شئ يشبه السرطان كالرأسمالية الطفيلية ، وإذا كان السرطان ينخر في العمق كالسوس وفي صمت فإن هذه الشريحة تنخر في القيم وتدوس على التقاليد الجميلة . وهي عديمة الذوق لآنها لا تنتمي إلى حضارة أو وطن وطالما هي غير منتجة ومستهلكة لا يمكنها إنتاج ثقافة . ان كل انجازاتها (العظيمة) هي التفاخر والبذخ والتقليد الأعمى واستيراد الذوق . اليوم نجد ان كل الوطن أسير تطلعاتها المجنونه في الفشخرة والإسراف ، هذا الوباء والداء ينتشر بسرعة مذهلة في الطقوس وكرنفالات إستعراض الثروة. لا شك إن البلاد في طولها وعرضها ترى وتسمع وتقرأ عن أنماط من الزيجات الإسطورية والخرافية من حيث الصرف والتباري اللعين في إظهار المال المنهوب وتكسير قيم البساطة والتواضع . لا يمكن الإستخفاف بهذه الشريحة التي ترضع من ثدي مؤسسات الدولة وتعيش في الفساد ولقد تمكنت من فرض مزاجها في كل التفاصيل وجعلت الناس تلهث وراء تخفيف المستحيلات بكل الوسائل الممكنة وغير الممكنة. وبسبب هذه الهيمنة أصبح الزواج البسيط (قدر ظروفك) مستحيلاً وأصبحت هنالك شريحة واسعة من الشباب والشابات خارح التغطية ومجنبة ترك لها هامش الدهشة ومشاهدة هذا الإستعراض الذي يتسم بكثير من السفه وقمة الاستهتار بالمتعارف عليه من التقاليد الرائعة والمبهجة. نعم أنهم الأباطرة الجدد والدجالون الذين يمارسون الخداع إخفاءاً للتأريخ وهم في زيهم التنكري الجديد. بسبب حالة الإغتراب هذه أصبح المطلوب عرس لقطة كما يقولون وليس مهماً ان تذهب بعد ذلك إلى السجن أو المحكمة الشرعية لتحرير شهادة الطلاق، وربما بالموبايل ، لقد أصبح الزواج لدى البعض صفقات بيع وشراء ومصالح والمحافظة على المصالح. ولقد تحول كل شئ إلى سلعة وهكذا العلاقات الانسانية . تحولت مراسيم الزواج إلى سلسلةِ طويلةِ من المعاناة لمن أراد أن يخوض في هذه الورطة. وإذا ما إنسدت الطرق أمام البشر فإنهم يبحثون عن بدائل أخرى فلا غرابة في إنتشار موجه الإنحرافات والمخدرات والشكوك المتبادلة والتطرف الذي يجد فيه البعض مأوى وملاذاً لتكفير المجتمع وإطلاق الدعوات التي تحرم خروج المرأة للعمل وحتى التعليم. ان غلاء أو إرتفاع المهور في بورصات المجموعات المترفة قاد إلى إنتاج ظواهر إجتماعية كالزواج العرفي والمسيار وتدني مواصفات إختيار الشريك( راجل المرة حلو) هذا الأفق المظلم الذي وجد الشباب والشابات أنفسهم فيه لا يمكن النظر إليه باعتبار المسألة عادية هذه الرؤية التي تبسط الأشياء وتجعل من العيش والإلفة مع البشاعة شيئاً مقبولاً هي خطأ فادح لأن الزواج وحق تكوين الأسرة من الحقوق الأساسية للإنسان . إن من مقومات الزواج ليس فقط غلاء المهور والصرف، ولكن الحق في العمل والوظيقة المناسبة والسكن الإنساني وهذه كلها حقوق أصيلة ولا تستقم الحياة الزوجيه بدونها. ولكن الرأسمالية الطفيلية عمدت إلى تدمير المشاريع الزراعية وأوقفت المصانع وأهملت الخدمات ومهدت لأكبر هجرة من الريف الى المدن ، وبسوء الأوضاع الاقتصادية زادت نسب الطلاق، ولكن بدون خجل أو حياء تدعو هذه الجماعة الطفيلية إلى تعدد الزوجات والشباب يهربون لتبتلعهم مياه البحار والمحيطات. اذا كان كل شئ يتم خصخصته لمصلحة الطفيلية فلا شك فإن الزواج في المستقبل يصبح ماركة وملكية حصرية لهذه الشريحة المفتونه بالتكويش والإحتكار. إن الزواج قضية إجتماعية وتهم كل المجتمع لا يمكن ترك موضوع بهذه الأهمية والحساسية للسماسرة ومافيات الترف. هنا تقع مسؤولية جسيمةٌ على منظمات المجتمع المدني على إطلاقها لتلعب دوراً في التوعية بأهمية البساطة وعدم مجاراة ظواهر البذخ وتبسيط المراسم. ويقع دور أكبر على الآباء والأمهات في إدراك معاني البساطة على ألا يرهقوا أنفسهم وغيرهم ولا يكون الزواج شاناً نسائياً في عقد الصفقات التعجيزية المنفردة، بل يجب أن يكون للرجال أيضاً دوراً ايجابياً في تسهيل الزواج والحد من الغلو (لأن الشيطان في التفاصيل الصغيرة). لا شك أن الشعب الذي ينظر بسخرية وإزدراء لهذه المسرحية وهذه الممارسات كان ولا زال قادراً على إبتداع أساليب بسيطة وأكثر إنسانية وحميمية من الزيف وصناعة الفرح الكاذب. الميدان