الحصول على الماء في جنوب السودان مشكلة خطيرة، هكذا تبدو الأوضاع في أحدث دولة في العالم، بعد أربع سنوات من اختيارها الانفصال عن السودان، فالفشل الاقتصادي والارتفاع في التضخم وتكاليف المعيشة، أجبرت المواطنين على الاختيار بين شراء الطعام أو الماء النظيف. صحيفة "ليبراسيون" الفرنسية، أعدت تقريرا حول الوضع السيئ الذي بات يعصف بجنوب السودان، التي احتفلت بعيد استقلالها الرابع يوم الجمعة الماضي، نتيجة الحرب الدائرة بين القوات الموالية للرئيس سلفا كيير والموالون لنائبه السابق رياك ماشار. وأشارت الصحيفة إلى أن الحرب التي بدأت في ديسمبر 2013 خنقت الاقتصاد المعتمد في الأساس على النفط، إذ أن النزاعات حول المناطق النفطية في هذا البلد أثرت بشكل كبير على المورد الرئيس للبلاد. وأوضحت أن تكلفة المعيشة ارتفعت بنسبة 30 % في جوبا منذ بداية العام ، كما تراجعت العملة المحلية "الليرة" بشكل ملحوظ إذ كان الدولار يقدر بنحو 6 ليرات في شهر يناير في حين يُباع اليوم في السوق السوداء مقابل 11 ليرة. ووفقا لمصدر من منظمة إنسانية، فإن الحكومة تخصص الأموال القليلة المتبقية إلى النفقات العسكرية متجاهلة تمامًا النفقات العامة. وقال حسن عثمان، صاحب مطعم في غوديلي في شرق العاصمة: "السوق لم تعد جيدة والاقتصاد مريض"، حيث ارتفع سعر اللحوم والفواكه والخضر المستوردة من أوغندا، مما أدى إلى رفع أسعار الأطباق إذ يصل سعر الطبق اليوم 17 ليرة جنوب سودانية مقابل 10 العام الماضي. أما حسن سابير، مدير مطعم غوديلي سنتر، فقال "التجارة متوقفة منذ 6 أشهر، نشتري حاليا أقل فواكه وخضار وماء بنفس السعر الذي كنا ندفعه من قبل". وأكد "ليبراسيون" أن الحصول على الماء في جنوب السودان مشكلة خطيرة فعلى الناس أن يختاروا بين الغذاء والماء النظيف، حيث أسفر وباء الكوليرا عن مقتل 33 شخصًا في العاصمة منذ يونيو، ويثير موسم الأمطار القادم المخاوف من أن يكون هذا الوباء أسوأ من السابق. ونقلت عن إيزابيل مارتنس، منسقة برامج الطوارئ في أوكسفام بجوبا القول: "فقط 13 % من الناس في جوبا قادرون على الحصول على المياه العمومية في حين يحتاج الآخرون إلى محطات معالجة ولكن مع ارتفاع أسعار البنزين، أصبحت معالجة المياه وتوزيعها أعلى تكلفة مما كانت عليه ليصبح على الناس الاختيار بين شراء الغذاء لعائلاتهم أو شراء المياه النظيفة؛ وهو اختيار صعب للغاية". فرانسيس جاكسون روكي أحد مواطني "غوبيلي" الذين اختاروا شراء الغذاء، وعلى بعد نحو مائة كيلومتر خلف منزله توجد آبار ارتوازية تسمح بالحصول على المياه من باطن الأرض. يرمي فرانسيس وعاء أصفر في أحد الحفر ويملأه ويشرب ويقول "هذا ما نشربه، يجب على المجتمع الدولي أن يهب إلى مساعدتنا، يجب أن نحصل على السلام ومن ثم كل شيء سيسير على ما يرام". وأكدت الصحيفة أنه في ظل هذه الأوضاع آمال وقف إطلاق النار تبدو بعيدة، فالمفاوضات بين الجانبين تم تعليقها وكل مساعي التوصل لاتفاق فشلت حتى الآن، فيما أودت الحرب بحياة عشرات الآلاف ، بينهم أطفال. ويحتاج ثلثا ال 12 مليون نسمة إلى مساعدة إنسانية في حين يعاني 4.5 مليون شخص من نقص في الغذاء وفقا لعدد من المنظمات غير الحكومية.