المريخ يستانف تدريباته بعد راحة سلبية وتألق لافت للجدد    هنري يكشف عن توقعاته لسباق البريميرليج    تعادل سلبي بين الترجي والأهلي في ذهاب أبطال أفريقيا في تونس    تعادل باهت بين الترجي والأهلي في ذهاب أبطال أفريقيا    باير ليفركوزن يكتب التاريخ ويصبح أول فريق يتوج بالدوري الألماني دون هزيمة    كباشي يكشف تفاصيل بشأن ورقة الحكومة للتفاوض    متغيرات جديدة تهدد ب"موجة كورونا صيفية"    مقتل مواطن بالجيلي أمام أسرته علي ايدي مليشيا الدعم السريع    تمبور يثمن دور جهاز المخابرات ويرحب بعودة صلاحياته    تقرير مسرب ل "تقدم" يوجه بتطوير العلاقات مع البرهان وكباشي    حملة لحذف منشورات "تمجيد المال" في الصين    بعد الدولار والذهب والدواجن.. ضربة ل 8 من كبار الحيتان الجدد بمصر    محمد وداعة يكتب: معركة الفاشر ..قاصمة ظهر المليشيا    مصر لم تتراجع عن الدعوى ضد إسرائيل في العدل الدولية    أمجد فريد الطيب يكتب: سيناريوهات إنهاء الحرب في السودان    زلزال في إثيوبيا.. انهيار سد النهضة سيكون بمثابة طوفان علي السودان    يس علي يس يكتب: الاستقالات.. خدمة ونس..!!    عصار الكمر تبدع في تكريم عصام الدحيش    (ابناء باب سويقة في أختبار أهلي القرن)    عبد الفضيل الماظ (1924) ومحمد أحمد الريح في يوليو 1971: دايراك يوم لقا بدميك اتوشح    مطالبة بتشديد الرقابة على المكملات الغذائية    السودان..الكشف عن أسباب انقلاب عربة قائد كتيبة البراء    شاهد بالصورة والفيديو.. "المعاناة تولد الإبداع" بعد انقطاع الماء والكهرباء.. سوداني ينجح في استخراج مياه الشرب مستخدماً "العجلة" كموتور كهرباء    شاهد بالصورة والفيديو.. حسناء سودانية تخطف قلوب المتابعين وهي تستعرض جمالها ب(الكاكي) الخاص بالجيش وتعلن دعمها للقوات المسلحة ومتابعون: (التحية لأخوات نسيبة)    بالفيديو.. شاهد رد سوداني يعمل "راعي" في السعودية على أهل قريته عندما أرسلوا له يطلبون منه شراء حافلة "روزا" لهم    مدير الإدارة العامة للمرور يشيد بنافذتي المتمة والقضارف لضبطهما إجراءات ترخيص عدد (2) مركبة مسروقة    قيادي سابق ببنك السودان يطالب بصندوق تعويضي لمنهوبات المصارف    شاهد بالصورة.. (سالي عثمان) قصة إعلامية ومذيعة سودانية حسناء أهلها من (مروي الباسا) وولدت في الجزيرة ودرست بمصر    آفاق الهجوم الروسي الجديد    كيف يتم تهريب محاصيل الجزيرة من تمبول إلي أسواق محلية حلفا الجديدة ؟!    شبكة إجرامية متخصصة في تزوير المستندات والمكاتبات الرسمية الخاصة بوزارة التجارة الخارجية    إنشاء "مصفاة جديدة للذهب"... هل يغير من الوضع السياسي والاقتصادي في السودان؟    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني في الموازي ليوم الأربعاء    وسط توترات بشأن رفح.. مسؤول أميركي يعتزم إجراء محادثات بالسعودية وإسرائيل    "تسونامي" الذكاء الاصطناعي يضرب الوظائف حول العالم.. ما وضع المنطقة العربية؟    شاهد بالصورة.. حسناء السوشيال ميديا "لوشي" تنعي جوان الخطيب بعبارات مؤثرة: (حمودي دا حته من قلبي وياريت لو بتعرفوه زي ما أنا بعرفه ولا بتشوفوه بعيوني.. البعملو في السر مازي الظاهر ليكم)    حتي لا يصبح جوان الخطيبي قدوة    5 طرق للتخلص من "إدمان" الخلوي في السرير    انعقاد ورشة عمل لتأهيل القطاع الصناعي في السودان بالقاهرة    أسامه عبدالماجد: هدية الى جبريل و(القحاتة)    "المايونيز" وراء التسمم الجماعي بأحد مطاعم الرياض    محمد وداعة يكتب: ميثاق السودان ..الاقتصاد و معاش الناس    تأهب في السعودية بسبب مرض خطير    باحث مصري: قصة موسى والبحر خاطئة والنبي إدريس هو أوزوريس    بنقرة واحدة صار بإمكانك تحويل أي نص إلى فيديو.. تعرف إلى Vidu    أصحاب هواتف آيفون يواجهون مشاكل مع حساب آبل    الفيلم السوداني وداعا جوليا يفتتح مهرجان مالمو للسينما في السويد    كيف يُسهم الشخير في فقدان الأسنان؟    هنيدي ومحمد رمضان ويوسف الشريف في عزاء والدة كريم عبد العزيز    تنكُر يوقع هارباً في قبضة الشرطة بفلوريدا – صورة    معتصم اقرع: حرمة الموت وحقوق الجسد الحي    يس علي يس يكتب: السودان في قلب الإمارات..!!    يسرقان مجوهرات امرأة في وضح النهار بالتنويم المغناطيسي    بعد عام من تهجير السكان.. كيف تبدو الخرطوم؟!    العقاد والمسيح والحب    أمس حبيت راسك!    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حمور زيادة : ينقصنا ألا نعتبر أنفسنا في معركة وخصومة مع الاخر. التخلص من احساس المظلومية. وانهم لا يحبوننا،
نشر في الراكوبة يوم 08 - 03 - 2015

ها .. نحن ..هنا ..سنظل دوما نثبت للعالم وللانسانية جمعاء..أننا أصحاب حضارة وتاريخ انسانى مجيد وعريق وعميق ،،أسهم ولازال فى شتى الميادين فى مختلف العلوم والفنون التى تعنى برقى وحضارة الشعوب والأمم التى تسهم بدورها فى تطور المجتمعات ورقيها المنشود..الفكر السودانى والحضارة السودانية والمجتمع السودانى الفريد فى (تكوينه) العرقى المتباين المتناغم فى سيمفونية فريدة قدمها لحنا فريدا وخالدا خلود هذا النيل العظيم..وتلك الجبال الشامخات..لا وقت لمدح أنفسنا او اجترار أطلال ذكرياتنا .
جئنا هنا لنحتفل باسهام جديد نضعه بين أيدى العالم والانسانية خرج من رحم معأنأة واحباط ،ظل يمارسه على شعب السودان (طيور الظلام) من أبالسة التطرف وشياطين التدليس وتجار الدين وأعداء الفكر والابداع لهدم هكذا حضارة بالعمالة والوكالة بعد عجز أصحاب الغرض الحقيقين..من رحم هذه المعاناة ومن بين ظلام أجنحة هذه الطيور هاهى حواء السودان تتمخض وتتحدى لتنجب لنا وللانسانية جمعا فكرا وابداعا خرج من ثنايا هذا الظلام الذى احاط بنا ولازال ..وتثبت للعالم أنها ولود ..ودود ..اهدتنا فى شتاء عام ثقيل علينا ملىء بالمحن والأحن على هذه الأمة فى مختلف المجالات ،وهذا العام يلملم أطرافه ببطء يقتلنا ...وفجأة هكذا أنطلقت زغرودة تعلن ميلاد الفرح (شوق الدرويش) الذى أرتفع بأسهم هذه الأمة وهذا الوطن والشعب فى ظل هذه الأجواء الملبدة بغيوم الاحباط ليرتفع أسم السودان متصدرا القائمة الطويلة للجائزة العالمية (البوكر)..وحمور زيادة..أسم فى القائمة والسودان فى الصدارة..
كمدخل للتعريف بهذا الانجاز الذى حققه هذا الشاب السودانى : حمور زيادة ..وكاسم له اسهام فى الثقافة السودانية منذ زمن يبشر بميلاد مبدع كبير..
أولا مبروك علينا كسودانيين وعليك ثانيا بهذا الانجاز القائمة الطويلة ل..البوكر؟؟ جائزة نجيب محفوظ؟؟ والجمعة الماضية القائمة القصيرة حدثنا عن هذه الجوائز اولا وعرفنا بها ونحن نعيش هذه الأجواء من الفرح والشواق النادر له؟؟
جائزة نجيب محفوظ هي جائزة تقدمها دار نشر الجامعة الأمريكية بالقاهرة، سنوياً في ذكرى ميلاد نجيب محفوظ في 11 ديسمبر. بدأت الجائزة عام 1996، وفازت بها أسماء عديدة في الأدب العربي، مثل خيري شلبي، يوسف ادريس، ابراهيم عبد المجيد، خالد خليفة، مريد البرغوثي وادوارد الخراط وغيرهم.
لو أردنا أن نحسبهم بجنسياتهم فقد فاز بها حتى الان 11 مصري، و2 من فلسطين، وجزائري واحد، ولبناني واحد، ومغربي واحد، وسوريان، وعراقي واحد. وكانت جائزة 2014م هي الأولى التي تذهب لكاتب سوداني.
تمنح الجائزة عادة للأعمال "حديثة النشر في القاهرة". ويمكن التقديم لها، لكن في كثير من الأحيان كانت لجنة الجائزة تستدعي من عندها عملاً وتمنحه الجائزة دون تقديم. حدث ذلك مع الروائية أمينة زيدان، ومع خالد خليفة، ومعي في العام الأخير.
وتتكون لجنة الجائزة من عدة اساتذة نقد وأدب، بعضهم مصريون وبعضهم عراقيون، وبعضهم انجليز. وتقوم الجامعة الأمريكية بترجمة العمل الفائز الى عدة لغات. أبرزها طبعاً الانجليزية. وهي الترجمة التي بدأت الأن، وغالباً ما ستصدر الطبعة الانجليزية من الرواية في بداية عام 2016.
أما جائزة البوكر، فهو اسم الشهرة لها. وهي الجائزة العالمية للرواية العربية، تقدمها لجنة الثقافة والسياحة بأبوظبي بالامارات. وتدعمها مؤسسة جائزة البوكر البريطانية. من هنا أتى اسم شهرتها "البوكر العربية". وهي تعتبر حتى الان الجائزة العربية الأكبر والاكثر اثارة للجدل.
هذه جائزة سنوية، يشارك فيها كل دور النشر العربية بثلاثة اعمال للدار. هذا العام كان عدد الروايات المقدمة للجائزة 180 رواية. وكانت لجنة تحكيم هذا العام برئاسة مريد البرغوثي الأديب الفلسطيني المعروف.
تتم تصفية هذه الأعمال ل 16 عمل يعرفون باسم القائمة الطويلة. ثم منهم تنم تصفية 6 أعمال لقائمة قصيرة. هذه القائمة القصيرة تمنح لجنة البوكر أصحابها جائزة مالية وتترجم أعمالهم. وفي المرحلة الأخيرة في افتتاح معرض أبوظبي للكتاب ( في شهر مايو) يتم اختيار أحد الروائيين الستة من القائمة القصيرة للحصول على المركز الأول.
هذا العام وصلت روايات من فلسطين ولبنان واليمن والمغرب وسوريا وتونس والسودان. وهي المرة الثانية لوصول رواية سودانية لهذه المنافسة. كانت الأولى في عام 2011 برواية أمير تاج السر "صائد اليرقات".
لكن لم يسبق لسوداني الفوز بها حتى الان. رغم انها ذهبت لمصريين وسعوديين ومغاربة ولبنانيين في دورات سابقة. إلا ان الأدب السوداني للاسف لم يصل المرتبة الاولى فيها حتى الان.
**(لوكان ما أكتبه قبيحا جدا فهذا يعنى أنى قد نجحت فى تصوير الواقع..لو كان ما أكتبه جميلا فهذا يعنى ان شيئا من المثالية لازال بداخلى..) أين موقع (شوق الدرويش) ؟؟
أعتقد أنها تقف تماماً عند ذات كلمتي هذه التي قلتها في 2007 تقريباً. شوق الدرويش حاولت أن تقدم حكاية انسانية عن حقبة تاريخية عنيفة ومضطربة.
عنيفة بكل تفاصيلها وبكل من شاركوا فيها. الواقع السوداني في أيام "التركية السابقة" كما كانت تسمى كان ظلماً فادحاً ومتوحشاً، وكانت "خرطوم الترك" مدينة أوروبية مليئة بالأفاقين والباحثين عن الفرص وتجار الرقيق، والجاليات التي تعيش حياة منفصلة عن حياة بقية أهل البلاد.
ثم أتت المهدية الدعوة. فغيرت وجه البلاد، واعادت ترتيب العلاقات المجتمعية وهياكل الدولة. بل غيرت شكل وعلاقات المنطقة بشكل ما.
ثم استقرت الدعوة وأشواق الايمان في شكل دولة جديدة. وبدأت مشاكل الحكم تظهر. سواء في الخلاف على قمة السلطة ( فيما عرف تاريخاً باسم فتنة الأشراف ) ، أو تفلت أطراف الدولة وقبائلها من الحكم المركزي للمهدية. كما إن من أكثر ما أساء لتلك الفترة هو "السور الحديدي" الذي ضرب حول البلاد. وتم ذلك باتفاق غير مقصود بين السلطة في أم درمان التي عزلت نفسها عن العالم، واعتبرت كل عابر للحدود جاسوساً، وعاشت في وهم تصورات قدرتها على غزو العالم الحديث ( خطابات الخليفة رحمه الله للخليفة العثماني ولخيديو مصر ولملكة بريطانيا ولشريف مكة توضح شكل هذا التصور للعالم وقوته )، وفي نفس الوقت أحست مصر ومن خلفها الامبراطورية البريطانية بالاهانة والجزع مما حدث لجيوشهم في تلك البلاد ( خاصة مقتل بطلهم غردون ). وربما – في ظني الخاص – لولا الطموح الشخصي لموظف المخابرات الصغير ونجت، الذي صار بعدها حاكماً للسودان، لما اهتمت بريطانيا ومصر باعادة فتح ملف بلاد السودان. لكن لعل ما ساعد ونجت على تسويق امكانية غزو السودان هي معركة توشكي ومحاولة غزو مصر بجيش هزيل تثقله النساء والأطفال، بتصور خاطئ أن المواطنين في ريف مصر ينتظرون قدوم المهدية للايمان بها والقتال معها. خطابات عبد الرحمن النجومي للخليفة في تلك الحملة المحزنة منشورة اليوم ومتاحة ويمكن قراءة الحسرة ودهشة الاكتشاف فيها. لكنها كانت حملة تشبه الأساطير الاغريقية. مشت الى حتفها رغم كل العلامات التحذيرية. وهناك مذكرات بابكر بدري الذي كان أحد جنود هذه الحملة وسقط في الأسر بمصر لفترة.
ثم كانت معركة كرري/ أم درمان، السطر الأخير في هذه الفترة الملحمية. حيث استشهد أبطال كابراهيم الخليل ويعقوب جراب الراي وغيرهم، في معركة غير متكافئة بين الإيمان والسلاح الحديث. واستبيحت مدينة أم درمان لثلاثة أيام وتم تخريبها. وانتقم كثير من السودانيين الذين فروا من السودان خلال السنوات السابقة وعادوا مع جيش الغزو، انتقموا ممن فروا منهم سابقاً.
شوق الدرويش اتكأت على كل هذا التاريخ. بكل ما فيه من موت، وإيمان، وأحلام، ووحشية. اتكأت على كل هذا لتقدم حكاية عن الحب، عن الايمان، عن الحد الفاصل بين الشك واليقين.
عن نفسي كنت دائماً ما أتخيل لحظة ضرب قنابل البوارج الغازية لقبة الإمام المهدي، وأثر ذلك على المؤمنين. في كتابه "كرري" عرض عصمت زلفو لتلك اللحظة. ربما هو أول من لفت نظري الى رمزيتها وأثرها على النفوس. وقد كتبت عنها في قصة قصيرة في 2008 بعنوان "الخواء" في مجموعتي الاولى "سيرة أم درمانية". ثم استخدمت ذات التيمة في رواية شوق الدرويش.
لقد نشأت على بعد أمتار قليلة من قبة المهدي الجديدة. منزلنا في طفولتي كان على بعد 150 متر تقريباً من حوش الخليفة. وكنت كل صباح أرى القبة تلمع تحت أشعة شمس ام درمان بكل ما تحمله من تاريخ. لذلك كان السؤال مؤرقاً لي دوماً. بماذا أحس المؤمنون بالامام المهدي، الموقنون بالنصر، وهم يرون الرمز الأكبر يتعرض لتنديس القنابل؟ هناك كلمة جليلة للخليفة التعايشي حاول أن يطمئن بها جيشه ليلة كرري، في مساء الخميس 1 نوفمبر 1898. قال لهم "القبة بنيناها من طين وسنبنيها من طين". لكني في قصتي "الخواء" قلت ان القبة لم تكن مجرد بناء طيني، انما بنتها أحلام المؤمنين. وقد بدأت الأحلام تنهار.
** حمور زيادة..قد عبت عليك شخصيا وبعد لقائنا فى القاهرة كمثقف سودانى نامل منه الكثير للنهوض بكبوة الثقافة اندماجكم فى المجتمع المصرى ،التحدث بالدارجة المصرية وقد اختلفنا فى هذا من وجهة نظر كمثقف متعمق فى السودانية وكمتابع سودانى يهمه أن تقفز الثقافة السودانية فى المشهد العالمى ..الان بعد هذا النجاح الذى تصدرنا به المشهد من خلالك ب(شوق الدرويش) هل لك ان تشرح لنا وجهة نظرك من خلال هذا النجاح ؟؟
مشروع المثقف بالضرورة مشروع ذاتي. هو ليس مشروعاً "قومياً" أو "وطنياً" بالقصد والتخطيط. لا يوجد كاتب يكتب بهدف "نشر ثقافة بلاده"، أو "رفع اسم بلاده".
هذا كلاعب كرة القدم. هو يلعب ليفوز بالمباراة. لأن هذا ما يفعله. فوزه بالمباراة هو ما يرفع اسم بلاده بعد ذلك.
لا أزعم قط اني احاول النهوض بالثقافة السودانية، أو تقديمها للاخرين. هذه مشاريع استراتيجية تقوم بها حكومات ودول، عبر رعاية المبدعين والمثقفين في مشاريعهم الخاصة.
لذلك لا أعتبر نفسي "رسول اللهجة السودانية في المجتمع المصري". أنا اتحدث مع الناس بما يمكن أن يفهوه في حياتي اليومية. أحاول أحيانا أن احدث الشوام بلهجتهم ما استطعت. رغم اني لا أجيدها اجادتي للهجة المصرية.
تجربتي الشخصية – ولعلك كمقيم قديم في مصر لن تختلف معي في ذلك – ان الشارع المصري لا يحسن فهم اللهجة السودانية. ليس من الضروري أن تبدو له رطانة طير، أو لغة غير مفهومة تماماً. لكنه يجد صعوبة في استيعابها. بالنسبة لي لا اعتبر ذلك قدحاً في الوطنية ولا يؤرق احساسي بالانتماء. في بلاد لا تتحدث العربية ستحدثهم باللغة الانجليزية. بل ربما تجد السودانيين أنفسهم يحادثون بعضهم بعضاً بكلمات انجليزية تأثراً بحياتهم في اوروبا. بل ان السوداني العائد من الخليج يأتي محملاً بمصطلحات "السيارة" و "سكر الباب " و "هلا والنعم". أنا لم أتأثر، ولم أتوجه بحديث او مصطلحات مصرية للسودانيين، انما اتعامل في اليومي والحياتي مع الأصدقاء وسائقي التاكسي وباعة المحلات وصبية المقاهي باللهجة التي يفهمونها، ولا تجعلني أبدو اجنبياً جداً. لكني مثلا أحاول حين أظهر في الاعلام أن اتحدث بفصيح خفيف. لأني هنا أقدم خطاباً أكثر عمومية. فلا أقدمه بالعامية المصرية التي هي ليست لهجتي، ولا بالعامية السودانية التي قد تعجز كثيرين من التفاعل معك.
هل كنت أتمنى أن تكون لهجتنا السودانية مشهورة ومفهومة وسلسلة في الاذان العربية كما اللهجة المصرية والسورية؟ بالتأكيد. لكن هذا دور يمكن أن يقوم به أكثر من 3 مليون سوداني في القاهرة. ليس من الضروري أن أقوم به أنا. لو كان شرفاً فأنا متنازل عنه. لا يشغلني أن يفهم العابرون في شوارع القاهرة لهجتي السودانية الأصلية. انما يشغلني أن أقدم مشروعاً روائياً سودانياً خالصاً. لهذا حينما يسألني كثير من المصريين متى تكتب عن مصر وأنت تعرفها جيداً كأهلها، أقول لهم هذا شرف أتركه لأهلها الأصليين. مشروعي سوداني خالص معتمد على هويتي، وعلى ارث بلادي التي أتيت منها. أنا أكتب عن السودان فحسب. هذا دوري – لو كان يمكن اعتباره دوراً – وهذا ما أقوم به. ولا يزعجبني بعد ذلك أن أحادث المصريين بلهجتهم.
**يا أرض أبلعى فرحك ويا سماء أجزعى ..عنوان مرثيتك لرحيل (الطيب صالح)!! نجيب محفوظ..ماركيز..صنع الله..الغيطانى..خيوط بينك وبينهم مع بعض الخصوصية عن الطيب صالح؟؟
الكاتب – أي كاتب – ابن ما يجمعه من قراءات. هي ما تشكل محمولك الأدب. بالنسبة لي هذه الأسماء هي من العلامات التي استهدي بها. أضع في غرفتي صورة كبيرة لماركيز، وصورة أخرى لسيدي الطيب.
**ربما انها فرصة لالتقاط الانفاس وجاء الدور لتحدثنا عن شوق الدرويش ومن أين نسجت خيوط هذا العمل وميلاد الفكرة وبناء الشخوص الزمان المكان الهدف هذا العمل الذى وضعنا فى صدارة المشهد نريد التشريح بايجاز لايحرق المشهد للقارىء الذى يتعب فى الحصول على النسخة ؟؟
كما قلت لك سابقاً هي رواية كتبت متكئة على زمن به الكثير. ان الغائص في تاريخ السودان، سواء الفترة المهدية أو الفترة السنارية، أو فترة حمى الذهب التي أتت بقبائل وعصابات ووحدان من العرب ينقبون عن الذهب في السودان هي فترات ثرية جدا ومغرية للكتابة عنها. فعلت ذلك وسأفعل. مازال لدى الكثير لأغوص فيه بداخل التاريخ السوداني، وبداخل المجتمع السوداني شديد التعقيد وشديد التفرد.
فكرة شوق الدرويش أتت متزاوجة بين سؤال عن الايمان، وبين الرغبة في حكاية قصة عن التاريخ.
هناك عدة نسخ أولية من الرواية. هناك شخوص حذفوا، وشخصيات أضيفت. وعلاقات بين الشخصيات عدلتها. لكن يظل شخوص الرواية الابرز في كل نسخها بخيت منديل، العبد الذي وقع عليه الظلم في كل فترات حياته. الذي لم يختر لنفسه شيئاً تقريباً. حتى الحب وقع عليه كقدر كما وقع عليه الرق. وثيودورا، مدرسة الارسالية، المحبوبة الجميلة، التي رغم كل شيء تتعامل بما كان يعرف ب "عبء الرجل الأبيض". فهي فتاة حسناء، طيبة القلب، مظلومة، لكنها لا تجد غضاضة في عنصريتها تجاه اهل البلاد الاصليين. بل تتعامل مع تفوقها كأنثى مسيحية بيضاء على انه الترتيب الطبيعي للحياة الذي وضعه الرب. لهذا ستجد ان أشد العبارات سباباً للسودانيين وردت على لسانها، يمكن أن نقول انها كانت تقول اسوأ الأشياء بكل رقة وملائكية. ربما لهذا لم يكرهها القراء انما كرهوا الكاتب واعتبروا أني أنا من أسب السودان. وهناك الحسن الجريفاوي. المتصوف المؤمن الذي كان يكره ظلم التركية. واندفع في ايمانه بالمهدية حتى النهاية. لكنه تعرض لهزة قادته لأسئلة وجودية حول معنى كل هذا الايمان وما يفعله باسمه. كما ان هناك مريسيلة، أحب الشخصيات الى قلبي في العمل. الفتاة التي نبتت من قاع المدينة. المعبرة عن كل ما هو منكر ومكروه ومستهجن. لكنها شديدة القوة، شديدة الضعف، شديدة الاخلاص.
أما الهدف من هذا العمل فهو هدفي الدائم من كل رواية اكتبها، أن أقدم حكاية ممتعة. واترك ما سوى ذلك للقارئ. فهناك من وجدوا فيها تاريخاً موازياً، أو تأريخ ما أهمله التأريخ الرسمي. وهناك من وجدوا فيها تمجيداً للمستعمر وخيانة للوطن. وهناك من وجدوا فيها اسئلة حقيقية عن التطرف واليقين والايمان. وهذه قراءات متنوعة، تسعدني. وهي طبيعية لأن كل قارئ يقرأ بمحموله الثقافي الخاص. فلقارئ سعودي مثلاً لم يسمع قط عن الثورة المهدية سيعتبر الرواية تهدف لعرض ضرر التطرف الديني والكذب باسم الدين. هذه قراءة بمحموله الثقافي. هناك مصريون رأوا فيها علاقات المستعمر ( الانجليزي والغربي طبعاً، لأن كثيرين منهم اعترضوا على تسمية المصري بالمستعمر، بينما تلقاها البعض بدهشة معلومة المرة الاولى ) مع الشرق، متمثلاً في ثيودورا واقوالها.
** شوق الدرويش حققت لنا اكثر من نجاح الفوز بالجائزة وقيمتها المعنوية ووضع اقدامنا على أعتاب القائمة القصيرة كانجاز سودانى 100% وفوق ذلك تصدرت المبيعات ويعانى القراء فى الحصول عليها فى القاهرة،وكل هذا تصادف مع معرض القاهرة الدولى للكتاب هذا انجاز بامتياز كيف تفاعلت معه على المستوى الشخصى؟؟
لا اظن ان هناك معاناة للحصول على الرواية في القاهرة. هي متوفرة في كل مكتبات مصر الكبرى، وتحقق فيها نسبة مبيعات عالية والحمد لله. هي من اعلى الكتب مبيعا في مكتبات الشروق بفروعها، بحسب ما تصدره الشروق اسبوعيا من قوائم الاعلى مبيعاً فيها. وكذلك في مكتبة مدبولي. ومكتبة ألف والكتب خان والكتبجية وديوان.
وقد نفذت منها اربع طبعات حتى الان، والطبعة الخامسة متوفرة بالاسواق. ومتوفرة في عدد من الدول العربية.
لكن كانت هناك مشكلة في توفيرها في السودان. لم تتقدم مكتبة سودانية للناشر لتأخذ منه نسخاً للخرطوم ! هذا أمر تسئل فيه مكتبات السودان.
على المستوى الشخصي هناك شعورين. بالتأكيد هناك شعور بالسعادة. فنجاح عملك شيء مبهج. والكاتب يكتب للقراء في الاساس، فحين يجد عملك قبولاً من القراء فان ذلك شيء سعيد جداً.
لكن هناك المشكلة الثانية وهي اني شخص انطوائي بطبعي. نجاح الرواية يجبرك على التفاعل والتعامل مع كثير من الدعوات الادبية والاعلامية واللقاءات الشخصية، وهو أمر جيد ومهم في وقتنا هذا لأي كاتب. لكني أؤديه بصعوبة لطبعي الخاص. هذا أمر لا علاج له. العلاقات العامة والتعامل مع الاعلام امر يأتي "مع الصفقة". لا يمكنك أن تكون كاتباً وتحتفظ لنفسك بخصوصيتك وترفض الاعلام او التفاعل مع من يقرأ لك. لكني بطئ في هذا التفاعل نوعاً ما. واعتذر دائماً عن هذا البطء بالاعتراف باني شخص لديه عجز في مهارات التواصل الاجتماعي.
**
شوق الدرويش التى احتفى بها الاعلام العربى وتسابق للقاء بها وبصانعها، وبل الاعلام العالمى ،وتفرغت الكثير من أجهزة الاعلام فى البلدان التى تنافس السودان فى تصدر القائمة القصيرة فى مايو القادم بالامارات بالتعريف بالجائزة واهميتها وقيمتها وتتناول سيرة مشاركيها من الكتاب والروائيين والاعلام السودانى بعيد تمام البعد عن الحدث!!! شعورك كروائى سودانى حقق انجاز لم يحققه ما يتم تكريمهم على الهواء فى أجهزة الاعلام التى تتجاهل... شوق الدرويش؟؟
الحقيقة اني على عكس كثيرين راض عن تناول الاعلام السوداني لروايتي وللجوائز التي حازت عليها. لقد رأيت خبر فوز شوق الدرويش بجائزة نجيب محفوظ على شريط الاخبار في التلفزيون السوداني! ونشرت اغلب الصحف الخبر. بل من ايام قليلة نشرت صحيفة اليوم التالي تقريراً عن الرواية في صفحتها الاولى. هذا اهتمام وسعادة لم اكن اتوقعها.
لكن ربما ظروف اقامتي خارج البلاد هي ما لا تجعل لي حضور شخصي في الاعلام. فليس لقنواتنا استديوهات خارج الخرطوم. وهذا جزء من داء المحلية الذي يقعدنا.
دعني أقل لك ما كان ينقص التغظية الاعلامية. هذه التغطية لم تهتم بجائزة نجيب محفوظ الا بعد ان فاز بها سوداني. رغم انها جائزة قديمة قاربت العشرين عاماً. ولا اهتمت ببقية روايات قائمة البوكر القصيرة. من المفهوم طبعا ان تحتفي بابن بلدك، لكن في النهاية هذا الاحتفاء يكون مبتوراً ومنقطعاً عن السياق حين لا يكون هناك اهتمام سابق او لاحق بهذه الجوائز والمسابقات. لذلك كان من الطبيعي جدا الا يعرف بعضهم ما هي جائزة نجيب محفوظ، لأن اعلامنا لم يهتم بها من قبل. ومن الطبيعي ان يسئ بعضهم الظن بحصولي عليها. هناك مثلا من كتب لماذا لم يحصل عليها الطيب صالح؟ ببساطة لأنه لم يسمع في الاعلام ان الجائزة تقدم للروايات "حديثة الصدور". كما ان الطيب حصل على جائزة مؤتمر الرواية في القاهرة دورة عبدالرحمن منيف.
محلية اعلامنا التي تجعله لا يتابع ولا يغطي أحداث خارجية تجعل اخبار كهذه اخبار مجهلة نوعاً ما. ففي النهاية يستقر في الذهن فقط ان هناك جائزة ما حصل عليها سوداني! بينما – في رأيي – لو كنا نتابع الجوائز واخبارها (ليست فقط الادبية ولكن في شتى المجالات ) لأحسسنا بقيمة حصول سوداني عليها بشكل مختلف. وربما أثر هذا الشكل على التغظية الخبرية اللاحقة.
دعني اضرب لك مثلاً، الصحف الجزائرية كانت شديدة الحزن عندما اعلنت قائمة البوكر الطويلة ولم تكن بها رواية جزائرية. هل رأينا مثل هذا في الاعلام السوداني في العام الماضي؟
هل نتابع من حصل على جائزة الشجاعة الدولية قبل فيصل محمد صالح؟ هل نعرف من المرشحين لها هذا العام؟ لقد اهتم اعلامنا بفوز الصحفي الكبير فيصل بتلك الجائزة، ثم نفض يده عنها. هذا ما حدث مع جائزة نجيب محفوظ وجائزة البوكر.
فلو كان لي من لوم فهو اننا مغرقون في محليتنا. اما اهتمام الاعلام بجوائز شوق الدرويش فأنا راض عنه تماماً، بل كما قلت لك فاق توقعاتي.
** شوق الدرويش تناولت الماضى ولم تضع له نهاية فى تسلسل الأحداث حتى الحاضر ربما على الأقل من وجهة نظرى ..هل تترك الختام مفتوحا لاسهمام الجميع فيه أم هناك راى أخر؟؟
الرواية لم تكن تأريخاً للسودان. انا لم اتناول التاريخ السوداني من لحظة معينة لأصل به للراهن. هناك روايات سودانية فعلت ذلك. في رأيي وقعت في فخ سرد التاريخ. هناك رواية بعنوان الراية الزرقاء. تبدأ منذ عهد المهدية الى ثورة ابريل على ما اذكر. وكيف ان الراية توارثها ابطال الرواية وشاركوا بها في الاستقلال ثم في ثورة اكتوبر واخيرا ثورة ابريل.
الرواية انتهت بنهاية حكايات شخوصها. بقية التاريخ السوداني ليست هي هاجس الرواية.
**كيف وصلت شوق الدرويش للقائمة الطويلة ...وكيف تلقيت الخبر بوضعها فى القائمة ؟؟ وماهى المعايير التى يتم على أساسها الاختيار لهذه الجائزة؟؟
كما أخبرتك يتم اختيار 16 رواية من كل الروايات المقدمة للجائزة. هذا العام هناك 180 عمل قدموا من بلدان عربية عديدة. لجنة الجائزة لا تتكلم عن معايير قائمة ال 16. لكن في المؤتمر الصحفي الذي عقد بالمغرب في 13 فبراير لاعلان القائمة القصيرة اعلنوا عن معايير الروايات ورؤيتهم لها. هذا التقرير منشور بموقع جائزة البوكر مفصلاً ويمكن الرجوع اليه.
**هل تحققت نبوءة الأستاذ (شوقى بدرى) فى التبشير بك ككاتب قادم بقوة وباتزان واقتدار وابداع ؟؟
استاذنا شوقي بدري كتب عني كثيراً. مبشراً ومدافعاً. لعله كتب عني أكثر من 6 مقالات خلال السنوات الستة الاخيرة. وكان منها أربعة بعد حصول شوق الدرويش على جائزة نجيب محفوظ وتلقيها هجوماً من البعض انها حصلت على الجائزة لأنها اساءت للمهدية
هذه اتهامات غريبة طبعاً، لأنها لا تجيب مثلاً على سؤال لماذا حصل عليها السوري خالد خليفة بروايته لا سكاكين في مطابخ هذه المدينة العام الماضي. هذه جائزة سنوية. فهل هل كل سنة تقدم بأجندة سياسية ما، أم تقدم لعمل أدبي؟ لماذا قررت دار نشر الجامعة الامريكية هذا العام ان تتخلى عن التقييم الادبي وتقدم جائزة لعمل لأنه يهين بلداً اخرى؟ هل الجامعة الامريكية مشغولة بتاريخ المهدية ؟ هل مصر ذاتها مشغولة بتاريخ المهدية ؟ نظرية المؤامرة هذه تحمل الكثير من تقدير الذات المبالغ فيه. الظن ان العالم مشغول بنا لدرجة كبيرة هذا وهم في رأيي. قد لا يسعد ذلك كثيرين، لكني لا اظن ولم ألمس أي اهتمام من العالم بتاريخنا يجعل الجوائز تتسابق لرواية يقولون انها تهين تاريخ المهدية!
استاذنا شوقي بدري كتب مدافعاً عني ضد هجوم كهذا، وتلقى هو أيضاً هجوماً وشتماً وسباً حتى أشفقت عليه.
أنا شاكر له حسن ظنه. وأتمنى أن يجعلني الله على قدر ذلك الظن.
**أمير تاج السر ..حمور زيادة..انجازات سودانية فى البوكرلاشك انها تفتح بابا لأسماء قادمة بركة ساكن..بشرى الفاضل ..ابراهيم اسحاق ..وغيرهم ما هى رؤيتكم لتحقيق ذلك ؟؟
بالتأكيد الأدب السوداني أمامه فرصة عظيمة. وقد قلت أكثر من مرة وبلا لحظة تردد " أنا لست الكاتب السوداني الأوحد ولا الأفضل. أنا فقط محظوظ أني استطعت تسلق أسوار الحصار المحيط بالسودان وقدمت نفسي خارجه". هناك فرصة عظيمة لأسماء مثل بركة ساكن ومنصور الصويم وغيرهم.
وربما يدفع ذلك للبحث وقراءة الكتابات السابقة مثل كتابة استاذنا بشرى الفاضل او ابراهيم اسحق. قبل فترة نشرت مقاطع من "حكاية البنت التي طارت عصافيرها" على صفحتي على الفيس بوك فجن بها اصدقائي المصريين اعجاباً. وطلبها عدد منهم كاملة. اتمنى ان يصبح د. بشرى الفاضل ضيفاً على مؤتمرات الرواية العربية ومعارض الكتاب. هذا العام استضاف معرض القاهرة د. حيدر ابراهيم، والمحبوب عبد السلام، وشخصي. ودعتني وزارة الثقافة المصرية للمشاركة في مؤتمر الرواية العربية في مارس. وكذلك سيشارك به أمير تاج السر.
أتمنى أن تشهد الاعوام القادمة المزيد من الكتاب السودانيين. فقط لو ساعدنا أنفسنا بكسر طوق العزلة. هذا الطوق لم يضربه حولنا الاخرون وحدهم. نحن نساعد كثيراً على هذه العزلة.
**لاشك أن كل مثقف فى مختلف المجالات مهموم ببلاده ودوما ما تنبع أفكار ابداعهم من خلال الواقع الذى يعيشونه رؤيتكم للراهن السودانى ،ودوركم فى تغييره كمثقفين؟؟
اظن ان دور المثقف يتلخص في العبارة التي قالها الشهيد عبد الخالق محجوب، حين سئل قبل اعدامه عما قدمه للشعب السوداني، فقال " قدمت الوعي ما استطعت".
دور المثقف أن يخلخل الثوابت. أن يدفع باسئلة ما للعقل الجمعي. ليس من الضروري أن يقود جهده بشكل مباشر للتغيير الكلي. ليس من الضروري أن يقبل منه الناس ما يقول. لكنه في النهاية ينقر على جدار الجمود. وفي يوم ما، مع تكرر النقرات والطارقين سيتهاوى الجدار.
**شوق الدرويش نقلت صورة المجتمع السودانى بدقة وبسرد تاريخى رصين وصادق ولكن غير مقبول لدى الكثير من الاوساط المؤمنة بالسيادة والعبودية او التبعية ان صح التعبير،ولعلها قد تؤثر على موروث الكثيرين والذى أصبح مذهب ودين يتبع وقداسة مكتسبة بالتسلسل ألا تخشى من أن هذا يفتح عليك باب حرب جديد وهذه المرة طائفية؟؟
ربما يفتح. بل لعله فتح. لكن ماذا أفعل؟ ألم يكن عليّ أن أحكي تلك الحكاية؟ أن أخاف في مقبل رواياتي؟ لا أظن.
لو كان هناك ميزة للحياة خارج الوطن انها تجعل جمهورك اكبر واعرض من شريحة القارئ السوداني. هذا يرفع عنك عبء كبير جداً. انت تكتب لقراء من المحيط للخليج كما يقولون. لن تجد عند اغلبهم تلك المحاميل الوطنية الحساسة او الاجتماعية المحافظة لدى شريحة من القراء السودانيين.
حين كتبت روايتي الاولى "الكونج" هاجمها البعض انها نقلت صورة سيئة للقرية السودانية. هذه الحساسية لن تجدها عند القارئ التونسي لعملك، او القارئ الخليجي. هذا أمر يقلل من وقع الضيق الذي يصيب بعض الناس من كتابتك.
**ماذا ينقص الابداع السودانى فى شتى الضروب من المنافسة على الصدارة على المستويين الاقليمى والدولى؟؟
ينقصنا ألا نعتبر أنفسنا في معركة وخصومة مع الاخر. التخلص من احساس المظلومية. وانهم لا يحبوننا، ومهما فعلنا فنحن هامش. علينا أن نرفع الحصار المضروب حولنا، بسببنا وبسبب الاخرين. ألا نتخوف من تقديم أنفسنا للعالم. سواء شخوصنا أو انتاجنا.
فليخلص كل كاتب منا لمشروعه الأدبي، ويعمل عليه. وسيصل باذن الله من كتب الله له التوفيق.
**
ونتمنى لك التوفيق فى مايو المقبل و..شوق الدرويش..يحلق عاليا خفاقا بصدارة البوكر القصير كابداع سودانى كامل الدسم ..باذن الله.
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.