شهود عيان يؤكدون عبور مئات السيارات للعاصمة أنجمينا قادمة من الكاميرون ومتجهة نحو غرب دارفور – فيديو    الغرب "يضغط" على الإمارات واحتمال فرض عقوبات عليها    دورتموند يسقط باريس بهدف فولكروج.. ويؤجل الحسم لحديقة الأمراء    وزارة الخارجية تنعي السفير عثمان درار    العقاد والمسيح والحب    واشنطن: دول في المنطقة تحاول صب الزيت على النار في السودان    شاهد بالفيديو.. حسناء السوشيال ميديا السودانية "لوشي" تغني أغنية الفنان محمد حماقي و "اللوايشة" يتغزلون فيها ويشبهونها بالممثلة المصرية ياسمين عبد العزيز    شاهد بالصور.. المودل والممثلة السودانية الحسناء هديل إسماعيل تشعل مواقع التواصل بإطلالة مثيرة بأزياء قوات العمل الخاص    شاهد بالصورة والفيديو.. نجم "التيك توك" السوداني وأحد مناصري قوات الدعم السريع نادر الهلباوي يخطف الأضواء بمقطع مثير مع حسناء "هندية" فائقة الجمال    شاهد بالفيديو.. الناشط السوداني الشهير "الشكري": (كنت بحب واحدة قريبتنا تشبه لوشي لمن كانت سمحة لكن شميتها وكرهتها بسبب هذا الموقف)    محمد وداعة يكتب: الروس .. فى السودان    مؤسس باينانس.. الملياردير «سي زي» يدخل التاريخ من بوابة السجن الأمريكي    «الذكاء الاصطناعي» بصياغة أمريكية إماراتية!    الموارد المعدنية وحكومة سنار تبحثان استخراج المعادن بالولاية    طبيب مصري يحسم الجدل ويكشف السبب الحقيقي لوفاة الرئيس المخلوع محمد مرسي    "الجنائية الدولية" و"العدل الدولية".. ما الفرق بين المحكمتين؟    الى قيادة الدولة، وزير الخارجية، مندوب السودان الحارث    السودان..اعتقال"آدم إسحق"    فلوران لم يخلق من فسيخ النهضة شربات    رئيس نادي المريخ : وقوفنا خلف القوات المسلحة وقائدها أمر طبيعي وواجب وطني    المنتخب يتدرب وياسر مزمل ينضم للمعسكر    عائشة الماجدي: دارفور عروس السودان    لأول مرة منذ 10 أعوام.. اجتماع لجنة التعاون الاقتصادي بين الإمارات وإيران    فينيسيوس يقود ريال مدريد لتعادل ثمين أمام البايرن    والي الخرطوم يدشن استئناف البنك الزراعي    دولة إفريقية تصدر "أحدث عملة في العالم"    أول حكم على ترامب في قضية "الممثلة الإباحية"    بعد اتهام أطباء بوفاته.. تقرير طبي يفجر مفاجأة عن مارادونا    تعويضاً لرجل سبّته امرأة.. 2000 درهم    الحراك الطلابي الأمريكي    سعر الدرهم الإماراتي مقابل الجنيه السوداني ليوم الثلاثاء    أنشيلوتي: لا للانتقام.. وهذا رأيي في توخيل    بعد فضيحة وفيات لقاح أسترازينيكا الصادمة..الصحة المصرية تدخل على الخط بتصريحات رسمية    راشد عبد الرحيم: يا عابد الحرمين    بعد أزمة كلوب.. صلاح يصدم الأندية السعودية    تعلية خزان الرصيرص 2013م وإسقاط الإنقاذ 2019م وإخلاء وتهجير شعب الجزيرة 2024م    شاهد بالفيديو.. الفنانة ندى القلعة تواصل دعمها للجيش وتحمس الجنود بأغنية جديدة (أمن يا جن) وجمهورها يشيد ويتغزل: (سيدة الغناء ومطربة الوطن الأولى بدون منازع)    سرقة أمتعة عضو في «الكونجرس»    شاهد بالصورة.. بعد أن احتلت أغنية "وليد من الشكرية" المركز 35 ضمن أفضل 50 أغنية عربية.. بوادر خلاف بين الفنانة إيمان الشريف والشاعر أحمد كوستي بسبب تعمد الأخير تجاهل المطربة    بيان جديد لشركة كهرباء السودان    أمس حبيت راسك!    دخول أول مركز لغسيل الكلي للخدمة بمحلية دلقو    شركة توزيع الكهرباء في السودان تصدر بيانا    تصريحات جديدة لمسؤول سوداني بشأن النفط    دخول الجنّة: بالعمل أم برحمة الله؟    الملك سلمان يغادر المستشفى    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



(جسم متحرك) جانا يحوم! ناشر العجائب كوم!!
نشر في الراكوبة يوم 19 - 05 - 2015


بسم الله الرحمن الرحيم
مدخل:
يبدو والعهدة علي الصوارمي، أن هنالك جسم مضئ(شقي!) وقع في مرمي مضادات الدفاع الجوي السودانية، التي لا ترحم نيرانها ولا تخطئ دقة إصاباتها! وكما أن حرصها علي أمن وسلامة المواطنين، وضميرها المهني الحي! يثقل عليها ويحرمها متعة التساهل والتكاسل او مغبة النسيان والإهمال. ولكن المشكلة التي تواجهنا مع شراسة ومهنية المضادات الجوية، أن حرصها الشديد، أصبح يحرمنا معرفة كنه هذه الأجسام المتحركة والأهداف المضيئة! فهي قد تكون جنود مجندة، تحمل في جوفها الذهب والفضة والدولارات(في زول جاب سيرة أسلحة ومخدرات!) او مصباح علاء الدين والحلول السحرية، لكل المشاكل الأرضية! او قد يكون في عقلها وخبراتها وتجاربها، علاجات للأمراض المستعصية، التي تمددت بطول البلاد وعرضها! وإحتمال تكون طائرات مسكينة، تحمل طلاب اللجوء السياسي، لدولة الرفاه والقوانين والمشروع الحضاري! او إحتمال أجسام مضيئة ضالة الطريق، مما يستدعي إستضافتها بإحسان والإغداق عليها من أموال الزكاة والمستضعفين، كعابر سبيل! وهو ما يكشف مدي روعة ومناصرة وتربية الإسلامويين الكرماء! او قد تكون مجرد العاب نارية، يمارسها اولاد أمدرمان المرطبين، إحتفالا بأعياد الميلاد الشخصية او إنتصارات هلال مريخ! أما الإحتمال الأخطر فقد تكون رسالة من كوكب آخر، تمت الإساءة او التعامل معها بغدر، الشئ الذي يعرض أمن الكرة الأرضية للخطر او الغزو الفضائي المحتمل! ولكن وفي كل الأحوال، فالذي تؤكده هذه الحادثة، أن أجواءنا محمية ومغلقة بالضبة والمفتاح، أمام هجمات الأعداء! ويمكن للراكب في الفضاء او السائر علي الأرض او المسافر في عرض البحر، أن يأمن علي نفسه وماله وعرضه! لأ يخاف إلا الضرائب والجبايات في كل ملف علي شحيح أمواله، او هجمات العسكر والأمن والجنجويد والأمراض الفتاكة، عليه وعلي عياله! وهذه بالطبع منغصات بسيطة وتافهة ومقدور عليها، بل هي نعمة مقارنة بدول أخري هبت عليها رياح الثورات والمؤامرات!! والأهم أن هذه الحادثة، تؤكد لكل الدول الراغبة في إيجار مخازن للإسلحة والمعدات العسكرية، كإيران وغيرها، أن الوضع آمن وبضاعتهم في الحفظ والصون! عليها مضادات وقدرات عسكرية شداد، وحراس غلاظ، لا يعصون سادتهم وكبراءهم في الخارج! ممن يحمونهم ويمولونهم بالباطل في الظلام!!
وهكذا دواليك، يمكن أن تستمر إستنتاجات وسيناريوات شر البلية وضحكها، الذي يشبه البكاء او أشد حزنا، سواء علي الصحف الإلكترونية او مواقع التواصل الإجتماعي. أي كمادة مثيرة للسخرية وقبل ذلك الإحباط العام، من نهج(مزرعة الحيوان) الذي تدار به الدولة السودانية. ولكن لا عجب، فالإنقاذويون جميعا متساوون في تسويق الأوهام والخرافات ونشر الفساد وصناعة المحن! ويصح أن بعضهم أكثر مساواة في الإمتيازات، وقبل ذلك في إنزال مزيد من الكوارث والتدمير الممنهج علي البلاد والإهانة المتعمدة المادية والمعنوية علي العباد. علي جري او عادة التعديلات المستمرة في الظلام، علي وثائق وعهود وميثاق مزرعة القصر!! او كما نبهنا المغفور له جورج اورويل منذ ما يزيد علي النصف قرن، في قصته الرمزية المعبرة.
ولكن ما يزيد الأسف علي المحن، غير ضعف تماسك حبكة رواية المؤسسة العسكرية، وكثرة تناقضاتها، وغياب المهنية والشفافية في طريقة عملها، ونخر الهرجلة والعشوائية والمزاجية، والعلاقات الشخصية والتنظيمية، جسد المؤسسة العسكرية بالكامل! هو أن هذه المؤسسة مع الأجهزة الأمنية والقطاع السيادي، تنال نصيب الأسد واللبوة من الميزانية العامة المعلومة(أي غير التمويل السري ومصادر الأموال الخارجية، والإيرادات والإنفاقات الداخلية، المجهولة لدي وزارة المالية والمراجع العام!) لدرجة أصبحت فيها متسيِّدة علي كل المشهد الوطني! وتاليا تمت إزاحة كاملة، لبقية المواطنين ومشاكلهم وإحتياجاتهم! والتي وفي أحسن الأحوال، يتم التصدق والإحسان عليها ببعض الفتات، لمعالجة بعض إستعصاءاتها المديدة! بعد أن حاصرتهم الفاقة والأمراض المستوطنة والإرهاب، من كل ناحية. بمعني آخر، في أسوأ الظروف، كان يستدعي هذا التبسط المالي والصرف البذخي، علي تلك القطاعات غير المنتجة! أن يظهر ولو جزئيا في شكل بروز مؤسسات متماسكة، مهنية نوعا ما! يمتلك قادتها قدرات إدارية أفضل، بعد أن أُتيحت لهم فرص عديدة، للتدريب والتأهيل وإكتساب الخبرة بالممارسة، والإمتيازات المادية والإجتماعية، من أسهل الأبواب. ولكن في كل هذا تأكيد، ليس علي أن فاقد الشئ لا يعطيه فقط، ولكنه لا يتيح فرصة للآخرين لإعطائه أيضا!!
وهذا تحديدا يقودنا مباشرة، للب المشكلة او علة العلل. أي البيئة العامة المسيطرة! ومعلوم سلفا، أنها بيئة إستبدادية ذات صبغة آيدويولوجية إسلاموية! وتاليا، فهي بيئة طاردة للمؤسسية والعلمية والعقلانية، وصولا لتحريم الحرية وتجريم الإبداع! وفي نفس الوقت، فاتحة الطريق للعاطلين من المواهب، والمتطلعين للإمتيازات من غير وجه إجتهاد او حق، لإرتقاء المناصب العالية! ومن ثم إصدار القرارات التخريبية، والإصرار علي تنفيذها، بكل عنجهية وغرور وعناد! وكذلك التبريرات العجائبية للممارسات المفارقة والأخطاء الكارثية! والخيال العاطل في تقديم تفسيرات مقنعة او قصص خرافية معدة جيدا، للأحداث والمستجدات الطارئة. من شاكلة، ليس مرور جسم مضئ وضربه وتناثر أشلائه الي العدم، ونحوه من السخافات فقط، ولكن لمسيرة طويلة من التفسيرات الجزافية، المخاصمة للمنطق والصادمة للتوقعات المعقولة! لدرجة أصبحت فيها التفسيرات للأحداث والوقائع والتبريرات للفشل والعجز والأخطاء، تمثل نفسها دليل إدانة ومصدر سخرية! إن لم نقل تمثل جرم أكبر من الجريمة الأصل(الفشل والعجز والأخطاء المتكررة والتجاوزات الشاملة!).
بتعبير آخر، النقص في الخيال التبريري التفسيري والفشل في أداء المهام والواجبات في كل المهن والمؤسسات، والعجز عن إتباع المؤسسية وثقافة المنهجية، في وضع الخطط وطريقة تنفيذها ومتابعتها. يعود وبشكل أساس لتصورات مسبقة، تتوهم العبقرية في الأفراد والقداسة في الرؤي والأفكار والأسبقية في المكانة والإحترام! وتاليا يمتنع الإجتهاد والكدح وروح المنافسة وتفعيِّل أقصي الطاقات. ومن ثم وبالتأكيد تنتفي المساءلة والنقد والمراجعة! أي إمكانية تلافي الأخطاء والتقصير، ومراكمة خبرات للتطور والنهوض. وكذلك يمتنع تقبل الآخر الشريك في الوطن، كفرد ورؤية ومنافس يمتلك كامل الأهلية الوطنية، في فرص الترقي العام والحق في التمتع بالإمتيازات، والإنشغال بالشأن العام وتعاطي السياسة وغيرها من الأنشطة الوطنية الإجتماعية، في حدود الرغبة والإستطاعة والمواهب وإلتزام الدستور. بقول ثانٍ، الإشكالية ليست في الأفراد فقط! ولكن فيما يحمله الأفراد من تصورات وأفكار ورغبات! وتاليا في ردة فعل الأفراد تجاه المهن والمؤسسات والآخرين، وأيضا في طريقة تعاطيهم مع الشأن العام والمصلحة العامة. أي الإسلامويون ليس أغبياء او مجردون من الخيال والحس الفني الإبداعي كما يري البعض! ولكنهم أيضا ليس أذكياء ومتدينون وملتزمون كما يرون أنفسهم! ولكنهم كغيرهم من السودانيين، تتوزع بينهم نسبة الذكاء والمواهب والقدرات، وكذلك الحس الفني والإبداعي!
ونشير هنا الي أن حسن البنا مؤسس التنظيم الأصل، كانت له إهتمامات أدبية، قبل إنحرافه نحو مشروعه الإسلاموي! ولكن لا ينفي ذلك، أن الإسلامويين يتميزون عن غيرهم من الفصائل الوطنية، بضمور الحس الوطني والإنساني، والحساسية العالية والنظرة السلبية، تجاه الموروث الثقافي المحلي المركب، والتكوينات الإجتماعية المتعددة، والإرث التاريخي العريق للسودان. ومرد هذه التربية الشوهاء، التي تعرض لها الإسلامويون في السودان وغيره! ترجع لعدة أسباب، ولكن أهمها وأكثرها تأثيرا، تبني آيديولوجية إسلاموية خلاصية، توهمت إمتلاك الحلول الدينية، التي لا يأتيها الباطل من بين يديها ولا من خلفها! للإشكالات الوطنية الدنيوية(التي يأتيها الباطل(المصالح الخاصة) وكذلك الحق(تقديم المصلحة العامة) من كل إتجاه!) أي معالجة إنحرافات الطبقة السياسية الوضعية، وهي تتدرج في صعودها. بمحاليل وأدوية دينية مغشوشة، وتعاويذ طلسمية لا يفك أسرارها إلا القادة الدنيون الكبار! أي توظيف طاقات الدين وسموه، في وحل المنافسات السياسية الأرضية! كترياق يمنع تصدعها وإنحلالها! ولكن من مدخل، يستبطن الحصول علي السلطة وإمتيازاتها والي الأبد، كحق إلهي، لا يقبل الرفض او المنازعة او التنازل! والحال كهذا، فالأيدويولوجة الإسلاموية(مصالح القادة الدنيين الكبار!) تمنع الإعتراض والحرية وحق الإختيار، بحجة إكتمال الرؤية وقداستها! وأن الإعتراض يعني الفتنة والرفض او التشكيك في النموذج وكماله، وصولا لإعلان الإنشقاق والكفر والحرب علي الجماعة! وتاليا، تمت عملية تثبيط كاملة، لكل ممكنات ومساحات الروح النقدية، في الفرد المنظم! ونتيجة لذلك، فقدت فرص تنميتها وتطويرها، ومن ثم تطوير الذات والقدرات، وللعجب تطور الجماعة ذاتها! وكذلك تم وضع العقبات، أمام تحرر الأعضاء الداخليين، لمنع إنتقالهم من حالة الرق التنظيمي، وإستعبادات القادة والأفكار والنظريات الجامدة، والسكن في كهوف التاريخ! الي رحاب الحاضر وفرصه، والإنتاج المعرفي والقيمي والتحرري، والمشاركة الندية الفعَّالة، في مسؤوليات البناء التنظيمي والوطني. وبكلام محبط، تمت عملية او شن هجمات الإرهاب والتخويف والتخوين، ضد ملكات الإبداع والخيال الفردي! اي تم كبح جماحها، لصالح مجتمعات و أصنام وتحانيط تاريخية وقيادية! حلت محل التجديد والإبتكار، وقبل ذلك الأوثان في المجتمع الجاهلي! وهذا بدوره من المفارقات العجيبة! أي أن يتحول من يتهمون المجتمع المحلي والعصر الراهن، بالجهل والجاهلية الأولي! الي تقمص دور الجاهلية الأولي بإمتياز! أي عبادة الأفراد(حسن البنا الترابي الغنوشي!) وكذلك أفكارهم(الحركية السياسية ذات النزوع الدنيوي السلطوي، والغلالة الدينية المهترئة) دون مساءلة او نقد او إعتراض! او حتي مجرد إعتراف بحجم التناقضات المهول، بين القول والعمل، للقادة والأفكار!!
وبتعبير فاضح، رمت الجماعة الإسلاموية الآخرين، بداءها وأنسلت!! والأصح، هو تعبير غير مباشر، عن معاناتها الداخلية وتناقضاتها الخارجية، وأزماتها التلفقية الحضارية! وهذه التربية المتزمتة والروح الإنهزامية الداخلية، هي ما يفسر جفافهم الإبداعي وتبلد حسهم الفني الجمالي، وندرة إنتاج الأفكار والمفكرين، داخل هذه المنظومة الكهفوية الخربة. ومما فاقم هذه الوضعية التسلطية المسيطرة علي المنظومة، وتاليا تحريم أي مبادرات فردية تحررية، وكما ذكرنا في فترة سابقة، وجود زعيم(كاثوليكي وقد يرقي لدرجة البابا) كالدكتور الترابي، يمثل سقفا أعلي! لا يمكن تخطيه، سواء في إنتاج الأفكار او الأسس التنظيمية او المبادرات السياسية! او أقلاه هذا ما داوم علي فرضه علي الأتباع! بغرض السيطرة المطلق عليهم! أي كأنه مثل الرقيب الداخلي عليهم! وهذا ما يبيح تسميته بضمير الحزب الداخلي، ويا له من ضمير!! بمعني آخر، طالما كانت أفكار الترابي موجودة، وهي بطبعها مكتملة ومحيطة وشاملة، فما الداعي لإنتاج أفكار جديدة؟!
وبالطبع لا يجوز والحال كهذا، توقع أفكار ناقدة للدكتور الترابي او أفكاره، او متجاوزة لهما! فهذه تمثل كبيرة من الكبائر او جريرة من الجرائر، لا يقدر عليها من تربي في كنف تنظيم، ذو تراتبية تعظم الزعيم وتقدس سره! وتاليا، تهميش الأتباع وبغض النظر عن إمكاناتهم او مجاهداتهم. ولأن المعيار والأفضلية التنظيمية، يعتمدان علي القرب او التقرب من الزعيم، ومدي الطاعة العمياء والإفتنان بكل أقواله وأفكاره وحركاته وإيماءاته! وبما أن الترابي اللاعب او المسؤول الأوحد، لكل الإختصاصات والمسؤوليات في التنظيم او المعيار علي مستوي الأفكار والأداء والترقي في التنظيم! فقد حل الترابي بنشاطه وطاقاته الفكرية والأدائية، محل الأفكار والتنظيم، وصولا لحلوله محل الحزب ذاته! بمعني، دوران الحزب بأتباعه ونشاطاته ومساهماته، في فلك مصالح الترابي حصريا! لدرجة يصح فيها تسمية تنظيم الجبهة الإسلاموية، بتنظيم الجبهة والأصح المصلحة الترابية بإمتياز! والدليل أن كل التحولات والتلونات، التي قام بها الحزب خلال مسيرته، تمت علي يديه وبتوجيه مباشر منه! وكالعادة دون إعتراضات من أحد، وبالطبع إلا بعد فوات الأوان!! أما بعض الإنتاجات الفكرية القليلة، التي صدرت لبعض الإسلامويين علي عهد سطوة الترابي! فهي إما صدرت تحت رعايته وتشجيعه، أي في خط سياساته وأفكاره وتمجيده! أو دفاعا أعمي عن التنظيم وأفكاره ضد الخصوم، من غير هدي حضاري او كتاب وطني منير! أي لغاية تعلية مجانية غير نقدية أو هتافية غير موضوعية، للمشروع الإسلاموي! او الوجه الآخر، لتطلعات ومراوغات الشيخ الترابي، المندفعة او المنحدرة نحو السلطة مباشرة! وذلك بالطبع أيضا قبل المفاصلة!! أو إنكشاف المستور وظهور مدي دنيوية الصراع وإنحطاطه الي محض شهوات شخصية سلطوية عارمة، أخرجت حتي المتشايخين من وقارهم المصطنع. وعموما لو كان للمفاصلة، حسنة واحدة علي الإسلامويين. فهي تحريرهم من عبء الترابي وسيطرته، خصوصا النخبة ذات الميول الفكرية في الحركة الإسلاموية، وهذا بالطبع، دون قول شئ عن التجربة وخسرانها المبين! ولا ينفي ذلك، وجود بعض الإعتراضات الخجولة، ضد الترابي أيام سطوته من بعض الإسلامويين، ولكنها كانت ذات طابع خصام شخصي وليس فكري تحرري! وعلي العموم، تبدو أشباح الترابي او لعنته لا أدري، ما زالت تفرض حضورها علي النخبة الإسلاموية الناقدة!
بمعني، إن الإسلامويين الذين شرعوا في إجراء مراجعات لتجبرتهم، وخرجوا علينا يشهروا سيوف نقدهم، وهي تقطر مرارة ونقد حارق وحاقد للحكومة الإسلاموية الحاكمة! نجدهم يعجزون عن نقد الأفكار والرؤي والتصورات، او المرتكزات التي أخرجت لنا الإسلاموية من مغارات وظلامات التاريخ الدامسة! وهم يجهلون او يتعمدوا الغفلة، عن أن الأفكار والثقافات المريضة العاطلة، تنتج قيم أخلاقية عقيمة وتالفة! وتاليا، تمهد الطريق لكل أنوع الفساد والشرور علي البلاد والعباد. بمعني آخر، الإسلاموية كغيرها من العقائد الفاسدة، كالفاشية والنازية والمكارثية وغيرها، هي عبارة عن رؤية خلاصية عصبية عنصرية مراهقة، وغير جدلية ولا هي بالعقلية او التاريخية! تستبدل المسؤوليات الجماعية والحريات الجماعية والحقوق الجماعية! بأوهام تفوق ديني حضاري عرقي راسمالي! يتفق لديه التسويغ بكل الوسائل لفرض نموذجه! وتاليا، إكراه الواقع والوقائع والشعوب لسلطته ورؤيته! مهما كانت شكل المفارقات والأخطار والخسائر البشرية والمادية. فالعقائد الفاسدة كما عهدناها، فوق البشر والأوطان والوجود ذاته، وتلامس المطلق والغيبي والعبثي! وبصرها مشدود عادة، نحو النتائج المتخيلة، أكثر من تفهمها لحجم العقبات وطاقات الشعوب وممكنات المكان والزمان. أي العقائدية، تقدم وسادة مريحة، لهدهدت المخاوف وتلبية الطموحات الجامحة وتسكين او تخدير الشعوب بقرب إنجاز الأمنيات الكاذبة! أكثر من تقديمها لتفسيرات واقعية او حلول عملية، او مجرد قراءة موضوعية للواقع وتفهم لحاجات البشر، او تمنح سلم حقيقي لترقي وصعود الأمم(بتصرف في تعبير لماح للكاتب ديفيد بروكس في سياق آخر، مالي تحديدا). لكل ذلك، فأي إلتفاف علي معاملة الإسلاموية، كالنازية والفاشية وأخواتها، من قبل النقاد الإسلامويين، فذلك يمثل خيانة لقيمة النقد، قبل أن يكون ردة في منتصف طريق التحرر، الذي إختاره النقاد الإسلامويون بمحض إرادتهم!! فالنقد القاصر كالتعليم القاصر كالتربية القاصرة، ضررها أكبر من نفعها! بمعني، أنه يقدم مخارج واهية، لمشاريع مأزومة بنيويا، ومفتوحة علي التدمير والخراب والتعطيل! إضافة الي أنه يضلل أجيال قادمة، تستحق أن تعيش أوضاع أفضل! ويكفي ما تعرض له آباءهم وإخوانهم الكبار وأوطانهم من طيش ونزق وإرهاب ودمار.
ويكفي الإسلاموية ضلال والإسلامويون طمع وإنتهازية! أن برروا للإنقلاب وأستمتعوا بمصادرته للدولة، وتمكينهم المطلق من تطبيق كل تصوراتهم الطفولية ورغباتهم المريضة، ومشاريعهم الخيالية(الخيانية) الوهمية! وكان نتاج ذلك، غير تدمير الدولة وتحطيم المجتمع، أن إرتدت الدائرة عليهم، وشتت شملهم وجعلتهم أيدي سُبأ! وحولت مشروعهم الحضاري الي أثر بعد عين! ولو أنها وكما أسلفنا وبعد فشل التجربة، منحت بعضهم ثقة ومساحات حرية أوسع! خصوصا، بعد أن إرتضم شيخهم ومشروعه الشخصي، المتخفي كاللصوص بعُصابة الدين! بصخرة الواقع العنيد! ليدخله في مجاهل تناقضاته وترقيعاته البائسة! ومن ثم يتم دفعه، من أعلي جبل أوهامه وتضخيم ذاته وحضن مملكته السراب! بأيدِ أبنائه الصغار الذين تربوا في حجره وتحت بصره ورعايته! ليصير الي حالة العقاب الهرم(قصيدة العقاد) ولو أن العقاب كان أكثر مروءة وجدية وسيطرة عن جدارة، من الشيخ السراب! الذي بني مملكته علي المكر والخداع، والمتاجرة بالدين والتلاعب بالأتباع، والإستهانة بهشاشة الدولة، وإزدراء التكوينات السياسية الوطنية، والترفع عن الإستجابة للنصح، ونذر المستقبل للظلام والمحن والضياع.
المهم، ساهم الإنقلاب وبغير تعطيل التجربة الديمقراطية وتجميد التطور السياسي للأحزاب، في إحداث تغيرات هائلة في بنية الدولة، كمؤسسات وطريقة إدارة او مخرجات سلطة! ومن أخطر ما أدخله الإنقلابيون برافعتهم الإسلاموية العقدية المقدسة، علي الدولة والخدمة المدنية. هو الهجوم علي المخالفين، فصلا وتضييقا وإعتقالا وهضما للحقوق والمكانة! وتاليا، إزدراء او إستهانة بكل المجهودات والموارد المالية والفترات الزمانة والتربية الوطنية، التي أنفقت في تأسيس البنية البشرية والإدارية! كأعمدة أساسية لأي أسس تنموية او ترقية حضارية. علما بأنها تم إنجازها بشق الأنفس، وما زالت تنتظر المزيد! في دولة تتلمس طريقها للخروج من دوامة الفقر وقلة الموارد وكثرة الديون. وترتب علي ذلك، أن تم إدخال أسلوب المجاملات والعلاقات الشخصية والتنظيمية، علي قيم وإنضباط الخدمة المدنية! والتي لا يمكن أن تسير او تشتغل إلا وفق قانونها الخاص وضوابطها المرعية. أي طبيعتها ووظيفتها، وتاليا مردودها، لا تقبل المساومة او المجاملة او أنصاف الحول. أي إما خدمة مدنية حقيقية او تجاوزات، وما يعقبها من فشل وعجز وخراب. وكانت نتيجة هذه الآلية التعينية الجديدة، أن تسنم مراكز القيادة في الدولة، والتي أصبحت بدورها، تشريف وإمتياز أكثر من كونها تكليف ومسؤولية! الموالون والأصدقاء والأقرباء.
والنموذج الأبرز في هذا السياق، هو وزير الدفاع عبد الرحيم محمد حسين! الذي يكاد أن يكون هنالك إجماع عام، ليس من المدنيين فقط، ولكن حتي من داخل المؤسسة العسكرية، رغم أدلجتها وخضوعها لفصيل سياسي معين! علي فشل هذا الوزير، وضعف ملكاته القيادية وضبابية او عقم تحصيله العلمي الأكاديمي وتدني مكتسباته العسكرية وخبراته العملية. وفوق هذا، فقدانه المواهب السياسية والفصاحة الإعلامية! لدرجة أن تصريحاته أصبحت أكبر عبء، علي المؤسسة العسكرية وعلي الإسلامويين أنفسهم! وهذا بالطبع وظاهريا يخدم الخط المعارض، ويدل علي ضعف المنهج والآلية، التي تدار بها الدولة السودانية ومؤسساتها، وتاليا عدم أهليتهما او شرعيتهما! لولا أن مثل هذا النموذج، يسئ لسمعة الكفاءات الوطنية وأصالة وجدارة المؤسسة العسكرية! وقبل ذلك، ينزل الضرر الأكبر علي بقية المواطنين، خصوصا في الأطراف والهوامش، وعلي سلامة وإحترام منتسبي تلك المؤسسة وتشويه وظيفتها وسمعتها! إضافة الي أنه يُستغل من قبل المفسدين، لتمرير صفقاتهم المشبوهة وبضائعهم المضروبة، من دبابات ورادارت ومعدات عسكرية مستعملة او شارفت علي إنتهاء الصلاحية( تحويل المؤسسة العسكرية لمخزن خرد!). ولكن ما يدعو للتساؤل والعجب حقا؟! ما هو السبب الذي يجعل البشير، يتمسك ويفرض وزير، لا يجيد سوي إرتكاب الأخطاء والفشل وإطلاق التصريحات المضحكة المبكية؟! وهذا بدوره يمثل أحد ألغاز الإنقلابات العسكرية وطبيعة العلاقات السرية داخلها، والتي تدار بعيدا عن أعين ورقابة الشعب وأجهزته الإعلامية! مما يُشجع علي تبني وإشاعة تفسيرات متضاربة، قد تقترب من الحقيقة او يخالطها الخيال وروح التشفي! ولكن المؤكد وفي كل الأحوال، والحال كهذا، أن للبشير في عبدالرحيمه حكمة لا يعلمها إلا هو!!
وبعودة خاطفة لتصريحات الناطق الرسمي للقوات المسلحة، وتبشيره للشعب السوداني، بصحيان مؤسسته ودفاعاته الجوية، وجهوزيتهما لحماية كل الأجواء والمساحات والأفراد! هنالك سؤال بسيط يلوح أمام النفس اللوامة! وهو هل منظومة او معدات الدفاع الجوي أُنشأت حديثا أم تطاول عليها العهد؟! والسؤال بصورة واضحة، هل هي موجودة قبل الضربة الإسرائيلية السابقة أم بعدها؟! فإذا كانت قبلها، ما كان دوها تحديدا في شأن تلك الإختراقات؟! أما إذا كانت بعدها، وهو ما يُستشف من لغة الخطاب وصرامته وتباشيره! فهل هذا يعني، أن زمان الضربات الإسرائيلية وعربدتها في أجواءنا الداخلية (لا إحم ولا دستور!) قد ولي عهدها! وإن هذه العملية الأخيرة، تمثل توجيه إنذار شديد اللهجة، للإسرائيليين ولغيرهم من الأعداء، أن أرعوا بقيدكم وحلقوا في حدود أجواءكم الخاصة، لأن ثمن مغامراتكم القادمة، سيكون مكلف جدا!!(مسكينة إسرائيل تدرب قواتها وأسلحتها وين تاني، غايتو، أرجو الراجيكم ياناس حماس ولا إتعاقدوا مع ناس الإنقاذ لحماية أجواءكم!!).
ولكن هذا بدوره يقودنا لإتجاه آخر، أشرنا إليه أيام الضربة السالفة الذكر، ولا بأس من التذكير به مرة أخري، لتشابه الظروف وتكرار الأخطاء لآل البوربون الإسلامويين! وهو أن السودان وكغيره من البلاد الصغيرة والضعيفة والمتهالكة، لا تقوي علي اللعب مع الكبار، إلا كساحة لتصفية الحسابات وتبادل المصالح بينها! والحال كهذا، لا يسع المصلحة العامة للدول الصغيرة والضعيفة، إلا دفء الحياد والإبتعاد عن الشر والخطر! خصوصا، وهو خطر ينعكس علي الشعوب محنا وشرورا عظيمة، ودفعا لأكلاف باهظة، بشرية ومادية ومستقبلية! والمؤسف أنه من دون مصلحة متحصلة او مطلب موضوعي يخص الشعوب! او حتي مجرد إستشارة للشعوب والتآنس برأيها قبل الإندفاع نحو هذه التهلكة! ويكفي ما سببه حزب الله للدولة اللبنانية والحوثيون للدولة اليمنية، والحبل علي الجرار، لكل دولة يعتليها نظامٌ متكبر جبار متهور بعد ذلك غشيم! يصدق أبواقه الإعلامية، ويعتقد أنه عملاق تهابه الأمم والشعوب!(أي الإصابة بمرض الفرعنة وغيبوبة الغفلة!). ولكن عموما وفي الحقيقة الإندفاع نحو الخارج، ليس مسألة خيارات أمام الأنظمة الإنقلابية! فهي في سبيل سيطرتها علي الجبهة الداخلية، وتبرير هذه السيطرة بكافة الطرق والوسائل! فهي تحرص علي، إما خلق عدو خارجي، تحمله كافة الأخطاء وتبعاتها! او الإستعانة به، لتوفير الدعم المادي والسياسي والدبلوماسي وصولا للحماية من السقوط. ومؤكد إن ذلك الدعم لن يتم مجانا، ولكن علي حساب مصالح يتم تلبيتها! وهي مصالح لا تعمل في صالح الشعوب بحال من الأحوال. ولا يندر، أن يتشكل تحالف بين إنقلابيِّ الداخل وأطماع الخارج! علي حساب حق المواطنين، في التمتع بالحرية والإستقلال والإستفادة من فرص وخيرات بلادهم، أو أقلاه حياة طبيعية، من غير إرهاب في الداخل، وإرتهان للخارج. وبكلمة مختصرة، الإنقلابات كلها شر، وبقدر ما هي خراب عميم علي البلاد وإهانة للمواطنين وتهميش للسياسيين! بقدر ما هي خطرة علي المناصرين والأتباع المهووسين، خصوصا مع طول أمدها وزيادة المنافسة علي مراكز القيادة، وبدء تآكلها من الداخل، بعد فقدان زخمها الخدَّاع ودعاياتها الكاذبة وشعاراتها الفارغة! وهو ما يستتبع زيادة المخاوف الأمنية! وتاليا إنحسار دور السياسيين البراغماتيين والبيروقراطية المدجنة، علي حساب طغيان المكونات العسكرية، وبصور أشد الأذرع الأمنية والإستخبارتية والمجموعات المؤدلجة المتشددة! أي تتم عملية عسكرة وأمنجة لمؤسسات الدولة وخطابها، وردة فعلها تجاه الآخر المعارض، و أحيانا حتي المحايد او الصامت! أي تتم عملية مصادرة او إختطاف كامل للدولة، بواسطة بعض مراكز القوي، عبر إستخدام كثير من آليات الإرهاب وقليل من أساليب السياسة والإغراءات الإقتصادية! وهو ما يفتح الباب علي مصراعيه، لتفشي المحسوبية والفساد، وإستفحال الأزمة الوطنية! وتاليا، وضع الدولة علي حافة الحرب الأهلية والتفكك والضياع. وهذا إذا لم يتحرك أهلها، لإفتكاكها من براثن هذه النظم الإنقلابية التخريبية! وأخيرا، فالإنقلاب لا يلد إلا الإستبداد والإرهاب والفقر والخراب، والتدهور القيمي والمادي! ويساعد علي نشر الإشاعات والخرافات، والروايات الضعيفة الإخراج والتفسيرات العاطلة من القدرة علي الإقناع! وذلك قبل قتل أي روح او مبادرة للإبداع! لأنه لا يكترث لنقل الحقائق او إشاعة المعرفة او إحترام المواطنين، بقدر ما يحرص علي فرض خطابه الإرهابي بلغة التحدي والإستفزاز! ولأن الإنقلابات في إبسط تجلياتها تعني، سيادة اللامعقول بوسائل لا إنسانية وروح مجردة من الوطنية، ومطامح في غاية الجنون والهمجية والشخصية!! وهي حالة تستدعي التأمل والإعتبار! ووضع حد للإنقلابات وشرورها وتبريراتها الفطيرة المصلحية! والوقوف بحزم وصلابة ضدها في أي مكان وزمان!
(آل النجم أم ضنب آل او فئران تأكل الكباري آل، تعمل شنو ما لاقية بصل! والقطط مشدوهة في الأسواق ومع المضاربات!).
كلمة أخيرة أولي:
تواترت الأنباء طوال الفترة الماضية، عن سعار الأجهزة الأمنية، وإستهدافها لطلاب دارفور بالجامعات والمعاهد العليا؟! بعد الأحداث المؤسفة التي راح ضحيتها أحد الطلاب الإسلامويين. وهي نتيجة متوقعة ولا تحتاج لدرس عصر او نبوغ للتنبؤ بها، في ظل الإحتقانات الحاضرة في الراهن السياسي، ويضاف لها التجريدات العسكرية التي ترسلها الحكومة، لتقتيل أهالي دارفور، والتحريض الإعلامي والسياسي ضد أبناء دارفور من بعض العنصريين الإسلامويين في المركز! وفي البداية نسجل، أن العنف مرفوض من أي إتجاه كان ولأي سبب كان، كما أن العنف لا يقاوم بعنف مثله، وإلا لعم الحريق كل العالم، وإنتهت الحضارة الي غير رجعة. كما إن روح الحضارة وإزدهارها في شيوع السلمية وإستتباب الأمن. وما الإسلامويون أعداء للحضارة، وتاليا الإستقرار والتنمية والرخاء وتطوير الحياة والإستمتاع بها وتكريم البشر! إلا بقدر العنف الذي يستعيضون به عن الحوار والتفاهم والشراكة مع الآخر. وإضافة الي أن العنف مرفوض بالمطلق، إلا أنه أكثر رفضا في البيئة الجامعية، كمنطلق للتأسيس والتكوين العلمي والسياسي والإجتماعي والمهني للطلاب، وهو ما يستدعي بيئة سلمية وعملية وصالحة من كل النواحي، التعلمية والتثقيفية والإنتاجية..الخ. بل ومحفزة علي إبراز المواهب والقدرات، ومشجعة علي الإنخراط بها، في الشأن العام من منطلق وطني وإنساني. وهذه الحادثة المؤسفة وما تلاها من عواقب، تستدعي عدد من التساؤلات نتوجه بها للطلبة الإسلامويين الذين يتخذون أربابهم في الخارج(الإسلامويون القدامي) كقدوة، وسيرتهم السياسية، كمنهج وأسلوب عمل!!
أولا، ألا يشكل أبناء دارفور زملاء للدراسة، قبل أن يكونوا سياسيين او منتمين لدارفور؟! وإن وأجب الزمالة، يحتم الإحترام المتبادل وتبادل الخبرات والمعارف، وتمتين أوآصر العلاقات الإنسانية قبل الوطنية وحتي الدينية! بمعني آخر، أبناء دارفور كجيل وكزملاء هم الأقرب إليكم وجدانيا ومستقبليا بل حتي مصلحيا، من رموز الحكومة وكبار الإسلامويين خارج أسوار الجامعات، والذين نالوا نصيبهم من الدنياء والسلطة والنساء مثني وثلاث، ومن الأخطاء والموبقات ما لا يقوي أحد علي حصرها(وأنتم لستم شركاء فيها، إلا بقدر موافقتكم عليها وسيركم في ركابها وركابهم!) والأهم أن مستقبلكم مشترك او مصيري، مع أبناء دارفور وغيرهم من زملاء التنظيمات السياسية المختلفة! فإذا سلم هذا المستقبل سيكسب الجميع. أما إذا تضرر هذا المستقبل، بسبب أخطاء الكبار في الخارج، وغفلتكم في الداخل الجامعي، فسيطال بضرره الجميع دون فرز.
وثانيا، علي الطلبة الإسلامويين إن كانوا صادقين في إسلاميتهم، وليسوا علي هدي والأصح علي ضلال كبراءهم! كسبا للدنيا، سواء علي مستوي التسهيلات المادية والدراسية والحماية الأمنية خلال فترة الطلبة! او من خلال سهولة التوظيف والصعود المهني والإجتماعي، والإمتيازات المجانية لاحقا بعد التخرج! أن يجيبوا علي تساؤلات من شاكلة، ما هو مصير زملاءهم الإسلامويين السابقين؟ الذين ذهبوا الي الجهاد في الجنوب! وقتلوا هناك وهم ينفذون سياسات الترابي ومصالح بعض الإسلاموية الراسمالية في الخرطوم؟! وما هو مصير الجنوب ذاته؟! ونشهد أن بعضهم كانوا زملاء لنا، وكانوا طلبة بسطاء وطيبين! لولا أنه يصعب التحاور او التفاهم معهم، ناهيك عن إقناعهم او ردهم عن أفكارهم ورغباتهم! بسبب أن أدمغتهم كانت مغسولة إعلاميا ودعائيا ودينيا، بموضوع الشهادة وحماية الدين وأحلام المشروع الحضاري..الخ من الأوهام والترهات! لدرجة كانت تثير الشفقة والإحباط، والحزن علي شبابهم ومستقبلهم ومصير أهلهم من خلفهم، وقبل ذلك البسطاء الكادحين في الجنوب! الذين كانوا يستحقون أن يحمل لهم هؤلاء الطلبة، الطبابة والمعارف والخبرات العلمية، مما يعينهم علي تحسين شروط حياتهم القاسية! وليس الموت الزؤام والحقد الديني، من غير سابق معرفة او تفهم لظروفهم وتاريخهم وحقهم في الوطن والحياة الكريمة!
ونذكر أيضا، بدع حفلات الشهيد، في سخرية مقيتة من حرمة الموت وأحزان الأهل! وكذلك التفاوت بين الشهداء، وتدني سوية جنود الجيش النظامي! ومعاملة قتلي الجنوب وكأنهم كفار قريش، رغم أنهم يُقاتِلون وسط ديارهم ودفاعا عن أهلهم وأرضهم وتاريخهم، ضد الغزاة! وتاليا تعميق الشقاق الوطني والعرقي والديني في السودان، الشئ الذي مهد لأحقا للإنفصال، كرغبة نفسية، أكثر منه، حسابات عقلية او مصلحية مستقبلية! والأسوأ، أن نفس هؤلاء الشهداء، عندما إنتهت مهمتهم، وذهبت أرواحهم الي بارئها في السماء، وفقدت التجارة بدماءهم قيمتها، في سوق المزايدات الإسلاموية بين الكبار! تحولوا بكل بساطة الي فطائس بقدرة الترابي وصحبه الأشقياء، شركاء الجرم الإنقلابي. والسؤال مرة أخري بعد هذا السرد المختصر، هل صحيح خدم زملاءكم بعد مقتلهم، الدين او الوطن؟! وإذا صدقنا ذلك! علي ماذا إنعكست تلك الخدمة، وسط هذا التدهور القيمي المريع! والدمار الوطني العميم! والحريق المندلع في أطراف البلاد! وكالعادة دائما وسط أكثر البيئات فقرا والمواطنين تهميشا، وكأن ظلم التاريخ وتقلبات الطبيعة لا تكفي؟! المهم، إذا لم تكن كل هذه عظات؟! فما هي العظات إذن؟! وأنتم تتلون الكتاب وما فيه من قصص للعظة والإعتبار! والمغزي من هذه الفقرة، أنكم لستم أغلي ممن مات في الجنوب علي قلب الإسلامويين الكبار؟! وجميعكم لستم أكثر من أدوات بايدِ الإسلامويين في الخارج، يتم توظيفها لتفكيك النسيج المجتمعي الطلابي، لحرفه عن قضاياه الحقيقية! في الحصول علي بيئة تعليمية صحية ومتطورة، وقادرة علي تمليك الطلاب معارف وأدوات، تمكنهم من السيطرة علي ظروفهم، والقبض علي اللحظة الحضارية الراهنة، وتقديم إضافاتهم في الحياة. وأيضا الحصول علي ظروف ديمقراطية داخل الجامعة، وفي المجتمع العريض من حولهم. لأنه لا ديمقراطية داخل الجامعة من دون ديمقراطية خارجها!
فالديمقراطية طقس شامل لا يتجزأ ولا يتبدل، ولو أنه قد يتلون بظروف كل مجتمع، ومراحله التاريخية ومجاهدات نخبه الديمقراطية، في توسيع المفهوم وتمكين الثقافة والثبات علي المبدأ الديمقراطي! وعلي العموم، لا تغرنكم العربات التي تبذل لكم بسخاء، علي حساب عرق ومرض وفقر جموع فقراء الوطن! بل الأسوأ، أنها تشكل دليل إدانة، علي شراء صمتكم علي الباطل ومواقفكم المناصرة للظلمة ودفاعكم عن الفسدة خارج أسوار الجامعة! وتواطؤكم مع الأجهزة الأمنية للتصدي للطلبة الشرفاء او الرافضون لكل أشكال الفساد والإستبداد داخل أسوار الجامعة او خارجها. والإسلامويون الكبار في الخارج، لا يتورعون عن إغراءكم لبيع ضمائركم، وإفساد نضارة شبابكم وأخلاقكم، وإطفاء بهجة مستقبلكم! بتحويلكم الي قتلة ومجرمين ومتورطين في قضايا الفساد، منذ مرحلة الطلبة او التكوين كما أسلفنا.
وثالثا، إذا لم يدافع طلاب دارفور عن أهاليهم ومصالح مناطقهم، هل يصح أن يبذل لهم أي قدر من الإحترام؟! ألا يصبحوا عاقين لأهلهم ومتنكرين لمناطقهم؟! وما قيمة الجامعات والوعي، إذا كانت لا تمنح إلا التضليل والتزييف للحقائق والتدجين للطلاب؟! فالمواقف والأحداث الأخيرة، تخبر عن نفسها! أن طلاب دارفور أكثر وطنية وشجاعة، ومقاومة للباطل والظلم والإحتقار، وبرا باهلهم ومناطقهم. وكما يعلم الجميع، أن من لا خير فيه لأهله ومناطقه، فهو في حق الوطن أجحد وأضل سبيلا! ولذلك، فطلبة أمثال هؤلاء يستحقون التضامن معهم وإحترام مناطقهم والمناصرة لهم بكافة السبل! لدفع الظلم وإرجاع الحقوق، والأهم إحقاق الحق، في كونه حق ليس إلا.
رابعا، وتلخيصا للنقاط أعلاه، أمامكم تجربة الإسلامويين بحلوها ومرها عليهم، وبعلقمها علي الوطن وبقية المواطنين! لماذا لا تتدارسونها بافق مفتوح وقلب وطني ووجدان إنساني سليم، وتجرد من الأحكام المسبقة والعواطف الساذجة! وعندها ستستبين لكم حجم الخدعة ونوع الشراك التي تنصب لكم وأنتم غافلين! فالإسلاموية ليست رسالة دينية او مشروع فكري او إنبعاث حضاري، كما تتوهمون! ولكنها وبأقل التوصيفات رحمة وموضوعية، لا تمثل أكثر من وباء قاتل، يتسرب الي الأتباع البسطاء، فيحيل براءتهم وإنسانيتهم ووطنيتهم، الي تجهم وجحيم وعنف أعمي وكراهة للآخر والحياة ذاتها! ويكفيها شرا، هذا الدمار الماثل في الوطن، وفي كل مكان يطل شبح تسربها إليه! وأهمية هذه المراجعة للتجربة، ولكم بالذات، لأن معظمكم لم تتلوث أياديهم بالدماء او تتورط في بيئة الفساد او تساهم في دمار الوطن! وما زال هنالك متسع من الوقت للعودة من طريق العدم، والأوبة لحضن الوطن، والشفاء من هذا الداء العضال! وأيضا أمامكم فرصة أخيرة، للخلاص من الإشتراك في هذه الجريمة النكراء(دمار الوطن وقتل المعارضين والتضييق علي بقية المواطنين!). وأول الغيث او الخطوات لهذة الأوبة المباركة، وضع أيديكم في أيدِ أبناء دارفور، إيذانا بعودة الوفاق والحياة السلمية الديمقراطية للوسط الطلابي، كمقدمة للعودة الكاملة للديمقراطية الشاملة، في ربوع كل البلاد. فحرام وطن بكل هذا التاريخ والثراء، أن يترك رهينة في أيدٍ عابثة وجماعة ضالة وعساكر جُهَّال. وأخيرا نتوجه بالتساؤل لبقية الطلاب في الوسط الجامعي، ما هو رأيهم في حملات الإستهداف التي تطاول زملاءهم أبناء دارفور؟! وقبل ذلك الحرب المعلنة التي تستهدف مناطقهم وأهاليهم؟! ألا يشكل صمتهم رسالة للأجهزة الأمنية، عن مدي تدجن الطلاب، وتفكك هذا الوسط وإنشغال كل مجموعة او كل فرد بمشاغله وهمومه؟! وتاليا يشجعها علي الإستفراد بهم الواحد تلو الآخر! او علي الأقل يكسبها غرور وعنجهية وتجاوزات، لا يصدف أن تتخذها كسياسات ثابتة، ليس تجاه الطلاب فقط! ولكن تجاه كل المواطنين وبالأخص المعارضين.
أما سؤال المليون دولار، من الذي يستفيد من هذا الداء الإسلاموي العضال؟؟ أما الإجابة، فالمؤكد أنها الطفيليات والفيروسات والميكروبات!! ولكن مع مرض كهذا، أين أجهزة ومعدات وخطط المكافحة؟؟ (أصحَ يا بريش!!).
كلمة أخيرة ثانية:
سعدت أيما سعادة وأنا أطالع ببصر مندهش وقلب متقد شوقا وترغب، عن نبأ صدور كتاب، يحمل بين طياته، السيرة الذاتية العطرة، للمفكر والكاتب السوداني القدير، الدكتور حيدر إبراهيم علي. ومصدر المتعة، أنني من عشاق السير الذاتية للعظماء، ولكن وبصورة أكبر لمكانة دكتور حيدر في نفسي وقلبي وعقلي. وتأكيدا لهذه المكانة، لطالما راودتني أحلام صحيان، رايت فيها تمثال يقام لدكتور حيدر في شارع الجامعة او بالقرب من متحف السوداني القومي، تكريما للفكر والعلم، قبل أن يكون تكريما للمفكرين والعلماء! وأمتدت او أستبدت بي الأحلام الي حالة من الهذيان، وجدت فيها كتب ودراسات وأفكار دكتور حيدر، ضمن المناهج والمقررات الدراسية لطلاب الجامعات. فغمرتني غبطة مشوبة بشئ من الحسد، من النعمة التي يرفل فيها هؤلاء الطلاب، ولطالما حُرمنا منها علي عهد الطلبة، وأيام الفقر المادي والقهر المعنوي و الجفاف الأكاديمي والقحط الثقافي والإرهاب الفكري والحروبات الجهادية! أما ثالثة الأثافي الحلمية، فقد وجدت فيها جماعة شفافة من البشر، تبدو عليها سيماء الإجتهاد والوطنية والصدق! وهي منهمكة في تجميع وتدارس وتلخيص، معارف وخبرات دكتور حيدر، لإدماجها مع المجهودات المشابهة لغيره من المفكرين الوطنيين. من أجل التأسيس لمنظومة ديمقراطية معرفية علمية ثقافية فكرية، تستهدي بها الأجيال القادمة! وقبل ذلك تضع للأمة طريق الخلاص من هذا التيه العظيم!! ولقطع الطريق أمام ظهور إفرازات داعشية او حواضن إسلاموية او غيرها من الإنحرافات الفكرية والثقافة والإنسانية! ذات الطبائع المتطرفة، الكارهة للآخر ومدمرة للحضارة ومزدرية للحياة. وهل صحيح، أن من يدمر ذاته ويدمر الآخرين ويدمر الحياة، سيجد حياة أخري أفضل؟! أما العكس هو الصحيح، أي ترقية الذات وحفظ حياة الآخر وإحترامه، والسعي لتطوير الحياة والحضارة، هو السبيل الوحيد، للتعامل مع الحياة بإحترام وتعقل وتواضع ومتعة، والمؤكد توقع الأفضل في حياة أخري! ليس كمكافئة! ولكن كسيرورة لنعمة تفهم الحياة وإجادة التعامل معها، بما يحافظ عليها ويدفع بها الي الأمام! والمسالة ببساطة كطرفي معادلة او كفتي ميزان، وهل جزاء الإحسان إلا الإحسان؟!
المهم، قد يري البعض في هذا صيغة مبالغة، او ميل لتقديس الأفراد او رفعها فوق النقد وموضوعية التقييم؟! وكل هذا ليس صحيحا؟! ولكن كل ما في الموضوع، هو تقدير مستحق، للمجهود وللأفراد، في ميزان البذل والصالح العام! كرد للدين او نوع من العرفان! ولا ينفي ذلك، أن بداخلي حب جارف وتقدير لا أستطيع وصفه، للدكتور حيدر، لوجه الله والحقيقة والوطن! ورغبة صادقة في أن أحشر في تيار وعي هذا الإنسان الكبير! وهذا دون قول شئ، عن إنتاجه ومساهماته العامة، شكلت لشخصي، واحة ومصدر للسعادة والمعرفة قل نظيره. ولسوء حظي، لم ألتقِ به شخصيا او تجمعني به سابق معرفة او علاقة شخصية من أي نوع. وإحتمال في هذا تحديدا، يكمن جوهر التقدير وعمق المحبة! ولكن تظل أمنية عزيزة أن التقيه، أسأل الله أن تتحقق يوما ما، وهذا إذا ما كنت محظوظا! شكرا أستاذنا دكتور حيدر، فبقدر آلامك العامة وإحباطاتك الخاصة، وما لاقيته من مرارة علي المستوي الشخصي، ومن شقاء علي المستوي الوطني العام! بقدر ما شكل ذلك، رصيد لا ينضب، من الإحترام والفائدة والمتعة، لقراءك الكرام. خصوصا، وأن إستجابتك للضغوطات الخاصة والإكراهات العامة، لم تكن إنهزام وهروب وإنسحاب من ساحة المواجهة! ولكنها كانت فعل مقاومة، أنتج لنا هذه الأفكار النيرة والتجربة الثرة والمواقف المشرفة، والروح المتمردة او القلقة والباحثة عن الحق والصدق والجمال للوطن والخير للمواطنين.
لأحظت البعض يطلق صفة شيخي، علي الأديب الكبير الراحل الطيب صالح، دلالة علي التعلق به وشدة التقدير! ولو حق لي إطلاق هذه الصفة علي أحد، لأطلقتها علي الدكتور حيدر او شيخي دكتور حيدر! ولو أنها بطريقة او أخري، تناقض جزء من مشروع دكتور حيدر التنويري النقدي، الذي يقدر الرموز ولكنه لا يقدسها او يتذلل لها، أو يمنحها حق أي مساومة او مساحة خاصة، علي حساب حريته وكرامة وعيه وإستقلاليته في التناول والرؤية! ورغما عن ذلك، وبكل طواعية وإختيار، فأنني أعلن بيعتي لشيخي الدكتور حيدر، وإنضمامي لطريقته الحيدرية، السالكة في دروب الحقيقة! ونسأل الله أن يشملنا جميعا برحمته، ويحشرنا في زمرة الصادقين والمريدين للحق والخير والجمال.
وأجب عزاء
اللهم غفرانك ورحمتك وواسع مغفرتك، تغمد بها الأستاذة الصحفية عبير عبدالله التي أخترتها لجوارك في الايام الماضية، وأجعلها يا رب في مرتبة الصدقين والشهداء في أعلي الجنان. وحسن العزاء يمتد لزوجها وأسرتها وزملاءها في الوسط الصحفي، وبشكل أخص شبكة الصحفيين السودانيين. إنا لله وإنا إليه راجعون. ودمتم في رعاية الله.
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.