مكي المغربي: أفهم يا إبن الجزيرة العاق!    متمردو المناطق : ماذا وقد بدأوا الاعتذارات..!!!    بأشد عبارات الإدانة !    الطالباب.. رباك سلام...القرية دفعت ثمن حادثة لم تكن طرفاً فيها..!    موريانيا خطوة مهمة في الطريق إلى المونديال،،    ضمن معسكره الاعدادي بالاسماعيلية..المريخ يكسب البلدية وفايد ودياً    السودان.. مجلسا السيادة والوزراء يجيزان قانون جهاز المخابرات العامة المعدل    ثنائية البديل خوسيلو تحرق بايرن ميونيخ وتعبر بريال مدريد لنهائي الأبطال    ريال مدريد يعبر لنهائي الابطال على حساب بايرن بثنائية رهيبة    ضياء الدين بلال يكتب: نصيحة.. لحميدتي (التاجر)00!    شاهد بالصورة والفيديو.. خلال حفل مصري حضره المئات.. شباب مصريون يرددون أغنية الفنان السوداني الراحل خوجلي عثمان والجمهور السوداني يشيد: (كلنا نتفق انكم غنيتوها بطريقة حلوة)    القبض على الخادمة السودانية التي تعدت على الصغيرة أثناء صراخها بالتجمع    شاهد بالفيديو.. القيادية في الحرية والتغيير حنان حسن: (حصلت لي حاجات سمحة..أولاد قابلوني في أحد شوارع القاهرة وصوروني من وراء.. وانا قلت ليهم تعالوا صوروني من قدام عشان تحسوا بالانجاز)    شاهد بالصورة.. شاعر سوداني شاب يضع نفسه في "سيلفي" مع المذيعة الحسناء ريان الظاهر باستخدام "الفوتشوب" ويعرض نفسه لسخرية الجمهور    الصحة العالمية: نصف مستشفيات السودان خارج الخدمة    الجنيه يخسر 18% في أسبوع ويخنق حياة السودانيين المأزومة    إسرائيل: عملياتنا في رفح لا تخالف معاهدة السلام مع مصر    تنكُر يوقع هارباً في قبضة الشرطة بفلوريدا – صورة    الحرية والتغيير – الكتلة الديمقراطية: دمج جميع القوات الأخرى لبناء جيش وطني قومي مهني واحد اساسه القوات المسلحة    الولايات المتحدة تختبر الذكاء الاصطناعي في مقابلات اللاجئين    الخليفي يهاجم صحفيا بسبب إنريكي    أسطورة فرنسا: مبابي سينتقل للدوري السعودي!    عقار يلتقي مدير عام وحدة مكافحة العنف ضد المرأة    أمير الكويت يعزى رئيس مجلس السياده فى وفاة نجله    كرتنا السودانية بين الأمس واليوم)    ترامب يواجه عقوبة السجن المحتملة بسبب ارتكابه انتهاكات.. والقاضي يحذره    مصر تدين العملية العسكرية في رفح وتعتبرها تهديدا خطيرا    كل ما تريد معرفته عن أول اتفاقية سلام بين العرب وإسرائيل.. كامب ديفيد    رسميا.. حماس توافق على مقترح مصر وقطر لوقف إطلاق النار    معتصم اقرع: حرمة الموت وحقوق الجسد الحي    زيادة كبيرة في أسعار الغاز بالخرطوم    يس علي يس يكتب: السودان في قلب الإمارات..!!    يسرقان مجوهرات امرأة في وضح النهار بالتنويم المغناطيسي    وزير الداخلية المكلف يقف ميدانياً على إنجازات دائرة مكافحة التهريب بعطبرة بضبطها أسلحة وأدوية ومواد غذائية متنوعة ومخلفات تعدين    (لا تُلوّح للمسافر .. المسافر راح)    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني من بنك الخرطوم ليوم الأحد    سعر الدولار مقابل الجنيه السوداني في بنك الخرطوم ليوم الأحد    دراسة تكشف ما كان يأكله المغاربة قبل 15 ألف عام    نانسي فكرت في المكسب المادي وإختارت تحقق أرباحها ولا يهمها الشعب السوداني    بعد عام من تهجير السكان.. كيف تبدو الخرطوم؟!    شاهد.. حسناء السوشيال ميديا أمنية شهلي تنشر صورة حديثة تعلن بها تفويضها للجيش في إدارة شؤون البلاد: (سوف أسخر كل طاقتي وإمكانياتي وكل ما أملك في خدمة القوات المسلحة)    العقاد والمسيح والحب    الموارد المعدنية وحكومة سنار تبحثان استخراج المعادن بالولاية    بعد فضيحة وفيات لقاح أسترازينيكا الصادمة..الصحة المصرية تدخل على الخط بتصريحات رسمية    راشد عبد الرحيم: يا عابد الحرمين    تعلية خزان الرصيرص 2013م وإسقاط الإنقاذ 2019م وإخلاء وتهجير شعب الجزيرة 2024م    بيان جديد لشركة كهرباء السودان    أمس حبيت راسك!    تصريحات جديدة لمسؤول سوداني بشأن النفط    دخول الجنّة: بالعمل أم برحمة الله؟    الملك سلمان يغادر المستشفى    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المحكمة الدستورية تثبت وجودها وجدواها
نشر في الراكوبة يوم 15 - 07 - 2015

أصدر مولانا عبد الرحمن يعقوب إبراهيم عضو المحكمة الدستورية في 15 أبريل 2015 حكماً تاريخياً ضد وزارة العدل (النائب العام) في قضية قتلى مظاهرة بورتسودان التي ذهب ضحيتها أكثر من 20 مواطناً قُتلوا بدمٍ باردٍ في 29 يناير 2005.وفيما يلي بعض حيثيات الحكم التي استند عليها القاضي وقامت بنشرها كاملة جريدة (السوداني) الغراء بتاريخ 8 يوليو 2015م.
وقعت أحداث شغب في مدينة بورتسودان بتاريخ 29/1/2005 إثر خروج جمهرة من المواطنين في مظاهرة وحدث صدام راح ضحيته قتلى عدد من المواطنين. أفادت تحريات الشرطة الأولية في بورتسودان أن الجثث قُتلت رمياً بالرصاص من قبل قوات تتبع للدولة، سواء كانت شرطة أم جيش أو خلافه، واكتفت الشرطة فقط بالأمر بتشريح الجثث ودفنها، ولم تقم بفتح دعوى جنائية ولو ضد مجهول. تدخل وزير الداخلية الذي أمر بتكوين لجنة تحقيق ثم دخل بموجبها في تفاوض مع ذوي المجني عليهم بغرض تسوية الأمر مما يعني إقراراً ضمنياً بأن من قام بقتل المجني عليهم يتبع لوزارة الداخلية. وبالفعل تمت تسوية مع بعض ذوي المجني عليهم ورفض الطاعنون (الذين رفعوا الأمر للمحكمة الدستورية) مبدأ التسوية وطالبوا وكيل النيابة المختص بالسير في إجراءات الدعوى الجنائية ضد القوات النظامية. رفض وكيل النيابة ذلك الطلب في قراره الصادر في 13/12/2011م، فتقدم الطاعنون باستئناف إلى وكيل أول النيابة الذي رفض أيضاً الطلب لتقديمه خارج القيد الزمني المقرر له، ورفع الطاعنون استئنافاً ضد هذا القرار إلى وكيل النيابة الأعلى الذي بدوره رفض الطلب وأمر بحفظ الأوراق. أيد رئيس النيابة العامة بولاية البحر الأحمر ذلك القرار كما أيَّده أيضاً المدعي العام لجمهورية السودان بتاريخ 6/6/2011م، وعليه رفع عدد من المحامين الدعوى إلى المحكمة الدستورية إنابةً عن الطاعنين استناداً على انتهاك قرار المدعي العام لحقوق موكليهم الدستورية في المواد 28 و35 من الدستور.
كان رد النيابة على طلب فتح الدعوى الجنائية ضد القوات النظامية والاستئنافات المتكررة ضد رفضالطلب على مستويات ولاية البحر الأحمر ثم على مستوى المدعي العام بوزارة العدل أن حقهم في التظلم قد سقط بالتقادم، ليس ذلك فحسب بل طالبت النيابة مقدمي الطلب بتحديد أشخاص بعينهم في القوات النظامية لمباشرة الإجراءات ضدهم (شرط تعجيزي من الدرجة الأولى). يعلق مولانا عبد الرحمن يعقوب قاضي المحكمة الدستورية على الرفض المتكرر لفتح الدعوى الجنائية وعلى الطلب الغريب بتحديد المتهمين من القوات النظامية بأن جريمة القتل من الجرائم المطلقة والتي تفتح الدعوى فيها حتى لو كان القاتل والمقتول معاً مجهولين، وإن من واجب الشرطة والنيابة البحث عن الجناة والقبض عليهم وتقديمهم للعدالة. كما أن النصوص التي اعتمدت عليها النيابة في رفض فتح الدعوى الجنائية لا يمكن إعمالها في هذه الحالة، لأن الشرطة والنيابة هي التي تقاعست في بادئ الأمر عن فتح الدعوى الجنائية خلافاً لما نص عليه القانون. لكل ما تقدم فإني أرى أن القرار موضوع الدعوى قد خالف نص المادة (35) من الدستور وحجب حق الطاعنين في اللجوء إلى القضاء بإجراءات ظاهرها تطبيق القانون وهي في حقيقة الأمر مخالفة واضحة لنصوص القانون والدستور. "بناءً عليه أرى أن نلغي قرار النيابة موضوع الدعوى ونأمر بفتح دعوى جنائية باسم الطاعنين ضد من تسفر عنه التحريات وتقديم من توجه إليه التهمة إلى القضاء."
ووافق على هذا الحكم الرشيد بقية أعضاء المحكمة الدستورية دون تحفظ: د. محمد أحمد طاهر، د. محمد إبراهيم الطاهر، أ. سنية الرشيد ميرغني، د. حاج آدم حسن الطاهر، أ. سومي زيدان عطية، د. وهبي محمد مختار (رئيس المحكمة الدستورية).
إن أهمية هذا الحكم تنبع من طبيعة سياسة الدولة الاستبدادية التي تلجأ دوماً لتحصين قيادات الدولة وعناصر الأجهزة الأمنية من المحاسبة أمام القضاء مثل بقية المواطنين، يتضح ذلك في منح الحصانة الإجرائية أو الموضوعية لعدد كبير من منسوبي الدولة قال عنهم وزير العدل السابق إن عددهم يبلغ ربع العاملين في الدولة! وبمادة سقوط الدعوى بالتقادم (مرور 5 سنوات على الحادثة) حتى لو كانت حادثة قتل ولا أدري أي فقه أجاز لهم ذلك، وبأساليب أخرى ملتوية مثل عدم فتح الدعوى الجنائية ابتداءً مثلما حصل في قتلى قضية بورتسودان، وإجراء تسوية سرية تضطر أهل المجني عليهم بقبول تعويض مالي، وعدم نشر تقارير لجان التحقيق المكلفة بالتحري في أحداث معينة، وغير ذلك من أساليب وتكتيكات التأجيل والتعجيز التي تجيدها بيروقراطية الدولة الأمنية، والتي عادة ما تجد التغطية والحماية من قيادة الدولة العليا. وحجة الدولة الاستبدادية في اتباع تلك الأساليب غير القانونية وغير الأخلاقية وغير الإسلامية، أنها تحمي النظام المستبد القائم في وجه المعارضين له والمتربصين به الدوائر، وأي تساهل في حماية عناصر الأجهزة القمعية من الإجراءات القانونية يؤدي إلى خفض روحهم المعنوية وإضعاف حماستهم في ردع المعارضين والمشاغبين الذين يريدون إسقاط النظام الحالي. فالدولة الاستبدادية تحلم أن تبقى في السلطة إلى أن يتنزل عليهم نبي الله عيسى عليه السلام من السماء فيملأ الأرض عدلاً كما ملئت جوراً. وقد لا يتنازلون له بسلاسة عن السلطة كما يتوجب عليهم في طاعة الأنبياء! الغريب أنهم لا يكفون عن الاستشهاد بمقولة رسول كسرى إلى الخليفة الراشد عمر بن الخطاب عندما رآه نائماً تحت ظل شجرة في العراء: عدلت فأمنت فنمت يا عمر!وأصدقكم القول بأني أصبحت مقتنعاً في المدة الماضية بأن النفاق الذي يمارسه محترفي التدين السياسي هو أكثر وأشد خطراً على الحياة الدينية والاجتماعية من ممارسات الجماعات الأخرى بشتى أصنافها، ولا حول ولا قوة إلا بإلله.
وقد تكرر في السنوات الماضية تقاعس الشرطة والنيابة عن إجراء تحقيق جاد في حوادث أدت إلى القتل نذكر منها: مقتل عدد من المتظاهرين في كجبار (يونيو 2007)، مقتل طلاب من دارفور بجامعة الجزيرة (ديسمبر 2012)، مقتل عدد كبير من انتفاضة الشباب في ولاية الخرطوم (سبتمبر 2013)، مقتل طالب في حرم جامعة الخرطوم (مارس 2014)، مقتل بعض المتظاهرين من الطلاب في نيالا تأييداً للوالي المقال عبد الحميد كاشا (يناير 2015)، مقتل طالب من كلية التربية بجامعة الخرطوم (مايو 2015)، مقتل بعض المتظاهرين المطالبين بتعويضات مقابل نزع أراضي أهل الجريف (يونيو 2015). والنتيجة أن مثل ذلك السلوك المتكرر من أجهزة الدولة يؤدي بالضرورة لضعضعة حكم القانون في البلد وإضعاف الثقة في الأجهزة العدلية،فالحمايةالتي تسبغها الحكومة لا تتوقف على الأجهزة الأمنية بل تتنزل إلى كثير من المسؤولين في الدولة بل وإلى أهلهم وأقاربهم ومنسوبيهم ومحاسيبهم،أي لكل "الأشراف" الأقوياء الذين عناهم الحديث الشريف: إنما أهلك الذين من قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد. لذلك تحتاج البلاد بشدة في هذا المناخ المضطرب بالاحتراب والاحتقان السياسي إلى قرار المحكمة الدستورية الذي ألغى أحكام النيابة العامة وأمر بفتح دعوى جنائية ضد المتهمين في مجزرة بورتسودان، فمثل هذا القرار يفتح باب الأمل للناس أن القانون ما زال ساري المفعول وأن بعض القضاة قادرون على فرضه مهما كانت المخاطر التي تحيط بهم. العجيب في الأمر أن المسؤول المشتبه في أنه أصدر أمر المجزرة في بورتسودان اتضح فيما بعد أنه أكثر خطراً على النظام وقيادته من كل المظاهرات التي قامت ضد الحكومة وشارك في قمعها!
جريدة التغيير


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.