التوصيف أعلاه ظل يردده بعض المسؤولين كثيراً، وتتطلق هذه التسمية عادة على الإعلام الحُر في المنطقة أو الإعلام الإلكتروني الذي لا يخضع إلى رقيب. لا تزال الحكومة مهمومة ومجتهدة، كيف تُحكم سيطرتها بالكامل على الإعلام المعادي، قبل أيام معدودة تقدمت السلطات بطلب إيقاف بث راديو دبنقا على القمر عربسات، ويبدو أن القرار جاء عقب قضية اغتصابات منطقة "تابت" شمال دارفور، والتي أثارت جدلا وردود أفعال واسعة، قبل ذلك أوقفت السلطات بث راديو البي بي سي على موجة اف ام، أعرق الإذاعات ظلت تقدم خدمة متميزة لكل العالم لكن لم يشفع لها كل ذلك. ثم أغلقت السلطات مكاتب قناة العربية السعودية. قبل الهجوم والمعاداة لكل ما هو رسمي والتسرع في اتخاذ قرارات الإسكات، لا بد من الإقرار بأن الإعلام الرسمي قدم نموذجاً فاشلاً يصلح منهجاً يُدرس في مجال الإعلام، الإعلام الرسمي فشل تحقيق أدنى مستويات الرضاء، فإن كان المسؤولون عنه غير راضيين فمن يرضى، لقد انفض الناس من حوله واتجهوا إلى الفضاء الحُر، ورغم مآخذه إلا أنه أصبح منافساً للإعلام الرسمي والتقليدي بل يتحول الآن إلى مهدد، وإن كان الإعلام الإلكتروني لا يُمكن أن يحل محل الإعلام التقليدي بشكل كامل إلا أنه وجد مساحة متسعة تمدد فيها وبات هو المعتمد لدى قطاعات واسعة رغم مشكلاته المتعلقة بالمصداقية وتهيؤه لاستقبال الشائعات من كل اتجاه. لكن في غياب المعلومة وانتهاج التضليل والتعتيم يتربع الإعلام الإلكتروني أعلى المرتبات لا يُمكن إنكار أنه بات مهماً في حياة قطاعات واسعة. مشكلة الإعلام الرسمي والتقليدي المنهزم هي أنه لم يستيقظ بعد لينظر حوله كما أن هذا العالم تحول في جهاز صغير، كل العالم بين يديك على حقيقته، لم يستيقظ بعد يدرك أن خروج المعلومة أسرع بألف مرة من خروج قرار بوقف بثها، المعلومة التي تُغيّب هناك ستجدها بين يديك في الحال بل ستجد عشرات المعلومات، وللأسف يُمكن أن تكون جميعها كاذبة، لكن يضطر الناس إلى تصديقها وبالتالي المتضرر الأول هو السلطة وليس المتصفح أو مستقبِل المعلومة الذي يُشحن بكم هائل من تراجع الثقة والاحترام في حكومته. الحل ليس في المزيد من التضييق والكبت والمصادرة والإسكات، الحل الآمن هو أن تطلق للهواء العنان، افتحوا الهواء لتتنفس المعلومة وتبعاً لها يتنفس الرأي، احتضنوا الرأي المخالف في الإعلام الرسمي قبل أن يلجأ إلى الفضاء الحُر ويتحول اختلاف الرأي إلى كراهية وتطرف.