*زميلنا عبد الباقي الظافر سكب قلمه دمعاً غزيراً - عوضاً عن الحبر- توجعاً مما كتبه خليجي عن السودانيين قبل أيام.. *فقد قال الكاتب الخليجي هذا أن السودانيين يغالون في افتخارهم بالانتساب إلى العرب هرباً من واقعهم الإفريقي .. *وخلاصة كلامه أننا (نلقح جتتنا) على العرب كي نخدع أنفسنا بأننا عرب ، ثم نصدق كذبتنا هذه.. *والمضحك في الأمر أن الظافر نفسه الذي كان يتهمنا بالتعنصر النوبي في مواجهة عروبة السودانيين أسند ظهره الآن على آثار النوبة وهو يرد على (العربي).. *فقد امتلأ مقاله - الظافر - تباهياً بحضارة سودانية (نوبية) ضاربة في أعماق التأريخ .. *طيب ؛ هذا ما ظللنا نقوله دوماً يا الظافر فتتهمنا - وآخرون - بعنصرية تهدف إلى إحداث شرخ في عروبة أبناء بلادنا.. *وما أردنا نحن إلا لفت انتباه بني جلدتنا إلى هوية بين أيديهم - وليست وراء الحدود - يمكنهم أن يفاخروا بها مثل تفاخر المصريين بهويتهم الفرعونية.. *فالمصريون فريقهم القومي ينتسب إلى (الفراعنة)، وخطوطهم الجوية شعارها (فرعوني) ،ومناهجهم الدراسية تركز على عظمة (الفراعنة).. *والتباهي بالفرعونية هذا - من تلقاء المصريين - لم يكن على حساب ما في دمائهم من أصول عربية ، أو ما في قلوبهم من أشواق إسلامية.. *وإبان المقاطعة العربية لمصر - عقب كامب ديفيد - تعالت أصواتٌ مصرية تطالب بإعلان بلادهم دولة (فرعونية).. *وحينها كان سيخسر العرب - بالتأكيد - ولن تخسر مصر شيئا.. *ولكن منا نحن السودانيين - للأسف - من يديرون ظهورهم بالكامل لحضارتنا النوبية وييممون وجوههم شطر جزيرة العرب .. *بل وفي جزيرة العرب هذه شطر (بني العباس) تحديداً.. *ومن قبل حين بكى الزميل الرياضي الراحل عبد المجيد عبد الرازق - على الورق - جراء ما قال إنها (حقارة) عربية تجاهنا كتبنا نقول (تحملوا وتجملوا).. *أي تحملوا (حقارتهم) هذه ، وتجملوا بالصبر إزاءهم ما دمتم تصرون على أنكم (منهم).. *والحضارة النوبية هذه - للعلم - ليست قاصرة على النوبيين فقط كما يفهم خطأً الذين ينعتوننا بالعنصرية.. *بل هي حضارة السودانيين جميعاً بدلالة اندياح آثارها شمالاً - مروراً بديار (بني شايق) - حتى مناطق (بني جعل).. *وللذين يربطون بين الإسلام والعروبة نقول : أن تكون نوبياً لن ينتقص من إسلامك شيئاً وقد كان سلمان الفارسي (أعجمياً) .. *وللذين يربطون - كذلك - بين العروبة والعربية نقول : إن واضع قواعد نحو لغة العرب هو سيبويه وقد كان (أعجمياً).. *وللذين يظنون - أيضاً - أن للعرب حضارة نقول : إن أغلب علماء وفلاسفة وأطباء الحضارة هذه كانوا (أعاجم).. *ومن أراد بعد ذلك أن يكون عربياً - لا نوبياً- عليه أن يرضى بحقيقة نظرة العرب له بافتراض قبولهم لعروبته أصلاً.. *حقيقة أنه (عبدٌ عربي) ، أو (عربي عبد !!!). الأهرام اليوم