وجه الناشط المصري وائل غنيم اتهاما شديد اللهجة إلى المجتمع الدولي، وبشكل خاص إلى المؤسسات المالية الدولية، أمس، قائلا إن صندوق النقد الدولي ارتكب «جرائم» وليس فقط «أخطاء» في حق الشعب المصري في دعم حكومة الرئيس المصري السابق، حسني مبارك. وجاء ذلك خلال مشاركة غنيم في ندوة استضافها صندوق النقد الدولي في مقره بواشنطن، أمس، حول الشباب والبطالة في العالم العربي، حيث انتهز غنيم الفرصة لتوجيه انتقادات للصندوق وغيره من مؤسسات مالية كانت تثني على حكومة مبارك وإصلاحاتها السياسية. وشارك مدير صندوق النقد الدولي، دومينيك ستراوس - كان، في الندوة التي شهدت مشادات عدة بينه وبين غنيم. وفي مداخلته الأولى خلال الندوة صباح أمس، قرأ غنيم جزءا من تقرير لصندوق النقد الدولي يشيد بالاقتصاد المصري، على الرغم من معاناة شريحة واسعة من المصريين، ليرد عليه ستراوس - كان: «إنني سعيد بقراءتك هذا المقطع لأنه يظهر ما قلته للتو.. نحن بحاجة إلى الربط بين ما هو مهم ماليا وما هو مهم للمجتمع». وأضاف: «كان التصور العام سابقا أنه في حال يشهد بلد نموا اقتصاديا، تكون هناك وظائف يلتحق بها، ولكن ذلك لم يكن الأمر». وقال غنيم: «عندما علم البعض أنني آت إلى هنا، انتقدني البعض وقالوا إن صندوق النقد الدولي سمح للأنظمة أن تبقى، ولكن أنا هنا لأمثل من هم مثلي». وأضاف: «عندما تتحدثون عن خلق فرص العمل، فإنكم تتحدثون عن شخص يحصل على 100 دولار لشركة تحصد الملايين من الدولارات»، مطالبا بتعديل أسلوب خلق فرص العمل لمعرفة قيمتها. ويواجه صندوق النقد الدولي والبنك الدولي أياما عصيبة في الدفاع عن سياساتهما في تونس ومصر مع الثورة في كل من البلدين، وتعمل المؤسستان على تحسين صورتيهما. وقال غنيم: «يجب أن نوجه الانتقادات ونكون واضحين، فمساعدة الأنظمة في المنطقة أدت إلى أنظمة ديكتاتورية، فكانت الشعوب تتحمل أعباء الديون المترتبة من هذه البرامج، بينما النخبة تزداد ثراء». وأضاف: «ما نحتاجه هو عدم التدخل في أمورنا، ولكن نحتاج إلى إعطائنا الخبرة والقدرة على إدارة أمورنا»، ولكن رد ستراوس – كان عليه قائلا: «نحن لسنا بنكا يبحث عن زبائن لإقراضهم الأموال، وفي رأينا أنه كلما قل عدد زبائننا كان الأمر أفضل». وعندما قال غنيم إن على المؤسسات المالية مساعدة مصر في حال احتاجت ذلك، ضجت القاعة بضحك الحاضرين عندما أجاب ستراوس: «ولكن هل تعدني بأنك لن تلومني لو ساعدنا الحكومة إذا طلبت ذلك؟»، ورد غنيم ضاحكا: «كوني ثوريا يجب أن أعارض»، إلا أن ستراوس - كان حذره قائلا: «يجب أن لا تكون ثوريا من أجل أن تكون ثوريا، بل يجب أن تكون لديك أهداف». وكانت هذه الندوة، التي شارك فيها أيضا مدير البنك المركزي التونسي، مصطفى نبلي، والمديرة الإقليمية لمنظمة العمل الدولي، ندى الناشف، والبروفسور في جامعة كولومبيا الأميركية، رشيد الخالدي، فرصة لاستعراض التطورات في المنطقة وبحث قضية البطالة بين الشباب من جهة، ودور صندوق النقد الدولي من جهة أخرى. وكرر ستراوس - كان تعهده بالعمل على تعديل مهمة صندوق النقد الدولي المختصرة على «الأرقام والإحصاءات» لتشمل بشكل أفضل متطلبات المجتمعات التي يعمل فيها الصندوق. ولفت نبلي إلى أن المساعدات من المؤسسات المالية لم تكن هي سبب الفساد وتعطل الاقتصادات، بل «عدم وجود الأنظمة السليمة والصحيحة، لذا يجب وضع العمليات والآليات الديمقراطية والسليمة لضمان استخدام سلمي للمساعدة». ولم يتفق نبلي مع غنيم في عدم التعامل مع المؤسسات المالية، بل وضع طرق أفضل لمحاسبة الأنظمة وكيفية استخدام تلك المساعدات. وبينما دار الحديث عن الحريات في المجتمعات العربية، أشادت الناشف بتونس لتقدمها في دعم دور المرأة في المجتمع، ولفت غنيم إلى أنه «كان بعض النساء في تونس يعاني من الاضطهاد، وهن اللاتي اضطررن إلى نزع الحجاب من أجل العمل»، في إشارة إلى قانون منع الحجاب خلال عهد الرئيس التونسي السابق، زين العابدين بن علي. ولفتت الناشف إلى أن حماية حقوق المرأة «تأتي ضمن حماية حقوق الإنسان وإعطاء الحقوق من خلال المؤسسات في الدولة وبناء المؤسسات المبنية على المساواة بين كل أطياف المجتمع».