بعد إنقضاء 9 جولات من التفاوض المتقطع بين الحكومة السودانية والحركة الشعبية- شمال و43 شهراً من القتال العنيف في جبال النوبة والنيل الأزرق ومنذ اليوم الأول للحرب في جبال النوبة يوم 6-6-2011 أو يوم " الكتمة " ومنذ تلك اللحظات لاتزال " الكتمة" متواصلة في كل فصول السنة – الشتاء والصيف – وكلما قالت وسائل الإعلام الرسمية أن هذا الصيف هو الأخير والحاسم لحرب " الكتمة " قالت معطيات الواقع أن الشتاء سوف يعقب الصيف وأن " الكتمة " لن تحل في في فصل الصيف. وأمبيكي يحط الرحال في الخرطوم في مهمة شاقة للوصول إلي وصفة تنهي أزمة المنطقتين وكان امبيكي كبير وسطاء الإتحاد الأفريقي قد دخل يوم أمس في مباحثات رسمية في الخرطوم لبحث إستئناف مفاوضات المنطقتين بين الحكومة والحركة الشعبية لتحرير السودان – شمال وقالت مصادر حكومية يوم أمس لصحيفة .. " أن أمبيكي ربما يبلغ الحكومة رسمياً بموعد جديد لإستئناف المفاوضات المعلقة مع الحركة الشعبية ". وشهد شهر يناير الحالي معارك شرسة جداً في جبال النوبة بين القوات الحكومية وقوات الجيش الشعبي – شمال وراجت كثير من الأنباء في الخرطوم أن الجيش السوداني بات قريباً من " كاودا" وبالمقابل كانت تصريحات وبيانات الجيش الشعبي تشير لتقدم الجيش الشعبي وطبقاً لمصدر حكومي تحدث ل (لسودان تريبون ) .." إن المعارك التي تدور حاليا بتلك الجهات تعد الأشرس والأكثر تصعيدا منذ بدء القتال". وكان الرئيس البشير قد ذكر في أكثر من مناسبة أن القوات المسلحة سوف تحسم الصراع في جبال النوبة وقال البشير في لقاء جماهيري بمدينة الجنينة بولاية غرب دارفور " لن تكون هنالك جبهة ثورية سواء في دارفور أو غيرها، مشيراً إلى تنفيذ حكومته لاتفاقية سلام دارفور بالكامل وقال : مَن يضع سلاحه ويأتي للسلام أهلاً وسهلاً به ومَن يرفض نحن سنأتي به من أي محل". ويري المراقبون أن الصراع في جبال النوبة والنيل الأزرق معقد ولن يحل بالخيار العسكري وأن أي محاولة لفرض الحل العسكري هو بمثابة " تجريب المجرب" وفي إطار البحث عن حلول سياسية تفاوضية وصل أمبيكي الخرطوم وقال عقب لقائه البشير " أن البشير أبدى اهتماما بضرورة وضع حد للحرب في دارفورو جنوب كردفان والنيل الأزرق" لاحلال السلام ومعالجة الأوضاع الإنسانية، عن طريق حسم ملف التفاوض". وسيطرت أخبار الحرب في جبال النوبة علي معظم الأخبارفي مختلف الوسائط الإعلامية وخاصة الإعلام الإلكتروني وكان التدفق الإخباري يأتي من جانبين – جانب رسمي يقول أن القوات المسلحة تتقدم في جبال النوبة وتحاصر قوات الجيش الشعبي وتقترب من مدينة كاودا وبالمقابل كانت الحركة الشعبية – شمال تواصل نشر أخبار المعارك وتبرز بالصور وبعض الخرط والأرقام والأسماء تقدم الجيش الشعبي في مناطق العمليات بجبال النوبة. تطورات الأوضاع العسكرية علي الأرض تلقي بظلال سالبة علي مسيرة العملية السلمية وتطيل عمر الحرب وتضع العديد من العقبات والمتاريس أمام الحلول السلمية التفاوضية ، ونقلت صحيفة القدس العربي عن الأمين العام للحركة الشعبية – شمال ياسر عرمان قوله " الهزيمة التي لحقت بقوات الحكومة «وهذا هو الكلام المهم»، انها هزيمة استراتيجية سيكون لها ما بعدها وهي جزء من التغير في توازن القوى السياسي والعسكري الذي حدث في الأسابيع الماضية وأضاف عرمان : أننا لن نقبل بحل جزئي ، ولن نقبل بأي حوار لا يوقف الحرب ولا يوفر الحريات للشعب السوداني، ولا يبنى على اجراءات صحيحة". في قراءة مختلفة لمابين سطور الحرب والسلام في جبال النوبة والنيل الأزرق يقول البروفيسور صلاح الدومة أستاذ العلاقات الدولية ل (الجريدة) الصراع في دارفور وجبال النوبة والنيل الأزرق وأبيي للأسف أصبح الحل بيد القوي الغربية وخاصة الولاياتالمتحدة ولو أرادت القوي الغربية حل هذه الصراعات يمكن أن تفعل ذلك ولكن هذه الصراعات ستظل مشتعلة في إطار صفقة بين نظام الخرطوم والغرب ، ويضيف الدومة لن ينتصر أي طرف بصورة كاملة ونهائية والجولة القادمة من المفاوضات بين الحكومة وقطاع الشمال لن تحقق أي نجاح يذكر ونشهد تكرار ذات الجولات السابقة. ومع اقتراب جولة المفاوضات بين الحكومة السودانية والحركة الشعبية في العاصمة الأثيوبية أديس أبابا تظل الكثير مؤشرات فشل الجولة القادمة بادية للعيان ومع تباعد في المواقف بين الطرفيين وتحركات وإجراءات علي الأرض تخصم من رصيد الثقة القليل بين طرفي الصراع. وكرر وزير الدفاع السوداني عبد الرحيم محمد حسين الإتهامات التي ظلت توجه لحكومة جنوب السودان بدعم الحركات المسلحة وبالمقابل تقول حكومة الجنوب أن قوات مشار تتلقي الدعم من الخرطوم. وتظل الجولة القادمة مواجهة بالعديد من الأسئلة والعقبات وفرص الحلول السلمية والحوار بين مكونات الساحة السياسية تتراجع إلي الخلف مع تواصل الحرب في دارفور وجبال النوبة والنيل الأزرق وفشل كل دعوات الحوار في الخرطوم.