الخرطوم عاد التوتر بين قوات اليوناميد والحكومة السودانية إلى السطح من جديد بعد نشر أنباء عن مماطلة الحكومة السودانية في منح تأشيرة الدخول لبعثة دولية تضم دبلوماسيين أمريكيين وبريطانيين لتقصي الحقائق في دارفور. لكن الناطق الرسمي باسم وزارة الخارجية السودانية، السفير علي الصادق،نفى ذلك في تصريحات صحافية وقال إن منح التأشيرات للمسؤولين الأجانب يتم بالتنسيق بين وزارة الخارجية وبعض الجهات الأخرى. وقتلت بعثة اليوناميد في دارفور مساء أمس الأول الخميس ستة أشخاص عن طريق الخطأ ،الأمر الذي يعزز تبرير حكومة الخرطوم في طردها وإنهاء مهمتها رغم إعتراض واشنطن على ذلك، واطلقت اليوناميد النار على أفراد من قبيلة «الزغاوة» على الطريق الرابط بين كأس وشنقيطة، على مقربة من عاصمة ولاية جنوب دارفور نيالا على اعتبار أنهم متمردون،وكان أفراد القبيلة يطاردون جماعة أخرى إعتدت عليهم. وبحسب موقع «الشروق نت « المقرب من الحكومة السودانية ،فإن بعثة السودان الدائمة لدى الأممالمتحدة،انتقدت زيارة مقترحة إلى إقليم دارفور في وقت سابق من هذا العام كان يعتزم دبلوماسيون أمريكيون وبريطانيون وفرنسيون القيام بها، وقالت إن الخطة التي لم توافق عليها الحكومة السودانية مطلقاً غريبة. واتهمت بعثة السودان بمقر الأممالمتحدة وكالة «رويترز» للأنباء بالتحامل لنشرها خبراً عن رفض الخرطوم منح تأشيرات للدبلوماسيين المعنيين للقيام بمهمة لتقصي الحقائق في دارفور. وقال القائم بالأعمال بالإنابة ببعثة السودان الدائمة في نيويورك السفير حسن حامد حسن، إنه رفض دخول الدبلوماسيين لتحفظه على شكل الفريق الذي طلب الزيارة، نافياً أن يكون الغرض منها التقصي. وأفاد أن بيان «رويترز» زعم ضمن أمور أخرى أن السودان رفض منح تأشيرات دخول للسفراء في يناير/كانون الثاني الماضي، وأن ذلك الرفض تزامن مع مطالبة حكومة السودان بخروج بعثة «يوناميد» من دارفور، وإبعاد بعض موظفي الأممالمتحدة. وبدأ التوتر بين الخرطوم واليوناميد في العام الماضي عندما صعّدت الحكومة السودانية حملتها ضد قوات اليوناميد واتهمتها بالقيام بعمليات إغتصاب في إقليم دارفور وذلك على خلفية تحقيق بشأن مزاعم حول اغتصاب نساء في قرية (تابت) بشمال دارفور ،حيث زار فريق تحقيق من اليوناميد القرية، وأصدر بياناً بعدم وقوع عملية اغتصاب جماعي من الجنود السودانيين ثم طلبت اليوناميد زيارة القرية مرة أخرى للتحقيق مرة ثانية. وقالت اليوناميد إن السلطات السودانية لم تسمح لبعثتها بالوصول إلى القرية للتحقيق حول مزاعم الإغتصاب إلا بعد تسعة أيام من الحادثة في وجود قوات حكومية ومنعتها من الرجوع مرة أخرى للقرية. وكانت الحكومة السودانية طردت ممثل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية علي الزعتري والمدير القطري لبرنامج الأممالمتحدة الإنمائي آيفون هيل وأمرتهما بمغادرة الخرطوم. وطالب الأمين العام للأمم المتحدة الحكومة السودانية العدول عن قرار طرد الموظفين لكن وزير خارجية السودان أكد آنذاك عدم التراجع عن قرار الطرد، مشيرا إلى أنه قرار سيادي وأوضح أن حكومته لها الحق في متابعة صرف أموال الأممالمتحدة على مشاريعها في السودان. وكرر الرئيس البشير طلب بلاده برحيل اليوناميد في أكثر من مناسبة ،آخرها أثناء حملته الإنتخابية قبل أقل من شهر ،وترفض الولاياتالمتحدةالأمريكية هذا الأمر وتعتبر قرار الخرطوم تأكيدا على عدم تعاونها. ويرى الدكتور صلاح الدومة ،أستاذ العلوم السياسية والخبير السياسي ،أن هذه الأزمات تكشف بوضوح استمرار المعالجات الخاطئة للحكومة السودانية فيما يخص سياستها الخارجية وعلاقاتها مع منظمات الأممالمتحدة،وقال إن الحكومة تريد خلق بطولات وهمية وأشار إلى ضرورة وجود خبراء حقيقيين يقدمون النصح للحكومة قبل إتخاذ أي إجراء يزيد من عزلتها الدولية. وتبقى هذه الأزمة امتدادا لأزمة إقليم دارفور الذي يعاني سكانه من عدم توفر الأمن والإستقرار، ولوقف العنف قام الاتحاد الأفريقي بمشاركة الأممالمتحدة بتأسيس عملية سلام في إقليم دارفور، والتي يشار إليها باليوناميد من عدة جنسيات، وذلك في 31تموز/يوليو 2007م وفقا لقرار مجلس الأمن رقم 1769و تقوم اليوناميد بحماية المدنيين وتقديم المساعدات الإنسانية وتعزيز حقوق الإنسان وسيادة القانون ومراقبة الحدود، لكن هذه القوات نفسها تعرضت لهجمات عديدة وترى حكومة السودان أنها أصبحت عبئا أمنيا داخل الإقليم الملتهب. صلاح الدين مصطفى القدس العربي