لم ينسى و لن ينسى قادة العرب أنه عندما كانت صواريخ سكود العراقية تمطر الرياض كان عمر البشير و نظامه يهتفون " إضرب ..إضرب يا صدام..بالكيماوي يا صدام"، و لن يفوت عليهم أن من يهتف اليوم عن أمن السعودية و لون خطه هو نفس النظام البغيض الذي كان يهتف "يهود..يهود...آل سعود" و مع كل صاروخ يطلقه صدام تتعالى هتافاته "إضرب..إضرب يا صدام.." ، و لن ينسوا أبداً أنً النظام كان في يوم من الأيام يأوي قادة التطرف في بلدانهم...و من يظن بخلاف ذلك فهو واهم..لكنها لعنة السياسة عندما تتحول إلى لعبة قذرة يكون الخاسر فيها الانسانيًة و السلام. من زاويةٍ أخرى: ما هو الموقف الداعم للشعب السوداني من الدول العربية عندما كانت تتخذ مواقف مناوئة للنظام،؟ هل ثبت عنها أنها أدانت مجازر أو بطش بالشعب السوداني أو بيعاَ لمقدراته...أو بتراً لأطرافه..أو وقفت بقوة و دعمت حقوق انسان أو حركت ساكناً في المجتمع الدولي لتسليم المجرمين للعدالة ؟ أو طالبت بصوت مسموع النظام بتوفير الحريات؟ أو حدث و أن أدانت النظام في أي محفل دولي؟ الاجابة على كل هذا " لا " فتلك الدول أكبر همها أن تستفيد من ضعف الحكومة للسيطرة على مقدرات الشعب السوداني و ما أدل على ذلك من تهافت النظام عليها مستجدياً و عارضاً على شعوبها بيع أراضينا و مقدراتنا بأثمان بخسة لا تتجاوز 40 دولاراً للفدان من أخصب الأراضي الزراعيًة بعد نزع ملكيُتها من أهلها الشرعيين.. ما يعنيهم – أي العرب – مصلحتهم الشخصيًة ، حتى و إن تعارضت مع الأخلاقيًات و الانسانيًة، فنحن في زمنٍ لا مكان فيه للضعيف، و من لم يناضل للمحافظة على حقوقه و يحرسها سيبيعها اللصوص عنوةً لقمةً سائغة للطامعين منزوعي الأخلاق و الضمير.... أمًا الذين لا يتجاوز طموحهم المسمًى نضالاً التقاط صورة جماعية لهم ، و لا تتجاوز أحلامهم ظهور صورهم في الفضائيات البائرة و الرائجة دون تمييز ، و كل يوم يخرجون علينا تحت ستار الوطنيًة لمجرد الظهور - لا أكثر من ذلك - و يدمنون تجربة المجرب في كل مرة ..هؤلاء حقاً أمرهم عجيب...لا نعرف هل هم جهلة أو لديهم عقدهم النفسيًة كما عمر البشير و طفله المعجزة و بقيًة أفراد نظامه؟ ، أم انً الأمر في الأصل ليس أولويًة عندهم حتى و لو أحرجوا أنفسهم ؟ ، أم أن جلدهم لا يقل (تخانة) عن أولئك؟ نسأل لأنهم لا يتحرجون أن يملؤوا الدنيا ضجيجاً بمفاوضات أديس و يلملموا اطرافهم مهرولين ثم تغيب عن حساباتهم أنً النظام الذي عرفوه ربما لم يأت ، و بكل وقاحة يخطرهم بأن الأمر بعد الانتخابات..و من يريد أن يتفاوض معنا ليأت بعدها..) حتى الآن الأمر فعلاً مؤسف، لكنه سيكون أشد أسفاً إن أتوا إليه كما يريد..بعد الانتخابات، عندها ستنطبق عليهم قصة الحمار مع الأسد بحذافيرها (مع الفارق)..هل فات عليهم أنً النظام لن يأتي من أساسه؟ و هل هم فعلاً واثقون من النظام لهذه الدرجة؟ ... و لماذا أصلاً يأتي اليهم النظام الذي يعلمون سلفاً أنًه يعمل بعقلية المومس التي خانتها المؤهلات و متطلبات الحرفه..و لا تمانع من الممارسة مع كل المارة بالشارع دون تمييز ؟ الغريب في الأمر أنهم يعلمون سلفاً أن النظام حاله كحال تلك التي كل ما رأت من ظنت أنه سيدفع ارتمت في حضنه، و طالما أنً طالب المتعة المحرمة "مصروم" لدرجة أنًه سيدفع أكثر إن غرته المساحيق التي تواري بها التجاعيد الغائرة في وجه كالح..،..و يعرفون سلفاً أنًها (هى) العالمة بمؤهلاتها المفقودة..و الأدرى بمكانتها ، تدرك تماماً أنًه مهما كانت المؤهلات متواضعة هذا لا ينفي حقيقة أن لكل ساقطة لاقطة! و لا ينفي حقيقة أن معرفة السبب تبطل العجب، و بالتالي ما الذي يمنعها من المحاولة و أن تجرب حظها ؟ لذلك يظل العيب فيكم أنتم يا من تتاجرون بقضايا الشعب السوداني، فأنتم تدركون تماماً أن النظام أسوأ من كل التصورات و مع ذلك يبدو أنكم تثقون فيه طمعاً في سلطة تقتسمونها معه...و الله أعلم! ما كان بالأمس شكوكاً لديها ما يعززها أصبح اليوم حقائق بعد أن أشرع (من يعلمون يقيناً فقدان الحد الأدنى من المؤهلات) أياديهم لتلك الشّمطاء المجاهرة التي لا تختشي، و مع علمهم التام و النافي للجهالة، لا يمانعون من الدفع مقدماً.. على الرغم من أنهم غير ملزمين بذلك..لكنهم فعلوا..و هذا متوقع.. ربما لا يبالون بما يصيبهم من لعنة من السماء أو الأرض بسبب من تسببوا بقتلهم لإدراكهم التام بأنً هذه عقوبتها ليس الآن، و هذا منطق!.... لا عقوبة فورية يخشونها ، و لا يوجد شعباً حافظ على مقدراته حتى يعملون له حساباً.. و لكن المؤكد في الأمر أن هنالك حقيقة ً فاتت عليهم .. لا أحد يتكهن بما سيحدث غداً.. من فتحوا أحضانهم لتلك العاهرة الشمطاء ..يدركون جيداً و لنفس السبب الذي جعلهم يحتملون قبحها .. أنها كانت ترتمي في أحضان نفس العدو الذي يؤجج مدنهم بالصراعات و يجعلها مسرحاً لفتن طائفية لا حصر لها، لذلك وفقاً لحساباتهم الخاصة ربما كان الأمر جللاً لدرجة أنهم لا يبالون ، ليس لمجرد أنها القت بنفسها ، .. يا ما حاولت و فشلت..و حاولت و نجحت..، إذاً لماذا نلومها ، و لماذا نلومهم؟ فالكل ميسر لما خلق له..فهم يعلمون جيداً أنها حتى الأمس القريب كانت مرتمية في أحضان من كادت تفجيراته أن تطال حتى المقدسات، و يفوق علمهم المعرفه بأنها كانت هى و ليس سواها من تستضيف المعسكرات التي تفرخ هؤلاء المنفذين لتلك التفجيرات... أما الذين جرجروا أطرافهم لأديس ، و قبلها برلين و ما قبلها..هؤلاء فعلاً أمرهم عجيب..، إن قلنا لا يعنينا نكون قد خدعنا أنفسنا... هؤلاء المتجرجرون في الواقع يعنوننا في اشخاصهم و تنظيماتهم على حد السواء، و سنكون غير صادقين مع أنفسنا إن قلنا لا تعنينا كثيراً بياناتهم التي تربو على الحصر ، فبقدر ما يعنينا ذهاب هذا النظام ، إلاً أن أخذ هؤلاء العواجيز معه قطعاً غير مفيد لقضيتنا،..نعم، نتفق جميعاً أن الوطنية وحدها لا تكفي، و نتفق بأن من يمارس السياسة يحتاج إلى الحنكة و المعرفة ، و لكن أيضاً نتفق بضرورة توظيف تلك الحنكة و المعرفة (إن وجدت) و في المقام الأول لما هو مفيد لقضيتنا ضد النظام...نريد من يدعي الحنكة و المعرفة – و ربما يكون محقاً في ادعائه – نريد له أن تحركه انسانيته و ضميره و ليس محاولات بائسة لتلميع وجه كالح لم يكن يوماً مشرقاً و لن يعود أو يتغير ، في نظر الكثيرين الذين نحترم وجهة نظرهم. قضيتنا كبيرة و لا تحتمل التراخي أو خلق عداء مع أحد غير النظام... يقتلنا النظام و يقتلنا أصحاب الموازنات التي لا تكون لصالحنا في سياساتهم، يقتلنا الذين يمدونه بالسلاح و المال و الدعم السياسي اليوم، و تقتلنا الامبريالية، و لن تحل مشكلتنا ما لم نحلها بأنفسنا، لا خيار لنا سوى الشارع ، فمن يموت بالرصاص افضل له من الموت جوعاً..و من تقتله كبريائه خير له من الموت خانعاً منكسراً لا يقوى على الفعل. حسناً فعل القائد/ ياسر عرمان عندما أعلن أنهم (من يحملون السلاح ) في حل عن أي التزام بمفاوضات النظام.. فمن يحملون السلاح يمكنهم الآن أن يضيقوا الخناق على النظام أكثر ، النظام أدار ظهره لجيراننا و لم يلتزم بشعرة معاوية المتمثلة في قرار الاجتماع 456، تنكر لهم و استبدلهم بالعرب دون التفكير في أي عاقبة ، و بذلك يكون قد جنى على نفسه و سهل مهمتنا كثيراً لأنه (النظام) يعيش الآن في نشوة بائسة لا يدرك أو يعي أنها أفقدته السند الأعظم الذي كان سبباً في فلتانه حتى الآن من العقاب و نسى أو تناسى أن الدول الأفريقية كانت تمثل طوق نجاة له عندما أعلن الاتحاد الافريقي وقتها أنه ضد القبض على المجرمين...، الآن الفرصة سانحة لكسر النظام عسكرياً أكثر من أي وقت مضى. لن نظهر الشماتة على أحد تبنى الخط المناهض للنظام طالما أنًه يدعي..، فنحن الضحايا لسنا في موقع يؤهلنا للضحك أو البكاء على الأطلال.. رغم الاحراج البالغ الذي تسببت فيه ثقتهم في جدية النظام هذه المرة دون سواها ، لكننا لن نشمت لأنً الشماته ربما أضرت بقضيتنا..، فيا من ارتضيتم بالهم و حتى الهم لم يرضى بكم..رضيتم التفاوض مع النظام لمشاركته السلطة، و النظام غير راض عنكم ..أسألوا نفسكم لماذا؟ ليتكم تستوعبوا الدرس ، و لو لمرة واحدة في حياتكم لأن هذه ربما تكون فرصتكم الأخيرة لمراجعة أنفسكم...ثبت هذا منذ زمن ليس بالقريب لدى الشعب و عُلم ، و من باب أولى أن يكون معلوماً لديكم لكثرة التجارب - ألستم أهل السياسة؟ - ..، أما الآن بعد كل هذا فأنتم أمام خيارين لا ثالث لهما: إمًا أن تثوروا لكرامتكم الشخصية التي تتفق و كرامة الشعب السوداني المكلوم – و تخرجوا ب، "أرحل" من دوركم للشوارع في فترة العشرة أيام الباقية.. ، بعدها عسى و لعل ذلك أن يغفر لكم بعض خيباتكم و تموتوا بكرامة أو تعيشوا رجالاً مثل السابقين و أجدادكم، ...أو انضموا للنظام صراحة و لا يحتاج أن تراوغوا كثيراً، فالأمر متروك لكم، و لا حسرة و لا أسف، و الأخيرين غير مطلقين ربما لست عليكم و إنما على شعبنا الذي يموت و أنتم جزء من المصيبة و جزء من معاناته و المساهمة الكبيرة في تعقيد مشكلاته. أسألكم بالله..كيف يهنأ لكم الجلوس مع النظام و أهلكم في دارفور يسامون العذاب تحت وطأة أعداء الانسانيًة وأنتم تبتسمون للكاميرات بين أديس و برلين؟! بل كيف يهنأ لكم العيش والراحة و بنات جلدتكم الحرائر يغتصبن وتدنس أعراضهن ، و النظام يقتل الشباب اليافع المطالب بحقوقه في كل بقاع السودان؟! إن اخترتم النضال - و الخيار لكم - هذا لديه ثمن، فأنتم مطالبون أمام الشعب ..و التاريخ ..و نزيدكم بأن نثق فيكم رغم النكبات لأن خياراتنا محدودة ، و نعترف لكم بالمقدرة على العطاء إن خلصت نواياكم...و يمكنكم القيام بالكثير إن أردتم حسن الخاتمة، و على سبيل المثال – ليس الحصر- يمكنكم أن تختموا أعمالكم السيئة بأعمال صالحة و لكن هذا يحتاج النية و الايمان بالقضية لا المتاجرة بها...حينها ستحظون ليس فقط باحترام الشعب السوداني، و إنما ستحظون باحترام شعوب العالم، أنتم أكثر من غيركم تعلمون أن الولاياتالمتحدة و الدول الامبرياليًة تدًعي أنها معنية بالانسانيًة التي نفتقد أدنى متطلباتها بسبب وجود النظام، و أننا – نحن الضحايا- نحسن الظن فيكم ، و نقول بأنكم معنيون فعلاً بما يحدث ، و لكن تحتاجون للحركة في الاتجاه الايجابي الذي يخدم قضيتنا فعلاً..و أن تمتلكون المبادرة و المقدرة على الفعل و لا تكتفون بردود الأفعال..فشعوب الدول الامبرياليًة و بوضوح تام معنية بقضايانا المتمثلة في حقوق الإنسان و السلام ، و هى القوى الوحيدة التي تؤثر على قرار حكوماتها و تجبرها على اتخاذ مواقف واضحة بدرجة أكبر تأثيراً و أشد فعالية من الارهاب و البطش الذي نعانيه، و تعلمون تماماً أنً النظام يعيش في هلع دائم بسبب الملفات العالقة بينه و تلك الدول ، بمساعدة الناشطين من أبناء السودان بالخارج – و ما أكثرهم - يمكنكم أن تكونوا مؤثرين فعلاً لدى شعوب تلك الدول و رأيها العام، و هذا هو السبيل للضعط الخارجي الوحيد المتاح أمامنا الآن وفقاً لما يجري على الأرض، القضايا مثل الارهاب و الحريات و الفساد و متعلقات الشفافة هى المدخل الصحيح للعالم، و كذلك وصول المساعدات للضحايا ، و غيرها من قضايانا المعقدة أمور يجب التحرك فيها عبر المداخل الصحيحة المتمثلة في الرأي العام و ليس الحكومات، و أنتم تدركون جيداً أن ما يحدثه الرأي العام لهو أمر مذهل و يختصر مسيرة العام في يوم واحد و من هذا: أولاً: يمكنكم أن تقطعوا الطريق على حكومة القتلة و المفسدين في نبيل مبتغاها ، فهى لم تأتي الا طلباً لأموال أعداء الأمس، فبحق شعبكم الذي تقتله هذه الأموال أعملوا ما بوسعكم لحرمان النظام منها. ثانياً: يمكنكم أن تقطعوا الطريق على وساطة العرب و توسلهم لدى أمريكا بفك الحصار عن نظام الإبادة ، و يمكنكم تحريك الرأي العام الأمريكي للضغط على حكومته لتضغط بدورها على تابعيها لانهاء العلاقة المحرمة ، الولاياتالمتحدة وحدها الآن من لديها السلطة على من ترتمي تلك المومس الشمطاء في أحضانهم اليوم. ثالثاً: يمكنكم أيضاً مساعدة الشعب السوداني إن تحركتم في اتجاه الضغط على مجلس الأمن للقبض على المجرمين و الاستفادة من الدول المجاورة المتضررة من النظام ، حينها سيحال ملف دارفور بقرار من مجلس الأمن إلى محكمة العدل الدولية التي تتمتع بالقوة الكافية للقبض على المجرمين. أخيراً: يمكنكم أيضاً التواصل مع قواعدكم و تنظيمها ضد النظام للمشاركة مع جموع الشارع السوداني المكتوي بالنيران لاسقاط النظام سلميًا. مصطفى عمر [email protected]