين... لذلك فهي في قلب حركة التاريخ. وبالطبع لا ينسحب هذا القول على حركات الإخوان المسلمين بمختلف صورها فقط.. بل يتعداها إلى بقية الحركات الأصولية المختلفة سواء أكانت تتبع للمذاهب الشيعية كالحالة الإيرانية وحزب الله اللبناني.. أو سنية كتنظيم القاعدة الذي بايع مؤسسه بن لادن الملا عمر في أفغانستان.. أو حزب التحرير..ومؤخراً تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام المعروفة اختصاراً بداعش . وقد نشأت هذه التنظيمات والأحزاب..في ظروف الطغيان الاستعماري سواء أكان من إسرائيل أو الإتحاد السوفيتي السابق في حالة أفغانستان ..ووجود القطبية الواحدة في أعقاب انهيار المعسكر الاشتراكي . لكن تظل اسرائيل هي القضية المركزية لكل هذه الحركات بحكم سيطرتها على ثانية القبلتين وثالث الحرمين الشريفين. واللافت أن مركزية القضية هذه لم تعصم هذه الحركات من تصويب سلاحها بعيداً عن إسرائيل ..فمنها ما تعدى ذلك إلى الولاياتالمتحدةالأمريكية باعتبارها رمز الطغيان الغربي الداعم لإسرائيل ..كما فعل تنظيم القاعدة..وصوبت سلاحها أحياناً في وجه الدولة باعتبارها علمانية كما حدث في مصر خاصة في ثمانينيات القرن الماضي ..وما يحدث الآن في ليبيا وسورياوالعراق واليمن .وكلها دول كانت في قبضة الديكتاتوريات بغلبة واضحة للتيارات القومية في حكمها .. وانعتقت بفعل الربيع العربي عدا سوريا.. وضعفت فيها الدولة. لكل ما سبق ذكره فإن هذه الحركات في الواقع تمثل انعكاساً لفشل المشروع العروبي القومي في تحقيق الهدف المعلن بتحرير فلسطين..علاوة على التناقض الثانوي مع حركات الإخوان المسلمين السياسية باعتبار دخولها عبر المعترك الانتخابي في سبيل نفس الفكرة وفشلها وفشل الدولة فيها كحالة السودان . لذلك لم تسلم هذه الحركات من تصويب سلاحها في وجه بعضها البعض. .ففي احصائية تم تداولها مؤخراً..ثبت أن أحد هذة التنظيمات في سوريا كانت 15% فقط من معاركه ضد النظام بينما بقية المعارك كانت ضد الحركات المدعومة بواسطة الإسلام السياسي.والمفارقة أنها لم تفكر في إيذاء إسرائيل رغم القرب من حدودها إلا في حالة عشوائية. وقد كشف نشاط حركة داعش مؤخراً في العراق الكثير من المفارقات في هذا الإطار..فما أن أعلنت الخلافة وبايعت خليفتها..ونشرت خريطتها المستندة علي فكرة تجمد التاريخ عند زوال الخلافة الاسلامية بالنسبة للمسلمين..حتى رفض حزب التحرير الذي يجعل من الخلافة قضية أساسية في سبيل القضية المركزية عبر العمل السياسي ..بدواع لا ترقى لهذا الموقف . كما لاحظ الكاتب الاسلاموي عبد الوهاب الأفندي.. في طعنه في فكر حزب التحرير. والواقع أن داعش نفسها تعبير عن الصراع السني الشيعي في أعلى تجلياته..فقد كان زوال نظام صدام حسين عاملاً في سيطرة الشيعة على العراق ..حتى عبر البعض عن ذلك بأن امريكا قد سلمت العراق لإيران من حيث لا تحتسب.ويُقرأ ذلك من سلوك الحركة في الموصل بتدمير المقامات الشيعية ومراقد الأنبياء التي يعتد الشيعة بها كثيراً.. والسؤال المطروح هو : ما حظ مثل هذه الحركات في الاستمرار ؟ والإجابة تكمن في ظروف تحكمها الجزئي..فكما سبق ..فهي تعتمد علي ضعف سلطة الدولة .. لذلك فإن ما تقوم به من اضطهاد للشيعة والمسيحيين لن تكون وحدها عوامل عدم استمرارها..لكن وهم العيش خارج التاريخ سيكون العامل الأساسي. [email protected]